أدونيس
- 1 –
ياسَمينٌ
يَنحني شِبهَ ذابلٍ، مريضاً، في أحضان بيروت.
- 2 –
أيتها الطفلةُ – المنارةُ،
ضَعي القمر في سريره،
يقول لكِ الليل،
وأَصغي، عميقاً، الى آهاته.
- 3 –
ثمرةٌ تقاتِلُ جَذرها،
والقتالُ دائرٌ في حَلْبَةٍ
يُطوّقها الرمل.
- 4 –
للطّرق هنا مرايا:
لا تنعكس فيها الأقدام،
تنعكس الرؤوس.
- 5 –
أينما رأيتَ امرأةً في بيروت،
رأيتَ حولها عاشقاً.
- 6 –
يظلّ صامتاً، عالياً:
ذلك ما يميزُ الحجر في جبيل وبعلبك.
- 7 –
شمسٌ –
زائرةٌ تائهةٌ يقودها الليل.
- 8 –
للنجوم حاناتٌ
ترفض أن يُديرها حتى الشعراء.
- 9 –
في بيروت، اليوم،
يبدأ الفجرُ بالشروق تماماً عندما يهبط الليل.
- 10 –
للسياسة لُغةٌ
لا يقدر الهواءٌ نفسه أن يصنع منها
إلا سياط الغُبار.
- 11 –
يُمضي الليل وقته
في رسم الضوء على دفتر صنين.
- 12 –
الفقر أميرٌ على الكتب.
- 13 –
نعم، رأيتُ المستقبل يرقص في بيروت،
لكن، خلسةً.
- 14 –
السماء، هنا، هنالك، هي وحدها المرئية:
الأرض تحت حجابٍ منيع.
- 15 –
امرأة عاشقة؟
إذاً، السوادُ نفسه، وكلُّ شيء،
هو، عندها، لغة في الضوء.
- 16 –
على سُلّم الفاجعة،
يصعد الى حبّه عِطرُ بيروت.
- 17 –
حظٌّ أن يستضيفك الفرح
في «سيتي كافي»،
ولو لحظة واحدة.
- 18 –
ينتمي صِنّينُ
الى عائلة الأفق.
- 19 –
هل يمكن أن يُقتَل الليل انتقاماً للفجر،
أو الفجرُ انتقاماً لليل؟
يَحدث هذا، غالباً.
- 20 –
«لا تأكُل»:
نصيحةٌ جديدةٌ لنحول الجسم السياسي.
- 21 –
فاجعٌ أن يُقال:
الفجر يكذب هو كذلك.
هكذا، لا بُدّ من صداقة الفاجعة.
- 22 –
بيروت،
الى متى ستبقى الحياة فيكِ،
مربوطة بأبديةٍ يتدفّأ على نارها،
صقيعُ الأزمنة؟
- 23 –
قَبْقَابٌ
يعبرُ «نهر الموت»، وحيداً.
- 24 –
لسعةُ قُرّاصٍ
في ثدي الياسمين.
- 25 –
لماذا يبدو هذا القنديلُ العربيُ
كمثل «بئرٍ مُعطَّلة»؟
- 26 –
كيف لمن يكون نافذةً
أن يعيش أسيراً؟
- 27 –
كلاّ، لم يُقَلْ شيءٌ بعد،
وها هم القائلون:
كلٌّ يجلس على عرش القول.
- 28 –
عندما تلطمُ الأرض وجهها، نُصفّق لها،
وعندما تضحك أو تفرح، نأخذها الى السجن:
موتوا، إذاً، «بغَيظكم»، بفقركم، بقيودكم،
يا أطفال العرب.
- 29 –
«العروبة»، «القومية»، «الوحدة»:
ألفاظٌ تكررها بيروت، اليوم،
برهاناً على وجود العَبَث.