حوار:ناصر الحايك-فيينا
قسم الأورام فى مستشفى رودولف شتيفتونغ (Rudolfstiftung) الكائن فى الحى الثالث بمدينة فيينا ليس كسائر الأقسام ، فالمرء بمجرد أن تطأه قدماه يستشعر بأنه يلج نفقا يسطع فى جنباته بصيص من نور.
تخالجك لأول وهلة بأن هناك وقائع حرب غير معلنة لكنها حامية الوطيس يشنها فريق من الأطباء والممرضات على مرض لعين لايفرق بين مسن أو صغير ، ولا يعير أيا من أفراد الطبقات الاجتماعية والعرقية حسبانا ، فالوباء الخبيث يداهم الانسان ويتسلل داخل جسده بدهاء كاللص فى أى وقت وفى أى عمر دون أن يطرق الأبواب ، ويتجول أينما شاء مخلفا وراءه الدمار...لكن سرعان ماتنفرج أساريرك ويعانقك الأمل عندما تلتقى بالطبيبة الشابة بيرغت غرون برغر( BIRGITT GRـNBERGER) -الصورة.
أخصائية الأورام التى لاتفارق شفتيها ابتسامة محايدة تحمل فى طياتها مزيجا من الثقة والتحدى والرغبة بالانتصار على المرض العضال فى مجابهة مع القدر لتأجيل موعد الموت.
تلك الشحنات الخفية والمبهمة والمشبعة بالأمل تتدفق وتنتقل تلقائيا الى مرضاها الدين تشرف على علاجهم ، وقد أكدت لى فى لقاء مقتضب اختلسته من وقتها الثمين أكدت على أن مريض السرطان يستطيع أن يحيا حياة طبيعية ويمارس عمله ومهامه فى الحياة ، وعل حد قولها فان مرض السرطان لم يعد حكما بالاعدام على المريض فى ظل الأبحاث المتقدمة وطرق التشخيص المتطورة وبفضل العلاجات الحديثة والفعالة المتاحة حاليا والتى يمكن أن تطيل متوسط عمر المصاب.
وأضافت بأنها تشعر بالسعادة العارمة عندما يستجيب مرضاها للعلاج الكيميائى ويتماثلون للشفاء وعلى النقيض تماما فان الحزن يغمرها فى حال لم يستجب المريض للعلاج المقرر أحيانا.
وأردفت قائلة: أنا كاثولوكية محافظة وايمانى بالله يشعرنى بالراحة والطمأنينة بالاضافة الى أن زوجى كونه بروفيسور متخصص فى جراحة أورام الكبد يجعله متفهما لمهنتى ويقوم بمشاطرتى ومؤازرتى ويسدى لى النصح عند الضرورة.
وعزت تفاعلها مع مرضاها والآمهم ترددهم الدورى على المستشفى لتلقى العلاج مما ينتج عنه علاقة ودية من نوع خاص بين المريض والطبيب ، وهى تتفهم التقلبات المزاجية للمريض ويحق له أن يغضب ويحتج ويستاء ، ونحن كأطباء علينا أن نتقبل دلك بصدر رحب لأنه ليس مريضا عاديا حسب قولها....
وأضافت: جميع مرضانا يحظون برعاية وعناية جيدة ولانفرق على الاطلاق بين المرضى الأجانب والعرب والمسلمين وبين المرضى النمساويين ، وفى حال كانت اللغة عائقا فى التواصل والتفاهم مع المريض توفر المستشفى مترجما خاصا...
وبسؤالها أوضحت سبب اختيارها لدلك التخصص الصعب ، فقد نسبته الى اصابة حبيبها الأول بسرطان الكلية وهو فى ريعان شبابه وبكامل صحته عندما كانت فى السابعة عشر من عمرها مما ترك أثرا بالغا فى نفسها ، حينها أقسمت أن تدرس الطب وتتخصص فى علوم الأورام وأن تعامل المرضى المصابين معاملة حسنة وانسانية وتساعدهم فى رحلة العلاج المضنية وكان لها ماعزمت عليه...
وختاما أكدت بأن النمسا تعتبر من أفضل دول العالم تقدما فى علاج الأمراض الخبيثة وقسم الأورام فى مستشفاها يعتبر من أفضل الأقسام مقارنة بالمستشفيات الأخرى فى النمسا.