فلسطينيو الأردن(سفلة) كانوا يسرقون ويغتصبون ويرتكبون الجرائم وينشرون الفوضى في المدن الأردنية وهو السبب الذي دفع الملك حسين إلى قتالهم وحربهم في أيلول " و" الجيش الأردني هو الذي خاض معركة الكرامة وانتصر بها لكن عرفات وجماعته سرقوا النصر ونسبوه لأنفسهم " .
هذه فقط عينة مما ورد في كتاب يوزع اليوم على نطاق واسع في الولايات المتحدة ومؤلفته " الملكة نور " وهو الاسم الحركي الذي أطلقه الملك حسين على مهندسة أميركية اسمها " ليزا " دخلت قصره كعشيقة قبل أن يتورط الملك بالزواج منها فتتورط في كل الفضائح التي عرفناها عن القصر الملكي وتكون السبب المباشر مع صديقها سميح البطيخي في الانقلاب الذي وقع داخل القصر قبل موت الملك حسين بأيام ... لتنتهي " مؤرخة " للأردنيين تكتب عن عاداتهم وتقاليدهم وتفضح أسرارهم دون أن تعرف كلمة واحدة باللغة العربية .
وما فعلته وتفعله يعتبر وفقا للقانون الأردني إساءة للوحدة الوطنية وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن خمس سنوات ... لكن " ليزا " لن تدخل السجن ولو لساعة واحدة ... لا بل أن من يتجرأ من الأردنيين مثلا أن ينتقد كتابها سوف يدخل السجن ثلاث سنوات لان عمله يعتبر " تطاولا على الذات الملكية " وهي التهمة التي ألصقت بالزعيم السياسي الأردني البارز ليث شبيلات الذي انتقد فيما نقد بكاء " ليزا " الحار في جنازة رابين ناسية أو متناسية أنها زوجة لملك عربي " هاشمي " احتل رابين ولا يزال نصف مملكته وقتل آلاف الأردنيين ولا يزال يعتقل المئات منهم .... نور وزوجها بكيا وذرفا الدموع وانتحبا في الجنازة أكثر من زوجة رابين نفسها .
الفلسطينيون ليسوا وحدهم الذين تعرضوا للإساءة في كتاب " ليزا " ... فالملكة توزع في كتابها الإساءات على الجميع ... وبدأت طبعا بخصمها اللدود الأمير حسن ولي العهد وزوج ابنته ناصر جودة وزير الإعلام والذي وفقا لما نشر آنذاك سخر أجهزة الإعلام للترويج لعمه - والد زوجته - إلى الكشف عن سذاجة الأميرة عالية ... ومرض الأمير طلال بن محمد ... إلى عشيقة الملك حسين ... إلى أم قابوس والشيخة فاطمة وصدام حسين انتهاء بثقيل الدم معمر القذافي وزوجته ..... إلى التهجم على الرئيس المصري حسني مبارك وزوجته ... انتهاء بتلفيق القصص وتزوير التاريخ ... ومنها أن عرفات وقع بالأسر خلال مجازر أيلول وان الملك أطلق سراحه وهذا كما هو معروف غير صحيح .
الكتاب صدر باللغة الإنجليزية بعنوان " Leap of Faith " والترجمة بالعربية قد تكون " قفزة عقيدة " أو " نفحة إيمان " وهي الترجمة التي اختارتها جريدة الحياة اللندنية التي نشرت فصولا من المذكرات ونطت عن الكثير من الفضائح الواردة فيها .
يقع الكتاب في 467 صفحة وتجده معروضا للبيع هذه الأيام في المطارات والمكتبات والأكشاك في طول أميركا وعرضها وهو ما لم يتوفر حتى لكتب مسؤولين وصحفيين أميركيين كبارا مما يشير إلى أن هناك جهة ما - غير دار النشر - دعمت هذا الكتاب ولها مصلحة في توزيعه على نطاق واسع بين الأميركيين ... بخاصة في هذا الوقت بالذات الذي تتعرض فيه القضية الفلسطينية إلى مفترق طرق ... وتتكالب المصائب على الأمة العربية .
لن تجد الكثير في المقدمة عن سيرة الملكة نور الشخصية اللهم إلا أشارتها إلى أن قارئ فنجان بشرها بأنها ستتزوج من عربي ارستقراطي ... هذه " القدرية " تتكرر كثيرا في كتابها ربما لتفسر الكثير من الأحداث أو تبررها ... فهي أصبحت زوجة لملك عربي ليس لأنها " دست " إلى غرفة نومه من خلال " علي غندور " المتخصص بهذه القضايا وإنما لان قارئ فنجان بشرها بذلك !!
ليزا تزوجت الملك وهي في السادسة والعشرين من العمر وكان يكبرها بستة عشر عاما ... هذه إلى 26 سنة لا تكاد تجد لها ذكرا في الكتاب الذي يفترض انه " مذكرات " وأدب المذكرات له أصوله طبعا ... ومع ذلك أشارت نور من بعيد إلى إحدى أهم المرويات عنها في الشارع الأردني بعد الإعلان عن زواجها من الملك وهي حكاية علاقتها بمحام أميركي أفريقي وإنجابها ولدا " اسود " منه ... وهو ما أوردته من ضمن مجموعة " إشاعات " قالت إنها أطلقت عليها من قبل خصومها !! المهم أن نور لم تؤكد في كتابها أنها كانت " بنت بنوت " ولا أظنها ستقنع أحدا أنها كفتاة أميركية بلغت سن السادسة والعشرين دون أن يكون لها " بوي فرند " !!
تعترف " ليزا " أنها التحقت بالعمل في شركة عالية للطيران كمهندسة وكان أبوها نجيب الحلبي قد عين كمستشار لهذه الشركة بعد طرده من رئاسة شركة " بان أميركان " بعد اتهامه بالفساد والتسبب بانهيار الشركة ماليا ... ومن خلال صديقه علي غندور تمكن الحلبي الذي مات مؤخرا في واشنطن من زرع ابنته في قصر الملك ... نور تعترف أن " الإشاعات " ذكرت أن أم الملك زين قتلت زوجة الملك الفلسطينية " علياء " وان زرع فتاة أميركية كزوجة في القصر كان مخططا أميركيا إلا أنها تنفي هذا الاتهام بروايات عن علاقات حب صامتة ربطت الملك بها إلى أن قال لها يوما " أنا مش قادر أتحمل ... أريد التحدث مع أبيك " ... ثم تقول أن الملك وقع في غرامها عندما نظر في عينيها لأول مرة إلى آخر هذه المرويات التي تريد " ليزا " أن تضحك بها علينا لتبرر دخولها المشبوه إلى القصر ناسية فيما يبدو أن الملك الذي تتحدث عنه ليس " مراهقا " وأنه " نسونجي "معروف دوب قبلها ثلاث زوجات وعشرات العشيقات منذ أن كان طالبا في مدرسة " هارو" في لندن إلى أن أصبح ملكا يبدل العشيقات اللواتي يوظفهن علي غندور في شركة عالية للطيران كما يبدل جواربه .... الملك حسين ليس من النوع الذي يحب من أول نظره !!
الأمر الذي لم توضحه " ليزا " في كتابها هو السر في دخولها إلى قصر الملك ومعاشرتها له ومخالطتها لأولاده الصغار ... فهي كما تقول مهندسة معمارية ولكن مروياتها تؤكد أنها كانت تعمل " بيبي ستر " للملك وأولاده وإنها كانت تعيش مع الملك في قصره وتعد طعام الإفطار له ولأولاده الخ .... الذي لا تعرفه " ليزا " هو أن علاقتها غير الشرعية بالملك كانت معروفة آنذاك لرجل الشارع الأردني ... وان الملك اضطر إلى إعلان الزواج بها للخروج من هذا الحرج ... فهو كملك عربي مسلم يزعم أن النبي محمد هو جده لا يستطيع أن يتخذ " جيرل فرند " على هذا النحو ... وكان الأمير حسن ولي العهد أول من لفت نظر الملك إلى هذه المسالة ... ولعل هذه تكون أول مواجهة أو بداية للمواجهات فيما بعد بين " نور " و " والحسن ؟ وهي المواجهات التي انتهت بطرد الحسن من ولاية العهد بمعاونة قوادين لنور هما قائد الجيش " عبد الحافظ الكعابنة " ورئيس المخابرات " سميح البطيخي " الذي كانت زوجته الإنجليزية " جيل " تعمل كوصيفة لنور وتعد ابنها للزواج من ابنة نور .... الطريف انك لن تجد في كتاب نور أية تفصيلات عن علاقتها بالبطيخي ربما لان الإعلان عن تورط البطيخي بسرقة ثلاثة بنوك أردنية قد تم في الوقت نفسه الذي دفعت فيه نور بكتابها إلى النشر الأمر الذي وفر لها - كما يقال - الوقت الكافي لحذف فصل كامل كان مكتوبا عن البطيخي وكرمه وحسن سيرته وولاءه وأخلاقه العالية وفضله عليها وعلى أولادها .....الخ .... كما انك لن تجد إشارة واحدة إلى الفريق عبد الحافظ الكعابنة الذي لعب دورا في عزل الأمير حسن لان هذا أيضا تورط بفضيحة بيع أسلحة الكلاشنكوف الفلسطينية إلى تجار المخدرات في كولومبيا
تعترف " ليزا " أنها رأت الملك وزوجته الملكة علياء أول مرة في المطار حين طلب منها أبوها أن تلتقط له صورة مع الملك والملكة ... ثم تحاول أن توهم القراء أنها كانت تعيش حياة عادية بعيدا عن القصر فتعدد أسماء أصحابها وهم خالد عبد المجيد شومان حفيد مؤسس البنك العربي وزوجته سهى ... ومليحة عازار وفاتنة عصفور وعامر سلطي ... ورامي خوري رئيس تحرير " جوردان تايمز " ... وتوحي للقارئ أنها هي التي ربت أولاد الملكة الراحلة علياء علي وهيا مع أن الشارع الأردني يعلم أن نور هي التي اتهمت بتوريط الأمير علي بقصص لها علاقة بتعاطي المخدرات حتى تحرمه من ولاية العهد لأنه أكبر أبناء الملك من أم عربية مسلمة... وانتهى الأمر بعلي أن أصبح مجرد " بودي غارد " لأخيه عبد الله مع أنه وفقا للدستور الأحق بالعرش .
اعتراف الملكة بعلاقتها وصداقتها برامي خوري - الشاب الأردني الأصل الذي يحمل الجنسية الأميركية - فسر لي " لغزا " طالما ورد على خاطري .... ففي مطلع التسعينات نشر رامي خوري في جريدته " جوردان تايمز " مقالا تحدث فيه عن مرض الملك حسين وعن ضرورة التساؤل عن مستقبل المملكة في ظل غياب مفاجئ للملك ... كان المقال مثيرا للتساؤل فعلا بخاصة وان الملك لم يكن يومها مصابا بالسرطان أو لعله أخفى المرض عن الناس والصحافي لم يعتقل أو يطرد من عمله بسبب هذا المقال حتى بعد أن ردت عليه ابنة الملك " عالية " من زوجته الأولى " دينا " واعتبرت مقاله غير لائق ... هذا التحرش بالأمير حسن وولاية العهد تجد له ذكرا في صفحة رقم 417 من الكتاب ... ففي هذه الصفحات تزعم نور أن الملك وأثناء تلقيه العلاج في مايو كلينك اطلع على مقال نشرته نيويورك تايمز مؤكدة أنها حاولت حجب الجريدة عن الملك وان شخصا ما مررها إليه وان الملك غضب كثيرا مما ورد في مقال الجريدة .... الجريدة نشرت لقاء مع الأمير حسن تحت عنوان " الملك يموت والأمير حسن ينتظر " وجاء فيه كلاما منسوبا إلى الحسن أن أخاه الملك حسين هو رمز ... أما هو - أي الحسن - فهو الأقرب إلى المطبخ أي انه هو الذي يدير شئون البلد وأكد وزير الإعلام ناصر جودة الذي هو زوج لابنة الحسن هذا الكلام الأمر الذي دفع الملك إلى التحدث عن هذا الأمر في التلفزيون الأردني .
اليوم نستطيع القول أن " ليزا " كانت وراء نشر مقال " رامي خوري " في جوردن تايمز ... ربما لأن من مصلحتها إثارة قضية ولاية العهد وقد تكون مقالة رامي خوري فعلا هي القشة التي قسمت ظهر البعير وخرجت بالمواجهة بين " ليزا " والأمير حسن إلى العلن .
بعد أن تفرش " ليزا " لكتابها بمقدمات من هذا النوع ... تبدأ بالتمهيد للتهجم على الفلسطينيين في الأردن ... ففي صفحة 54 وما بعدها تتحدث " نور " عن مدينة عمان قبل عام 1948 وكيف أنها كانت مدينة جميلة تقع على سبعة تلال يتوسطها القصر ... إلى أن جاء الفلسطينيون فبنوا العشوائيات بلا نظام فخربوا شكل المدينة وجمالها ... وتضيف أن الملك صاحب القلب الرحيم كما تصفه سمح لهم ببناء هذه البيوت التي غطت جمال القصر والمدرج الروماني الذي يطل عليه .... وحتى تكتمل الصورة الميلودرامية تزعم نور أن القصر تعرض لقصف بالصواريخ خلال مجازر أيلول وانه تبين أن طباخ الملك وهو فلسطيني كان يعطي إحداثيات المكان للجهة التي تقصف القصر .
يبدو أن نور لم تقرأ لا كتب التاريخ ولا كتب الجغرافيا وبعضها صدر عن محافظة عمان ... وكلها تعترف بأن عمان لم تكن قبل عام 48 أكثر من قرية تنتشر على ضفاف " سيلها " خيم البدو وبعض البيوت العشوائية للشركس ... ولم تتحول عمان إلى مدينة إلا بوصول الفلسطينيين إليها فهم الذين بنوا عمان ... ومعظم قصور المدينة وفللها مملوكة لعائلات فلسطينية فكيف " خرب " هؤلاء المدينة الجميلة التي تتحدث عنها " نور " وعن أي قصر تتحدث ... الملك عبد الله نفسه - مؤسس الإمارة - كان يسكن مع عشيقته " ناهده " في مخيم قرب قرية " ماركا " إلى أن بنى له مهندس فلسطيني قصر بسمان .
يبدو أن هذه " الفرشة " عن الفلسطينيين ووسخهم وتخريبهم لجمال مدينة عمان أريد بها التمهيد لما هو أهم ... ففي صفحة 116 تتحول " ليزا " إلى مؤرخ عسكري لتتحدث عن معركة الكرامة فتزعم أن الفلسطينيين سرقوا النصر من الجيش الأردني ومن زوجها الملك ... الملكة " نور " التي لا تعرف العربية لم تقرأ فيما يبدو ما كتبه كبار الضباط الأردنيين عن هذه المعركة ... ويبدو أيضا أنها لم تشاهد قائد هذه المعركة الفريق مشهور حديثة الجازي الذي اعترف عبر فضائية الجزيرة وفي برنامج " شاهد على العصر " ببطولة الفدائيين الفلسطينيين الذين قاتلوا في الكرامة ... الجيش الأردني دخل المعركة عبر مدفعيته فقط ودون أوامر من القصر لان مشهور حديثة الجازي وهو ضابط وطني شريف هو الذي أعطى أوامره للمدفعية السادسة بقصف أرتال الدبابات الإسرائيلية التي كانت تعبر النهر والتي كانت لديها معلومات مسبقة بأن الملك حسين لن يتدخل في المعركة ولعل هذا هو الذي جعل الإسرائيليين يمتنعون عن استخدام سلاحهم الجوي لأنهم توقعوا معركة سهلة في قرية الكرامة مع بعض الفدائيين ... القتال الحقيقي الذي وقع في وسط البلدة خاضه الفلسطينيون لأنه لم يكن للجيش أي وجود في القرية اللهم إلا بعض قوات " الحجاب " على طرف النهر وهؤلاء قاتلوا بشرف دون أوامر أيضا .
يبدو أن الحديث عن معركة الكرامة ... وكيف أن الفلسطينيين سرقوا النصر من زوجها الملك أريد به أن يمهد لما هو أهم في كتابها وهو الحديث عن الوضع في الأردن قبل مجازر أيلول ... وفي هذا المجال لم تترك الملكة جريمة سرقة أو قتل أو اغتصاب إلا ونسبتها إلى الفلسطينيين مبررة بذلك للمجزرة التي ارتكبت بحقهم فيما بعد .... ومرة أخرى تتجاهل الملكة ما كشف عنه لاحقا من أن معظم جرائم السرقة وقطع الطرق والاعتداء على الجنود كانت تقوم بها عناصر من المخابرات الأردنية بقصد تأليب رجل الشارع على الوجود الفدائي بخاصة بعد التعاطف الكاسح مع الفدائيين عقب معركة الكرامة .
يبدو أن " ليزا " تعتقد أن الشعب الأردني جاهل ولا يقرأ ... فالملكة التي عاشت عشرات السنوات بين الأردنيين لم تتعلم العربية ولم تنجح في إقامة علاقة واحدة مع أية قبيلة أو عشيرة أردنية ... لذا تجدها تلجأ إلى التفسير القدري للأحداث مستغبية القراء ... فدور الملك حسين في هزيمة حزيران يونيو بدأت تكشفه الوثائق ومنها مثلا تهريبه لطائرات الفانتوم الأردنية إلى تركيا حتى لا يستخدمها عبد الناصر مع أن الملك دخل قبل أيام من الحرب في اتفاقية دفاع عسكري مع مصر بل وسلم قيادة الجيش لجنرال مصري هو الشهيد عبد المنعم رياض الذي استشهد بعد ذلك في معارك الاستنزاف ... كما أن الوثائق الإسرائيلية كشفت عن العلاقات والاتصالات السرية التي تمت مع الملك قبل الحرب ... ونشرت عرب تايمز من قبل جانبا من الاعترافات التي أدلى بها المقدم غازي ربابعة قائد الكتيبة الأردنية في القدس والتي اعترف بها انه وجنوده لم يقاتلوا وإنهم غيروا ملابسهم بملابس مدنية وهربوا من القدس بعد أن دفنوا أسلحتهم في بيت مهجور لتحتل إسرائيل الضفة الغربية كلها دون قتال .
ليزا ... في صفحة 72 وما بعدها من الكتاب تستحمر القراء ... فتروي لنا أن الملك ذهب بنفسه خلال الحرب إلى النهر للإشراف على القتال ... وتضيف أن غيمة سوداء ظهرت في السماء فوق الملك لتغطي تحركاته عن أعين الطائرات الإسرائيلية ... وظلت الغيمة تسير فوق الملك إلى أن وصل إلى الجبهة ... ثم عادت معه إلى قصره في عمان قبل أن تختفي !!
بهذا الأسلوب الساذج تحاول " ليزا " أن تختصر هزيمة حزيران يونيو ونجاة الملك من القتل ليس لأنه لم يكن يوما من الأيام على قائمة المطلوب قتلهم إسرائيليا لأنه عميل لهم وإنما لان ربنا خبأ الملك تحت غيمة سوداء !!
يبدو أن " ليزا " سمعت بحكاية الغيمة التي ظللت الرسول عليه السلام فحورت القصة ونسبتها إلى الملك استحمارا لعقلية القارئ ... ثم حتى تذكرنا بين فقرة وأخرى أن زوجها هو حفيد النبي بل وتنشر صورة لها ولابنتها وهي في لباس الإحرام ... بل وتقول أن المطر لم ينزل في عمان إلا في يوم عودة الملك من مايو كلينك .
اعتبارا من صفحة 92 من كتابها ... تبدأ الملكة " ليزا " بضرب العرب تحت الحزام ... ففي هذه الصفحات تتحدث عن محاولات الاغتيال التي تعرض لها الملك ... فتتهم المصريين في أكثر من موقع ... ثم تقول أن معمر القذافي طلب من الرئيس حافظ الأسد إسقاط طائرة الملك بصاروخ ارض جو ودفع مقابل ذلك ملايين الدولارات ... وتتناول محاولة الانقلاب التي تقول أن اللواء علي أبو نوار حاول القيام بها مع أن علي أبو نوار نفاها ... كما نفاها مشهور حديثة الجازي الذي قال أن حكاية أبو نوار ضخمت في ذلك الوقت لأسباب سياسية .... أما محاولات الاغتيال بالرصاص التي تعرض لها الملك مرتين وهو بصحبة خاله الشريف ناصر بن جميل فالذي لا تعرفه الملكة فيما يبدو أن الشريف ناصر هو الذي كان مستهدفا من العمليتين وأن الذين أطلقوا عليه النار هم شركاء له في تجارة المخدرات لان الشريف الملقب بين الأردنيين باسم " أبو شوال حز احمر " كان مشهورا عنه انه أهم وأكبر مهرب مخدرات في المملكة وكانت المخدرات تهرب بسياراته عبر الحدود بشوالات حز احمر !! وكان هذا الشريف يمارس هذه التجارة حتى وهو ضابط صغير في الجيش العراقي ... وورث هذه التجارة بعده شريف آخر من الأشراف الهاشميين يتولى قيادة قوات البادية التي أسسها كلوب لحماية الحدود الأردنية من المهربين .
في صفحة 118 تعترف " ليزا " بالعلاقات السرية التي ربطت الملك بإسرائيل وتحاول الإيهام أن هذه العلاقات بدأت بسبب التواجد الفلسطيني غير الشرعي والمكثف في عمان ... واستحمارا للقارئ تورد " ليزا " بعض القصص عن " الإرهاب الفلسطيني " منها رواية تنسبها للأمير علي ابن نايف ابن عم الملك حسين وزوجته الأميرة وجدان ... وكيف أن الفدائيين أطلقوا النار على منزلهم ردا على إطلاقات تأتي من محيط منزلهم المجاور لمنزل زيد بن شاكر وكيف أن أخت زيد بن شاكر " الشريفة جوزة " صعدت إلى " السطوح " بناء على طلب من الأمير علي لتطلب من الجنود التوقف عن إطلاق النار على الفلسطينيين حين أصابتها رصاصة قاتلة وكيف أن الأمير علي الذي وصفته بأنه ضابط ذكي جدا قام بتهريب أسرته إلى لندن !!
ما كتبته " ليزا " عن مجزرة أيلول يعتبر بحق مسخرة المساخر ... وتبسيطها للأحداث وتصويرها لزوجها الملك بأنه كان ضحية تطاول الفلسطينيين عليه ... وتجاهلها لعدة آلاف من الضحايا سقطوا في المخيمات والشوارع والأحياء الفقيرة برصاص الجيش عدا عن عمليات القتل بالبلطات التي تمت في مستشفى البشير وعمليات الاغتصاب والقتل في مدينة الزرقاء ومخيمها ... هذه صور لم ترها الملكة نور التي اكتفت بمرويات الأمير علي ابن نايف والشريف زيد بن شاكر والأميرة وجدان ... هؤلاء هم شهودها على ما وقع في أيلول ... ومنها مثلا أن عرفات انذر الملك 24 ساعة لمغادرة الأردن ... وان الملك ألقى القبض فعلا على ياسر عرفات خلال معارك أيلول ولكنه أطلق سراحه لأنه - أي الملك - رحيم القلب ... وان عدة قادة فلسطينيين وقعوا في الأسر واحضروا إلى الملك فارتموا على رجليه وقبلوها فأعفى الملك عنهم إلى آخر هذه القصص والحكايات التي فبركتها خيالات الملكة نور والتي لا تجد لها أي ذكر في أية وثيقة أردنية بخاصة القول أن عرفات وقع في اسر الملك خلال مجازر أيلول وان الملك أعفى عنه مع أن أي " حمار " قرأ وقائع ما جرى آنذاك يعلم كيف خرج عرفات من عمان في طائرة النميري بعد أن تخفى بدشداشة كويتية .... ومع أن الأردنيين قبل الفلسطينيين يعلمون أن رجولة القادة الفلسطينيين المقاتلين في الميدان - ولا نعني السياسيين الفاسدين - تتنافى مع مرويات الملكة نور .... وإلا ما الذي دفع الملكة دينا ابنة عم الملك وأول زوجة له إلى تطليقه والزواج من احد قادة حركة فتح " صلاح التعمري " ؟
يبدو أن واضع الكتاب للملكة نور كاتب سيناريو لأفلام هوليوود لان الملكة تنط في كتابها من لقطة إلى لقطة غير مرتبطة بها ... فبعد اسطر فقط من حديثها عن مجرزة أيلول وكيف تدخل الجيش السوري ... نطت الملكة - في صفحة 124 - إلى لندن حيث زارت مع زوجها وأولادها قصر " أم قابوس " الفخم الذي يطل على نهر التايمز والذي تصيف به أم قابوس التي استقبلتها وهي تضع الكثير من الحلي الذهبية وذكرت الملكة جانبا من أوصاف " أم قابوس " وكيف أنها كانت تسأل عن أسماء أولاد الملك واحدا واحدا وكيف وزعت عليهم الهدايا وكيف أنها تحدثت معهم بالشأن السياسي والشأن العام إلى آخر هذا المديح لام قابوس وسكرتيرتها " مريم زواوي " التي ستصبح فيما بعد من صديقات نور ... وكانت " القصة " ستكون أكثر تشويقا لو روت لنا الملكة نور حكاية قابوس والأميرة عالية التي رفضت الزواج منه وهي حكاية سمعتها شخصيا من محمد رسول الكيلاني رئيس المخابرات السابق الذي التقيته في منزل المرحوم أحمد طوقان رئيس الوزراء السابق ... يومها وصف الكيلاني السلطان قابوس بأنه قزم وأجرب وذلك ردا على سؤال للدكتور فواز طوقان عن سبب دعم الأردن العسكري لقابوس ضد ثوار ظفار.
الحديث عن قابوس وأمه تجده في مكانين ... ففي صفحة رقم 124 كتبت عن زيارتها الأولى لقصر أم قابوس في لندن ... ولكنها وفي صفحة رقم 242 تطنب الحديث عن أم قابوس بشكل لافت للنظر ربما لان قابوس يأتي من ضمن القادة العرب الذي كانوا يسددون الفواتير الشخصية للملكة نور كما تعترف هي صراحة بل وتؤكد أنها وزوجها كانوا " عالة " على الحكام العرب .
ومع أن " ليزا " تشتم معظم الحكام العرب وتحقرهم وتسخر منهم إلا أنها تكتب عن قابوس بإعجاب شديد ... في حين تتهجم على والده السلطان سعيد ويبدو أنها استقت المعلومات من زوجته " أم قابوس " التي لعبت دورا مشابها للدور الذي لعبته الملكة زين أم حسين ... أي إسقاط الزوج بالتعاون مع الإنجليز لصالح الابن البكر ... وإذا كانت الملكة زين قد أسقطت زوجها طلال بحجة انه مريض عقليا وحبسته إلى يوم وفاته في مستشفى للمجانين في تركيا ... فان " أم قابوس " أسقطت زوجها سعيد بحجة انه بخيل وانه حجب سلطنة عمان عن العالم رغم ثراء البلاد وهو الاتهام نفسه الذي وجهه الشيخ زايد لأخيه شخبوط من أجل إسقاطه ... والطريف أن للمخابرات الإنجليزية إصبع في وصول الثلاثة إلى الحكم ... حسين وزايد وقابوس
ليزا تزعم أن السلطان سعيد وضع ابنه قابوس قيد الإقامة الجبرية لمدة ست سنوات كاملة قبل نجاح قابوس في الانقلاب على أبيه ونفيه إلى الخارج ... ومن الواضح أن هذه المعلومات مستقاة من " أم قابوس " التي تقول الملكة نور في مذكراتها أنها فعليا هي التي تحكم في سلطنة عمان .... ثم تضيف أن أخت قابوس - بعد موت أمه - هي التي تحكم البلاد وتشير إليها صراحة في صفحة رقم 408 والأميرة العمانية اسمها " أمية بنت سعيد " ... وتكشف ليزا جانبا غير معروف من حياة قابوس وهي أن السلطان يعزف الأورغ !! لكنها لا تتطرق إلى طلاقه من ابنة عمه ... ولا إلى بقاءه عازبا ... ولا إلى الإشاعات عن شذوذه الجنسي ... وهي معلومات سأكتب عنها في عدد قادم .
ليزا جعلت الحديث عن قوة وسطوة " أم قابوس " مدخلا للحديث عن الدور الهام الذي تلعبه النساء في القصور العربية وتقول أن هذا الجانب غير معروف للأجانب خارج البلاد العربية لان النساء لا يظهرن إلى الجمهور وفي الحياة العامة ... وهذا يؤكد ما سبق ونشرناه في عرب تايمز عن دور النساء بخاصة في مشيخة أبو ظبي بل وليزا نفسها لعبت دورا بارزا في تغيير خريطة الحكم في الأردن وضمنت لابنها ولاية العهد بعد أن خوزقت عمه !! لقد كتبت من قبل عن دور النساء في قصور الحكام العرب واستهجن البعض ما كتبته معتبرا أن فيه مبالغة ... وها هي الملكة نور تعترف وتؤكد هذا الأمر ... وكان آخر فصل من فصول المؤامرات النسائية قد كتبته الشيخة مهرة أم ولي العهد الجديد في رأس الخيمة .
تعترف الملكة نور أن أم قابوس أغرقتها هي وزوجها بالهدايا ولكن من الواضح أنها لم تخصص كل هذه الصفحات عن أم قابوس بسبب هداياها أو بسبب قوة شخصيتها وإنما بسبب دور قابوس في تغطية المصاريف الشخصية للملكة نور حيث يقول الأردنيون أن فواتير الملكة من مشترواتها في باريس تذهب مباشرة إلى الديوان السلطاني وتسدد من حسابات " أم قابوس " بخاصة بعد أن هاجمت الصحف الكويتية الملكة نور ... وظهرت جريدة السياسة بعد حرب الخليج بمانشيت كبير يقول : الملك يتسول والملكة تتسوق ... ويبدو أن عدم تطرق الملكة لشيوخ الكويت ونسوانهم ارتبط أيضا بالسبب نفسه الذي جعلها تغير في كتابها أو تحذف فقرات أو صفحات عن البطيخي ... أي أنها حاولت مراعاة تطور الأحداث في القصر الملكي قبل صدور الكتاب ... وكان الملك عبد الله قد حرص وتحت ضغط زوجته رانيا المولودة في الكويت أن يعيد العلاقات مع الكويتيين حتى أن رانيا وبعد أول زيارة لها إلى الكويت كملكة قالت للصحف الكويتية :" أنا كويتية " .
صحيح أن الملكة نور تركز في طيات كتابها على أنها فقيرة الحال وان زوجها كان يعيش على تبرعات القادة العرب إلا أنها تنسى أحيانا هذا الأمر فتصف لنا جانبا من حياة البذخ التي تعيشها مع زوجها الذي ينفق الملايين من أموال الشعب الأردني على مناسبات لا علاقة للشعب الأردني بها ... ففي صفحة رقم 244 من الكتاب تصف الملكة عرسا أقيم قرب مأدبا لابن صديقة إنجليزية لها وكيف أن الملك نفسه اشتغل " شوفير " في العرس حين حمل العروس والعريس - وكلاهما إنجليزيان - بطائرته الهليوكوبتر إلى العقبة ليقضيا شهر العسل في قارب ... دون أن تقول لنا جلالتها ما الفائدة التي تعود على الشعب الأردني الفقير من الإنفاق الباذخ على عرس لولد إنجليزي !! وهل دفع الأردنيون الملايين لشراء طائرات هليوكوبتر لسلاح الجو من احل هذه الخدمات !!
ففي صفحة رقم 134 تورد الملكة باختصار ما تسميها بالإشاعات التي أطلقت عليها وعلى الملك ... من وجود ابن قزم غير شرعي للملك يخفيه في أميركا ... إلى وجود ابن اسود لها من علاقة غير شرعية بعشيقها السابق في دالاس .... إلى إنفاق عشرين مليون دولار لشراء قلادة من باريس .... إلى قتل الملكة علياء .... إلى شراء الملك لمزرعة في فلوريدا حتى يهرب إليها في حال وقوع انقلاب ... إلى حكاية الملك مع إحدى سكرتيراته ... وهنا تنسب الملكة الحكاية للأميرة عالية ابنة الملك فتقول: سافرت إلى نيويورك بصحبة الأمير طلال بن محمد الذي كان يعاني من مرض السرطان وطالت سفرتي إلى أن اتصلت بي الأميرة عالية لتقول لي الحقي زوجك ... فقد ارتبط بسكرتيرة تعمل معه و اشترى لها بيتا في عمان والتقى فعلا بأهلها ... وتعترف نور أن علاقتها آنذاك مع الملك كانت جافة وتقول أنها عادت فعلا إلى عمان وفاتحت زوجها بالموضوع وقالت له أنها تحبه بما يكفي السماح له بالزواج من أخرى !!... وفي صفحة رقم 282 تتحدث عن إشاعة انتشرت في عمان عن وجود علاقة بينها وبين الممثل سين كونري الذي كان يصور آنذاك في العقبة فيلم " ديانا جونز " !! وفي صفحة رقم 320 تتحدث عن الإشاعات بقبول الملك لهدايا من السيارات بملايين الدولارات من صدام ... " الطريف أن أحمد الجلبي أكد بعد سقوط بغداد انه عثر على وثائق تؤكد هذه المعلومات " ... وفي صفحة رقم 333 تقول أنها وزوجها عينا محاميا في أميركا لمقاضاة إحدى الصحف الأميركية لنشرها جانبا من هذه الإشاعات ... وفي صفحة رقم 337 تقول أن الإشاعات امتدت لتتهم الأردن بتزويد العراق بالأسلحة " والطريف أيضا انه تبين أن هذه ليست إشاعات فبعد سقوط بغداد عثرت القوات الأميركية والإنجليزية على عشرات المخازن وكلها تتضمن أسلحة وذخائر تحمل اسم الجيش الأردني .... تجدر الإشارة إلى أن لجؤ الملكات والأميرات في الأردن إلى المحامين هو لجؤ صوري يقصد منه تبرير أو نفي بعض المعلومات لا أكثر ولا اقل ... ولعل هذا يفسر لجؤ الملكة رانيا إلى احد المحامين في نيويورك لتهديد جريدة " عرب تايمز " .
الصفحات من 354 وما بعدها تحاول الملكة أن تشرح جانبا مما وقع قبل موت الملك من تغييرات جوهرية في منظومة الحكم منها مثلا أن الأمير حسن وزوجته كانا فعلا يجهزان لاستلام الحكم ... وان الأمير عبد الله ولي العهد السعودي بكى لما رأى الملك حسين ... وتتناول اتفاقية وادي عربة وتكشف النقاب عن أن احد الموقعين من الجانب الإسرائيلي كان قد التقى الحسين وهو طفل حين زار الأردن سرا بدعوة من جده الأمير عبد الله ...
في صفحة رقم 176 تتحدث الملكة عن حرب كادت تقع بين سوريا والأردن بسبب دعم الأردنيين لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا والتي كانت تقوم بعمليات إرهابية في المدن السورية ... وفي صفحة 185من كتابها تشير إلى الأمير زيد بن الحسين عم الملك حسين وكيف أن الملك رفض أن يسمي ابنه منها " حمزة " باسم زيد حتى لا يربط ما بين ابنه وتاريخ قالت انه لا يسر للأمير زيد ... والعجيب أن نور تتهم ابن الأمير زيد " الأمير رعد " الذي كان وزيرا للبلاط بكشف العلاقة التي أقامتها مع الملك قبل الإعلان الرسمي عن الزواج ... ويبدو أنها هنا تنتقم لنفسها من رعد بالحط من أبيه زيد الذي تزوج من كاتبة تركية اسمها " فخر النساء " بعد أن طلقها من زوجها يوم كان سفيرا للعراق في ألمانيا وأنجب منها ابنه رعد ... والطريف أن رعد هذا يطالب هذه الأيام بعرش العراق !!
استطيع أن أؤكد لكم أن من يقرأ كتاب " نور " دون أن يكون ملما بالوضع في الأردن سيخرج بانطباع سيء عن الشعب الفلسطيني فقد حقرته ووصفته بأبشع الأوصاف ونسبت إليه الكثير من الأعمال السيئة ... مع أن نور تعترف بان اعز صديقاتها هي سهى شومان وهي فلسطينية وفي معرض الإيقاع بين المصريين والفلسطينيين تزعم نور في صفحة رقم 204 من كتابها أن الفلسطينيين والإيرانيين والعراقيين هم فقط الذين فرحوا بموت السادات !!
في صفحة رقم 225 من الكتاب وفي معرض الحديث عن حالتهم المالية السيئة وكيف أن زوجها المسكين كان فقيرا - طبعا هي لم تتطرق إلى المرتب الذي كان زوجها يتقاضاه من المخابرات المركزية التي عمل لصالحها بوظيفة عميل وبالاسم الكودي مستر بيف - تتحدث الملكة عن كرم زوجها الذي - كما تزعم - باع قصره في لندن حتى يرمم المسجد الأقصى !!
من يقرأ كتاب نور يدرك على الفور أن الملكة كانت " تغار " من السيدة مبارك حرم الرئيس المصري وباستثناء إبراهيم سعدة الذي رد على الملكة نور فورا بعد صدور كتابها لم نقرأ لأي كاتب مصري تعليقا على هذا الكتاب المهزلة الذي تعمدت فيه الملكة الإساءة إلى الشعب المصري والى قيادته ... ففي صفحة رقم 237 من الكتاب تزعم نور أن الرئيس المصري حسني مبارك اشتكى لها من ممارسات جيهان السادات والدور الذي كانت تلعبه باعتبارها " السيدة الأولى " وكيف أن زوجته سوزان تحرص أن لا تلعب الدور نفسه ... إبراهيم سعدة رئيس تحرير أخبار اليوم رفض الرواية التي ذكرتها الملكة نور حول جهود الملك حسين والرئيس المصري حسني مبارك بشأن إقناع الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين بالانسحاب من الكويت بعد غزو قواته لها.
نور ذكرت أن الملك حسين طار بعد غزو صدام للكويت إلى الإسكندرية للتشاور مع الرئيس مبارك وبعد عودته أخبرها أنه حصل علي تعهد من الرئيس مبارك بأن الجامعة العربية لن تدين أو تواجه الرئيس العراقي بأي شكل من الأشكال إلى أن يقوم زوجها بزيارة بغداد لإقناع صدام حسين بالانسحاب من الكويت. وأضافت الملكة نور كان مبارك يعرف أن زوجي أكثر القادة العرب فهما لجاره العراقي. وكان الوقت ملحا، فقد تزامن مع اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في مقر الجامعة العربية بالقاهرة، حيث مارست الكويت والسعودية إضافة إلى إدارة بوش ومارجريت تاتشر ضغوطا قوية على وزراء الخارجية العرب لإدانة العراق! لكن الملك الحسين كان يعرف أن صدام حسين لن يستمع إلى صوت العقل إذا شعر بأنه محاصر. ولذا كرر لجورج بوش، ومبارك، وفهد:«امهلوني 48 ساعة فقط». الرئيس مبارك لم يكتف بالموافقة، بل زاد قائلا لوزير الخارجية الأردني:«خذ طائرتي الآن واذهب إلى اجتماع الجامعة العربية في القاهرة لكي تكون مستعدا هناك». وأضافت الملكة نور: اجتماع الملك الحسين بصدام حسين صباح اليوم التالي، أي 3 أغسطس كان ناجحا، وأخبرني زوجي لاحقا أن صدام حسين كان مسرورا بالهزة القوية التي أحدثتها خطوته لدى الدول العربية، وقد بدأ بالفعل في التخطيط لسحب قواته من الكويت!! والبرهان على ذلك كان السحب الفوري لواحدة من الفرق العسكرية.
وقالت الملكة نور: وعندما اتصل زوجي بمبارك لإبلاغه النبأ السار، فوجئ بأن وزير خارجية الأردن وجد لدى وصوله إلى اجتماع الجامعة العربية أن نظيره المصري د. عصمت عبد المجيد كان يقود الحملة لإصدار إدانة عربية للعراق. هناك تفسيرات متباينة قدمت لاحقا لهذه الضربة التي استبقت النجاح الذي حققه زوجي مع صدام حسين. لقد أصدر عدد من القادة العرب تعليمات إلى وزراء خارجيتهم المجتمعين في القاهرة بإدانة العراق على رغم معرفتهم الكاملة بنجاح الاجتماع الذي عقده زوجي مع صدام حسين!!. وشهدت الأيام التالية تحرك الصحافة المصرية ضد زوجي، وتصويره على أنه «شيطان»، وهو ما لم أفهمه مطلقا.
في رده على رواية الملكة نور كشف إبراهيم سعدة بعض الأسرار التي أحاطت بهذه القصة قائلا أن الرئيس مبارك أيقن أن صدام لن ينسحب من الكويت وانه يراوغ لكسب الوقت. واستخلص سعدة في المقال إلى أن الملك حسين لم يحصل من صدام حسين على موافقته على الانسحاب من الكويت، لأن موضوع الانسحاب لم يتطرق إليه الحديث خلال اللقاء الذي تم بين الحسين وصدام في بغداد.. باعتراف الملك حسين في حديثه التليفوني مع الرئيس مبارك بعد عودته من لقاء الرئيس العراقي.
في صفحة رقم 306 تتناول الملكة حكاية غزو صدام للكويت وتقول أن الأميركان أعطوه الضوء الأخضر ثم تبث في الكلام الكثير من السم في الكثير من العسل وهي تتناول الدور المصري فتحاول تشويهه وتنسب إلى الرئيس المبارك الكثير من الأقوال والأفعال التي نفاها إبراهيم سعدة ... وكيف أن الرئيس مبارك اتهم الملك حسين بالتواطؤ مع صدام وانه كان يعرف بأمر الغزو قبل أن يقع بل وان جزءا من الجيش الأردني كان يقاتل مع العراقيين في الكويت ... وفي صفحة 314 تزعم الملكة أن الرئيس الجزائري وملك المغرب اخبرا زوجها أن الرئيس مبارك هو الذي ينشر إشاعة تورط الملك مع صدام !!.. وفي صفحة رقم 316 من الكتاب تعرض الملكة حديثا قالت انه دار بينها وبين السيدة سوزان مبارك خلال حرب الكويت واعتراض الحكومة المصرية على ملاحظات الملكة نور التي قالتها للسيدة مبارك وتعليق زوجها على أن هذه هي طريقة المصريين الذين يريدون تفسير أو تبرير موقفهم من الأردن !!
تواصل الملكة نور هجومها على الرئيس المصري في صفحات 318 و 319 .
الشيخة فاطمة الزوجة الرابعة للشيخ زايد تحظى بجانب من هذه المذكرات ... ومع أن الصورة التي رسمتها الملكة للشيخة فاطمة تبدو صورة كاريكاتيرية بخاصة زيارة فاطمة لعمان وهي تضع البرقع وطرد جميع الرجال من القصر واستبدالهم بالشرطة النسائية إلى آخر هذا الوصف المضحك إلا أن نور تعترف بان فاطمة ذات تأثير قوي على منظومة الحكم في الإمارات .. وإنها كانت تغدق الكثير من الهدايا عليها وعلى أولادها .
كتاب الملكة نور ظهر تقريبا في وقت واحد مع كتاب السيدة هيلاري كلينتون ... لكن الفرق بين الكتابين كبير ... فالسيدة كلينتون احترمت في كتابها عقل القارئ ... بينما تعلمت ليزا الحلبي " نور " الدجل والفبركة ... في كتاب هيلاري الكثير من الأسرار التي توضح جانبا هاما من أهم الأحداث السياسية التي وقعت في عهد زوجها بينما تنط " نور " عن هذه الأحداث بشكل عابر وتبسطها أو تتناولها بسذاجة كما فعلت بالنسبة لمجازر أيلول التي أسفرت عن قتل آلاف الفلسطينيين بينما لا تشير جلالتها إلا إلى الشريفة " جوزة " شقيقة الشريف زيد بن شاكر وكأنها الضحية الوحيدة لهذه الحرب .
الكتاب مليء بعد هذا بفقرات تؤكد ما قلته من أن واضع الكتاب هو قطعا كاتب سيناريو في أفلام هوليوود ... فالملكة مثلا تتحدث عن موقف تعرضت له في لندن خلال شهر العسل ففي ذروة شهر العسل في لندن اختفت الملكة لأنها رغبت في تغيير الأجواء حسب قولها والخروج لمشاهدة الأصدقاء. وبدلا من أن تزعج رجال الأمن في «غرين هاوس» القصر الرئاسي في لندن خرجت بهدوء إلى الشارع واستقلت سيارة عمومية وذهبت للالتقاء بإحدى الصديقات.
وما أن همت بالعودة حتى اكتشفت لذهولها أنها لا تعرف العنوان ولا رقم الهاتف. الملكة نور حاولت مع صديقتها الاتصال بالسفارة الأردنية لمعرفة مكان سكن الملك، إلا أن الوقت كان متأخرا والدبلوماسيون كانوا قد غادروا أماكن عملهم. وفي نهاية المطاف استطاعت الوصول للعنوان، وما أن وصلت المكان حتى وجدت الباب مغلقا فاضطرت للوقوف مطولا إلى أن سمع أحد الحراس الجرس فجاء لفتح الباب لها.
من هي نور الحسين أو ليزا حلبي أو الملكة نور؟
الملكة نور اسمها الأصلي ليزا وهي ابنة مهاجر سوري من حلب اسمه نجيب الحلبي ولد لام أميركية في دالاس وأصبح رئيسا لشركة بان أميركان قبل أن يطرد من منصبه وتحمله الشركة مسؤولية الخسائر التي أصابتها ... وقد عملت نور أو ليزا في شركة عالية للطيران بعد تخرجها من جامعة بريستون الأميركية .
ولدت نور في نيوجيرزي لأم سويدية الأصل اسمها دوريس لانكوست ... وقد التقى بها الملك حسين لأول مرة في عمان حيث كانت تعمل كمديرة لدائرة التصميم في شركة عالية للطيران .
وللملكة نور شقيق اسمه كريستيان عمره 50 سنة وهو يعيش في " مينلو بارك " بكاليفورنيا ويعمل كمدير لإحدى شركات الكومبيوتر ... ولها شقيقة اسمها " ألكسا " عمرها 48 سنة تعيش بالقرب من واشنطن .... وقد أنجبت نور من الملك حسين أربعة أبناء هم حمزة - ولي العهد الحالي - وعمره الآن 23 سنة وهاشم - وعمره 22 سنة - وإيمان - وعمرها 20 سنة - وراية - وعمرها 18 سنة - .
وكان رئيس المخابرات السابق سميح البطيخي محسوبا على الملكة نور من خلال زوجته الإنجليزية " جيل " التي كانت تعمل وصيفة لنور ... ويقال أن جيل كانت تترقب الفرصة لخطبة ابنة نور " إيمان " لابنها من سميح البطيخي لكن تورط البطيخي بفضيحة مجد الشمايلة وضع حدا لهذه العلاقة .
لقد ارتبط اسم الملكة نور بالعديد من التطورات التي وقعت داخل القصر الأردني قبل وفاة الملك وخلال مرضه ... فقيل أن رئيس الوزراء السابق عبد الكريم الكباريتي كان من " زلمها " وأن صراعه مع الأمير حسن كان بإيعاز من " نور " ... كما كانت علاقة نور بالأميرة " ثروت " زوجة ولي العهد آنذاك الأمير حسن شبه مقطوعة وكان قرار الأميرة ثروت بتغيير ستائر القصر خلال مرض الملك حسين هو القشة التي قصمت ظهر البعير لان الملك تأثر بنميمة البطيخي وزوجته ورجال نور في القصر فاعتبر تغيير الستائر محاولة لخلافته وهو حي .
جريدة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عرضت كتاب الملكة نور بشكل مختلف اختارت منه فقرات لم أتطرق إليها ... قالت الجريدة أن نور هو الاسم الذي أطلقه عليها الملك حسين، أما اسمها فهو ليزا حلبي، وهي مهندسة معمارية أميركية لأب سوري - لبناني واسمه نجيب حلبي، وهو رجل طيران مخضرم، ولأم سويدية الأصل واسمها دوريس. نور شاهدت الملك لأول مرة من خلف عدسة الكاميرا عندما كان عمرها 26 سنة. ليزا أو نور كانت متوجهة من إيران إلى الولايات المتحدة فاقترح عليها والدها أن تعرج على الأردن لمقابلته.
وفجأة ظهر الملك وحاشيته في المطار حيث كان مع زوجته الثالثة عالية وابنته الكبرى. والدها الذي كان يعرف الملك جيدا ألقى إليها بالكاميرا وطلب منها أن تلتقط له صورة مع الملك. وبعد أن التقطت الصورة تقدمت لمصافحة الملك الذي صافح والدها وابتسم. بعد هذا اللقاء بثلاثة أشهر جاء خبر وفاة عالية في حادث.
نور تتحدث عن بداية حكاية الغرام بينها وبين الملك وتقول انه كان أعزب مطلوبا حيث حاولت كل نساء العائلات الميسورة في الأردن تزويج بناتهن له. نور حصلت على عرض عمل في شركة الطيران الأردنية في ذلك الحين. بعض الأصدقاء الذين عرفوا بميولها الصحفية دعوها للمشاركة في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأميركي سايروس فانس. وما أن لاحظها فانس حتى تعرف عليها على خلفية معرفة سابقة وقدمها للملك.
في اليوم التالي اتصل بها مسؤول البلاط وقال لها أن جلالة الملك يدعوها لمأدبة غداء، المأدبة التي كانت بداية لسلسلة وجبات في القصر الملكي استغرقت ست ساعات، وفي لحظة معينة من اللقاء عرفها على أولاده الصغار، هيا ابنة الثالثة، وعلي ابن السنتين، وعبير ابنة الخمس سنوات اليتيمة الفلسطينية التي فقدت والدتها إثر سقوط دبابة إسرائيلية على منزل عائلتها. الملك طلب منها أن ترافقه في جولة في قصر الهاشمية وعرض عليها أن تقدم له النصح والمشورة باعتبارها مهندسة معمارية حول كيفية ترميم القصر ليصبح ملائما لعائلة ممتدة.
ليزا التي كانت أنهت عقد عملها كمهندسة معمارية في شركة الطيران الإيرانية شخصت المشاكل المعمارية إلا أنها اعتذرت قائلة أنها لا تملك خبرة كافية لمعالجة المشاكل الهندسية المدنية. الملك ذهل من رفضها لأنه لم يعتد أن يُرفض له طلب.
على هذا النحو بدأت حكاية غرام سرية حافلة بلقاءات متقاربة، ليزا كانت تتوجه إلى القصر في كل مساء وتنضم إلى الملك لإيواء الأطفال في فراشهم قارئة لهم القصص والأغاني الإنجليزية.
على هذا النحو تواصل برنامج حياتها اليومي من السهر في القصر إلى البيت فالتوجه للعمل في الصباح الباكر، وهكذا دواليك. وزن ليزا أخذ يتناقص لان الملك كان يلتهم طعامه بسرعة هائلة فكانت تخجل من البقاء على الطاولة لوحدها، أما ثلاجة الشقة فكانت فارغة لأنها لم تجد وقتا لشراء الحاجيات.
الملك اعتاد الاتصال معها بعد أن تعود إلى منزلها مستخدما شيفرة سرية إذ أسماها في هذه الشيفرة «نوفمبر». أما هو فكان اسمه «هوتل تانغو» وهي الأحرف الأولى من اسمه.
نور تتحدث في كتابها عن الوحدة التي كانت تعيش بها وعن قرارها عدم إشراك أحد في سرها، فعمان كانت رمالا متحركة من النمائم، والحكايات حول الملك ومن ستكون زوجته القادمة. والدها لاحظ ما يحدث بينها وبين الملك في إحدى زياراته إلى الأردن، وحذرها من المجتمع الأردني المغلق والحكايات الدائرة في القصر الملكي. وبعد ثلاثة أسابيع من ولادة حكاية الغرام هذه قال الملك لليزا التي كانت تقشر له تفاحة انه يريد التحدث إلى والدها. ليزا طلبت من الملك مهلة للتفكير في العرض فهي قد وقعت في غرامه حيث أنها لن تلتقي أبدا برجل ساحر وجذاب وذكي مثله من ناحية، إلا أنها لم تعرف إذا كانت ملائمة لأن تكون زوجته الرابعة من الناحية الأخرى. الأمور التي كانت تحيرها هي: هل ترغب في أن تكون زوجة رابعة لشخص ما؟ وماذا بالنسبة للفجوة العمرية بينهما «16 سنة» وكيف ستتعايش مع أولاده الثمانية حيث ما زال أربعة منهم أطفال صغار محتاجون للعناية اليومية؟ وما هو معنى أن تكون المرأة زوجة للملك؟ وهل سيطرأ تغير دراماتيكي على الحياة التي تبنتها لنفسها؟
الأميرة بسمة، شقيقة الملك، كانت الشريك الوحيد في هذا السر، واقترحت عليها أن تفكر بالأمر جيدا. ليزا حاولت إشراك الملك في حياتها السابقة حتى يقرر إذا كانت ستستطيع أن تنخرط في الحياة الملكية. الملك فاجأها بقوله أن حياتها السابقة لا تعنيه ولا تهمه ورفض معرفة ذلك.
ليزا تلقت الدرس الأول في الحياة الرسمية في فترة التردد هذه من خلال دعوة لقضاء نهاية الأسبوع في القصر الملكي في العقبة حيث استضاف فرح ديبا زوجة الشاه السابق. الملك تحول خلال اللقاء إلى شخص بارد ورسمي ولم يعد لطبيعته كشخص دافئ ومغازل إلا بعد مغادرة فرح، حيث كشف النقاب لها عن أن زوجة الشاه قد عرضت عليه تحمل مسؤولية أولادها إذا حدث شيء لها ولزوجها. الملك لم يكن يعرف في حينه أن الشاه مصاب بمرض خطير.
صبر الملك نفد بعد 18 يوما من الانتظار حيث فاجأها بعد أن انتهت من إيواء الأطفال وقال لها أن الوضع لا يمكن أن يتواصل على هذا النحو وانه سيقوم بالاتصال بوالدها.
«أنا متفاجئ بعض الشيء» قال نجيب حلبي على الهاتف وهو يسمع صوت الملك حسين قائلا له «يشرفني أن أطلب يد ابنتك». الوالدان طرحا تحفظات من هذا الزواج وطلبا من نور أن تفكر جيدا. والأمر الذي أقلقهما هو التحديات التي تنتظر ابنتهما من هذا الزواج.