نتيجة الأمراض التي يسببها الغذاء كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المنتج الصحي النظيف الخالي من الأثر المتبقي ، وذلك بالابتعاد ما أمكن عن استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات السامة ، والإستعاضة عن مثبتات العقد والهرمونات باستخدام النحل الطنان ,وهو نوع من النحل البري وتنتشر سلالته في كل أنحاء العالم ، تم تدجينه في هولندا واستخدامه في تلقيح أزهار البندورة المحمية منذ سبعينات القرن الماضي .
وأشار المهندس الزراعي أحمد سليمان رئيس الوحدة الإرشادية في قرية الشراشير في محافظة اللاذقية : أنه تم استخدام النحل الطنان في سوريا منذ أوائل التسعينات في القرن الماضي بشكل خجول حيث أتت به بعض الشركات المستوردة ونشرته في وسط المزارعين بشكل ضعيف وخجول وبدون دعم فني ، ويستخدم في زراعات البندورة المحمية بشكل أساسي خلال فصل الشتاء وذلك نتيجة فشل عملية التلقيح وعقد الأزهار بسبب انخفاض درجات الحرارة وارتفاع نسبة الرطوبة بالهواء ضمن البيوت البلاستيكية, ويستطيع النحل الطنان أن يقوم بتلقيح الأزهار من درجة 5مْ وحتى 34مْ ، , والنحلة الواحدة قادرة على تلقيح حوالي 30 زهرة في دقيقة واحدة ، أي أن خلية نحل تحتوي على 50 نحلة شغالة يمكن أن تكفي صالة مؤلفة من أربع حارات بمساحة 1200 م2 لمدة 50 - 60يوماً ن ويمكن وضع النحل الطنان بالزراعات المحمية من منتصف الشهر العاشر وحتى أوائل آذار.
وأضاف بأن سوريا تشارك حالياً في المشروع الإقليمي للإدارة المتكاملة لمكافحة الآفات من خلال إقامة مدارس حقلية للمزارعين - والذي ينفذ في ست دول وهي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ومصر وإيران - وذلك بالتعاون مع منظمة الزراعة والأغذية بالأمم المتحدة ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في سوريا وبتمويل من الحكومة الإيطالية ، وهنالك العديد من المدارس الحقلية على البندورة المحمية في الساحل، حيث تقوم كل مدرسة بتطبيق برنامج الإدارة المتكاملة والذي يتضمن التعقيم الشمسي للتربة بدل استخدام الغازات السامة ، والإعتماد على المكافحة الحيوية للآفات بالإضافة لنشر النحل الطنان لتلقيح الأزهار وذلك لإنتاج محصول نظيف خال من الأثر المتبقي للمبيدات والأسمدة ، وتخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة مردود وحدة المساحة ، ونتيجة لتطبيق هذا البرنامج لمدة السنوات الثلاث الماضية ونتيجة الدعم المقدم من مديرية الزراعة في محافظة اللاذقية تم التوسع هذا العام بإستخدام النحل الطنان ، ففي مجال عمل الوحدة الإرشادية في قرية الشراشير تم توزيع 34 خلية .
لكن عملية نشر استخدام النحل الطنان تواجه بعض العوائق أهمها صعوبة الحصول على خلايا النحل بالوقت المناسب ، فالشركات المستوردة تتأخر في تأمين النحل أو الشبك كونها مواد مستوردة من الخارج تعترضها بعض المشاكل في إجراءات الإستيراد ، والعائق الآخر والذي يعد الأهم هو ارتفاع سعر الخلية والشبك المستخدم لها والذي قد يتجاوز 8000 ل.س لذلك يبتعد المزارع عن استخدامها لأنها ترفع وبشكل كبير تكاليف الإنتاج.
لذلك قامت هذا العام وزارة الزراعة وبالتعاون مع جامعة تشرين بتشكيل لجنة مهمتها التقصي عن سلالات النحل الطنان في الساحل السوري ودراستها ليصار إلى تربيتها وإيصالها إلى المزارع بسعر معقول . وهنالك تجربتين لتربية هذا النحل في مركز تربية الأعداء الحيوية باللاذقية ، وهنا في الوحدة الإرشادية الداعمة في الشراشير ، حيث قمنا بجمع الملكات عن أزهار أشجار الإيكي دنيا خلال شهر كانون الأول , وتم وضعها في خلايا فنية حيث قامت الملكات بصنع أنفاق خاصة بها ووضعت البيوض فيها ، ونحاول حالياً كسر طور السكون لديها بوضعها في البراد لمدة 15 يوماً لتصبح جاهزة بعد ذلك للإستخدام ، فإذا نجحت هذه التجربة يمكن العمل عليها بشكل واسع خاصة وأن هذا النحل موجود بكثافة في البيئة السورية ويحتاج فقط إلى تربية وتدجين ونشر في الوسط الزراعي ما سيوفرأموال طائلة على الدولة والمزارعين .
ومن خلال التجربة والواقع أدى استخدام النحل الطنان إلى زيادة الإنتاج بمعدل 20- 25 % في وحدة المساحة حيث زاد انتاج البيت البلاستيكي الذي طبق هذه التقنية عن البيوت التي لم تتطبقها بمعدل 1.7 طن في موسم 2004- 2005 ، و2.7 طن في موسم 2005- 2006 ، حيث يصل عقد الأزهار إلى نسبة 100% ، بينما 30% من الأزهار تفشل في العقد بإستخدام مثبتات العقد ،مع العلم أن تلك المثبتات هي مواد كيماوية غير مدروسة الأضرار على الإنسان ، وقد يكون لها تأثيرات سلبية على الجهاز المناعي عند الإنسان ,ومن ناحية الإنتاج في كثير من الأحيان الاستخدام الخاطئ للمثبتات يؤدي إلى تشويه الثمار والقمم النامية في النبات مما يخفض كمية الإنتاج بدل زيادتها . وهنا لابد من التذكير بأن المثبتات مواد ممنوع دخولها إلى القطر وإن دخلت فهي مهربة وغير معروفة التركيب وغير مأمونة الجانب لأنها غير مراقبة من قبل الدولة . وتكون الثمار المنتجة بالنحل الطنان متناسقة الحجم ممتلئة ووزنها أكبر ، وذات لون أحمر ونكهة مميزة مطلوبة للتصدير ، بينما الثمار المنتجة بالمثبت يكون قلبها فارغ وبالتالي وزنها أقل .
ويطالب الكثير من المزارعين تأمين النحل الطنان بأسعار رخيصة أو معقولة ما يساعد ذلك في نشر هذه التقنية بكثافة وبالتالي التخلص من مثبتات العقد المنوعة والحصول على منتج صحي ونظيف ما ينعكس على صحة المواطن وزيادة في الطلب للتصدير .