لقد كان منذ زمن يسمح باستيراد الآليات الثقيلة مهما بلغت سنة صنعها , وفي العام الماضي عدلت الحكومة القرار بحيث أصبح لا يسمح باستيراد المعدات الثقيلة إلا إن كانت سنة الصنع لا تزيد قبل خمس سنوات , فماذا حصل : 1- لقد كانت المعدة تشترى بسعر منخفض وتصلح بسعر منخفض وتباع بسعر منخفض 2- كانت تشغل اليد العاملة بكثرة وتنشط سوق العمالة وكان هامش ربحها مقبول 3- كان سعرها المناسب يخفض تكاليف المشاريع الإنتاجية التي تعتمد الآلة الثقيلة أساسا" في عملها وبالتالي تزداد الجدوى الاقتصادية لتلك المشاريع 5- كانت توفر قطع التبديل للمعدات وبسعر منخفض , هذا ما كان يحصل فماذا حصل بعد القانون المذكور : 1- أصبحت نفس المعدة التي كانت قيمتها 800000 ليرة سورية وبنفس الموديل ب 1800000 ليرة سورية أما المعدة من نفس النوع والتي تنطبق عليها مواصفات القانون الجديد فقد أصبحت ب 10 أضعاف على الأقل وأنا متأكد من هذا كون المشروع الذي أعمل به يجعلني ملم بهذا الموضوع بشكل جيد 2- غلاء قطع التبديل بشكل تجاوز 10 أضعاف أيضا" لبعض القطع وتضاعف لعدة مرات للبعض الآخر 3- شهدت حركة سوق الآليات الثقيلة وإصلاحها ركودا" غريبا" وخلت سوق الإصلاح في المدن الصناعية وتحولت وجوه الناس فيها من وجوه نضرة فرحة إلى وجوه عبوسة وكم تمنيت لو أن لدي كاميرا لتصوير هذه الوجوه قبل وبعد القرار المذكور وأتى ارتفاع اليورو وفلسفة بعض التجار لتزيد تلك الطبخة البهارات
4- كل المشاريع الإنتاجية التي تعتمد الآلة الثقيلة أصبحت جدواها الاقتصادية أقل من 25 0/0 من جدوى المشاريع التي كانت تحسب قبل صدور القانون ( مثلا" المشروع الذي كانت كلفته 15 مليون أصبحت كلفته 100 مليون وبدون زيادة على الإنتاج إلا بشيء قليل فتلك الآلة قديمة تم تجهيزها وهذه آلة مجهزة بحكم حداثتها والفارق عند أصحاب المصالح لا يذكر وكانت إنتاجيته السنوية 3 مليون ليرة سورية وبجدوى اقتصادية سنوية 20 0/0 بقيت نفس الإنتاجية وبجدوى 3 0/0 أي أقل من فائدة البنك فمن ذلك الغبي الذي سيستثمر بهذه الظروف ) 5- الكثير من ورشات التصنيع إما أغلقت أو على أبواب الإغلاق فالإنتاج ضعيف والصنايعية لا يكادون يتقاضون نصف أجورهم كيف لا وهم لا يعملون 6- يوجد توقف عن الاستثمار إلا لقلة قليلة بسبب هذا الموضوع وغيره وسيكون توقف كامل خلال فترة وجيزة جدا" في حال استمر العمل بهذا القانونوأتساءل : كم مر هذا القانون على مؤسسة ومسئول ومنظمة شعبية قبل صدوره ألم يجد فيه هذه الملاحظات ألم يجدوا فيه قبل إصداره ما يمكن أن يحدث اليوم من كوارث بسببه ألم يحيطوا إحاطة رياضية بالموضوع واحتمالاته قبل صدور القانونقد أكون مخطئ أتمنى أن تصححوا لي وإن لم أكن مخطئ ويكون رأيي صحيحا" فأقول وا أسفاه وا أسفاه ألف مرة على هكذا منظومة إدارية مثقلة بالإرباكات ولا تجد طريقها للحلول وا أسفاه أي مسافة تفصل السيد الرئيس وطروحاته الرائعة عن هذا الأداء المتهالك وأتساءل أين يقع هذا القانون وغيره من شعار استثمار أموال القطاع الخاص بالتنمية وتشجيعه عن طريق زيادة هامش الربح وتشغيل اليد العاملةأين يقع هذا القانون من دعوة الحكومة لتشجيع المشاريع التي تولد الدخل وقد فعل ما فعل وأين.