في بروتراس..القبرصية في مواجهة الساحل السوري وليس بعيدا عن حدود قبرص التركية , كان البحر هو هو ..الذي احتضن أجسادنا منذ الصغر, ولكنه أنقى وأصفى وبدون مجارير,وعلى الرغم من كثرة المرتادين.
حدثنا الدكتور عمار جبر عن تجربته في الغربة ,افتتح مطعما هنا ومطعما في جزيرة رودس أسماه (بالميرا) تيمنا بالمدينة السورية الشامخة وأضاف له ديكورات تذكر بالمدينة وبسوريا ,وحدثنا عن رودس وكيف أصبحت قبلة السياحة الأوربية .
وكان هذا هو اللقاء الثاني لنا مع مجموعة من المغتربين السوريين هناك .
تحدث كل بتجربته وخبرته ,وقد أسس هؤلاء مشاريع ناجحة في الغربة فالنادي السوري في ليماسول مثلا يعد من النوادي المهمة والناجحة ويستقطب روادا من جميع الجنسيات وكنا قد دعينا لافتتاح مطعم آخر في ليماسول لسوري من آل عبارةمن مدينة حمص .
تحدثوا عن تجارهم وقارنوا بما يحصل في الوطن.
أحدهم قال: لقد افتتحت مصنعا لتوضيب البطاطا المقلية في سوريا,في أول موسم كان الإنتاج جيدا ,ولا حقا تم توزيع بذار على الفلاحين بنوعية متوسطة فأصبحت البطاطا تظهر بعد القلي بشكل مسود وكنا نتلفها,وأصبحت تأتينا بطاطا بنوعين وثلاثة أنواع ,فاضطررنا للتوقف.
وآخر تحدث عن مصنع لإنتاج العصائر ومر بنفس المراحل تقريبا.
و القاسم المشترك للحديث هو انعدام المواصفات للمنتج السوري ,وانعدام معايير الجودة .
وقادنا الحديث إلى المياه ,وقالوا :عندما سمعت اسرائيل بأن القبارصة يفكرون باستجرار المياه البحرية الفائضة في سوريا (في الباصية وغيرها) ,سارعوا للتبرع بمحطة كاملة لتحلية المياه .
وهنا جميع المياه في المنازل هي من هذة المحطة ومثيلاتها(يوجد ثلاث محطات لتحلية المياه) أما مياه الشرب فيمكن شراءها بعبوات من زوايا في كل شارع ,حيث يتم تعبئة عشرين ليترا بوضع قطعة نقدية وفتح الصنبور.
لا بد من أن تتساءل عندما ترى هؤلاء الشباب وهم ينجحون ويؤسسون أعمالا مميزة في وسط غير مرحب على الأقل ومنافس ,ويفشلون في الوطن.
كيف يستطيع بلدا صغيرا وبدون موارد مثل قبرص تأمين الجو والمناخ للإستثمار ,ونفشل نحن برغم كل الموارد المتوفرة لدينا.
طبيعة بلدنا أحلى وتنوعها أكثر , الحضاري والثقافي والتاريخي .ولكن الفوضى والمحسوبيات وعدم وجود القانون والإحتكار وعدم الشفافية تمنع كل استثمار مجدي .
لا بد من إعادة النظر بكل شيء..
إذا بقيت الآلية والعقلية ذاتها هي التي تحكم الأمور,لن نجد في نهاية الشوط أحد بانتظارنا..
ولن يكترث أحد لنا ..
لا يفصلنا عنه إلا عشرات الكيلومترات ,ومع ذلك تجد نفسك في عالم آخر لا يشبه عالمك بشيء,ولا تستطيع أن تكون هنا كما أنت هناك ..لأنك ستسقط وتنبذ.
أيها البر الشرقي ..يا وطني ..كم أحبك في هذة اللحظات وكم أود الإبتعاد عنك إلى نهاية الأرض.
بروتراس-18-9-2007