آخر الأخبار

الأمل.. والقانون /1/

كان الأمل كبيراً مع صدور القانون رقم /1/ للعام 2003 الخاص بالبناء بأن يساهم الى درجة كبيرة في الحد من مخالفات البناء والتجاوزات وان ينظم الحركة العمرانية ويبعدنا عن التشويه والتخريب الكبير في المنظر الجمالي للمدن وشوارعها وأبنيتها وضواحيها.

لكن هذا الأمل ما لبث ان اضمحل وتقوقع عندما اصطدمنا بالواقع أي بواقع تطبيق القانون حيث يلاحظ الازدياد المتسارع للمخالفات والبناء العشوائي في العديد من مناطق محافظة اللاذقية كما في باقي المحافظات.. كيف ولماذا ولمصلحة من؟ هذه الاسئلة جوابها بالتأكيد عند البلديات والجهات المسؤولة الاخرى.. فبسبب غض النظر ان كان الأمر تقصيراً في العمل والواجب او لملء جيوب البعض من ضعاف النفوس ببعض القروش تخرب مناطق بأكملها وتشوه مناظر المدن وضواحيها بالملايين وبالمليارات. وللأسف أصبحت مناطق السكن العشوائي بأوضاعها السيئة المزرية تزنر المدن.. والسؤال الذي يجب ان يطرحه المسؤولون على أنفسهم.. لماذا وصلنا الى هذا الوضع المخجل للسكن العشوائي؟ ‏

فانتشار هذه المناطق هو انعكاس لحاجة ملحة للسكن لفئة كبيرة من المواطنين غير القادرين على تحمل أعباء وأسعار البناء الباهظ في المناطق المنظمة فيلجؤون الى بناء غرفة او غرفتين او.. كيفما تسمح الأوضاع تحت جنح الظلام أو يستغلون فترة العطل والأعياد طبعاً مع ضمان غض الطرف من الجهة المعنية. ‏

ولقد ساهم في تفاقم هذا الوضع البطء الشديد في توسيع المخططات التنظيمية وعدم إيجاد مطارح جديدة للسكن وبالاضافة الى غلاء الأراضي المعدة للبناء بشكل غير معقول وغير مقبول ما ساهم في ارتفاع أسعار العقارات بشكل جنوني يضاهي أغلى منطقة في العالم. ‏

إن ترك العنان للسكن العشوائي والمخالفات للنمو بهذا الشكل مع نوم الجهات المعنية هو هدر للاقتصاد الوطني بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأن تلك المناطق بنيت بأموال طائلة صرفت من جيوب المواطنين وسيأتي يوم ستعرض للهدم واعادة البناء وبالتالي سنكون قد ضيعنا أموالاً ضخمة في عملية البناء والهدم وأموالاً أخرى في تخديم تلك المناطق بشبكات الهاتف والكهرباء والماء والتي ستبقى باستمرار في حالة غير مستقرة وتعاني من مشاكل لا تعد ولا تحصى بسبب العشوائية في التحديد والتركيب.. ويعني ذلك اضاعة واخراج كتلة نقدية كبيرة كان يمكن ان توظف بشكل مثمر. ‏

قد يتفاخر بعض رؤساء البلديات بأننا في مقدمة الدول التي تقوم بتخديم مناطق السكن العشوائي ومناطق المخالفات.. وهل هذا يدعو للمفاخرة..؟ ‏

إن الصرامة بتطبيق القانون لوحدها لن تحل المشكلة بل ستعقد الامر وستخلق المزيد من المستفيدين. ‏

مازال هناك أناس بأمس الحاجة للسكن والمأوى لذلك لابد من الاسراع بمعالجة الاسباب للقضاء على الظاهرة بتأمين مطارح جديدة للبناء وبأسعار معقولة قبل ان تتحول هي الاخرى الى منطقة مخالفات وسكن عشوائي ويكون ذلك من خلال الاسراع بتوسيع المخططات التنظيمية، كما يجب ان تتولى جهات وشركات عمليات البناء لتؤمنها للمواطنين بأسعار مقدور عليها، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تكرار تجارب بعض الجمعيات السكنية الفاشلة. ‏

- تشرين

atefafif@scs-net.org