نظرية كل شيء (: Theory of everything) أو اختصاراً TOE أو معادلة الكون
تشكل وصفاً شمولياً للمادة في الفيزياء النظرية، من المفترض أنها قادرة على تفسير جميع الظواهر الفيزيائية بشكل كامل وتفسر جميع المؤثرات الفيزيائية (أي كل شيء) ولا يزال البحث جارياً لمحاولة صياغتها. ومن المفترض أنها سوف تربط بين القوى الأربعة المعروفة التي تتحكم في تبادل القوى بين جميع الجسيمات المعروفة وغير المعروفة (مثل المادة المظلمة). القوى الأربعة المعروفة حتى الآن هي: القوة النووية الشديدة، التآثر الكهرومغناطيسي، القوة الضعيفة، وقوة الجاذبية.
كان المصطلح يستخدم في البداية لوصف بعض النظريات العامة بطريقة ساخرة على أنها نظرية لكل شيء لعموميتها الواسعة. ومع مرور الوقت ترسخ استخدام المصطلح بطريقة علمية مع فيزياء الكم لوصف النظرية التي تستطيع ربط أو توحيد النظريات المعروفة التي تصف التفاعلات الأساسية الأربعة في الطبيعة (القوة النووية القوية، القوة النووية الضعيفة، القوة الكهرومغناطيسية، والجاذبية). أحد المقتنعين في العصر الحديث بإمكانية التوصل لهذه النظرية هو الفيزيائي ستيفن هوكينغ. وقد بحث فيها إروين شرودنغر وفرنر هايزنبرج ولكنهما لم يصلا إليها، ولا يزال البحث جارياً عنها بين الفيزيائيين النظريين.
يذكر أن العالم الألماني الشهير ألبرت أينشتاين وكثيراً من العلماء الآخرين مثل هايزنبرج قد أضاعوا وقتاً طويلا من عمرهم في التوصل لمثل هذه النظرية ولكن دون جدوى.
تسمى تلك النظرية الجاري البحث عنها الآن أحياناً نظرية التوحيد العظمى، وتُعنى بتوحيد جميع النظريات الفيزيائية المعروفة، وصياغتها في معادلة واحدة.
الفيزياء الحديثة
في الفيزياء الحالية السائدة, نظرية كل شيء هي محاولة لتوحيد القوى الأساسية الأربعة الموجودة في الطبيعة: (أي الثقالة, و القوة النووية القوية, و القوة النووية الضعيفة, و القوة الكهرومغناطيسية). بما أن القوة الضعيفة لها القدرة على تغيير الجسيمات الأولية من شكل لآخر, سينبغي على نظرية كل شيء بأن تعطينا فهماً عميقا للعلاقات الموجودة بين جميع الجسيمات المختلفة، يمثل الشكل التالي الهيئة المتوقعة للنظريات السابقة ، والمشكلة الكبرى التي تواجه العلماء هي اشراك قوة الجاذبية مع هذه القوى من أجل صياغة معادلة التوحيد :
و زيادةً على القوى التي تم ذكرها, هناك قوىً أخرى يفترضها علم الكون الحديث وهي: القوة التضخمية, و الطاقة المظلمة, و المادة المظلمة. هذه القوى تحدث بين الجسيمات الأولية، لكنها خارجة عن مخطط نظرية النموذج العياري، فهذه القوى لم يثبت وجودها حتى الآن، إلا أن هناك نظريات بديلة تقوم بإدخالها في معادلاتها الرياضياتية مثل: تحريك نيوتن المعدل
الدافع إليها
عرف العلماء القدامى ظاهرة التأثير المغناطيسي ، ثم عرفوا الكهرباء في القرن التاسع عشر وأن مرور تيار كهربائي في سلك ينتج مجالا مغناطيسيا حول السلك ، لا يختلف عن المجال المغناطيسي الذي ينتجه مغناطيس ذاتي. وتبين أن المجال المغناطيسي الناتج يمكن أن يتآثر (يؤثر) مع مجال مغناطيسي آخر أو أن يؤثر على شحنة كهربائية مثلما يؤثر عليها مغناطيس. واستطاع ماكسويل صياغة معادلاته الخاصة بربط كلا القوتين قرب نهاية القرن التاسع عشر وأصبحنا نعرفهما بالتآثر الكهرومغناطيسي . عرفنا بعد ذلك أن القوى التي تربط الإلكترونات بالنواة الذرية هي القوي الكهرومغناطيسية . كان ذلك في أوائل القرن العشرين.
ثم تبين عند دراسة النواة الذرية أن هناك تآثر قوي يعمل على ترابط البروتونات و النيوترونات في النواة على الرغم من تنافر البروتونات حيث لها شحنة موجبة متماثلة .واتضح أن التآثر القوي أشد كثيرا من التآثر الكهرومغناطيسي. ثم تبين أنه توجد أيضا تفاعلات داخل نواة الذرة واستطاع الفيزيائي محمد عبد السلام بيان أن ما يسمى بالقوة الضعيفة في النواة هي السبب في حدوث عدم استقرار النواة الذرية وأنها تلعب دورا هاماً في التحلل النووي والنشاط الإشعاعي لبعض نظائر العناصر ، وربط بينها وبين التآثر الكهرومغناطيسي وحاز هذا الاكتشاف على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979 .
تمكن العلماء حتى الآن من الربط بين القوى الثلاث (التآثر القوي و التآثر الضعيف و التآثر الكهرومغناطيسي) ، ولكن تنقصهم قوة الجاذبية ، إذ يبدو أن قوة الجاذبية تعمل بمفردها حيث تربط بين الحبيبات المادية وتكوّن منها أجراما عظيمة الكبر من نيازك و نجوم و كواكب وتربط البلايين منها في مجرة وتربط المجرات بمجرات أخرى عظيمة ، وتشكل أيضا عناقيد مجرية . ولكن قوة الجاذبية هي خاصة متعلقة بكتلة الجسم ، أي أنها موجودة بين الجسيمات الصغيرة (كالبروتون والإلكترون) وبين الأجسام الكبيرة (مثل الشمس و الأرض) ، إلا أنها ضعيفة للغاية بالمقارنة بالقوي الأخرى المتحكمة في تركيب المادة وتركيب الكون ، وتظهر بوضوح أكثر من القوى الأخرى عندما تزيد كتلة الجسم لتصل مثلا كتلة الأرض أو القمر أو كتلة مجرة. فهي التي تشكل التركيب الكوني.
فنرى أن قوة الجاذبية هي المؤثرة والرابطة بين الأجسام الكبيرة و المشكّلة للأجرام السماوية كالأرض و الشمس والنجوم الأخرى والمجرات ، أي أنها تشكل الهيكل الكبير للكون وإليها يعزى دوران الأرض حول الشمس ودوران الشمس حول حوصلة المجرة وترابط النجوم في المجرات ، و ترابط هذا الكون ببعضه البعض . من جهة أخرى نجد أن القوى الثلاثة الأخرى هي التي تربط بين الجسيمات الأولية وتتحكم فيها ، فهي تربط بين الكواركات في النواة الذرية ، وتربط بين الإلكترونات و نواة الذرة ، أي تكوّن الذرات (تآثر كهرومغناطيسي) وتربط بين الذرات (تأثر كهرومغناطيسي) في بلورات، كما تحدد :هل النواة الذرية مستقرة أم غير مستقرة؟. وإذا كانت نواة غير مستقرة فما هو عمرها ؟ بمعنى متى ستتحلل وتتحول إلى نظير آخر، وما هو عمر النصف لها؟ وهل ستتحلل تحلل بيتا أم تحلل ألفا ؟
فالدافع إلى نظرية التوحيد العظمى هو صياغة معادلة تتنبأ بجميع تلك المؤثرات (القوى) و خصائص المكونات من المستوى الصغري في حجم الذرات وما هو أصغر منها وطرق سلوكها إلى تكوين الأجرام السماوية وبنية الكون وما تتبعه جميعا من قوانين طبيعية.
نظريات مرشحة
هذه نظريات مرشحة لتكون نظرية كل شيء:
نظرية الثقالة الفائقة جاذبية فائقة
نظرية-إم M-Theory
نظرية الأوتار الفائقة Superstring Theory
نظرية الأوتار String theory
الهدف
يسمى توحيد القوى الثلاثة الطبيعية الرئيسية (القوة الكهرومغناطيسية ، و القوة الضعيفة و القوة النووية القوية) ممثلة في نظرية ديناميكا اللون الكمومية بدون الجاذبية نظرية التوحيد العظمى. ويحث على هذا التوحيد بينهم التشابه الكبير للمعادلات الرياضية التي تصف كلّاً منهم على حدة.
وكما نرى فلم تدخل فيهم قوة الجاذبية بعد والتي هي خاصة مميزة لجميع الأجسام والجسيمات . ومن المفروض إدراج الجاذبية في تلك النظرية حيث أن امتداد تاثير كل من تلك القوى عند حدود الطاقة العالية ، أي عند طاقة أعلى من نحو 1019 مليار إلكترون فولت تتساوى جميعها . وتصبح كل منها بنفس القوة مع اختلاف أصولها .
وحاليا لا توجد وسيلة للتحقق من إمكانية نجاح تلك النظرية إلا من خلال مشاهدة الظواهر الفلكية. كما يأمل العلماء التوصل عن طريق مصادم الهدرونات الكبير الذي تم بناؤه حاليا وبدأ العمل في عام 2009 في تحقيق تقدم على مسيرة تطوير نظرية الكون .
والمفروض أن تجمع تلك النظرية الكونية (نظرية كل شيء) الظواهر الطبيعية الآتية ، وتقوم على تفسيرها:
وصف التناظر العظيم وجوهره الأساسي .
تفسير طبيعة المادة المظلمة ، وتفسير التطور الذي حدث للكون منذ نشأته وعلى الأخص مراحل تكونه.
الجمع بين نظرية التوحيد العظمى و نظرية الجاذبية الكمومية .
تفسير كتل الجسيمات الأولية وحساب الخواص الأخرى للجسيمات .
حساب الحالات الانفرادية للمادة .
أن تربط بين النظرية النسبية ونظرية الكم .
نظرية كل شيء والفلسفة
إن وضع نظرية كل شيء مفتوح للنزاع الفلسفي. فعلى سبيل المثال، إذا كان المذهب الفيزيائي على حق ، فعلى نظرية كل شيء الفيزيائية أن تتطابق مع نظرية كل شيء الفلسفية تماماً. كان لبعض الفلاسفة ( مثل أرسطو، أفلاطون، هيغل، وايتهيد، وآخرون) محاولات لبناء نظام شامل للكون. كان هناك آخرون مترددون بشكل كبير حول احتمالية وجود مثل هذه النظام. كتب ستيفن هوكينغ في كتابه التاريخ الموجز للزمن بأنه حتى ولو عرفنا نظرية كل شيء ؛ فأنها ستكون مجموعة كبيرة من المعادلات الرياضية.