تعلمنا فى علم الأقتصاد إنه فى حالة كون الجزء الأعظم من الودائع فى البنوك المحلية لدولة ما بعملة أجنبية ،وأن كون هذه العملة وسيلة المبادلات والمعاملات والعقود،فأن أدوات السياسة النقدية فى هذا البلد تكون مشلولة ومن ثم قدرة البنك المركزى على أدارة وضبط السياسة النقدية تكاد تكون معدومة. فاذا كانت أغلب الودائع فى دولة ما بالدولار
الأمريكى والمعاملات تتم بالدولار الامريكى وهو ما يسمى بالدولرةDollarazation
تصاب السياسة النقدية فى هذه الدولة بالشلل، ولهذا لكى تحدث أصلاحات نقدية فى هذا البلد عبر بنكها المركزى لا بد من القضاء على ظاهرة الدولرة عن طريق العملية العكسية De-Dollarazation برفع سعر الفائدة مثلا بشكل مغر على الودائع بالعملة المحلية مع تثبيت سعر الصرف فيحول الناس ودائعهم بالعملة المحلية وهنا تعمل أدوات السياسة النقدية بكفاءة من آجل الأصلاح النقدى
فى السياسة مثل الأقتصاد، فى بعض الأحيان تتصلب شرايين النظام السياسى وتصبح أدوات المجتمع المدنى الداخلى والدولى بل وأدوات المنظمات الدولية محدودة التأثير على هذه الدولة وهى التى أطلق عليها الدولة المارقة Rouge State، وهناك دول وصلت لمرحلة من الفشل والأفلاس فى التنمية الأقتصادية والأنسانية والسياسية وكافة المناحى الآخرى وتصنف فى قاع المجتمع الأنسانى وفقا للعديد من المؤشرات، وهذه هى الدولة الفاشلة Fail State، فماذا يمكن أن يفعلوا مع الصومال أو طالبان . وعموما كل الدول المارقة دول فاشلة ولكن ليست كل الدول الفاشلة دول مارقة. دولة مثل طالبان كانت تجمع بين صفتى الدولة المارقة والفاشلة، دولة مثل سوريا تصنف بأنهامارقة و فاشلةمن قبل الغرب..
الدولة المارقة أخطر بكثير بالنسبة للغرب من الدولة الفاشلة، حيث أن الدولة الفاشلة تضر بشعبها فقط ولا تسعى أو تتعمد للأضرار بالمجتمع الدولى، أى ليس من سياساتها الأضرار بالمجتمع الدولى وقد يحدث هذا لأن الفشل يولد الأرهاب وغيره ولكنه ليس سياسة دولة وأنما نتيجة لفشلها ، ولكن الدولة المارقة تضر بشعبها والغرب فى نفس الوقت وبشكل متعمد، على سبيل المثال ليبيا ودعمها للإرهاب قبل التغيير الأخير وطالبان وايواء القاعدة وأيران وتصدير الثورة ...وهكذا. وعموما هناك علاقة ارتباط طردى كبيرة من الجهتين بين الدولة المارقة والدولة الفاشلة .طبعا هناك مستويات لقياس درجة مروق الدولة وفشلها تصنف على أساسها درجة مروق أو فشل الدولة.
أحد السياسات المعروفة التى تتبعها الدول المارقة هى سياسة حافة الهاوية بمعنى كل أدوات السياسة عديمة التأثير على النظام المارق حتى يصل الوضع لرأس النظام نفسه وهنا يستجيب النظام بهدف برجماتي من آجل الأستمرار ، وهناك سياسة أخرى تتبعها الدول المارقة هى سياسة الأرض المحروقة أى إهلاك الحرث والنسل طالما وصل الموضوع لكرسى الحكم
ورغم كل الأضطهادات والسجون إلا انه يوجد مثقفين أحرار يملكون الشجاعة لقول كلمة لا لكل هذا الاستبداد ويقفون بصلابة أمام جبروت النظام
فى 12 مايو 2006 وقع حوالى 300 من المثقفين على بيان وأضح ومتوازن بشأن العلاقات السورية اللبنانية يصب فى جوهره على قيام علاقات متميزة بين البلدين على قاعدة أحترام السيادة والمصالح لكلا منهما عبر ترسيم الحدود وتبادل السفراء والأعلان عن لبنانية مزارع شبعا ووقف التهديد والأغتيالات للمثقفين اللبنانيين، فى مقابل وقف أى تحريض لبنانى على سوريا أو تسهيل مهمة أعدائها.
استشاطوا غضبا من هؤلاء المثقفين واعتقلوا عددا كبيرا من بينهم: فاتح جاموس، محمود عيسى، ميشيل كيلو، خليل حسين، أنور البني، علي العبد الله، محمد علي العبد الله ، سليمان شمري، نضال درويش، صفوان طيفور، محمود مرعي، غالب عامر، كمال اللبواني، محمد محفوض لينضموا إلى المعتقلين الآخرين وقد وجهت اليهم تهم مثل إضعاف المعنويات العامة، التآمرمع دولة معادية ، الأنخراط فى منظمات ذات طابع دولى ،ألخ. وقد وصفت صحيفة الجارديان ما حدث ب التطهير الصامت فى وعودة إلى مفهوم الدولة المارقة والسؤال الحائر ماذا نفعل إزاء هذة التصرفات فى ظل محدودية تاثير أدوات السياسة والعمل العام ؟ ماذا نفعل لمساندة هؤلاء الاحرار؟. نوقع على بيانات؟ ....وقعنا. نذهب إلى منظمات حقوق أنسان دولية؟.
أغلب منظمات حقوق الأنسان الدولية اصدرت بيانات شديدة اللهجة ولسنوات طويلة تدين الأعتقالات العشوائية والتعذيب .
نذهب إلى أعضاء الكونجرس وأعضاء البرلمانات الأوروبية؟ حدث هذا من أخوة سوريين ومن منظمات حقوق أنسان دولية وأغلب أعضاء البرلمانات الغربية يعرفون ذلك ويدينون ويتعاطفون مع المعتقلين. نذهب ونكتب للراى العام العربى والدولى؟ حدث وهناك عشرات المقالات والأخبار التى نشرت فى الغرب والشرق على السواء تدين النظام وتطالبه بالأفراج الفورى عن هؤلاء؟ نذهب إلى الأمم المتحدة فى أعلى درجاتها وهو مجلس الأمن؟ الكل يعلم قصة الأمم المتحدة ومجلس الأمن . نصلى ونوقد الشموع من آجل المعتقلين الأحرار؟ فعلنا ونفعل والشموع فى بيتى مضاءة باستمرار من آجل المظلومين والمضطهدين والمتألمين
ليس أمامنا طريق سوى أن نفعل كل ما سبق فا انا دائما متفاءل وموقن ان العمل السياسى عمل تراكمى يحتاج إلى صبر وإستمرارية، ونقطة وراء نقطة يمكن أن تزيح جبال الأستبداد عن منطقتنا......المهم أن لا نيأس ونعمل معا ونشجع بعضنا البعض ضد موجات اليأس التى تجتاحنا حتى نستطيع تقصير آجل هذا الأستبداد