تلج البهو ..مترددا ,متعثرا ,تخشى أن يلتقطك أحد ما من ياقتك ليسألك:
مالذي جاء بك إلى هذا المكان؟
كل شيء نظيف ..يلمع..حتى تظن لوهلة أن كلمة نظيف ومرتب, قد لا تعبر عن الموضوع
فهناك مبالغة كبيرة في الترتيب .
تخشى أن يكون حذاءك قد لوث الأرضية ,مع أنك كنت قد مسحته ولمعته مرارا...
ولولا خوفك من أن تلفت الانتباه لكنت قد التفتت وراءك لتتأكد من أن حذاءك لم يخذلك في هذة الظروف العصيبة.
ابتسامة هذا الرجل الذي يرتدي لباسا رسميا , لا تشعرك بالأمان نهائيا ,تحس بأن له دينا قديما عليك..ولن يطول وقت سداده. مع أن الرجل يبذل كل جهده للترحيب بك بل ويبالغ في عرض خدماته ..لكنك لا تطمئن ..وأنت الذي نشأت على تجنب تلك الابتسامات الخادعة والاغراءات الكبيرة لأصحاب المحلات والدكاكين ..لتكتشف في النهاية أنهم بلصوك .
يبالغ الرجل في الابتسام , تلمع عيناه كالتماعة عيني قط ..أثناء عثوره على فأرة ..
تحاول اكتشاف طريقة التعامل مع الأشخاص والأشياء , وتتلمس محفظتك مرارا ..اذ تخشى في عبطتك أن تفقدها في مكان ما ..لينتهي بك الأمر الى المطبخ لتقشير البطاطا ..أو جلي الصحون ,كما كنت ترى في الأفلام ,ذلك على أحسن تقدير .
ولا تعرف تماما لمن ستعطي بخشيشا..ومتى ؟ و ما هو المبلغ المناسب...وتتذكر أنك في مناسبات مختلفة وقعت في هذا الاحراج أثناء انجاز معاملة رسمية ..لكن وقتها كنت تلجأ لسؤال الآذن عن المبلغ المطلوب للرشوة ..وينتهي الموضوع.
وتخشى هنا أن تعطي أحد هم ,فيزدريك ..بدل أن ينحني لك شاكرا .
لا شيء يشبهك في هذا المكان , لا تحس بالراحة ..بل تشعر بأنك تحولت الى رجل آلي. كل تصرفاتك وحركاتك تقوم بها بطريقة مصطنعة , وتحس بأن الجميع يراقبك ..وينتظرون ارتكابك غلطة ما ..ليلقوا بك خارجا .
ولم يكن هنالك ثمة شيء مالوف ..باستثناء ذبابة وحيدة, لا تعلم كيف اخترقت كل الحواجز ..ووصلت إلى هذا المكان .
لكنها كانت تزحف على الأرض .