في البداية كم سيكون النظام السوري مرتاحا لهذا العنوان؟ واذا كان اعلان دمشق فعلا صنيعة النظام فهل كان هدف هذه الصناعة اختراق وتشويه واضعاف المعارضة السورية عامة والخارجية منها بشكل خاص؟
لم يبق متابع ومحلل للشأن السياسي السوري الا وأدلى بدلوه في مسألة المعارضة مدحا أو ردحا.
المعارضة ذاتها سقطت في فخ الاصطلاح اللغوي هذا وأضحى جل هدفها أن تنال شرف الأسم (المعارضة) وهذا الأمر بالذات ينطبق كثيرا على اعلان دمشق وخاصة عندما يرى المراقب للأحداث وبنظرة استراتيجية بعيدة المدى لايخفى عليى أن تركيبة هذه القوى المشكلة لهذا التجمع (مخترقة وتحت السيطرة) وهناك ملامح أساسية لهذه الرؤية.
أولا:
تكريس مقولة معارضة خارجية ومعلرضة داخلية.
ثانيا:
السعي الدؤوب لتأزيم بين الأخوان المسلمين واعلان دمشق.
ثالثا:
جلد الاخوان المسلمين المستمر نضرا لتحالفهم مع السيد خدام وهذاجلد يمارس من الجميع معارضة وسلطة.
يبدو أن أكثر الجهات المعارضة التي يطمأن لها النظام هي اعلان دمشق وهنا يكمن خطر اعلان دمشق بالذات
واطمئنان السلطة هذا يشبه وضع العقرب تحت الابط.
ومن هنا فلن يستأسد اعلان دمشق الا في لحضة ضعف السلطة لكن من زرعه النظام سيكون الأقسى عليه لحضة ضعفه ومستعد أن يبيع مستخدمه في اللحضة المواتية للانقضاض عليه.
لايخفى على كل مراقب للشأن السوري ان حالة المد والجزر بين اعلان دمشق والاخوان المسلمين وتحفضهم على ما يسمى بجبهة الخلاص وموقفهم الغير واضح المعالم حتى الأن بالرغم من ذكاء ودهاء السيد البينوني في التعامل مع هذه المعضلة الا ان ذكاءه ودهاءه لم يشفعا له ولا أنقذا من اللوم والذم والانتقادات الحادة.
واذا ما استذكرنا دعوة رياض الترك لاستقالة رأس السلطة في سورية والرحيل فنتأكد كم هي متعثرة ألية عمل المعارضة. فتلك الدعوة شكلت صدمة لغالبية السوريين ليس حبا بالنظام الذي عجز عن رعاية مصالحهم بل لاعتقادهم بان هذا الطرح خطوة نحو المجهول قد يؤدي في البلاد الى اللأمان واللاستقرار وبزوغ الحرب الأهلية فما كان من النظام الا ان التقط منهجية صدمة رياض الترك المتعثرة هذه مستغلا عدم الميل البشري للتغيرات الصادمة المفاجئة هذه دافعا السلطة لتسخير هذه الفكرة لدفع الجماهير البائسة للخوف من هكذا طرح مما أدى لتسخير هذه الفكرة لصالح النظام.
ومن هنا يمكن التأكيد أن النظام لا يزال يتحكم بخيوط اللعبة رغم محاولة البيانوني
بحنكته تجاوز الوقوع في فخ التفرقة: - بين معارضة داخلية وخارجية,- بين اعلان دمشق وقطب في جبهة الخلاص,- بين معارضة في امريكا ومعارضة في اوروبا- بين معارضة محتملة تخرج على النظام ومعارضة يفرزها النظام.
لكن يبدو حتى الأن لم تثمر هذه الجهود عن نتائج تذكر. فالنظام الذي استطاع اقصاء أي خطر يتهدده لعقود.
لا يزال يتمتع بالخبرة والمكر والدهاء في ادارة خيوط اللعبة ومن هنا يمكن القول أن النظام أعطى سر الداء الذي تعاني منه (المعارضة).
فمن وجهة نظر النظام أن المعارضة أشخاص أو أفراد يمكن التفاهم معهم لكن التفاهم بين بعضهم البعض كمعارضة حقيقية تتجاوز الأفراد ومصالحهم وتتجاوز ايضا المجموعات الصغيرة ومخططاتها هو الذي يشكل الرعب والخوف الحقيقي عندما يحدث.
من هنا كان استخدام عبارة ( جبهة ) في اللقاء الذي جمع السيد البينوني والسيد خدام وأحزاب أخرى فقد كان صداه مقلقا جدا للنظام فلم تكن كلمة ( الخلاص ) مقلقة بقدر ماكانت كلمة (جبهة) هي بيت القصيد والذي فعلا ولد القلق لدى السلة في سوريا.
وأخيرا يمكن القول ان النظام في سوريا تغلب على اعلان دمشق وقد يكون تغلب على ( خلاص ) البينوني خدام
بحكم الكيمياء المغلوطة لكن النظام لن يتمكن من التغلب على ( الجبهة الصح ) ( والكيمياء الصح ) والى أن تتحقق هذه الكيمياء الصح في ( المعادلة الصح ) (في الجبهة الصح ) ( الظرف الدولي الداعم الصح )
سيبقى النظام مرتاحا وسيطمأن بأن لديه أفراد معارضين وليس معارضة.
الدكتور رامز حمود.