يكشف اسرار اتصالاته بالرئيس حافظ الاسد ، واسباب ابتعاده عن الجماعة
في أول حوار صحفي له منذ عقود دعا عصام العطار، المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين ، السوريين إلى نبذ الماضي والتطلع لبناء المستقبل وعدم الاستقواء بالخارج على نظام الحكم.
كما كشف العطار، المنفي في ألمانيا وشقيق نائبة الرئيس السوري بشار الأسد، اسرار اتصالاته بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد عبر مسؤول سوري رفيع المستوى وكيف وجهت الدعوة له أكثر من مرة للعودة إلى البلاد. وتحدث أيضا عن خلافاته في الرؤية والاجتهاد مع جماعة الإخوان المسلمين. ونفى من جهة أخرى أن يكون تعيين شقيقته د.نجاح العطار في منصب نائب الرئيس قد يمهد لعودته قريبا إلى دمشق.
"الماضي لا يتحكم بالمستقبل"
ودعا عصام العطار السوريين "لتجاوز الماضي وبناء المستقبل مع عدم نسيان الدروس والعبر مشددا على أن الماضي لا يجب أن يتحكم بالمستقبل وكل القوى بما فيها النظام يجب أن تصل إلى التلاقي الآن".
وقال :" الوضع الآن في سوريا والمنطقة خيوطه ليست بيد أحد، و يجب على أي شخص أن ينظر إلى موقفه بحيث يخدم أمته وبلاده وألا يكون من حيث يريد أو لايريد أداة لمخططات خارجية لا يرضى عنها الله ولا الأمة ، وما أتمناه للجميع أن تكون هناك مصالحة وطنية لأنه دون ذلك لا نستطيع أن نصل إلى الحد الأدنى من حماية البلاد ومن تحقيق الاصلاح ، والمصالحة الوطنية تقوم على أساس الديمقراطية ".
ورفض العطار التعليق على تحالف جماعة الإخوان مع المنشق عن النظام عبد الحليم خدام، موضحا " أريد أن أشير بالنسبة للإخوان أنه جاءت فترة من الفترات ولعدة أسباب أحببت أن يكون جهدي في أمتي وبلادي والاسلام والمسلمين دون تمييز، و اخترت الموقف الذي لا يربطني بتنظيم خاص ولكن تبقى هنالك صلات أخوية مع الإخوان المسلمين".
ونفى العطار أن يكون قد تم إقصاؤه من قيادة الإخوان المسليمن في مؤتمر آخن بألمانيا في ثمانينات القرن الماضي، ولكنه استطرد " طول عمري أنا ضد العنف سواء كان عنف أفراد أم عنف دولة ، ولم يحصل أنه تم إقصائي في أي مؤتمر ولكن أنا لما اختلفت الآراء في نطاق الجماعة وجدت من السخف أن يتقاتل الناس على عنوان الجماعة ويضيعون الاسلام والمسلمين والبلاد لذلك نأيت بنفسي ولم أقبل الدخول بخلافات ".
إذن سبب خلافك مع الإخوان هو أنك "رفضت العنف الذي انتهجته الجماعة" كما يفهم من كلامكم؟، سألت "العربية.نت" عصام العطار، فأجاب: "أنا أؤمن باستقلالية العمل الاسلامي وتحريره من الخضوع سواء للأنظمة والحكومات أو للقوى الخارجية وكان هذا من اسباب اقصائي في لبنان، وفي الوقت الذي عارضت فيه النظام السوري لم أقبل أن أكون أداة لأنظمة أخرى مثل العراق أو بيد أنظمة ثانية دولية لم أقبل مساوامتها وبالتالي الحقيقة أنني عشت ضمن قيود وأنا حتى الآن في الغرب أعيش في نشاط سياسي محدد".
وأوضح " عندما بدأت الخلافات بين قادة الجماعة فضلا عن مرضي حيث أصبت بالشلل عندما كنت في بروكسل عام 1968 قررت أن أترك قيادة الجماعة وتحت الضغط عدت عن قراري مرات عديدة وعمليا في نهاية السبعينات ابتعدت عن العمل في الجماعة ولكن عندما صدر القرار 49 القاضي بإعدام المنتمين للإخوان خرجت وعرفت بنفسي أني المراقب العام للجماعة".
وكان العطار، 79 عاما، مراقبا لجماعة الإخوان المسلمين خلفاً لمصطفى السباعي بين عامي 1961 و 1980 وبعدها تم اختيار حسن هويدي مراقبا لها ، ويذكر العطار أنه في عام 1963 خرج للحج وعندما عاد لم يسمح له بالدخول إلى البلاد. وتعود نشأة جماعة الإخوان في سوريا إلى عام 1945، وكان مراقبها العام الأول الدكتور مصطفى السباعي.
خلافه مع الإخوان
وبعد التشديد على معرفة حقيقة موقفه من تحالف البيانوني - خدام ، قال " لا أريد أن أتحدث عن اجتهادات الآخرين، أنا أتمنى أن تتلاقى كل القوى مع بعضها لتجاوز هذه المرحلة والوصول إلى حياة ديمقراطية".
وتابع " الإخوان حاولوا مرات عديدة التقارب معي ولم ينجحوا.. لهم اجتهادهم ومواقفهم التي لا ألتقي معهم فيها ، وداخل هذه المرحلة من حياة بلادنا والمنطقة تختلف الاجتهادات وأنا أحترم الاجتهادات الأخرى ولكن اجتهادي يختلف عن الإخوان وأتمنى لأبناء البلاد جميعا مع السلطة أن يصلوا لمصالحة وتفاهم يخطو بالبلاد خطوات معقولة في طريق الحريات وحقوق الإنسان".
ولدى السؤال عن قصة إقصائه من لبنان، أوضح " بعد ما أغلق علي طريق سوريا أخرجت أيضا من لبنان لأسباب منها أن الانسان في لبنان إما أن يكون في حماية هذا الفريق أو ذاك وإذا قرر الاحتفاظ باستقلاليته لن يكون له سند، أنا عارضت النظام ولكني لم أقبل أن أكون أداة لأي نظام آخر عربي أو أجنبي وأنا أعيش في شبه عزله من هذه النواحي وأنا في ذات الوقت أريد الخير للجميع وصلتي مع الإخوان طيبة".
نجاح "مستقلة" عني
وعندما سألته "العربية.نت" فيما إذا كانت عودته باتت قريبة إلى العاصمة السورية خاصة بعد تعيين شقيقته نجاح العطار في منصب نائب الرئيس السوري، أجاب العطار :" لا علاقة لهذا التعيين بي شخصيا، ليس لي ولن يكون لي أي مطلب خاص، هي(نجاح العطار) ذات شخصية مستقلة عني وأنا صاحب شخصية مستقلة عنها وتعيينها لا يعنيني بشئ ولا يرتبط بموقف بأي حال من الأحوال ، موقفي لا يرتبط بها ولا موقفها يرتبط بي ، هذه الأمور لا أنظر فيها للعوامل الشخصية على الإطلاق إنما أنظر لمصلحة أمتي وبلادي، وشئ آخر أنا من زمن طويل أدعو لمصالحة وطنية تشمل الجميع ممن يتفقون أو يختلفون معنا في الرأي".
وفي موضوع آخر، كشف عصام العطار عن اتصالات كانت قائمة بينه وبين الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الذي وجه له دعوات عديدة للعودة مكرما إلى البلاد كما قال.
وأسهب في الحديث عن هذه القصة قائلا :" منذ أيام حافظ الأسد دعيت إلى سوريا أكثر مرة، وأرسل لي الرئيس الأسد موفدا خاصا على مستوى رفيع جدا أخبرني أني سأستقبل داخل البلاد بكل التقدير والاحترام ولكن قلت في ذلك الوقت أنني شخصيا لم يكن ولن يكون لي أي قضية شخصية والقضية عندي هي بلادي ، وهم كانوا على الصعيد الشخصي على استعداد لإعطائي كل شئ وعلى الصعيد العام لم يتوفر استعداد من قبلهم لفتح الحديث حول الحريات وحقوق الإنسان ولهذا رفضت الاستجابة الدعوة.. وهذا ما دار من نقاش أيضا مع سليمان حداد السفير السوري السابق في ألمانيا الذي كان محترما ومعاملته طيبة جدا".
ونفى عصام العطار أن تكون وجهت له مؤخرا أي دعوات للعودة إلى البلاد كما لم يتم أي اتصال بينه وبين السلطات.
يذكر أن "بنان الطنطاوي" زوجة "عصام العطار" اغتيلت في آخن بألمانيا بتاريخ (17/3/1981م)، واعتقلت الحكومة الألمانية العام الماضي أحد الأشخاص الذين شاركوا في قتلها كما ذكر العطار لـ"العربية.نت".
وتحدث عن هذا الموضوع قائلا:" منذ سنة اعتقل أحد الذين شاركوا في اغتيال زوجتي أم أيمن واعترف ومثّل الجريمة ،وجاء المحققون وأخبروني بذلك وقالوا لي أيضا أنه بحالة نفسية وصحية صعبة وأنا رفضت من جهتي رفع قضية عليه وتنازلت أسرتنا عن حقها لأن عملنا خدمة لله وأمتنا ولا نعرف الانتقام وقلنا أننا لا نريد حقنا الشخصي كما أنه ضمن هذه الظروف التي تعيشها بلادنا وخوفا من أن تستغل هذه القضية لغير خدمة بلادنا لأغراض أخرى لم نرفع قضية على الناس الدافعين للجريمة ".
وعن موقفه ورؤيته حيال جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري والتحقيق فيها، قال " هذه جريمة رهيبة وما دام هناك تحقيق لا يجب أن يستبق الإنسان الأمور، والآن يجب أن تكون هناك مصالحات وطنية بين الأنظمة والمعارضات على أساس الحريات وحقوق الإنسان".