لقد مات الإله مما حدا بلوقيانوس إلى أن يبعثه على الكلام!!
ثمّة سؤال بسيط يطرحه لوقيانوس نفسه ليظهر استحالة وجود الخرافة: " أين عرفت أريتوز*".
هذا السؤال طرحه بوسيدون على "ألفا" التي ولّت هاربة تحت عباب اليم ميمّمة شطر شاطئ صقلية... إنك أركادي, وهي من سراقسطة... ولكن "ألفا" لم تجبه عن سؤاله وهي تولي الأدبار!.
ولعل القارئ يستنتج هدف معنى هذا الصمت إذ شدّ ما يكون الإله نفسه هو الذي يعجز أمام القدر, كما يقرّ بعدم جدوى الصلوات التي تقام له, لأن ثمّة إنسان يتحدّاه... إن لوقيانوس هدّام مخيف (كفولتير) بيد أن ثمّة فرقا بين موقفيهما... فلوقيانوس يهاجم السذاجة باسم العقل, لأن الخطأ يزعجه ويجرح حبّه للحقيقة... أمّا (فولتير) فيهاجم باسم التسامح, ليخلع نير عبودية الدّين الذي كان يضغط على الفكر, كما يهاجم سلطة رجال الدين ليقوّض أركانها, ويسترد حريّة الانسان التي اغتصبوها باسم الدين!
الآلهة تموت
أشخاص الحوار:
مينيب / امفيلوخوس / تروفونيوس .
مينيب: أنتما الساعة ميتان, أنت يا تروفونيوس, وأنت يا امفيلوخوس, ولست أدري كيف ارتضى الناس بأن تشاد لكما المعابد, وكيف اعتبروكما مقدسين, ثم جن في النهاية جنونهم فتوهموكما آلهة.
امفيلوخوس*: ماذا تقول؟ أتراها جريرتنا إن تصور الجهلاء من الناس مثل هذه الأمور عن الموتى؟
منيب: لم يتخيل الناس قط آراءهم تلك تخيلا لو لم تكونا في حياتكما, وعلى أساس نفوذكما الشخصي, أو أنكما أوحيتما للناس بأنكما تتنبآن عن المستقبل.
تروفونيوس*: هوذا امفيلوخوس حيالك يا منيب, وهو أدرى بما يتوجب عليه إجابتك عن نفسه. أما أنا فإني بطل أتنبأ بالمستقبل لمن يجيء لزيارتي. ولكن يبدو لي
أنك لم تمض قط إلى ليباديا, ولو مضيت إليها لما جدفت بالآلهة.
منيب: ماذا قلت؟ لأني لم أمض إلى ليباديا, ولم أرتد ثوبا من ثيابكم المضحكة, ولم أتناول
بيدي قطعة من الحلوى, ولم ألج مخبأكما زحفا من بابه الوطيء, لذا فلست بقادر على أن أعرف أنك ميت مثلنا, وأنك لا تشبهنا إلا بخداعك ومكرك.
ولكن أنبئني بحق ألوهتك كيف يكون البطل, فإني جاهل أمره؟.
تروفونيوس: إنه مركّب من إنسان و إله.
منيب: أتقول إنه ليس إنسانا ولا إلها بل أنه هما معا؟ أين إذا ذهب نصفك الإلهي؟!!
لم أتبين يا تروفونيوس ما رمت قوله. والذي يبدو لي أنك الساعة ميت وأن ما أراه
حيالي واضح أيّما وضوح.
*أريتوز: حوريّة كانت تستحم في مياه (ألفا) باليونان.
*امفيلوخوس ابن امفياروس من ايريفليه الذي يتنبأ بالغيب كوالده, وقد بنى مدينة "مالن"
في صقلية, وكانت معرفته بالغيب على درجة كبيرة في زمن بوزانياس ولم يأت على ذكره "توسيديد" إلا لأنه باني الأرغوس في أكارناني.
*تروفونيوس باني معبد دلفي وقد ألّهوه فيما بعد باسم "زيوس تروفونيوس" في مغارته "العبيدية" في بيوتي.