انقسام الضباط ووضع الجيش عشية الوحدة
أحمد منصور: في العام 1957 عدت مرة أخرى إلى الكلية الحربية ولكن هذه المرة كآمر دورة أو قائد دورة ضباط، كيف كانت الكلية حينما عدت إليها؟
عبد الكريم النحلاوي: كنت أحلم أن أذهب إلى الكلية من أجل التدريب، كنت أرغب التدريب وكانت آخر دورة تقريبا تخرجت من كلية حمص ولكن بعد فترة تعين مدير الكلية أمين الحافظ كان مقدما ونقل بعض الضباط اللي ما هم حزبيين وعينوا ضباطا حزبيين في الدورة تبعي وهم كنعان حديد وصلاح نعيسة، نعم.
أحمد منصور: وأنت من البداية كان موضوع الضباط الحزبيين كان موضوعا مقلقا وكريها بالنسبة لك؟
عبد الكريم النحلاوي: ما في شك، أنا كنت أعتقد أن الجيش بس تدخل فيه السياسة بيخرب ما بيعود بينتج وما بيعود له أي كيان، بيتمزق. وكان الاشتراكيون هم محور العمل داخل الجيش بتوجيه من بعض الضباط ومن أكرم الحوراني.
أحمد منصور: وما تأثير تعيين هؤلاء على الكلية وعلى الضباط أو الطلبة الضباط؟
عبد الكريم النحلاوي: تأثيرهم على أساس وقت بيتخرجوا كانوا يحاولون أن يحتلوا مراكز الوحدات المدرعة حتى يقوى مركزهم ويدعموا فيه السياسيين الاشتراكيين.
أحمد منصور: يعني كان وجود أمين الحافظ على رأس الكلية كان نوعا من التخطيط أيضا للاستيلاء على السلطة؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، حصل خلاف ما بين الضباط الحياديين -إذا أردنا نسميهم- وبين الضباط الاشتراكيين، تقاسموا وحدات الجيش فيما بينهم الضباط الاشتراكيون منهم حسن حدة تولى إدارة مدارس الرتباء وأمين الحافظ إدارة الكلية الحربية، وفيق إسماعيل من الطرف الآخر تعين مدير كلية الضباط الاحتياط وضباط آخرون في القيادة، حتى القيادة تقاسموها مصطفى حمدون كان تعين رئيس الشعبة الأولى اللي بتتعلق بالأفراد..
أحمد منصور (مقاطعا): مصطفى حمدون صاحب البيان رقم واحد الشهير من إذاعة حلب.
عبد الكريم النحلاوي: نعم، وأحمد عبد الكريم الشعبة الثالثة شعبة العمليات يعني من الطرف الآخر، نتيجة الصراع اللي صار ما بين الكتلتين تقاسموا وحدات الجيش بالشكل اللي ذكرته.
أحمد منصور: من الذي وزع هذه التقسيمة؟
عبد الكريم النحلاوي: هم فيما بينهم.
أحمد منصور: ألم يكن هناك وجود لرئيس الدولة ورئيس الأركان؟
عبد الكريم النحلاوي: هناك كان في عفيف البزري كان كقائد لذلك هو سوى الوضع نتيجة الصراع اللي صار وتقاسموا وحدات الجيش فيما بينهم، أمين الحافظ تعين مدير الكلية وأنا كنت آمر دورة في الكلية وبدأ الصراع داخل الكلية..
أحمد منصور: بينك وبين أمين الحافظ.
عبد الكريم النحلاوي: أمين الحافظ والضباط اللي عينوا في الدورة مدربين معي.
أحمد منصور: من أهم الضباط دول؟
عبد الكريم النحلاوي: الضباط كنعان حديد وصلاح نعيسة الاثنان اشتراكيون.
أحمد منصور: لكن اللي عينهم كان أمين الحافظ؟
عبد الكريم النحلاوي: عينهم مصطفى حمدون في القيادة رئيس الشعبة الأولى، طبعا أنا واجهت صعوبات من الأعلى ومن الأسفل.
أحمد منصور: ما أهم الصعوبات اللي واجهتها؟
عبد الكريم النحلاوي: الصعوبات التركيز على التدريب بعدين بالاجتماعات كان أمين الحافظ بين الحين والآخر يجمع الضباط، ضباط مدربين في الكلية وكان علنا يقول لنا أنا بدي كل حصة بالتدريس تخصصوا عشر دقائق لتدريس الاشتراكية، كنا نقول له..
أحمد منصور (مقاطعا): يعني هذه..
عبد الكريم النحلاوي: عالمكشوف.
أحمد منصور: أليست هذه دولة لها نظام لها رئيس دولة لها دستور حتى يأتي عميد الكلية الحربية ليفرض تدريس مناهج ليست موجودة على الطلبة؟
عبد الكريم النحلاوي: ما كانوا يتقيدون في النظام إطلاقا، كانوا يتجاوزون النظام في الموضوع الحزبي كانوا يتجاوزون النظام علنا عالمكشوف.
أحمد منصور: ما هي القوة اللي كانت وراءهم اللي تدفعهم إلى أن يتجاوزوا النظام؟
عبد الكريم النحلاوي: وراءهم ضباط وكان قادة بعض الوحدات المدرعة كان يصير صراع يعني الصراع موجود.
أحمد منصور: إيه أشكال الصراع ده؟
عبد الكريم النحلاوي: الصراع نفوذ، نفوذ بعض الضباط بعض وحدات مدرعة والطرف الآخر كمان عندهم هذا صار توازن ما بين الكتلتين لذلك بينما كان الضباط الحياديون في الجيش يشكلون 95% ولكن ما كان لهم دور لأنهم كانوا عسكريين فقط ملتفتين مهتمين بتدريب الجيش.
أحمد منصور: ولم يكونوا يشكلون قوة أو نفوذ..
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا.
أحمد منصور: تستطيع أن تقف أمام هؤلاء؟
عبد الكريم النحلاوي: أبدا.
أحمد منصور: الآخرون كانوا منظمين والمنظمون دائما بيستطيعوا يكون لهم تأثير.
عبد الكريم النحلاوي: منظمين ودائما محتاطين لبعضهم الطرفان.
أحمد منصور: أنت في هذا الوقت لم يكن لك أي انتماء سياسي؟
عبد الكريم النحلاوي: على الإطلاق.
أحمد منصور: ما هي الأسباب أو الأشياء التي أدت إلى وجود صراع بينك وبين أمين الحافظ والآخرين؟
عبد الكريم النحلاوي: لأن أمين الحافظ يريد أن نوجه الطلاب توجيها اشتراكيا..
أحمد منصور: في الكلية العسكرية الحربية.
عبد الكريم النحلاوي: في الكلية العسكرية وعلنا جمعنا وقال بوجود الضباط إنه أنا بأريد تخصصوا من كل حصة تدريس عشر دقائق لتدريسهم الاشتراكية، قلت له إيه نحن لازم نعمل دورة بالأول اشتراكية، لربما طلع طالب واجهنا وقال لنا إن الشيوعية أفضل من الاشتراكية، لازم أعرف أنا شو الحزبية أو شو هالمبادئ هذه، طبعا كان هو ما يلاقي جواب لهالموضوع هذا بعدين كان يركز عالناحية الدينية نحن عروبة ونحن يعني يتطرق لموضوع العروبة موضوع الإسلام كمان..
أحمد منصور: من أي زاوية كان يتطرق لها؟
عبد الكريم النحلاوي: يتطرق على أساس نحن عروبيون، قلت له طبعا نحن عروبيون ما مننكر أنه نحن عرب ولكن كمان إسلام، لولا الإسلام ما في عرب، كانوا محصورين في الجزيرة العربية يعني هذه من جملة النقاشات، ما يلاقي جواب، بعدين قلت له نحن عرب ونعتز بأنه نحن عرب وإنما لازم ننظر كمان لبقية الدول في قسم كبير ما هم عرب في شمال إفريقيا نصفهم بربر، في عنا بالعراق في كمان ملايين من الأكراد إذاً وقت مننظر لموضوع العروبة منلاقي في مقاومة من الجهات الثانية، بعدين نحن في الجيش..
أحمد منصور (مقاطعا): كان عندكم طلبة في الجيش غير مسلمين في الكلية؟
عبد الكريم النحلاوي: في طبعا مسموح لغير المسلمين، قلت له نحن قاعدين هون ندرس النواحي العسكرية المفروض فينا ما نتطرق للقضايا السياسية أو الاشتراكية، كان يفرض على أساس ندربهم قلنا له والله نحن غير قادرين على توجيههم اشتراكيا.
أحمد منصور: يعني هذا الأمر كان يناقش بشكل علني داخل الكلية الحربية ومن رئيس الكلية الحربية.
عبد الكريم النحلاوي: ومن رئيس الكلية العسكرية ومن بعض الضباط اللي كانوا في القيادة أيضا وكانوا يعلمون بهذا الموضوع.
أحمد منصور: لكن لم يتدخل أحد من أجل وضع حد لعدم نفوذ أو تدخل العسكريين في السياسة بل وطلب تدريس مبادئ الاشتراكية في الكلية الحربية؟
عبد الكريم النحلاوي: وزيادة على ذلك عندما رحنا لعيد الجلاء في سوريا بـ 17 نيسان..
أحمد منصور: سنة؟
عبد الكريم النحلاوي: سنة 1957 أعتقد، قابلت قائد الجيش وقتذاك عفيف البزري، الفريق عفيف البزري وكلمته بموضوع الحزبية أنه نحن في هالجيش مفروض.. رغم أنه قيل إنه شيوعي، قلت له هل تريد أن تنتشر الاشتراكية في الجيش؟ إذاً عم يبحثوا موضوع الاشتراكية ويشجعوا موضوع الحزبية في الجيش وقال لي بدك تطول بالك وهذا الموضوع نحن منحاول نحله في المستقبل، ولكن لم يستطع أحد أن يجرؤ على تغيير هذا المسار الاشتراكي أو الحزبي.
أحمد منصور: لماذا كان عفيف البزري ضعيفا أمامهم؟
عبد الكريم النحلاوي: عفيف البزري كان يترأس المجموعتين بنفس الوقت كان يناور ويوازن مثلما كان سلفه الزعيم شوكت شقير كان يوازن ما بين الكتل لأنه في توازن ما بين الكتل ما بيستطيع أن يميل لطرف دون طرف آخر.
أحمد منصور: لكن ألم يكن هذا أيضا يساعد أو يدفع كتلة من الكتل أن تقوم بانقلاب عسكري وتسيطر هي على السلطة؟
عبد الكريم النحلاوي: ما كانت تستطيع كتلة من الكتل إطلاقا أن تقوم بعمل ضد..
أحمد منصور (مقاطعا): لماذا؟
عبد الكريم النحلاوي: حاول مرة عبد الغني قنوت يحتل كتيبة أحمد حنيدي في قطنا والكتلتين في معسكرات قطنا ولكن عندما احتل الكتيبة تبعه وعمل استنفار في الكتيبتين سيطر على قطنا أقدم أحد الضباط الموالين لأحمد حنيدي وهو طعمة العطالله وكان بسعسع قريب القنيطرة أخذ كتيبته وتقدم باتجاه قطنا من أجل إعادة الكتيبة لأحمد حنيدي، هالصراع هذا حصل في سنة 1957 إلا أنه تدخل وقتها أمين نفوري وبعض الضباط لحل هذا الإشكال وعلى أثر هذا الصراع جرى توزيع مناصب الجيش ما بين الكتلتين أمين الحافظ مدير كلية وحسن حدة -كمان اشتراكي- مدير مدارس الرتباء، وفيق إسماعيل قائد كلية ضباط الاحتياط ومصطفى حمدون رئيس الشعبة الأولى يعني هذا الوضع اللي كان هذا الواقع اللي كان في الجيش.
أحمد منصور: أين كان رئيس الجمهورية شكري القوتلي وأين كان رئيس الوزراء صبري العسلي؟
عبد الكريم النحلاوي: رئيس الجمهورية أو الحكومة ليس لهم علاقة إطلاقا في تدخلهم في الجيش ما كان له أي علاقة في الجيش.
أحمد منصور: أمال علاقته بإيه بيدير إيه؟ إذا الجيش القوة الرئيسية في البلد والتي من المفترض أن العسكريين دائما يأخذون أوامرهم من السياسيين.
عبد الكريم النحلاوي: ما كان بإمكانه من سنة الانقلاب الأول حسني الزعيم حتى قيام الوحدة لم يستطع أحد من الضباط أو من السياسيين أن يتدخل في أمور الجيش.
أحمد منصور: من الذي كان يعين رئيس الأركان؟
عبد الكريم النحلاوي: رئيس الأركان بقي فترة طويلة شوكت شقير يتوازن بينهم حتى صار في خلل بالموضوع وتمكن وزير الدفاع من إقالة شوكت شقير وتعيين العميد أو الزعيم توفيق نظام دين.
تأثير التكتلات والتوجهات الحزبية والصراعات في الجيش
أحمد منصور: في حادثة مشهورة في هذا الموضوع، وزير الدفاع خالد العظم هو الذي جمعهم في بيته وكان حصل صراع أيضا ما بين مجموعة من الضباط وقوى تحركت وكذا وهو الذي قام بهذا الترتيب.
عبد الكريم النحلاوي: ما كنت على علم بها، كنت في الكلية الحربية.
أحمد منصور: باتريك سيل في صفحة 417 من كتابه "الصراع على سوريا" يقول "في أوائل يناير/ كانون الثاني في العام 1958 جرت حادثة داخل الجيش السوري كان لها أثر كبير في دفع الضباط للوحدة هي أن ضابطين كبيرين تضاربا ورفع كل منهما السلاح في وجه الآخر لكن لم تطلق طلقة وإنهم ارتضوا حكم القائد العام المصري للقوات المسلحة المشير عبد الحكيم عامر وكان هذا سببا رئيسيا في قيام 14 ضابطا على رأسهم رئيس الأركان السوري عفيف البزري في الذهاب إلى القاهرة دون علم الرئيس السوري أو رئيس الوزراء أو وزير الدفاع.
عبد الكريم النحلاوي: أعتقد حصل هالشيء هذا في 20/1/1958 بعد ما صار هالشجار هذا الموجود ذهب الضباط، 14 ضابطا من الكتلتين إلى مصر وبقيوا 48 ساعة حتى استقبلهم عبد الناصر..
أحمد منصور: هم ذهبوا في 12 كانون الثاني/ يناير.
عبد الكريم النحلاوي: 12 كانون الثاني، في الشهر الأول.
أحمد منصور: وعبد الناصر لم يقابلهم إلا في 14.
عبد الكريم النحلاوي: بعد 48 ساعة بعد يومين استقبلهم عبد الناصر ورحب بهم وبدؤوا مشاوراتهم في موضوع الوحدة.
أحمد منصور: لكن قبل الوحدة حصلت حادثة مهمة جدا هي أنه في 18 نوفمبر 1957 وصل إلى سوريا وفد من مجلس الأمة المصري يرأسه أنور السادات نائب رئيس المجلس ودعا السادات للوحدة الفورية بين مصر وسوريا.
عبد الكريم النحلاوي: في سنة 1957.
أحمد منصور: 18 نوفمبر 1957.
عبد الكريم النحلاوي: قبل مجيء أنور السادات زار المشير عامر في عام 1956 سوريا وكان في القيادة المشتركة وتعين فيها العميد عبد المحسن أبو النور -ضابط مصري- قيادة مشتركة ما بين الجيشين.
أحمد منصور: لكن كان قبله جمال حماد.
عبد الكريم النحلاوي: جمال حماد ملحق عسكري.
أحمد منصور: وكان أيضا قائدا للقيادة المشتركة فترة ثم جاء بعده عبد المحسن أبو النور.
عبد الكريم النحلاوي: جاء بعده عبد المحسن أبو النور، في سنة 1957 أعتقد في 26/ 10 سنة 1957 زار سوريا أنور السادات رئيس مجلس الشعب..
أحمد منصور: 18 نوفمبر 1957.
عبد الكريم النحلاوي: وألقى خطابا في البرلمان السوري ودعا فيه إلى الوحدة.
أحمد منصور: أكرم الحوراني في صفحة 2484 من مذكراته يقول إنه بعد زيارة الوفد البرلماني المصري لسوريا إن مجلس الأمة السوري قرر في 21 ديسمبر 1957 رفع العلم المصري إلى جوار العلم السوري في مجلس النواب لحين تنفيذ قرارات الوحدة، يعني لم يكن الضباط ذهبوا إلى مصر ولم يكن أي مباحثات رسمية تمت ولكن بعد أن دعا السادات إلى الوحدة في مجلس الأمة السوري قرروا رفع العلم المصري إلى جوار العلم السوري في مجلس الأمة حتى تتم المباحثات وتتم..
عبد الكريم النحلاوي: ما عندي علم بهالموضوع.
أحمد منصور: لكن الآن إذا رجعت إلى قضية الضباط وزيارة الضباط إلى مصر، ضباط الجيش السوري هؤلاء -وأنت أشرت إلى الصراعات التي كانت قائمة بينهم- أسسوا ما أطلق عليه مجلس القيادة وكان يتكون من 27 ضابطا. كان عندك علم بمجلس القيادة؟
عبد الكريم النحلاوي: عندي علم، أعتقد 24 ضابطا أو 27 ضابطا، إيه نعم..
أحمد منصور: إيه طبيعة دور مجلس القيادة؟
عبد الكريم النحلاوي: على أساس يتفاهموا مع بعض لأنه منهم اشتراكيون ومنهم حياديون ومنهم شيوعيون هالكتل هذه على أساس يزيلوا هالخلاف هذا بتحقيق الوحدة يعني أولا لإزالة هذا الصراع وبنفس الوقت كان عندهم ميل لتحقيق الوحدة من الناحية الوطنية.
أحمد منصور: الوحدة الداخلية؟
عبد الكريم النحلاوي: على أساس أنه عندهم رغبة جميع الضباط وجميع الشعب في سوريا كان عندهم ميل لتحقيق هذه الوحدة.
أحمد منصور: يقال إن الـ 27 ضابطا كانوا ينتمون إلى كل وحدات الجيش السوري وكانت لهم انتماءات سياسية متباينة وبينهم بعض المستقلين.
عبد الكريم النحلاوي: ما كانوا يمثلون مختلف الجيش إطلاقا.
أحمد منصور: من الذي جمع هؤلاء الـ 27؟
عبد الكريم النحلاوي: جمعهم الظروف اللي جمعتهم والقوات أو الوحدات اللي كانوا يقودونها يعني كانت قوتهم تنبع من الوحدات التي يقودونها خاصة الكتلتين الكتلة الاشتراكية وكتلة الحياديين والوحدات الأساسية اللي كانوا يتقوون فيها هي وحدات المدرعات.
أحمد منصور: بعدما أبعد توفيق نظام الدين من رئاسة الأركان وتكليف عفيف البزري بذلك هو الذي أسس هذه الكتلة عفيف البزري أم أنه وجد نفسه مضطرا إليها؟
عبد الكريم النحلاوي: عفيف البزري لعب دورا كبيرا في توحيد هذه المجموعات والاتجاه نحو مصر برغم كل ما قيل عنه بالتوجه اليساري.
أحمد منصور: ورغم أن عبد الناصر سبق أن هاجمه واتهمه بأنه شيوعي ويريد أن يعمل انقلابا في سوريا ويحولها لدولة شيوعية؟
عبد الكريم النحلاوي: لا أعلم أنه في هذا..
أحمد منصور: في الأهرام نشر هذا الأمر في الأهرام وأنا أشرت إليه في حلقة سابقة.
عبد الكريم النحلاوي: لا أعتقد، غير صحيح، هذا الخبر غير صحيح.
أحمد منصور: غير صحيح أن البزري كان شيوعيا؟
عبد الكريم النحلاوي: لم يتهم عفيف البزري بأنه شيوعي إلا بعد أن عزل من الجيش في الشهر الأول من الوحدة.
أحمد منصور: هل كان مجلس القيادة هذا يشكل في حقيقته وصاية من الضباط ومن قيادة الجيش على سوريا وعلى السياسيين السوريين؟
عبد الكريم النحلاوي: يعني كان فرضوا قوتهم على الجيش والضباط كلهم انصاعوا لهم لأنه ما بتستطيع أي كتلة غيرهم أن يقوم بأي عمل ضدهم.
أحمد منصور: عبد المحسن أبو النور الملحق العسكري المصري تحدث في فصل كامل من مذكراته عن الطريق إلى الوحدة والاجتماعات التي كان يعقدها مع مجلس القيادة وفي صفحة 108 من كتابه ينقل عن المقدم أمين الحافظ الذي كان أحد أعضاء القيادة الـ 27 وكان عميد الكلية الحربية الذي كنت أنت..
عبد الكريم النحلاوي: مدير الكلية الحربية.
أحمد منصور: كان مدير الكلية الحربية التي كنت أنت آمر الدورة العسكرية فيها دورة الضباط فيها، أن أمين الحافظ في أحد الاجتماعات قال له إذا أمرني جمال عبد الناصر بضرب دمشق بالقنابل فلن أتردد في ذلك.
عبد الكريم النحلاوي: جميع الضباط حزبيين أو حياديين كانوا مندفعين لتحقيق الوحدة، هذا الواقع، عن وطنية وعن إخلاص من طرف ومن طرف آخر للتخلص من موضوع الصراع اللي كان موجودا لدى الأطراف.
أحمد منصور: هل إلى حد أنه إذا عبد الناصر أمرهم أن يضربوا دمشق بالقنابل يضربوها؟
عبد الكريم النحلاوي: هذا كلام.. كلام فارغ يعني منقدر نقول.
أحمد منصور: أنا سجلت مع أمين الحافظ وكنت ألاحظ اندفاعه ويعني ثوريته في هذا الأمر. لو عدت إلى الدورة الأخيرة من الضباط والصراع بينك وبين.. قبل أن.. طبعا الوحدة تمت وأنت لا زلت في الكلية الحربية ولا زلت كنت تقوم بعملك وأمين الحافظ كان لا زال مديرا للكلية الحربية، هل بعد الوحدة أيضا استمر بينكم الاحتكاك؟
عبد الكريم النحلاوي: هون وقع حادث في الكلية، كان معاون مدير الكلية ضابطا مصريا اسمه أمير الناظر..
أحمد منصور: ده عين بعد الوحدة.
عبد الكريم النحلاوي: بعد الوحدة وبعد فترة من الزمن حصل خلاف ما بين أمين الحافظ وأمير الناظر اشتد هذا الخلاف، ترك أمير الناظر الكلية وذهب إلى القيادة بالشام في دمشق ويشرح لهم أسباب الخلاف بينه وبين أمين الحافظ، القيادة شكلت لجنة من اللواء باسيل صوايا ومن العميد نامق كمال ومن حسني عبد المجيد مدير مكتب الاتصال -مصري- للتحقيق في موضوع الخلاف باعتبار أن الوحدة كانت جديدة بين مصر وسوريا، وجدوا على أن أمين الحافظ كان يتصرف تصرفا متطرفا باتجاه الناحية الحزبية ويحاول أن يشجع الطلاب للانتماء إلى الحزب الاشتراكي، هذا من جملة الأمور، طبعا وصار في اصطدام بيني وبينه كمان بهذا المجال.
أحمد منصور: ما طبيعة الاصطدام؟
عبد الكريم النحلاوي: الاصطدام هو على أساس يريد الطلاب أن يكونوا اشتراكيين يعني.
أحمد منصور: يعني أنت بقيت طوال الدورة على صراع معه.
عبد الكريم النحلاوي: بعدين حتى الوحدة صارت كان انتقال من صف لصف من السنة الأولى للسنة الثانية للطلاب بيصير في تخصص بالمدفعية أو بالمدرعات أو بالمشاة، طبعا بتروح لائحة بالطلاب حسب رغبتهم وحسب الأقدمية يعني الطالب بيضع اسمه حسب الأقدمية وحسب الرغبة للسلاح اللي بيرغب أن يتخصص فيه، طبعا أمين الحافظ ما تقيد بهالنظام هذا المعمول من القيادة وإنما أرسل لائحة معظم طلابها من الاشتراكيين حتى يروحوا للمدرعات، القيادة اللي كان فيها أحمد عبد الكريم رئيس شعبة العمليات علم بهذا الموضوع وصار خلاف فيها وعمل تسوية صار في تسوية بتوزيع الطلاب على الاختصاصات المدفعية والمدرعات والمشاة، هذه بدايتها وشعروا على أنه ما زال الحزب الاشتراكي بيريد يعمل دعاية أو تسييس الجيش من عناصره.
أحمد منصور: هل هذا هو الذي دفع جمال عبد الناصر بعد الوحدة إلى إغلاق الكلية العسكرية في حمص وألا يسمح لأي طالب سوري بالدراسة في سوريا وإنما من أراد أن يلتحق بالكلية الحربية أو العسكرية فعليه أن يذهب إلى مصر؟
عبد الكريم النحلاوي: نتيجة الخلافات وإعلان الوحدة ارتأت القيادة المصرية أن تندمج الكليتان بكلية واحدة لأنه كان يوجد خلاف كلي وجوهري بين نظام الكلية في سوريا ونظام الكلية في مصر.
أحمد منصور: ما هي أهم الخلافات التي كانت بينهما؟
عبد الكريم النحلاوي: خلافات جوهرية ممكن نشرحها مستقبلا عندما أقدم الطلاب السوريون على الإضراب وبقوا ثلاثة أيام بالكلية ما التحقوا بالدراسة.
أحمد منصور: الآن صلاح نصر، أنت حدثتني عن وجود كتلتين فقط في الجيش تشكل منهما مجلس القيادة وهما كتلة الاشتراكيين وكتلة الحياديين، ولكن صلاح نصر في صفحة 55 من الجزء الثاني -صلاح نصر رئيس المخابرات المصرية آنذاك- في الجزء الثاني من مذكراته يقول "بعد سقوط الشيشكلي كان هناك أربع كتل رئيسية في الجيش السوري هي كتلة ضباط البعث وكتلة الضباط المستقلين وكتلة الضباط الشوام -أي الدمشقيين كان الضباط الشوام وأنت من الدمشقيين يعني- وكتلة بقايا أديب الشيشكلي"، هل بقي هذا الوضع على ما هو عليه حتى قيام الوحدة؟
عبد الكريم النحلاوي: هذا التقسيم أعتقد غير صحيح كان وغير مقبول إطلاقا لأن الجيش كان فيه كتلتان رئيسيتان وهما كتلة الحياديين والكتلة الاشتراكية وبعض الضباط الشيوعيين ما بيشكلوا كيانا قويا في الجيش، وإنما الكتلة اللي دعاها صلاح نصر على أنهم الضباط الشوام عبارة عن ثلاثة ضباط موجودين معزولين بنفسهم يقودهم أكرم ديري ولم يكن في ذلك الوقت أي كتلة للشوام.
أحمد منصور: لكن كان بيثار دائما الكلام حول كتلة الضباط الشوام وأنهم الأكثر تأثيرا في الجيش وأنهم كانوا يشكلون الكتلة الأكبر أيضا من عدد ضباط الجيش.
عبد الكريم النحلاوي: ضباط الجيش من دمشق كانوا يشكلون 40% إلى 50% من ضباط الجيش..
أحمد منصور: في هذا الوقت.
عبد الكريم النحلاوي: لذلك صار التركيز عليهم وإذا بدنا نبدأ نتكلم عن ضباط دمشق أو الضباط الشوام كانوا أقل ضباط الجيش انتسابا للأحزاب والتدخل في السياسة.
أحمد منصور: معنى ذلك أنهم كانوا يشكلون النسبة الأكبر من الضباط المستقلين في مجلس القيادة؟
عبد الكريم النحلاوي: لا، إطلاقا.
أحمد منصور: رغم أنهم كانوا يشكلون حوالي 45%؟
عبد الكريم النحلاوي: إطلاقا، كان ما في منهم غير أكرم ديري فقط وكان يبتعد على أنه هو ما من دمشق هو من المزة من ضاحية دمشق.
أحمد منصور: لكن أنت تحدثت عن الضباط المستقلين وقلت إنهم كانوا يشكلون النسبة الأكبر.
عبد الكريم النحلاوي: يشكلون النسبة الأكبر بالنسبة لقيادتهم يعني هم أما مو بالنسبة للجيش، قطعات الجيش كانوا مستسلمين كنظاميين ينقادون للقيادة بس هم اللي كانوا عم يتزعموا ويتصرفوا بالجيش كما يشاؤون.
أحمد منصور: من بين الـ 27 ضابطا الذين كانوا في القيادة لم يكن من الدمشقيين أو الشوام إلا عدد قليل جدا؟
عبد الكريم النحلاوي: والله أنا لا أذكر إلا أكرم ديري منهم، ما بأعرف بيجوز يلتقى غيره أما ما في ضباط من دمشق إلا أكرم ديري كان وإنما معظمهم كان من دير الزور ومن حماة أكثرهم كمان وفي من حلب وفي من دير الزور نعم يعني ما كان من دمشق إلا أكرم ديري موجودا.
أحمد منصور: باتريك سيل في كتابه "الصراع على سوريا" صفحة 416 يقول "إن جميع الضباط لم يكونوا من أنصار الوحدة الغيورين بل كان الاتحاد مع مصر يبدو في نظرهم كأفضل ضمانة لاستمرار حكمهم للبلاد وبات كثير منهم يؤمنون بأن الاتحاد سوف يشجعهم على تأسيس مجلس للثورة على غرار النسق المصري مجلس قيادة الثورة في مصر"، هل كان هذا موجودا لدى الضباط هؤلاء الذين كانوا يتصارعون بدل ما هم 27 ضابطا ويشكلون مجلس قيادة يصبحون مجلس قيادة ثورة وتصبح هناك مع الوحدة مع مصر نظام شبيه بهذا؟
عبد الكريم النحلاوي: الأحداث اللي مرت بعد قيام الوحدة تشير على أن الضباط الاشتراكيين استمروا في نشاطهم الحزبي رغم أنه انتدب عدد كبير منهم إلى مصر وظهر نشاطهم عندما أحيل بعض الوزراء إلى خارج الحكم منهم أكرم الحوراني وصلاح البيطار ومصطفى حمدون وعبد الغني قنوت خارج الحكم بدأ الضباط اللي كانوا منتدبين في مصر يقومون بنشاط من أجل استعادة نفوذهم في الجيش.
[فاصل إعلاني]
إرهاصات الوحدة ودوافعها لدى الضباط السوريين
أحمد منصور: ألم يكن تسرع ضباط القيادة في الذهاب إلى مصر من أجل طلب الوحدة هو نوع من الهروب من الصراعات اللي كانت موجودة بينهم؟
عبد الكريم النحلاوي: ذهابهم للقاهرة كان لسببين، السبب الأول للتخلص من الصراع اللي كان موجودا بيناتهم والسبب الثاني كان شعورهم الوطني بيريدوا تحقيق الوحدة مع مصر كقوة لسوريا.
أحمد منصور: لكن أنا سجلت مع أمين الحافظ شهادته على العصر وهو كان أحد هؤلاء الضباط وروى كيف أن الاجتماع حينما بدأ لم يكن هناك أي تخطيط في أن يكون نهاية هذا الاجتماع الذهاب إلى مصر وإنما سهروا الضباط شربوا دماغهم سلطن زي ما بيقولوا أخذوا القرار بتاعهم أخذوا طيارة وطلعوا، لا أبلغوا رئيس الدولة ولا وزير الدفاع ولا رئيس الوزراء!
عبد الكريم النحلاوي: الضباط كانوا يتصرفون كما يشاؤون وبنفس الوقت هم اللي كانوا يحددون موضوع الحكم يعني يتدخلون في موضوع الحكم باستمرار لذلك وقت صار هالصراعات هذه الحكومة كانت على اطلاع ولكن لا تستطيع أن تتدخل فيما بينهم يعني كان الضباط يعملون كما يشاؤون بالجيش وبالبلد.
أحمد منصور: عبد المحسن أبو النور الملحق العسكري المصري في سوريا في صفحة 111 من مذكراته يقول إنه التقى رئيس الأركان عفيف البزري صباح يوم 11 يناير 1958 ولم يفاتحه البزري على الإطلاق بخصوص مذكرة ضباط القيادة التي أعدوها من أجل الوحدة لكن البزري رد على اتهام الضباط له بأنه يعمل على تأجيل الوحدة الفورية بأن جمعهم مساء يوم 11 يناير وبعد نقاشات فضلت إلى وقت متأخر قرر التوجه فورا في طائرة عسكرية إلى مصر وطلب من عبد المحسن أبو النور إبلاغ القيادة المصرية أنهم في الطريق وتركوا أحد زملائهم حتى يبلغ رئيس الوزراء ورئيس الدولة ووزير الدفاع بهذا القرار صباحا.
عبد الكريم النحلاوي: في مغالطات كثير بمذكرات بعض الإخوان والذي أعرفه أنا أن وفد الضباط ذهب إلى مصر وبقي 48 ساعة لحتى استقبلهم عبد الناصر وعندما استقبلهم صار في كمان حوار بيناتهم بعدين عبد الناصر اشترط عليهم شرطين فقط، أولا حل الأحزاب السياسية، ثانيا عدم تدخل الجيش في السياسة.
أحمد منصور: عبد الحكيم عامر التقى بالوفد في 13 يناير وعبد الناصر قابلهم مساء 14 و15 يناير وطلب منهم موافقة الحكومة ورئيس الدولة على المذكرة التي حملوها إليه بشأن الوحدة لأنهم حملوها كضباط فعبد الناصر قال لهم فين رئيس الدولة وفين رئيس الحكومة؟ واشترط عليهم أن الجيش طبعا لا يتدخل في السياسة وأن كل الأحزاب تحل.
عبد الكريم النحلاوي: أعتقد هذا غير صحيح لأن شكري القوتلي كرئيس جمهورية أرسل وفدا إلى عبد الناصر..
أحمد منصور (مقاطعا): بعد ذلك.
عبد الكريم النحلاوي: (متابعا): أعتقد في 25/1 برئاسة صلاح البيطار وزير الخارجية وأحمد قمبر وزير الداخلية بمشروع اتحاد فيدرالي..
أحمد منصور: هذا كان بعد..
عبد الكريم النحلاوي: (متابعا): وإنما عبد الناصر رفض هذا المشروع وطلب على أساس أن تكون الوحدة فورية.
أحمد منصور: خالد العظم وزير الدفاع آنذاك ورئيس وزراء سوريا لخمس مرات في صفحة 128 من الجزء الثالث من مذكراته يقول إن مجلس الوزراء كان بينظر إلى أمر الوحدة بتمهل ودراسة وإنهم أوفدوا صلاح البيطار وزير الخارجية إلى مصر لبحث الأمور مع عبد الناصر والسفير المصري محمود رياض كان بينقل كثيرا من الأشياء إلى عبد الناصر وأبلغ رئاسة الوزراء أن الأمر.. أو أبلغ خالد العظم أن الأمر بحاجة إلى دراسة. كيف كان السياسيون يفكرون في الوحدة وكيف كان العسكريون يفكرون فيها في سوريا آنذاك؟
عبد الكريم النحلاوي: العسكريون تجاوزوا موضوع السياسيين إطلاقا ولم يهتموا برأي السياسيين وإنما وضعوا عبد الناصر ووضعوا البلد والسياسيين تحت الأمر الواقع، الوحيد من السياسيين اللي كان لا يرغب بتحقيق الوحدة مباشرة وإنما اتحاد فيدرالي هو خالد العظم.
أحمد منصور: أوضح خالد العظم هذا يشكل مفصل في مذكراته وقال كيف أنه كان مجلس الوزراء يعني يطلب من الناس التمهل يطلب من الناس أن الأمور لا تتم في يوم وليلة ولكن لم يكن يسمع إليه أحد.
عبد الكريم النحلاوي: نعم.
أحمد منصور: هنا عندي سؤال مهم، أن الخرق اللي قام به الضباط في أنهم قاموا بأخذ طائرة والذهاب إلى مصر دون إذن من رئيس الجمهورية ولا رئيس الوزراء ولا وزير الدفاع ولا علم أحد منهم لم يحاسبهم أحد من القيادة السورية السياسية على ما قاموا به؟!
عبد الكريم النحلاوي: المفروض كان بالرئيس عبد الناصر عندما استقبلهم ألا يقبل استقبالهم بدون الجهاز السياسي، رئيس الجمهورية والحكومة والبرلمان، كيف وافق عبد الناصر عليهم ووضع عليهم شرطين لقبول الوحدة بحل الأحزاب السياسية وإبعاد الجيش عن السياسة؟ إذاً معناتها أنه كان متفقا معهم على هذه الشروط وعندما عاد الوفد العسكري إلى سوريا تقدم أمين نفوري، العميد أمين نفوري من الجيش وهو من الكتلة الحيادية بمذكرة إلى رئيس الجمهورية شكري القوتلي يعرض عليه المشروع اللي اتفقوا فيه الضباط مع الرئيس عبد الناصر، شكري القوتلي استغرب قال لهم كيف هذا بيصير ونحن موجودين كدولة هون؟ قال لهم هذا يعتبر كإنقلاب، بهاللفظ هذا، وانتهى الموضوع عند هالحد.
أحمد منصور: ألم يكن هذا يعتبر انقلابا أيضا؟ ألم يكن ما قام به الضابط دون إذن من السياسيين ودون وضع أي اعتبار لهم، حتى أنني وجدت خالد العظم كوزير للدفاع يقول في مذكراته إنه حينما قابل أمين نفوري قال له أما كان الأولى بكم أن تخبروا حكومتكم وتدرسوا الأمر قبل أن تذهبوا للقاهرة؟ فالنفوري قال له بلا مبالاة هذا ما حدث!
عبد الكريم النحلاوي: الفكرة كانت بالنسبة لبعض الضباط أنه إذا بدهم يلجؤوا للحكومة أو رئيس الجمهورية من أجل مفاوضات لعمل وحدة بيقولوا لك كان بده يطول الوقت وتأخذ فترة طويلة المناقشات والاجتماعات وما بيصلوا لنتيجة لذلك العسكريون الضباط وضعوا السياسيين تحت الأمر الواقع.
أحمد منصور: الاتحاد الأوروبي أربعين سنة إلى ما وصل إليه لأن أمور الوحدات بين الدول لا تقوم بهذه الطريقة الهوجاء.
عبد الكريم النحلاوي: في فرق كبير ما بين الاتحاد الأوروبي وما بين الأمة العربية.
أحمد منصور: وزير الدفاع خالد العظم يقول إنه حينما رجع الوفد من مصر قابل وزير الدفاع ورئيس الأركان عفيف البزري فقال له أما كان الأولى أن تتمهلوا وأن تخبروا حكومتكم قبل أن تقوموا بهذا الأمر فقال له لم يكن لدينا وقت لنراجع الحكومة.
عبد الكريم النحلاوي: صحيح.
أحمد منصور: كيف كان العسكر بيديرون البلد؟
عبد الكريم النحلاوي: كانوا هم يديرون البلد وهم مسيطرين على البلد.
أحمد منصور: بأي عقلية كانوا يديرون البلد؟
عبد الكريم النحلاوي: هذا الواقع اللي كانت تعيش فيه سوريا بين الجهاز العسكري والجهاز السياسي.
أحمد منصور: لكن في علامات استفهام كثيرة حول ما حدث في تلك الليلة، ليلة 12 يناير 1958 حينما التقى الضباط وقضوا الليلة ويقال إن هناك صراعات دارت بينهم حتى أني وجدت خالد العظم في صفحة 127من الجزء الثالث من مذكراته يقول "لم نكن ندري ما دار بين الضباط في تلك الليلة"، هل جمعت معلومات، عرفت من خلال وضعك؟
عبد الكريم النحلاوي: لم يكن لدي معلومات عن هذا الحادث لأني كنت آمر دورة في الكلية الحربية منصرفا بكليتي لتدريب الطلاب.
أحمد منصور: لم يترام إلى مسامعك بعد ذلك -لا سيما وأنك قضيت فترة طويلة في وزارة الدفاع- من التفصيلات من بعض الذين حضروا؟
عبد الكريم النحلاوي: كنا نسمع دائما عن صراعات موجودة ما بين الكتل وما بين السياسيين وما كان في وفاق إطلاقا ما بين السياسيين والعسكريين.
أحمد منصور: هل بلغك أن أحدا من هذه القيادات قد رفع مسدسه على الآخر في تلك الليلة ومن ثم قرروا الذهاب إلى مصر كنوع من الهروب والخروج من المأزق القائم بينهم؟
عبد الكريم النحلاوي: ما عندي علم بهالموضوع.
أحمد منصور: رئيس الدولة شكري القوتلي وجد نفسه أمام أمر واقع، رئيس الوزراء صبري العسلي وجد نفسه أمام أمر واقع، وزير الدفاع خالد العظم وجد نفسه أمام أمر واقع وقرروا أن يقبلوا الوحدة، هل كان هذا عن قناعة أم اضطرارا؟
عبد الكريم النحلاوي: أعتقد أن السياسيين السوريين جميع الشعب السوري قيادة حكومة وبرلمانا وشعبا كان يريد الوحدة مع مصر لأنها قوة لسوريا وكان عبد الناصر كزعيم للأمة العربية ممكن أن يحقق الوحدة مع سوريا ومع دول عربية أخرى لذلك كان حماس الضباط وحماس السياسيين مندفعا ولكن السياسيين يختلفون عن العسكريين، السياسيون بدهم التروي ونتيجة اجتماعات ومناقشات مع المصريين من أجل الوصول إلى الوحدة بينما العسكريون لم ينتظروا هذه الفترة خوفا من أن لا تتحقق الوحدة، إذا بدهم ينتظروا اجتماعات ومناقشات وجدلا ما ممكن تتحقق الوحدة.
أحمد منصور: هل الوحدة دي قضية لعبة قضية حاجة تتعمل في يوم وليلة زي ما اتعملت؟!
عبد الكريم النحلاوي: حماس وشعور وطني لا أكثر ولا أقل.
بدايات الوحدة والشروط التي قامت عليها
أحمد منصور: خالد العظم يقول في صفحة 136 من الجزء الثالث من مذكراته أثناء النقاش في مجلس الوزراء ما كانش الأمر مقتصرا على العسكريين فقط اللي كانوا مندفعين بهذه الطريقة تجاه الوحدة ولكن كان هناك ما سماهم بعلماء الوزراء، الحوراني والعسلي والكزبري والكيالي ورئيس الأركان البزري الذي كان يقول إن لم تقم الوحدة الآن فإن سوريا تحت الخطر.
عبد الكريم النحلاوي: زعماء الأحزاب أكرم الحوراني وجماعته كانوا يتوقعون من قيام الوحدة مع مصر على أساس يكون لهم دور سياسي يلعبون فيه في سوريا يكونوا وكلاء عن عبد الناصر في حكم سوريا.
أحمد منصور: كثير من المراجع مثل مطيع السمان ومثل آخرين ممن كتبوا قالوا إن الحوراني كان يتوقع من وراء هذه الوحدة أن جمال عبد الناصر سوف يختاره رئيسا على القسم الشمالي أو على سوريا.
عبد الكريم النحلاوي: كل الاحتمالات واردة ولذلك أنه وقت تحققت الوحدة عين أكرم الحوراني نائب رئيس الجمهورية.
أحمد منصور: لكن أيضا عبد اللطيف البغدادي في الجزء الثاني من مذكراته يقول إنه قال لعبد الناصر لم لا تعين أكرم الحوراني رئيسا للقسم الشمالي في سوريا؟ لأنه عرض الأمر في الأول على عبد اللطيف بغدادي فقال له إن شعبية الحوراني وحزبه لا تزيد عن 10% فقط، هل كان هذا صحيحا؟
عبد الكريم النحلاوي: صحيح، لا يتجاوز العشرة وأقل كمان من ذلك.
أحمد منصور: بعد هذه الصورة ما بين السياسيين وما بين العسكريين ما بين هذه الطريقة التي تمت بها قضية الوحدة بدون أي دراسة بدون أي ترتيب بدون.. اندفاعة، ما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت هؤلاء إلى التسرع في الوحدة وإعلانها بهذه الطريقة؟
عبد الكريم النحلاوي: ذكرت أنه سببان، السبب الأول إزالة الخلاف والصراع الموجود ما بين الكتل ولا ينتهي إلا بطرف ثالث يضمهما وينهي هذا الصراع.
أحمد منصور: يعني كانت قضية هروب من الصراع.
عبد الكريم النحلاوي: هروب من الصراع والسبب الثاني هو الناحية الوطنية والشعور الوطني أعتقد الشعور الوطني اللي كان لكل إنسان ولكل فرد من الشعب السوري بيريد الوحدة مع مصر.
أحمد منصور: عبد الناصر أيضا اشترط عليهم أثناء التفاوض في تلك الفترة -لأن كان وزير الخارجية البيطار يذهب إلى مصر بشكل دائم وكان مجلس الوزراء يتناقش على مدى 15 يوما في هذا الموضوع- أن يكون نظام الحكم رئاسيا، خالد العظم يقول أنا اعترضت لأن النظام الرئاسي معناه نظاما دكتاتوريا إستبداديا لم نكن متعودين عليه في سوريا.
عبد الكريم النحلاوي: خالد العظم هو السياسي الوحيد اللي رفض موضوع الوحدة الفورية، حتى بعد الوحدة أرسلنا وفدا إلى الاتحاد السوفياتي من أجل الأسلحة واجتمعوا مع الرئيس خروتشوف وأثناء الحديث مع وزير الدفاع آنذاك وبعض الضباط من أجل التسليح قال لهم خروتشوف إنني أنا نصحت وقت اجتمعت مع عبد الناصر قبل إعلان الوحدة قال له الأفضل لو أنك تحقق اتحادا فيدراليا لأنه في خلاف بين المجتمعين المجتمع المصري والمجتمع السوري في تباين كبير من الناحية الاقتصادية الناحية الثقافية الناحية الإعلامية، ممكن تدريجيا كنت تصل للوحدة ولكن بعد ما يصير في صهر ما بين الشعبين والبلدين. لم يقبل بنصيحة خروتشوف وأقدم على الوحدة الفورية وحصل ما حصل في النهاية.
أحمد منصور: عبد الناصر وضع شروطا قاسية كما أشرت أنت وكما ذكر عبد اللطيف البغدادي في صفحة 37 من الجزء الثاني من مذكراته وصلاح نصر رئيس المخابرات المصرية في صفحة 80 من الجزء الثاني أيضا من مذكراته وقال، إلغاء كل الأحزاب في سوريا، ابتعاد ضباط الجيش عن ممارسة السياسة.
عبد الكريم النحلاوي: نعم هدول الشرطان الأساسيان.
أحمد منصور: حل كل الأحزاب السياسية في سوريا وسوريا بلد قائمة على التنوع السياسي وعلى الأحزاب منذ الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات كانت فترة فيها تشكيلات كبيرة، النقطة الثانية أن أصلا العسكر من سنة 1949 أنت قلت إنهم كانوا مستمتعين بأنهم كانوا يتدخلون في السياسة، هل قبل العسكر هذه الشروط كنوع من التقية كما يقال أم أنهم كانوا على قناعة بأن يبتعدوا عن السياسة وأن تحل كل الأحزاب؟
عبد الكريم النحلاوي: أعتقد بأن معظمهم كانوا على قناعة وعلى اندفاع من أجل تحقيق الوحدة والابتعاد عن جميع هذه الصراعات يعني كانت عن محبة واندفاع كامل لتحقيق هذه الوحدة، الجميع بما فيهم الحزبيون.
أحمد منصور: قد يكون هذا مقبولا للعسكر يقولون كما يشاؤون ولكن أليس معنى إلغاء الأحزاب في سوريا في بلد قائمة على التعدد على الديمقراطية على الحرية على حرية الصحافة على أن كل واحد كان يستطيع أن يقول لرئيس الجمهورية ما يشاء، رئيس الجمهورية كما قلت أنت يسكن في شقة مستأجرة ولم يكن يقف على بابه إلا حارس واحد في النهار فقط وبالليل يروح ورئيس الجمهورية زيه زي أي واحد، كان قبول هذا الأمر بإلغاء الأحزاب والحرية والديمقراطية أما كان معناه وضع سوريا كلها تحت نظام أحادي إستبدادي كما كان قائما في مصر آنذاك؟
عبد الكريم النحلاوي: نظرة العسكريين للأحزاب كانت نظرة خاصة على أن هذه الأحزاب أحزاب تجارية ما كان عندهم برامج أساسا وما عندهم أهداف إلا الحكم يعني ما كان في عندهم برامج يخططون من أجل تنفيذها في إدارة البلد لهالسبب هذا رصيدهم كمان كان السياسيين والأحزاب استلام الحكم لا أكثر ولا أقل تناوب الحكم فيما بينهم.
أحمد منصور: صفحة 332 من "الصراع على سوريا" باتريك سيل يقول إن محمود رياض كان قبل الوحدة وسيلة عبد الناصر وظله في دمشق واستطاع محمود رياض أن يشغل مركزا في قلب الحياة السياسية في سوريا لا يضارعه بذلك أي مبعوث أجنبي فقد كان على علاقة وثيقة بالرئيس شكري القوتلي واتصال مستمر بالزعماء السياسيين كما أن نفوذه في أوساط زمرة الضباط الوطنيين التقدميين كان عظيما. ما طبيعة الدور اللي كان بيلعبه محمود رياض قبل الوحدة واللي ساعد في تنفيذها؟
عبد الكريم النحلاوي: محمود رياض عين سفير مصر في سوريا عام 1955 على ما أعتقد وبقي حتى إعلان الوحدة، محمود رياض لعب دورا هاما وكبيرا في تحقيق الوحدة واستقطب السياسيين والعسكريين على السواء وكان مقر السفارة محجا للسياسيين والعسكريين، حتى في بعض الأيام كنت أذهب مع شوكت شقير في زيارته وكنت أقول للزعيم شوكت شقير على أن محمود رياض هو الوحيد اللي بده يحقق الوحدة بسبب توافد جميع الأحزاب على خلاف اتجاهاتها والعسكريين أيضا إلى مكتب محمود رياض للاجتماع معه ويأخذون التعليمات منه.
أحمد منصور: البغدادي يقول في مذكراته إن عبد الناصر عرض عليه أن يكون رئيسا للمجلس التنفيذي بعد الوحدة مباشرة ولكن اعتذر وعين محمود رياض للقيام بهذا الدور على اعتبار خبرته اللي كانت موجودة قبل كده. هل الأسس التي قامت عليها الوحدة كانت أسسا سليمة؟
عبد الكريم النحلاوي: والله هذا سؤال بده يكون للعسكريين وللسياسيين على السواء اللي اندفعوا..
أحمد منصور: أنت كنت عسكريا آنذاك..
عبد الكريم النحلاوي: اللي اندفعوا اندفاعا كليا اندفاعا أعمى بدون أي شروط مع الرئيس عبد الناصر لثقتهم فيه وللأعمال اللي قام فيها بعام 1956 ومواجهته للغزو البريطاني الفرنسي الإسرائيلي طبعا شكل زعامة كان يأمل فيها كل مواطن أن يكون نواة لوحدة كبرى تنضم لها بقية الدول العربية، هذا الشعور كان شاملا تقريبا.
أحمد منصور: هل معنى ذلك أن الوحدة كانت تحمل بذور الانفصال وبذور النهاية منذ اليوم الذي ولدت فيه؟
عبد الكريم النحلاوي: على الإطلاق وإنما بدأ التذمر وبدأت الشكوك عند إقالة الفريق عفيف البزري قائد الجيش عندما انتقد القيادة عن إجراء التعديلات والتعيينات والانتدابات والتسريحات دون أخذ رأيه أو دون مشاورته حتى، قال لهم طيب لسه الوحدة شهر صار لها وقمتم بكل الإجراءات هذه وأنا قائد جيش بدون ما تخبروني أو تأخذوا رأيي أو تطلعوني على الأمور هذه! لذلك كان في مصر موجود هو، أبقوه في مصر وبعدين صدر أمر بعزله ولم يكتفوا بذلك مشان حتى ما يتركوا مجالا لدعمه مثلا أو.. أشاعوا عنه على أنه شيوعي.
أحمد منصور: الكلام ده كان بعد الوحدة لكن حاولت أجمع التواريخ بشكل سريع لأبين يعني وضعتها أمامي علشان نشوف الوحدة اللي ولدت في أيام، الضباط اجتمعوا مساء 11 يناير 1958، ذهبوا فجر 12 يناير 1958 إلى القاهرة، التقوا بعبد الناصر 14، 15 يناير، 16 يناير اجتمعت الحكومة السورية لتقر الوحدة وتبحث فيها، 30 يناير سافر رئيس الدولة شكري القوتلي ورئيس الحكومة والجميع إلى القاهرة وكل أعضاء الحكومة ورئيس أركان الجيش وتم التوقيع على محضر الوحدة في أول فبراير، وفي 5 فبراير صادق مجلسا الأمة في مصر في القاهرة وسوريا ودمشق على إقامة الوحدة، في 21 فبراير تم إجراء الاستفتاء وفي 22 فبراير أجريت الوحدة! جري بجري بدون أي دراسات ولا أسس لأي شيء!
عبد الكريم النحلاوي: على الإطلاق، صحيح بدون أي دراسات أو اجتماعات.
أحمد منصور: الشعب المصري كان فين والشعب السوري فين في القصة؟
عبد الكريم النحلاوي: الضباط وضعوا سوريا تحت الأمر الواقع لأنه كان اندفاعهم الوطني هو اللي دفعهم لهالموضوع هذا خارج السياسيين وكان تفكيرهم أنهم لو تركوا الموضوع للسياسيين ليقدموا على العمل بيتحمل هالموضوع سنين وما بيصلوا لنتيجة لذلك أسرعوا وفرضوا الوحدة وكان عبد الناصر هذا هو الهدف اللي بينتظره.
أحمد منصور: الاتحاد الأوروبي أعطى تركيا عشر سنوات فترة حتى تهيئ نفسها لتصبح عضوا في الاتحاد، دول كثيرة أخذت سنوات طويلة من سنة 1955 النواة الأولى للاتحاد الأوروبي ولم تظهر بشكلها إلا بعد أربعين سنة من التفاوض ومن الدقة والأهم في كل شيء هو الرجوع للشعب لكي يصوت على الدستور، الشعوب في أوروبا رفضت الدستور الأوروبي فألغي. أين الشعب المصري وأين الشعب السوري؟
عبد الكريم النحلاوي: الشعب العربي إجمالا شعب عاطفي بيندفع لأي اتجاه بيحقق له حلم الوحدة أو الاتحاد أو خلافه بس ما عنده إرادة أن يدخل بالتفاصيل أو بتدقيق الأمور وعلى أسس سليمة لهذه الوحدة لذلك وقعنا في مطبات فيما بعد سنذكرها فيما يلي.
أحمد منصور: كان معروفا، أنت قلت ماذا كان يريد السوريون من الوحدة لا سيما العسكر الذين وضعوا البلد كلها تحت الأمر الواقع، لكن ماذا كان يريد عبد الناصر من سوريا في تلك المرحلة ومن الوحدة مع مصر؟
عبد الكريم النحلاوي: عبد الناصر بعد ما تشكل حلف بغداد وشكل سوار حول الاتحاد السوفياتي وسوريا رفضت جميع الأحلاف منهم حلف بغداد وسوريا الكبرى والهلال الخصيب وسد الفراغ -مبدأ آيزنهاور- أراد أن يستميل سوريا ليقوي حكمه في مصر من جهة بنفس الوقت، هذا السبب اللي دفع عبد الناصر للاتجاه نحو سوريا، وجد أن الشعب السوري أساسا شعب عاطفي ويحلم في تحقيق الوحدة مع أي بلد عربي حتى غير مصر.
أحمد منصور: ما الذي كانت تشكله سوريا بالنسبة لعبد الناصر ومصر في تلك المرحلة؟
عبد الكريم النحلاوي: موقع سوريا الإستراتيجي كان هو اللي بيدعم موقع عبد الناصر العسكري أساسا، وإذا منقرأ التاريخ منرجع لحكم الفراعنة أساسا كان دائما سوريا ومصر على اتصال دائم، زمن الفراعنة تحوتمس الثالث إجا احتل سوريا ودمج سوريا مع مصر، كان في صلات قوية ما بين الشعبين.
أحمد منصور: دائما سوريا هي البوابة الشرقية لمصر ويعني حتى على مدار التاريخ ومعظم الحروب كان، كانت هذه الرؤية عند عبد الناصر واضحة؟
عبد الكريم النحلاوي: وحتى وقت محمد علي باشا كمان حكم مصر كمان إجا لسوريا احتل سوريا واندمجت سوريا كدولة عربية مع مصر.
أحمد منصور: لكن يعني حينما يقوم الدمج على أسس وعلى تواصل يكون الأمر.. خالد العظم في صفحة 140 من الجزء الثالث من مذكراته يقول عن رئيس الوزراء صبري العسلي آنذاك إنه أثناء النقاش على الوحدة في الفترة من 16 إلى 30 يناير 1958 في مجلس الوزراء "ضرب صبري العسلي على الطاولة بيده الغليظة حتى كاد أن يكسرها وهو يقسم الأيمان المتنوعة بأن رجالات الأحزاب وهو في مقدمتهم أساؤوا التصرف بحزبيتهم وأن ما تعانيه البلاد وسوف ما تعانيه ليس إلا نتيجة لتلك التصرفات اللعينة"، هذا قبل قيام الوحدة، أبدأ معك الحلقة القادمة من هذا الموقف ومما قاله صبري العسلي أثناء النقاش على الوحدة من أن رجالات الأحزاب هم الذين جعلوا البلد تعاني من تلك التصرفات