آخر الأخبار

لغتنا العربية... و الأمانة الصحفية

 

    

 

دعنا نتأمل في الجملتين التاليتين:

1) "قرر وزير الداخلية والبلديات احمد فتفت استدعاء قائد المجموعة الأمنية المشتركة في الجنوب العميد في قوى الأمن الداخلي عدنان داوود وتوقيفه فوراً"

2) "استدعى وزير الداخلية اللبناني احمد فتفت قائد المجموعة الأمنية المشتركة في قوى الأمن الداخلي في الجنوب عدنان داوود وتوقيفه فوراً"

ثم دعنا نتأمل في كلمة "توقيفه"...

في الجملة الأولى هي و لا شك معطوفة على كلمة "استدعاء"، و بالتالي فهي معطوفة على المفعول به للفعل "قرر"، و الكلام سليم من منطلق اللغة العربية و من منطلق الفهم و من منطلق المنطق...

أما في الجملة الثانية... فهذه فضيحة حقيقية و استهتار بأبسط قواعد النحو! ما معنى جملة: "استدعى عمرو زيدا وتوقيفه فوراً"؟ إن كان هناك من يقدر أن يشرح لي هذه الجملة فأنا له من الشاكرين!

يعني أن عمرا استدعى زيدا و استدعى في نفس الوقت الشخص المدعو "توقيفه فورا"؟

*** و هذا يقودنا لقصة حقيقية ممتعة و ذات مغزى (قحمذم)...

أيام كنت أدرس في المعهد العالي بتاع العلوم و التكنولوجيا -أيام تنذكر و لا تنعاد- و حين كنت، و بشكل شبه دائم، الوحيد الذي يقدر على "حل الوظائف"، كان زملائي ممن لا يقدرون على حلها يأتون إلي مرتعبين خائفين يقولون لي أن يا عمرو هات أعطنا نسخة حلك كي ننقلها فنحصل على بضعة علامات تكفينا للنجاح...

و طبعا كان احتقاري للنظام التدريسي التافه للمعهد إياه يسمح لي بالقبول بذلك: يعني لم تكن لدي مشكلة أخلاقية في ذلك. كنت أطالب الزملاء فقط أن يأخذوا الفكرة، لا أن ينقلوا حرفيا. يعني مثلا كنت أطالبهم أن يستبدلوا عبارة "و بما أنه" بعبارة "و بالنظر لكون"... فقط كي لا يلاحظ المدرس التطابق الحرفي بين الورقتين...

و طبعا كان زملائي يفشلون حتى في ذلك...

يعني ليس أنهم فقط كانوا يفشلون في حل الوظائف... لكنهم كانوا يفشلون حتى في فهم حل الوظائف...

كانوا يفشلون في "النقل"... كما تفشل سيريا نيوز، و إليكم تفصيل الكلام...

*** فنصل لحالة سيريا نيوز...

جريدة السفير (راجع الرابط في الملحق رقم 1) نشرت مقالا يبدأ بالجملة رقم 1 المذكورة أعلاه...
فقامت سيريا نيوز (راجع الرابط في الملحق رقم 2) بنسخ هذا المقال و بتغيير بعض الكلمات من نوع استبدال عبارة "و بما أنه" بعبارة "و بالنظر لكون"... لكن للأسف هذا "التمويه" كانت نتيجته فضيحة في النحو تكشف النسخ و النقل بأكثر مما لو كان نقلا حرفيا... فواسخرية عمرو و واسخرية الساخرين!

أدهى من ذلك و أمر: أنه و قد اتضح لكل ذي عينين أن سيريا نيوز تنسخ عن السفير فإننا، حين نراجع المقال إياه على سيريا نيوز نجدها تنسب المقال لنفسها: لا نجد أي ذكر لجريدة السفير!

ليس فقط جريمة بحق اللغة العربية، لكنه خيانة -لا مبالغة في الكلمة- للأمانة الصحفية.

*** السادة في سيريا نيوز:
أعتقد أن أبسط واجباتكم هو نشر هذا المقال، و من ثم الإعتذار لقرائكم عن ضعف لغتكم العربية و عن إخفائكم لمصادركم، و من ثم الإعتذار لجريدة السفير عما فعلتموه، و أخيرا إعادة النظر في سياسة نشركم لما تنشرون.