أتصفح الموقع بشكل شبه يومي ,وبالمصادفة ,لاحظت أن السجال الذي دخلت فيه العام المنصرم بخصوص المادة 548 عقوبات قد أخذ حيزا من المقالات الأكثر قراءة في الموقع الشيء الذي أشعرني بقليل من الغرور ,والكبرياء ,سواء آكانت هذه القراءات متوافقة مع رأيي أم لا ,ولكن حين ربطت هذا الأمر بنوعية الرسائل التي تصلني إلى بريدي ,والتي تحمل الطابع الإسلامي (شديد اللهجة) وقسم لابأس فيه من السعودية ,فهمت أن في الأمر سوء فهم لرأيي,وتوجهاتي الفكرية والاجتماعية ,وإصرار على أن يبقى الموضوع مفتوحا على صفحات الموقع وهذا الأمر جعلني أعلن التوضيح التالي:
*كان دفاعي في حينها دفاعا قانونيا وليس دينيا من منطلق أن القانون انعكاس لقناعات المجتمع بشموليته وليس انعكاس لقناعاتي ويتغير القانون بتخلفه عن تلبية حاجات المجتمع وليس بقسر المجتمع لتغيير عاداته بقانون.
وبهذا المنطق أنا مع أي تغيير أو تطور يطال المجتمع ويفضل (بالنسبة لي)علمنة هذا المجتمع ,فلذلك خففوا يا أصحاب العمائم حماسة رسائلكم فالمسألة سوء فهم,ولا أمل لكم يرتجى مني لا دينيا ولا اجتماعيا
وقلت سابقا استكمالا للنقاش الذي احتدم في منتدى الموقع:
أتفهم رأي الزميل "سربيوني"والذي عبر بدقة عن الثقافة التي دعت إلى تقنين المادة 548 ,كذلك تماما أتفهم استنكارك المعبر عن ثقافة مقابلة قد تكون بديلة لكنها غير سائدة ,وعليه القانون يعالج السائد وليس النخبوي ,وعندما تصبح الثقافة النخبوية هي السائدة يسحب البساط بطبيعة الحال من تحت هكذا مواد قانونية لتموت بالضمور كما مات غيرها ولو لم تلغى ,وهذا ما عبر عنه "سربيوني"بقوله:لن يفكر لا بالإعدام ولا بغيره. وأظن ولا أحسبني مخطئا عندها ستظهر مفاهيم أخرى للشرف وقد ينتقد تقنينها وهكذا....وأتمنى شخصيا ذلك فهذا دليل صحة وديناميكية في المجتمع ,فالقانون هو مؤشر ديناميكية المجتمع وأي مفهوم آخر للقانون هو الذي يوقعنا في سوء التشريع وعدم توافقه وتناقضه وكثرةنصوصه المعقدة دون إمكانية تطبيقه(راجع كثرة التشريعات والتعديلات والمراسيم الجديدة وغير القابلة للحياة)ببساطة لأنها أكثر ديناميكية وحركية وسرعة من ديناميكية وسرعة التطور الاجتماعي ,لذلك كثيرا ما يتراجع عنها أو تهمل أوتتناقض مع سائد ليطبق السائد.التجمعات البشرية البدائية بلا شك أسبق من تنظيم حياتها وعلاقاتها ,حتى فرض الأقوى رغباته كتشريع معتمد لنصل إلى مرحلة القبيلة وظهور الأديان وترسخ العادات والأعراف و..أخيرا قوننة كل ما تقدم في قوانين وضعية غالبا ما كانت تعبر عن مستوى حضارة وثقافة المجتمعات ,وعليه حتى لو غيرت القانون فالتأثير محدود مالم تتغير المحصلة الثقافية للمجتمعات(قانون الثأر في سورية ومصر لم ينقص حوادث الثأر ولم يزدها,بينما زيادة التنوير والتعليم في المناطق النائية يبدو بدأ يظهر تأثيره.
.