لم يكد يجف حبر اتفاقية مكة, و التي خلعت عليها عباءة التقديس للخلاص من فتنة التدنيس, تلك الفتنة التي تجاوزت كل خطوط المحرمات الوطنية,لم تكد تتلاشى بشارة الفرحة, التي رسمت على وجوه شبابنا وشيبتنا الذين يجسدون مسار المستقبل المرجو, على غرار الماضي المُشرف لصمود عمالقة النضال,لم تكد تجف دموع الفرح بعدما حرقت مقلتنا جميعا دموع عويل الأمهات والثكالا, وحسرة الآباء الذين فقدوا فلذات أكبادهم, ونقمة الأبناء الذين فقدوا الأمان باغتيال إبائهم,,لم تكد تنصرم عن مسامعنا أصوات زغاريد التراث الوطني الفلسطيني,إيذانا بصفاء القلوب ووحدة الصف,بعدما أدمت قلوبنا صرخات الحزن وشق الثياب,لم تزل بقايا حبات الحلوى متناثرة بين ثنايا المخيم, لم تكد!! ولم تكد!! ولم تكد!! حتى استكثر علينا أباطرة الشر هذه الفرحة والبشرى, حتى دارت رحى الفتنة الكبرى من جديد, ليزيد الأشرار حلكة مستقبلنا الذي طالما راهن علية عدونا على مدار ستون عاما وسقطت رهاناته, فسحقا لأباطرة الدم وأيدلوجياتهم المصابة بأورام السعر والهوس والجنون.
فماذا كانت حقيقة اتفاقية مكة؟!!!
لحد علمنا أن مسئولية الأحداث المأساوية توزعت على فصيلين , يغظ النظر عن أيدلوجية القاتل والقتيل ,وقد دُعي المختصمون إلى اطهر رقعة جغرافية في الوجود إلى مكة المكرمة, فهرع الطرفان لتلبية نداء الحق, ونفر الجميع استجابة لصوت الضمير, واتفق الطرفان على وضع حد للاقتتال الإجرامي , فزفوا لنا البشرى ليتنفس شعبنا الصامد صعداء الوفاق, فماذا حدث ؟
شتان مابين النظرية والممارسة, شتان مابين مخطوطات الوفاق والتطبيق الميداني الصادق, فهل كان الاتفاق مجرد ((طخ زفة)) ؟؟!!
هل كان الاتفاق سطحيا وشكليا أم اتفاق نوايا جوهري, ومحفل ممجوج وممسوخ؟؟!!
هل كان الاتفاق للاستهلاك الإعلامي , والاستقطاب العربي الإسلامي, أم كان اتفاقا حقيقيا؟؟!!
وان كان الاتفاق حقيقي؟ فهل اغفل ذلك الاتفاق ما من شانه جعل ذلك الاتفاق هشا عندما يتعرض لأول محكاته العملية؟؟!!
هل كان تلبية النداء السعودي, لمجرد إلقاء كرة مسئولية الأحداث, كل في ملعب الأخر, وادعاء لروح مسئولية النوايا الوطنية السلمية؟؟!!
لماذا إذن تجددت الأحداث الدامية بزخم يندى له جبين الشرفاء, وتنتفض له غضبا أرواح الشهداء؟؟!!
وطالما اعتبر أهمية اتفاق مكة يكمن فيما بعدة من استقرار للأجواء؟ فهل الأحداث المتجددة لا تنطوي تحت مسئولية فتح وحماس؟؟!!
أو ربما تجاوز مايجب فعلة من عقاب القتلة, دفع عصبية العائلة والعشيرة, للانتقام لدماء أبنائهم الذين طالتهم يد الغدر , وقتلوا بدم بارد, ويروق للبعض خلع عباءة الفعل الحزبي على هذه الأحداث الدموية المتجددة؟؟!!
فقد تجددت الشعارات المأزومة والمشئومة, بعد قصر غياب, شعارات مخجلة وموغلة في الابتذال مثل: تطويق الأزمة, وسحب المسلحين, فأي أزمة؟!! وأي مسلحين ؟؟!!
كفاكم عربدة, وكفاكم كفرا, كفاكم زراعة للضغينة والحقد والدموية من اجل حصاد الكرة الدخيل على ثقافتنا وتاريخنا!!!
فعلى فرض أن مسئولية الأحداث المتجددة يقف خلفها تصفيات حساب الجولة السابقة من الفتنة على يد فئات مأزومة ومأجورة, أو على يد عائلات أخذت على عاتقها القصاص لدماء أبنائها طالما أغفلهم اتفاق مكة!!
فلماذا لايقدم كل طرف مسئول عن أحداث الأمس الأسود, بروح مسئولية وجرأة للاعتراف بالقتل الذي حدث بقرار مركزي حركي, والقتل الخطأ, لضحايا تلك العائلات , ويعالجوا تداعيات ونتائج فعلتهم, ومن ثم رفع الغطاء مجددا عن المليشيات التي تخرج عن خط التزام هذه الحركة أو تلك؟
ورغم ادعاء البعض باستحالة هذه الخطوة, إلا أنها ممكنة والأخطر منها التهرب من المسئولية, فهذا خير من النتائج التي لايحمد عقباها, جراء تخبط أولياء الدم الذين قد يوغلوا في الثار, ويغالوا في عدد المستهدفين ليطفئوا نيران صدورهم!!!
وعلى فرض أن مسئولية الأحداث المتجددة تقع على عاتق حركتي فتح وحماس واقصد بقرارات قيادة مركزية, فمن إذن الذي وقع الاتفاق ولماذا؟ وما فائدة مواثيق الشرف؟ ووثيقة الأسرى للوفاق الوطني؟ والتي أدت إلى اتفاق مكة العظيم!!!! ذلك الاتفاق لابل هذا الاتفاق, الذي نتج عنة حكومة وحدة وطنية, وعناق, وقسم على عدم المساس بحرمة الدم الفلسطيني المقدس,أليس هذا تدليس مضحك, واستخفاف ينذر بمستقبل مظلم؟؟!!!
فهذا يعني إن تأكدت المسئولية القيادية المركزية, إن الأحداث المتفاقمة صوب الانفجار الثاني, بان اتفاق مكة قد فشل!! وهذا بدورة يعني مابني على باطل فهو باطل, وإذا كان الصدام الدموي المتجدد هو الإفراز الأول للاتفاقية؟ فهذا يعني إرهاصات انهيار لحكومة الوحدة الوطنية كإفراز ثاني للاتفاقية!!!
وان كانت فتح وحماس غير مسئولة عن الدموية المتجددة, فمن المسئول إذن؟ وما دلالات نُذر الانفجار؟ راجيا ألا يستخف بعقول شعبنا احد ليقول أن مايحدث هو رواسب لما حدث طالما هناك قرارات مركزية ملزمة, خاصة ممن يعتبرون حركاتهم وأحزابهم لها من الالتزام المفولذ مايفوت الفرصة على الموتورين, ليفعلوا فعلهم باسمها!!!
وفي حالة عدم المسئولية, فما هي الخطوات والإجراءات العملية الحاسمة, الحازمة , الرادعة, المطلوبة من كلا الحزبين, لمواجهة القتلة والسفلة الدمويين؟؟!!!
أو ربما هو انشقاق عن احد الحزبين, استجابة لمؤثرات خارجية وداخلية, انقلابية وتكفيرية, فان كان هذا السبب فمطلوب التصدي لتلك الفئة الضالة والخارجة على وحدة الدم والهدف, وهنا يتطلب من الجميع تحمل مسئولياته, برفع الحصانة عن هؤلاء المارقين!!!
فلم يعد شعبنا يطيق هذه وتلك الأعمال الإجرامية, التي تتنافس بدمويتها مع الإجرام النازي الصهيوني, من قتل وتدمير, وذبح وتمثيل, وتشويه لإنساننا وتراثنا وثقافتنا وتاريخنا!!!
وان كان ذلك الاتفاق هو اتفاق مليار, فلتذهب المليارات وروادها إلى الجحيم, وان كان اتفاق نوايا فلنحميه بأرواحنا, كي نحفظ دماء فلذات أكبادنا, ولا نسيء لتاريخنا النضالي.
فلم يعد شعبنا يطيق هذه المهزلة الإجرامية, ليعود الرعب يسكن شوارع ودهاليز شمال غزة ووسطها وجنوبها
وإذا ماصمم الأشرار على المضي بصناعة الموت, دون حسيب أو رقيب, فقد يجبر شعبنا على حزم أمره وامتشاق سلاح الثورة الشعبية الغير مؤد لجة, ثورة لاصفراء ولا خضراء بل تحت شعار العلم الفلسطيني الموحد, ويدوسوا بنعالهم المباركة على رقاب كل المتاجرين بالدم الفلسطيني...وان غدا لناظره قريبا.