آخر الأخبار

حكايات أيسوب(2)

قال أيسوب المخذرف:

زعموا أن نملةً أرادت أن تبني بيتاً فوق الشمس. أخذت تبحثُ وتنقبُ وتدخل البيوت وتدبّ في الجحور أملاً في العثورِ على دربٍ سري يأخذها جهةَ الشمس.

بينما هي تبحث وتنقب، صادفت صرصاراً كبيراً وسط الجحر. سألها الصرصار:

"ماذا تفعلين في جحري أيتها النملة اللعينة؟"

أجابت النملة:

"أنا أفتش عن دربٍ أو دهليزٍ يأخذني جهةَ الشمس."

"جهةَ الشمس! وأيم الله إن هذا لأمر عجب! سوف تموتين وتحترقين قبل أن تصلي إلى الشمس."

قالت النملة:

"أفضل أن أحترقَ في طريقي بدل أن أسكن أبدَ الدهرِ في الدهاليز المظلمة."

لما سمع الصرصار الكبير كلامَها، هزّ رأسه وقال:

"إن كنتي مصرّة على هذا.. فسوف أدلكِ على الطريق."

قال أيسوب المخذرف: ثمّ أن الصرصار أخذ النملة وساقها إلى نهاية الجحر، وعندما فتحَ الباب، تناول شعاعاً من أشعةِ الشمس وربطه على مصراع بابِه، ووضعَ النملةَ فوقَ خيطِ الضوء وقال:

"هذا هو الطريق. ماعليكِ إلا السير للأمام والأعلى حتى تصلي للشمس."

شكرت النملة الصرصار على مساعدته وأخذت تدبّ ببطء فوقَ خيطِ الضوء حتى قاربت كوكبَ عطارد، وأحست بالعطش ولكنها أصرّت على استكمالِ طريقها حتى تصل إلى الشمس.

قال أيسوب المخذرف: عندما وصلت النملة إلى الشمس، تحوّلت إلى صرصار، وتحول الصرصار وسطَ جحرِه إلى نملة!!

زعموا أن ضفدعاً أراد أن يفصلَ ثوباً جديداً للعيد. فاستلفَ بعضَ النقودِ من صديقِه التمساح، وسارَ مختالاً سعيداً، قاصداً دكانَ بائع الأقمشة.

عندما دخل دكان الأقمشة، وجدَ لقلقاً طويلاً يقفُ منتصف المحل. سارعَ اللقلق في استقبال الضفدع وقال:

"مرحباً وأهلاً وسهلاً بالسيد الكريم الضفدع. وصلت لنا للتو باقة قماشٍ فاخرة من الصين. هل تريد أن تجربها؟"

"أريد قماشاً مطرزاً بقلوبٍ حمراء."

"يبدو أن السيد الضفدع غارق في الغرام هذه الأيام؟" غمز اللقلقُ الضفدع في خبث.

أجاب الضفدع في فخرٍ، رافعاً إبطه المعركشة كي يسمح للقلقِ بأخذ مقاس ذراعه:

"تستطيع أن تقولَ هذا."

دوّن اللقلق بعض الأرقام في دفترِه ثم اعتلى دولاب الأقمشة ليهبطَ وفي يدِه لفة قماشٍ ضخمة.

"أحلى قماش لأحلى ضفدع."

نظر الضفدع إلى لفة القماش الهائلة وصاح:

"ماذا أفعل بكل هذا القماش؟ لا بدّ أنك تنوي أن تبيعني قطعةً منها."

هزّ اللقلقُ رأسه:

"بل يجب أن تشتريها كلها. ألم تنظر إلى مقاس كرشِك الضخمة؟ سوفَ يغضب خياط الثياب إن ذهبت له وبيدك لفة قماشٍ ناقصة. إن غضب، فلن يفصّلَ لك ثانيةً .. صدقني.. أنا أعرفه جيداً."

اشترى الضفدع لفة القماش بعد أن أفرغ مافي جيوبه من نقود وهو يهزّ رأسه في يأس.

عندما دخل الضفدع محل الخياط، وجد نفس اللقلق يقف وسطَ المحل. صاح الضفدع:

"هل أنت هو نفس بائع الأقمشة؟"

ابتسم اللقلق في خبثٍ وأجاب:

" هل أنت نفس الضفدع؟ أنتَ أنتَ.. وأنا أنا. أين هي نقودك؟"