تنتشر هذة الأيام في شوارع وأحياء المدن السورية وبكثافة ملفتة, طرطيرات وسوزوكيات لا تبيع شيئا ,لكن تشتري كل شيء
بدء بأكياس النايلون والكراسي وصولا لقطع المعدن مهما صغرت وبالأخص النحاس ..
وهذة الظاهرة ليست جديدة ,نذكر في الطفولة هؤلاء بأصواتهم المحببة :يللي عندو نحاسة عتيقة للبيع..حنفية عتيقة ,صوبيا عتيقة للبيع..
ويساهم مثل هؤلاء في تنظيف البيئة الملوثة ,وبالتخلص من البلاستيك البغيض ,إضافة لتحقيق دخل مادي لا بأس به .
وتترافق تلك الحالة مع ظاهرة التفتيش في حاويات القمامة عن أي شيء قد يعاد استخدامه وتدويره,مثل الزجاج والبلاستيك والمعدن.
إلا أن الشيء الجديد هو انتشار ظاهرة سرقة أغطية الفتحات المطرية وأغطية جور الصرف الصحية من الشوارع ,وأصبحت هذة تشكل أفخاخا للمارة وللسيارات وكذلك سرقة الكابلات النحاسية.
حدثني أحد الأصدقاء والذي لا زال يسكن في إحدى القرى الجردية ,أنه يلاحظ اختفاء أنواع معينة من النباتات والأعشاب البرية ,والتي كانت تتوفر بكثرة في الماضي وربما يعود ذلك لسببين :
الأول هو كسر الجرود وتهيئتها ليتم استثمارها زراعيا في حال توفر المياه أو تطويبها ومن ثم سحب قروض زراعية عليها إن كانت المياه لا تصل إليها.
والثاني هو الطلب الكبير على هذة الأعشاب من زعتر وزوفا والميرمية وإكليل الجبل ...
ويخشى إن استمر الوضع هكذا أن تضاف تلك الأعشاب إلى قائمة المرحومات والمنقرضات كما حدث للطيور والحيوانات البرية.
وبعد انتشار برامج الطب البديل وطب الأعشاب وبرامج التنحيف والتخسيس والمقويات الجنسية وغيرها ..
روى أحد الظرفاء أنه سأل زوجته :عن الطبخة التي أعدتها له ,
فأجابته: عاملتلك خبيزة مع حمص مسلوق وفيه صحن هندوبا مع حامض ومن امبارح باقي صحن سلق.
فأجابها : تاني مرة لا تعذبي حالك, طوّليلي هالحبلة شوي وبروح برعى لحالي!!
منذ سنتين تقريبا مر تاجر تركي على الساحل السوري طالبا من معارفه أن يتوسطوا له عند الفلاحين لكي يسألوا له عن سلعة غريبة , الليمون الصغير المتساقط والذي يبست قشرته, والخرنوب حتى لو كان الدود ينخر به, والدوّام ..
وانتشر الخبر بين الأهالي وبدأوا بلم تلك الأشياء التي كانت من نصيب الأرض.
حتى أن بعض هؤلاء الوسطاء جمع ثروة لا بأس بها من تلك التجارة الغريبة.
وإذا بقيت الأمور سائرة على هذا المنوال ,فسوف نندم كما يبدو على قشور البزر التي رميناها باستهتار.ولب المشمش والإكي دنيا التي أطعمناها كل تربة وصلت رمية يدنا إليها.
فمن يعلم ؟ ربما كنا نحقق دخلا إضافيا طالما أعيتنا الحيلة جريا وراءه بلا طائل.
وأيضا يساهم بيع تلك المخلفات في حل مشكلة القمامة التي أعيت البلديات ,وتحقيق دخلا معقولا يغني عن مكاتب البطالة والتشغيل وقروضها التي أعيت الحكومات .
ومن الآن فصاعدا سنكون أكثر حرصا على مخلفاتنا بجميع حالاتها !!