كتب في منتدى هذا الموقع مجموعة ردود على مقالات لي نشرت سابقا .
استميحكم في توضيحات محددة لمغالطات استندت على اجتزاءات منها ,قرئت على محمول آخر,واستخدمت بشكل مقصود لتمرير أمورلا علاقة لها لا بالغرض ولا بالكتابات نفسها,ولم يخطر بالبال يوما أنني مضطر لتوضيحها ,فعذرا من هذا اللزوم الذي اضطرني إليه ما لا يلزم:
1- إن من يقرأ الأدب عموما ويتعامل معه ,لا يفوته أن الكتابه مجاز وهي بمعانيها لا بمادياتها ,فحين نقول مثلا :يا أرض الأجداد ..لا نقصد أجدادنا المباشرين . وحين أتحدث عن علوش الصغير الذي بترت ذراعاه ومع ذلك قاوم ولم ييأس فحصل على الشهادة الثانية بعد البكالوريا ,وتذكيره بجده جعفر الطيار ..كان استحضار ذلك المثل لحالته بالضبط ..وليس المقصود هو جده المادي,وكذا نقول لطلاب الصفوف الأولى :جدكم طارق فتح الأندلس مثلا..وأجدادكم الميامين رووا الأرض بدمائهم الطاهرة .
2- إن الأول من نيسان كان عيدا لكل السوريين فعلا ولكن متى كان ذلك ؟
من السذاجة بمكان أن يظن أي إنسان أن المقصود هو الحاضر(أي أول نيسان هذا الذي يحتفل به السوريون اليوم) ,لقد كان ذلك في القرن الثاني قبل الميلاد ,وهذا قبل ظهور اليهودية كدين بله المسيحية والإسلام.
3- كتبت عن النيروز موضحا أصل تسميته معيدا إياه إلى أصله السوري الضارب في القدم ,وكان ذلك تصحيحا لتفسير مغلوط قدمه الكاتب صلاح علمداري الذي أقر بعدم وجود حادثة تاريخية أو تفسيرا معقولا للكلمة..وكان ذلك بحثا لغويا تاريخيا ..ولا علاقة لذلك بمقالتي الأخرى عن وجود مكانين لإقامة العيدين (الفطر والأضحى)في جبلة في الوقت الحاضر .
4- كتبت عن جرائم الإخوان و ذلك كخلفية للأحداث التي جرت معنا في المدرسة, كان واضحا أنني أعيد الصراع إلى أساسه , صراع فئات مستغلة كادحة منتجه بالإضافة إلى الفئات المتنورة المبدعة التي لا تملك إلا عملها وإنتاجها وفكرتها مع أخرى جشعه ناهبة مستغله,وذلك قبل أن يحرف بسبب الجرائم والاغتيالات التي كان لها طابع طائفي .
وكان تجلي ذلك في الساحة الصغيرة أن مطالبنا (الطلابية) وقتها قد سحقت تحت عسف هذا الصراع.
5- يا ليت حقا يحتفل الناس سوية بأعياد بعضهم البعض ويقبلون الآخر ويقرون بحقه في الإختلاف ,وهذا يجب أن يكون مسعى لا عيبا ونقيصة. من المفيد أن نذكر هنا أنه في قلب الجامع الأموي يوجد مقام يوحنا المعمدان وحائط كنيسة قديمة وباب النسر ومعبد حدد وهما من أيام عقيدة الخصب (عشتار) ومشهد أبي بكر ومشهد الحسين ,وهذا ما أثار دهشة البابا يوحنا بولس الثاني عند زيارته وكان أول جامع يدخله بابا ,ويصلي فيه,وهذه هي الثقافة والرسالة السورية منذ أن قدم أبناؤها الأبجدية للعالم وعلموهم الشعر والموسيقى و زراعة القمح.ولن يغيرها شذوذ طارىءهنا أو غلو عابر هناك.
6- تسمية( جبال العلويين) هذة موجودة في الكتب المدرسية (لا أستخدمها في كتاباتي ولا أحبذها) ,وتم ذكرها في المقال كما هي منقولة من مصدرها وكذا القصة,ويمكن الرجوع إلى مقالة لي في بدايةهذا العام حيث أسميها جبال الشعرا .
7- إن عدم معرفة أصل تسميات المناطق والمدن والأشخاص مرده إلى إهمالنا دراسة اللهجات القديمة ودراسة تاريخنا وتركه وديعة بإيدي المستشرقين والتوراتيين الذين زوروه وحاولوا إيجاد موطىء قدم لهم في هذة الأرض وقد فشلوا في إثبات أي أثر لهم ,وهذا ما نحاول دحضه وكشفه وهذا جزء من رسالتنا و صراعنا ,ولذلك نبين أصل التسميات وإرجاعها للشعب الذي أبدعها وليس في الأمر شفرة دافنشي أو شفرة ناسيت , إلا لمن عمي أو تعامى عن حقيقة الصراع الفكري في المنطقة ,ولقد أنشئت دولة(إسرائيل) على أساس تزوير هذا التاريخ وسرقته,وحاليا يتجسد في تقسيم العراق.
أما من حضر فيلم الفهد عن رواية حيدر حيدر,لرؤية ممثلة عارية فيه وليس لمشاهدة انتفاض رجل حل به الجور والظلم ,لم يهن وقاومه ,كما قاوم علوش الصغير بتر يديه وصراع ماهر صالح ضد البحر والإهمال ونوارة ضد شللها ومحمد سعيد يونس ضد العدو الإسرائيلي وعدنان ضد تخريب أعشاش السلاحف في الشقيفات وأحمد الزوزو ضد التشوه والقبح وطلاب في الأول الثانوي ضد الظلم وتخريب المدرسة,..فهذا يبين تماما أين نقف أخلاقيا وإنسانيا وفهما من الحدث ..أي حدث.
وعن الطائفية..عجل بني إسرائيل و(هبل) العقول المريضة ,فهذة قد أسقطناها من حساباتنا واهتماماتنا وأسقطنا من يتكلم ويعمل ويوحي بها وإليها وذلك منذ تلك الأيام التي لم تكن لحانا قد نبتت فيها بعد, كم بالأحرى اليوم وقد شابت.
وعندما يبتلى إنسان بهذا الداء–عدا عن أنه سيلتهمه أولا-يكون قد وصل إلى أحط الحضيض,فهي تلزمه أن يخرج عن طوره ويفقد منطقه , ويصبح خطابه غرائزيا عنصريا,وحين تصل الأمور لهذا الدرك فلا جدوى من الكلام..ولا يعنيني أن أخفف أو أزيد من غلواء هكذا إنسان .فلا يستطيع من سقط في هذا الشرك إلا أن يفهم على من ماثله في البؤس والضحالة أو ربما تفوق عليه انحدارا,فهما يكيلان بنفس المكيال.
وكما قلت في مناسبة مضت: يخلق الناس في أثواب عدة المذهبي والطائفي والقومي ..لا فضل ولا ذنب لهم في ذلك ,فهذة الأشياء كانت فيهم ولم يكونوا فيها ,فمن الناس من يبقى ضمن هذة الأطر لا يتعداها بل تصبح ناموسه وديدنه ,وتصبح نظرته للكون والدنيا على أنها يجب أن تكون كالطبعة والختم متشابهة فمن اختلف عني فهو عدوي ,ولا يقدر على فهم أن التنوع الكبير في الكون والكائنات هو رحمة وهو الذي يعطيها معنى وغنى وجمالا.