حين يتابع المنصفون ما يفعله النظام الحاكم فى مصر مع جماعة الإخوان المسلمين تستدعى ذاكرتهم قول الله تعالى" وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" غافر26، وهكذا كل فرعون وكأنه لا يملك أدوات القمع! بيد أنه يريد أن يقول هيئوا لى الرأي العام من خلال الإعلام( المرئى والمسموع والمقروء)، الداخلية والشرطة وأمن الدولة، ولا مانع من تجنيد وزارات ومؤسسات الدولة كالأوقاف، والأزهر، والتعليم، ولا مانع من المحبين والمتزلفين والذين يختلفون مع الإخوان وقد عملت فيهم حرب الحزازات النفسية عملها فانضموا لكتيبة روزا اليوسف وأتباعها، والذين يحلو لى تسميتهم ب" هتّيفة النظام".
وأسارع إلى القول أن النقد غير التجريح والتشهير وإلقاء الأكاذيب زورا وبهتانا فالنقد مقبول ومعاداته سفه، والتجريح والتشهير من سيماء الحمقى وينأى عنه ذو المروءة لدناءته.
وكم رأينا مختلفين مع الإخوان ومع نهجهم لا يؤيدون هذا السعار الذى ينهجه النظام الحاكم ضد الإخوان احتراما لأنفسهم ولفكرهم، ولمصداقيتهم أمام الناس وهؤلاء تثرى بهم الحركة الوطنية فهم لا يتبعون كل ناعق ولو شاءوا لتزلفوا إلى النظام الحاكم بتشويه الإخوان وبتحريض نظام لا يحتاج أساسا إلى التحريض للفتك بالإخوان طلابا ورموزا, ولكن منعهم عفة نفوسهم وعلو كرامتهم، واحترامهم للحرية.
ينهج هؤلاء الهتيفة فى حملتهم نهج الذين أصابهم نجاح الآخرين بسعار ينغص عليه معيشته ويؤرق ليله، وينهج هؤلاء الهتيفة مع الإخوان نهج التمييز العنصرى وليس أدل على ذلك من مطالبة بعضهم أن يتم إقصاء الإخوان بالقانون والدستور وحرمانهم من حق طبيعى تكفله حقوق المواطنة، ولنا فى تجفيف منابع الإخوان متسع من التعليق.
تجفيف منابع الإخوان
- من خلال غلق صحفهم أو منابر الإعلام المقروء وما منع الإخوان من جريدتي آفاق عربية والأسرة العربية عنا ببعيد.
- ومن خلال منع إذاعة حلقات النقاش فى مجلس الشعب المصرى لمنع صوت الإخوان داخل البرلمان حتى لا يفضحوا النظام الفاسد.
- فصل المعلمين من المدارس وإقصائهم لمناطق نائية وتحويلهم لأعمال إدارية.
- اعتقال طلاب الإخوان، وأساتذتهم فى الجامعات...ويكفى أن أستشهد بما ذكره د/ ضياء رشوان فى إحدى حواراته - جريدة العربى 10/12/2006حيث ذكر أن النظام يقمع الجميع بما فى ذلك الإخوان، والإخوان أكثر قمعا باعتبارهم جماعة محظورة وارجع لقوائم الاعتقال ستجد إن 80% منها من الإخوان ومن عام 1995 إلى اليوم ستجد عدد المعتقلين من الإخوان 20 ألف شخص وهو ما يوازى عدد أعضاء ثلاثة أحزاب مشروعة فى مصر.
- محاكمة رموز الإخوان بمحاكمات غير عادلة أمام قاضى غير طبيعى واقصد به القضاء العسكرى ...أى إهانة للنظام أن يحول المدنيين لمحاكمات عسكرية لو عرضوا على قضاء مدنى لحكم ببراءتهم.
- عدم تنفيذ أحكام القضاء بتبرئة الإخوان تحديدا، وغيرهم عموما وما فِعْلُ النظام الحاكم مع الدكتور حسن الحيوان عنا ببعيد .
- ومن خلال تشويه صورة الإخوان وإشاعة الكذب عنهم فى حوارات من طرف واحد، وليس أدل على ذلك من برنامج ما يسمى بحالة حوار حتى إن العامة فى بلادى أطلقت عليه تعبيرات ساخرة ينأى عن ذكرها كاتب هذه السطور احتراما للحياء العام.
- الإيعاز إلى بعض الكتاب لتشويه الإخوان ورموزهم عبر أعمال درامية ، وفى المقابل حصار الإخوان لمنع قيامهم بعمل فيلم يصور حياة الإمام حسن البنا.
مقارنة ظالمة
حين يقرأ بعضنا لهؤلاء الهتيفة مقالات مهترئة مليئة بالحقد والكذب ثم يحصى هؤلاء فيجدهم لا يتمتعون بأى مصداقية لدى القارئ العادى فما بالكم بالمثقفين الحقيقيين لكن حين يتلفت المرء فى الاتجاه الآخر يجد رموزا فى الفكر والكتابة يتحدثون بموضوعية عن الإخوان من أمثال: الأستاذ فهمى هويدى، عمرو الشوبكى، والدكتور ضياء الدين رشوان ، والمستشار طارق البشرى ، والدكتور محمد عمارة ، والدكتور جابر قميحة ، وغيرهم.
الحق أنه حين نقارن هذه الأسماء المحترمة بهتيفة روزا اليوسف والنظام فإن المقارنة ظالمة، وما دعانى لتلك المقارنة سوى استدعاء الحكمة الأصيلة التى تقول بضدها تتضح الأشياء وفى هذا إشارة للفاقهين.
أنتم مهزومون لا محالة
وأريد أن أقول لهؤلاء الهتيفة أنتم مهزومون لا محالة وذلك لأسباب كثيرة أذكر منها :
* القاعدة أن المضطهد حبيب الشعوب وقد جربتم ذلك فى انتخابات 2000، و2005 ومن ثم فان اضطهادكم وتجفيفكم لهذى المنابع يؤتى بثمار عكسية لو كنتم تعقلون.
* أنتم فاسدون وملوثون وفى المقابل من تشوهونهم لم ير الناس منهم فسادا ولا تلوثا ومن ثم فالأمور ترتد عليكم.
* الإخوان متوغلون فى كافة مناشط المجتمع : فى المدارس، وفى الجامعات، وفى المساجد، وفى النقابات، وفى مواقع النت، وفى بعض الفضائيات، وفى غيرها وهؤلاء حين يحتكون بالناس يدعون إلى فكرتهم ويجعلون من لا يتفق معهم يحترمهم ولا يرى فيهم تشويهكم وأكاذيبكم...فيرتفع الإخوان تقديرا وتهبطون انتم منزلة.
* إن الأفكار لا تموت بالقهر، ولو قدر لها ذلك لماتت فى الستينيات حين كان القمع أشد، ولست انبش فى الماضي لكنى أقول بسهولة ويسر إن إقصاء الإخوان- وإقصاء غيرهم أيضا من الأحزاب والحركات الوطنية- خطل باعتبارهم يمثلون تيارا معتدلا فى إقصائه اعتداء على الحريات وتمييز عنصرى قميء لا يمارسه سوى الأغبياء.