آخر الأخبار

هل تتكرر الكارثة؟

يبدو أن العرب لم تتعلّم من الدرس السابق(العراق) وهاهو المقرر يتكرر مع سوريا.. والهدف واضح للأذكياء والسذّج والأغبياء
دائما هناك مبرر (للتطهيّر) والإنقاذ وصياغة المجتمع الجديد..من قبل كانت (أسلحة الدمار الشامل) مبررا لتحطيم العراق واحتلالها واستغلال نفطها والتحكم في تشكيل خارطة الخليج العربي أكبر احتياطي نفطي في العالم..فهل سيفهم العرب هذه المرة الدرس.
لقد كانت خدعة(أسلحة الدمار الشامل) الذي يملكه العراق، والتي أسمعت الدنيا وأشغلتها.. مبررا لكل من جورج بوش الابن ورئيس وزراء بريطانيا توني بلير ،لشن الحرب على العراق،لنكتشف في النهاية أن حكاية أسلحة الدمار الشامل العراقي..خدعة أمريكية وبريطانية لاستباحة العراق أرضه وأهله ونفطه،رغم تأكيد تقارير كل من العالم العراقي عامر السعدي و دافيد كاى وهانز بليكس، رئيس فرق التفتيش النووي في العراق، الذي لم يصدقه العالم عندما قال أن العراق لا يمتلك ولا يستطيع امتلاك أي أسلحة في ظل الحظر الذي فرض عليه لأكثر من عشر سنوات كانت كفيلة بهدم أي إمكانات عسكرية ممكنة. بليكس الذي وصف مسئولي الإدارة الأمريكية "بالدناءة والابتزاز" في إشارة واضحة لحجم الضغوط التي تعرض لها إبان توليه التفتيش في العراق وهذا ما دفع "كريغ تيلمان" مدير مكتب العلاقات العسكرية والإستراتيجية السابق في وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية الى قول من أنه لم يكن هناك دليل قاطع علي وجود أسلحة كيماوية لدي العراق تبرر الحرب عليه،لكن الحقيقة أن(احتلال العراق) مهما لأمريكا( بغض النظر عن امتلاكه لأسلحة نووية من عدمه) كما قال السيد جورج بوش الابن،
وظلت فضيحة ال(45)دقيقة الادعاء بأن العراق قادر على استخدام أسلحة دمار شامل بعد 45 دقيقة من صدور الأمر بذلك) و الذي صرح به توني بلير مبررا للحرب على العراق، وبعد الحرب تراجع ليعلن (أنه ربما لا يتم العثور مطلقا على أسلحة الدمار الشامل العراقية) تهدد مستقبل بلير السياسي، ولم تنته إلا بانتحار العالم ديفيد كيلي.
ورغم اختلاف الأحاديث وتعدد التقارير،إلا ان النتيجة واحدة، فأمريكا وبريطانيا خدعت الجميع بما فيهم العرب،بكذبة أسلحة الدمار الشامل الذي يمتلكه العراق، مستغلة غريزة الخوف داخل النفس الإنسانية،حتى تحقق أغراضها،واليوم يتكرر نفس السيناريو مع سوريا من خلال تقرير القاضي المكلف بالتحقيق،واتهام سوريا باغتيال رفيق الحريري،لايجاد مبرر لضرب النظام السوري والضغط عليه للسير على مقررات النظام العالمي الجديد.
لقد بدأت حكاية تدمير العراق من خلال إشعال نار الحقد بين العراق والكويت،التي كان ناتجها احتلال العراق- الفكرة النابعة من التخطيط الأمريكي- للكويت وإلغاء سيادة الكويت كوطن مستقل، لإيجاد مبرر للنظام العالمي الجديد الذي أعلن عنه جورج بوش الأب، في إعادة تشكيل خارطة الدول المنتجة للنفط، إضافة إلى العامل الديني والسياسي للسيدة العظمى أمريكا، أما المرحلة الثانية من تطبيق النظام العالمي الجديد، فهي إعادة تشكيل خارطة دول (خط النار) لبنان وسوريا والأردن، والأخيرة مضمونة في الجيب الصغير للسادة المحترمين،أما لبنان فشق منه (لا يهش ولا ينش) يشترى بكيس من الدولارات وقارورة خمر وامرأة حسناء، وهذا لا خوف منه، أما الشق الآخر (حزب الله) وهو الذي يهدد أمن السادة المحترمين، فدوره في التصفية لم يأت بعد،ومازالت الفكرة الدرامية لكتابة سيناريو تصفيته تختمر في ذهن السادة المحترمين،ولعلنا نخمّن السيناريو القادم لتصفية حزب الله من خلاله إدخاله منظومة(الإرهاب)، أما سوريا،فحان دورها-وأعانها الله- وبداية السيناريو تتكرر،..إشعال الحقد بين سوريا ولبنان،وإيهام لبنان ان سوريا تهدد استقلاله وحريته، ذات السيناريو العراقي الكويتي، وحتى تكتمل دراما السيناريو،كان لابد من حدث رئيسي يحرك كل التفاصيل،وكان (موت البطل) هو الحدث الرئيسي لدراما الانتقام من سوريا أو تأديبها أو إذلالها، وكان اغتيال رفيق الحريري الذي لم يكن سوى رأسمالي فحل وإقطاعي من الدرجة الأولى، رجل من أغنياء العالم ينتمي لمجتمع، نسبة الفقر فيه تكاد تصل إلى 52%، إن قائمة الاغتيالات في لبنان قائمة طويلة مرورا بكمال جنبلاط ورياض طه وسليم اللوزي، فلماذا رفيق الحريري هو الذي حرك المياه الراكدة،رغم أنه لا يمثل في تاريخ لبنان الحديث سوى صورة للبذخ والترف والتوزيع اللاعادل للثروة، إن كان البحث عن الحقيقة وشيوع العدالة هو ضمير النظام الجديد.. فلغز (فتش عن القاتل) يمتد طولا وعرضا، لينبش ذاكرتنا العربية،من قتل الشيخ أحمد ياسين الرنتيسي وغيرهم من المناضلين الشرفاء والمثقفين المخلصين لمبادئهم وقضاياهم الوطنية الذين التهمتهم نيران الغدر والاغتيال.
إن الهدف واضح من تقرير ميليس تصفية(النظام السوري) الحامي لأجهزة المقاومة الفلسطينية والجبهة المصدرة للمتطرفين إلى العراق، والجار المقلق لليدي إسرائيل، لا للبحث عن الحقيقة وإشاعة العدالة،وهذا ما يجب ان تدركه لبنان،فمع احترامي الشديد للسيد (رفيق الحريري)-رحمه الله-فهو ليس الرجل الذي من اجله نضحي بدولة مثل سوريا تقف في بلعوم السادة المحترمين، رغم كل تجاوزات نظامها الحاكم،فكثير من الدول العربية تسير أنظمتها وفق منهج (النظام السوري) من قمع وظلم وغياب للديمقراطية واغتيالات بصور مادية او معنوية،فالقاعدة الذهبية لبعض أنظمة الدول العربية تشبه مبدأ تشارلز ميللر مانسون/زعيم الهبيز(القتل احيانا ضرورة..فنحن كلنا إله وشيطان..فإذا ظهر الشيطان في جزء منا استأصلناه فورا والشيطان دائما مادي،فإذا ذبحناه خلصنا الروح من النجاسة)!!
..ومازال هناك فسحة من الوقت لنفكّر قبل أن يدق الجرس ويعلّن (انتهى الدرس أيها الغبي)

-بقلم:سهام القحطاني.