تحول لبنان في عام 1984م إلى مناطق نفوذ تقاسمتها الميليشيات المختلفة، في بيروت الغربية أدت انتفاضة السادس من شباط/فبراير إلى انهيار سلطة الرئيس أمين الجميل فتقاسمت ميلشيات حركة أمل، والحزب التقدمي الاشتراكي، والحزب الشيوعي اللبناني، وحركة "المرابطون" إضافة إلى أحزاب صغيرة أخرى السيطرة على أزقة وأحياء هذا الشطر من العاصمة، كانت بيروت الشرقية تبدو في حال أفضل، فميليشيا القوات اللبنانية كانت تبسط سيطرتها، تشاركها بعض ألوية الجيش اللبنانية التي تدين بالولاء، إما للرئيس الجميل، أو للقوات اللبنانية، أدرك الجميل أنه لم يعد بوسعه استثناء دمشق من مجريات الأمور في لبنان، فتوجه إلى سوريا والتقى الرئيس حافظ الأسد، انعقد مؤتمر مصالحة وطني في جنيف، وتلاه آخر في لوزان بسويسرا، لعبت السعودية وسوريا دوراً أساسياً فيهما، كانت المحاولات لإحراز تقدم في المؤتمر تصطدم بعقبة الإصلاحات السياسية في البلاد.
وليد جنبلاط (رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي):
ربما آنذاك يعني الجبهة اللبنانية الممثلة بكميل شمعون وبيير الجميل استفادت من جو -إذا صح التعبير- جو مسيحي أو شعور مسيحي للرئيس فرنجية، الذي رفض -صحيح- التنازل عن صلاحيات رئيس الجمهورية، صحيح هذا الشيء، فرنجية كان السند الأكبر لنا في مؤتمر جنيف، عندما رفض بشكل مطلق تعاون الجبهة اللبنانية، حكم أمين الجميل من خلال اتفاق 17 آيار، لكن فرنجية تصلب فيما تتعلق بالموافقة الداخلية في لوزان. كنت.. أتناول بعض الصور لما يسمى، سميتهم آنذاك.. يعني المومياءات اللبنانية، ولا نزال نملك مومياءات حتى الآن.
ميشال سماحة (المتحدث باسم المؤتمر):
لاحظت أن الحوار في لوزان حوار في الماضي عن الماضي، وأن المتحاورين باستثناء القلة منهم -ولا أريد أن أدخل في.. في الأسماء- غائبون عن المستقبل، غائبون عن الراهن الذي يبني المستقبل، وعن صناعة مستقبل يأخذ بعين الاعتبار دروس الماضي.
عمر العيساوي:
بدأ الأمير بندر بن سلطان، وسعودي من أصل لبناني يدعي رفيق الحريري ببذل جهود باسم المملكة العربية السعودية لإحلال السلام في لبنان.
في بيروت الغربية نشبت سلسلة من المعارك استمرت على مدى السنوات المقبلة، كان عنوانها بسط النفوذ والسيطرة على الأحياء السكنية، خاضت ميليشيات الحزب التقدمي الاشتراكي، وحركة الناصريين المستقلين المعروفة بـ "المرابطون" إحدى هذه المعارك بُعيد انتهاء مؤتمر لوزان انتهت المعركة بوقف لإطلاق النار وسقوط عشرات القتلى والجرحى.
في الجنوب توفى الرائد سعد حداد وحل مكانه اللواء أنطوان لحد على رأس ميليشيا جيش لبنان الجنوبي المتعاونة مع إسرائيل.
ضغطت سوريا على الرئيس الجميل لإلغاء اتفاق السابع عشر من آيار، وتظاهر لبنانيون في الجنوب المحتل ضد هذه الخطوة، وكان وزير الخارجية السوري عبد الحليم خدام يضغط على الجميل للتعجيل بإلغاء الاتفاق.
جوني عبده (سفير لبنان في فرنسا):
وكان فيه وعد من قِبَل الشيخ أمين إنه راح يطلب موعد من.. من الرئيس الأميركي، وبالتالي يجتمع فيه وغيره، يعني بوقتها كان بلَّش الشعور السوري إنه دور سوريا في المنطقة بدون شك تعدى الدور اللبناني، حتى بوجود الرئيس جميل.. على رأس الدولة اللبنانية، وبأتذكر كلام يعني أبو جمال قايله للشيخ أمين إنه: آه ما أعطوك موعد، إذا بدك نحن نطلب لك موعد، يعني بمعنى إنه إيش نحن شاعرين إنه نحن الأميركان بحاجة إلنا أكثر ما يكونوا بحاجة إلك.
عمر العيساوي:
أثمرت اللقاءات اللبنانية السورية عن إلغاء الرئيس الجميل لاتفاق السابع عشر من آيار/مايو، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ترأسها رشيد كرامة.
وليد جنبلاط:
لاحقاً عندما شكلت ما يسمى حكومة الـ...
المحاور:
الوفاق الوطني.. نعم.
وليد جنبلاط:
الوفاق الوطني؟ الوفاق الوطني، وكانت حضرها عبد الحليم خدام، وكنت مع عبد الحليم خدام في محاولة من المحاولات العديدة لكي تستمر تلك الحكومة على قيد الحياة، يعني أنا كنت قد خرجت من.. ببعض اللحظات غاضباً من هذه الحكومة، وهاجمت بشكل قاسي أمين جميل، أذكر اتهمته آنذاك أنه كان مثل.. مثل الشخبوط، لست أدري من أين أتيت بهذه العبارة، لكن اتهمته اتهاماً قاسياً، فكانت.. كانت سوريا تريد تخفيف.. محاولة تخفيف التوتر الداخلي، لأنها كانت تواجه ضغوطات خارجية.
المحاور:
كان أمين الجميل يشتكي من.. كنتم وزيراً.
وليد جنبلاط:
كنتم وزيراً.
المحاور:
أمين الجميل كان وزيراً، وكان يشتكي: وزرائي يقصفون.
وليد جنبلاط:
يعني لم تتغير العادة، أحياناً تقصف بالمدافع، وأحياناً تقصف بالكلام.
فتاة تتوعد بالمشاركة في القتال
عمر العيساوي:
وكذلك فقد أغلقت الحكومة اللبنانية مكتب الارتباط الإسرائيلي في لبنان، تواصلت الهجمات على المصالح الأميركية، فقتل ما لا يقل عن ثلاثة وعشرين شخصاً عندما اقتحمت سيارة ملغومة السفارة الأميركية التي كانت قد انتقلت إلى بيروت الشرقية، أعلنت منظمة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها. في الجنوب كانت المقاومة تقض مضجع قوات الاحتلال بعمليات متتالية، وبرزت إضافة إلى المقاومة الوطنية مقاومة إسلامية، ردت إسرائيل بما أسمتها "سياسة القبضة الحديدية"، أواخر العام بدأت محادثات عسكرية إسرائيلية لبنانية في محاولة للتوصل إلى اتفاق أمني ينهي الاحتلال الإسرائيلي، لم تنتظر إسرائيل نتيجة المحادثات، فبدأت انسحاباً على ثلاث مراحل إلى المنطقة الحدودية المحتلة، وانتهى عام 84 دون أن تلوح في الأفق أي بادرة على إيجاد حل لحرب لبنان.
واصلت قوات الاحتلال السياسة التي أطلقت عليها اسم "القبضة الحديدية" فكانت تحاصر القرى الجنوبية وتقتحمها بأعداد كبيرة من الجنود، في قرية "معركة" زرعت قنبلة في "الحسينية" انفجرت بعد يوم من مغادرة الجيش الإسرائيلي لها، فقتلت بعضاً من كبار شخصيات المقاومة.
وفي قرية "الزرارية" قامت قوات الاحتلال بمحاصرتها بأعداد كبيرة من الجنود والدبابات، واشتبكت مع مقاومين فقتل أربعون شخصاً من بينهم العديد من المدنيين.
جثة أحد المقاتلين
تيمور غوكسل (المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة):
كانوا يسمونها سياسة القبضة الحديدية، أما أنا فكنت أسميها أتعس ممارسات احتلال رأيتها في حياتي، كانوا يجمعون الرجال في باحة المدرسة أو المسجد ويبقونهم تحت الشمس طوال اليوم، يستجوبونهم، يهينونهم، يفتشون بعض المنازل، وفي نهاية المطاف يغادرون خاليِّ الوفاض، قد يعتقلون سبعة أو ثمانية أشخاص، ولكنهم لم يكونوا يعثرون أبداً على ضالتهم، خاصة في قرية "معركة"، كانوا يأتون إليها بقوات ضخمة، وكنت أرى النساء في قرية معركة وهن يهاجمن الدبابات بالسكاكين، كنت أخاف من المنظر، رأيته عدة مرات، كانت النسوة يخرجن من منازلهن وهن يحملن سكاكين المطبخ في أيديهن ويهاجمن الدبابات بها، صدقني كان مشهداً تقشعر له أبدان المحتل، كان يخشاه، كان الإسرائيليون يأتون بأعداد ضخمة وكانوا يعتقدون أن الكتيبة الفرنسية تنذر السكان بقدوم الجيش الإسرائيلي، إلا أن السكان لم يكونوا بحاجة إلى مساعدة، كان لدى جماعة أمل خاصة أولئك في قرية معركة نظام الله أكبر للإنذار المبكر، كانت مكبرات الصوت في المساجد تطلق نداء الله أكبر إلى القرية المجاورة بمجرد عبور أول سيارة إسرائيلية مهما كان الوقت، أي أنه لم يكن أذاناً، بل ما معناه: أن الإسرائيليين قادمون، بعد ذلك فطن الإسرائيليون إلى تلك الحيلة فاستهدفوا مكبرات الصوت الموضوعة في المآذن، عندئذ بدأت مشاكلهم مع الأمم المتحدة، بسبب استباحة حرمة المساجد، كانوا يقتحمون المساجد أو يطلقون النار على المآذن.
أوري لوبري (منسق الأنشطة الإسرائيلية في لبنان):
أعتقد أنه كان يتوجب علينا أن ننسحب بشكل وبوقت أسرع، أعتقد أننا أطلنا الإقامة مع الشيعة في الجنوب، وبدأ الناس يشعرون أن إسرائيل ستحتل المنطقة إلى الأبد، وساهم الإعلام الدعائي في تثبيت هذا الشعور، لم يرق ذلك للناس لا للشيعة ولا لغيرهم، هذه مشكلة كان علينا أن تفهمها بشكل أفضل.
عمر العيساوي:
في بيروت بدأ مسلسل خطف المواطنين الأجانب، وكان من بين المخطوفين (وليم باكلي) مدير محطة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية C.I.A في لبنان، الذي مات تحت التعذيب بعد أشهر، وبعدما أفشى الكثير من الأسرار الاستخباراتية الأميركية.
في طرابلس كانت حركة التوحيد الإسلامي بزعامة الشيخ سعيد شعبان، التي تحالفت مع ياسر عرفات خلال وجوه في المدينة تخوض حرباً دامية ضد ميليشيات لبنانية وعلوية متحالفة مع سوريا، وكانت السيارة الملغومة من أدوات القتل في هذه المعارك.
في أذار/مارس من عام 1985م حصل ما يشبه الانقلاب في حزب الكتائب كانت الهدنة السياسية بين دمشق وحكومة الرئيس الجميل مستمرة، إلا أن أطرافاً في ميليشيا القوات اللبنانية أخذت تخطط لشيء مختلف، حاول الحزب فصل سمير جعجع، واستدعى مسؤول الأمن في الحزب إيلي حبيقة لطمأنة المكتب السياسي على قدرته على الإمساك بالأرض، لم يدك قادة الحزب الذين كانوا يدينون بالولاء للرئيس الجميل أن حبيقة كان متفقاً مع جعجع، قال قادة الانتفاضة إن هدفها كان حماية المجتمع المسيحي والحفاظ على القرار المستقل من الهيمنة السورية.
إيلي حبيقة:
قلت لهم: تكرموا خذوا القرار.
المحاور:
قلت لهم اتمسكوا بفصل سمير جعجع، مش هيك؟
إيلي حبيقة:
صحيح.
المحاور:
خدعتهم.
إيلي حبيقة:
صحيح.
المحاور:
شو ليش؟
إيلي حبيقة (القوات اللبنانية):
ليش، لأ،ه فصل سمير إذا بتمرق العملية بسهولة وبالراحة معناها فيه فصل آخر، أيوه طارت القوات، يعني "فرق تسد" واحد ورا التاني، ورا التاني، ورا التاني، ووقتها كانت ما له علاقة قيادة الحزب، يعني وقتها أمين الجميل قال لهم تعملوا فعل أمر للدكتور إيلي كرامة، تفصلوا سمير وبتقولوا لإيلي إنه هيك بدله، يا بيرضخ.. يا بينسحب من اللعبة، إذا رضخ نخلص من سمير ونرجع نخلص من إيلي، ونخلص من غيره، كان فيه اتنين يعني، وإذا ما رضخ فؤاد بيقوم بواجبه. العملية اللي دركبت كل الأمور، واللي خلت يعني الخيارات تركب بلحظة معينة وبعدين تخلق الحدث كانت تدخل أمين الجميل المباشر، بيطلبني على اجتماع الساعة 7 بكرة.. ببكفيرة، وبيقول لي: أنا طلبت من إيلي كرامة إنه يفصل سمير وهلا بدي بأطلب.. بأطلب منك بدي رأسه لسمير، وأنا وياك يعني بنفوت على الكتايب وعلى لبنان على حصان أبيض، وأنت يا إيلي مستقبلك معي وأنت.. يعني يعمل لي لوج طويلة عريضة، وبدي منك.. بدي منك موقف هلا بدي أعرف أنت معري بها العملية أو شيء معي، وأنا كنت ببكفيرة، وعندي طريق لأرجع على.. على مكتبي أو على بيتي. قلت له: طيب لا قلت له إي ولا.. قلت له: لا، بس، قلت له بما معناه إنه خليني هلا أنزل أحضر كل شيء وتكرم عينك.
أمين الجميل (رئيس الجمهورية اللبنانية):
بأعتقد إنه ها الانتفاضات كانت بدافع طموحات شخصية أكتبر ما كانت قضايا تانية يعني، كانت قضايا طموحات شخصية.
جثة أحد القتلى
جوزيف أبو خليل (الكتائب اللبنانية):
صحيح كانت خديعة، صحيح لأنه كان مسؤولاً عن أجهزة الأمن بصورة عامة، ويمسك بالأرض يعني إمساكاً تاماً، وتعهد أن لا يحدث أي اصطدام أبداً مع القوات اللبنانية، وأن تخلى الطرقات، وأن تسوى المسألة مع سمير جعجع الذي ممتنع عن إلغاء حاجز البربارة.. ما هي القصة بذلك الحين، نحن حزب الكتائب نريد إلغاء حاجز البربارة وفتح الطرقات، المعترض كان سمير جعجع الذي كان يتولى قيادة الشمال.. قيادة الشمال ويمسك بحاجز البربارة، فكانت النزاع على سمير جعجع، دخل إيلي حبيقة وسيطاً ولكن بطريقة مخادعة من الممكن الوصول إلى تسوية مع سمير جعجع وإني أنا أسوي الأمر، فكان أن فتحت الطرقات، وأتيح لقوات سمير جعجع أن تجتاح من الشمال مروراً وصولاً إلى بيروت، والاستيلاء على القوات اللبنانية قيادة، وسلاحاً، وعتاداً، وعزل حزب الكتائب، واعتقال حزب الكتائب، وتعطيل قيادته وقراره، لكي تتولى القوات اللبنانية هي السلطة.. في المناطق الشرقية.
عمر العيساوي:
ساهمت وفاة مؤسس الحزب الشيخ بيير الجميل قبل ذلك بفترة وجيزة في إضعاف الحزب، كان من المفترض أن يقوم الرئيس الجميل بالمشاركة في جنازة الزعيم السوفيتي (قنسطنطين تشرنينكو) إلا أنه وفي موجهة هذه الأزمة ألغى سفره واجتمع مع كبار السياسيين المسيحيين في محاولة لرأب الصدع، رفض الجميل عرضاً سورياً للمساعدة، ورغم أن واشنطن عارضت الانتفاضة، إلا أنها كانت عاجزة على القيام بأي شيء لدعم الرئيس.
كريم بقرادوني (القوات اللبنانية):
قمنا بانتفاضة، بـ 12 أذار 1985م أدت بأنه أمسكنا بالقوات اللبنانية، وتسلم قيادة القوات بالمشاركة سمير جعجع وإيلي حبيقة، ومن جهة تانية منعنا سيطرة أمين الجميل على جزء مهم من حزب الكتائب.
عمر العيساوي:
وفي هذا الربيع الملتهب كانت ميليشيا القوات اللبنانية على وشك أن تخسر آخر موطئ قدم لها في مناطق النفوذ الإسلامي واليساري، ففي قرى شرقي صيدا التي شهدت معارك طاحنة بين الطرفين، انسحب المقاتلون المسيحيون وبدأت موجة انتقامية من مسيحيين بقوا في المنطقة، أعلنت الميليشيات الإسلامية واليسارية أنها اكتشفت مجازر ارتكبتها ميليشيا القوات اللبنانية إبان سيطرتها على المنطقة.
في نيسان/إبريل قام وليد جنبلاط نبيه بري بزيارة دمشق، وبعد عودتهما بساعات سحق تحالف مكون من ميليشيات حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي حركة المرابطون.
وليد جنبلاط:
لأن الوضع اللبناني معقد جداً، ويعني الميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي كان طابعها الأغلب طابع دورزي وتحالف الدروز مع طابع.. مع حركة أمل دروز وشيعة كان لابد من.. وبعد ضرب السنة "المرابطون" الفريق السني قامت.. خرجت.. من.. المذهبية إلى الواجهة.
جورج حاوي (الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني):
طبعاً بدأ الصراع مع المرابطون من قبل ولدي جنبلاط، هو فتح المعركة على جامع عبد الناصر واحتل الجامع، وأخذ طبعاً إذاعة صوت لبنان العربي أو قسم منها..، ثم وهناك اختلفت معه للمرة الأولى في دمشق أنا وكان إلى جانب محسن دلول وأعضاء تانية.. ليش، لماذا هذه المعركة؟ وثم أخذ موقف سلبي وفرضنا.. وكان الموقف السوري إيجابي لصالحنا، يعني العودة عن هذا الاحتلال..، وثم بدأت حركة أمل في السيطرة على بيروت أكثر، وبالتالي بدأ التناقض يشتد بين حركة أمل والحزب الاشتراكي ونحن من جهة أخرى، ثم بين حركة أمل والمرابطون.
وعندما احتدم الصراع أكثر بين حركة أمل والمرابطون كانت العلاقة بين حركة أمل والتحالف الاشتراكي الشيوعي في أسوأ ما وجد، وأن كنت أتوقع أنا يبادر الرفيق وليد جنبلاط لدعوتنا إلى المشاركة في المعركة ضد حركة أمل، عندما استعصت المعركة وبدأ الغلبة للمرابطون وليس لحركة أمل اتصل بي متأخراً في الليل الرفيق وليد جنبلاط، وقال لي أنتم جاهزون، قلت: نعم، قال يجب أن أتدخل لا يمكن نستمر متفرجين، قلت: نعم أنا كنت أعتقد سيطلب منا التدخل إلى جانب المرابطون، ولكن قال أنا يعني لا أستطيع أن أحمل انتصار إبراهيم قلا ليت في بيروت، أنا لا يمكن أن أتخلى عن نبيه بري، ونحن سنقاتل إلى جانب حركة أمل، حاولت أن أستفهم فرأيت إنه القرار متخذ، ونحن كان قرارنا البقاء قوة مشتركة يعني مع الحزب الاشتراكي، كنا قوة موحدة تقريباً، يعني الكتيبة فيها فصيلين الحزب الشيوعي، فصيلين للحزب الاشتراكي في بيروت خصوصاً، وافقته من حيث التضامن المبدئي، إلا أن كان التحكم بالقرار اللاحق يتطلب مثل لهذه المجارات، وفعلاً قواتنا نحن والحزب الاشتراكي هي التي حسمت المعركة، وليست قوات أمل.
عمر العيساوي:
بداغية الصيف شنت حركة أمل هجوماً على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت وقالت الحركة إنها تسعى للقضاء على ما وصفته بـ "النفوذ العرفاتي" بينما اعتبر الفلسطينيون أنهم يقاتلون دفاعاً عن حياتهم، كانت هذه بداية حرب المخيمات التي استمرت نحو ثلاثة أعوام وأودت بحياة المئات.
أواخر العام اختطف مسلحون شيعة طائرة أردنية، وطالبوا بطرد المقاتلين الفلسطينيين من مخيمات اللاجئين، قبيل الموعد الذي حدده الخاطفون لنسف الطائرة بمن عليها، أطلقوا سراح الركاب وعانقوا الطاقم ثم فجروا الطائرة، بقى مطار بيروت مسرحاً لعدة عمليات اختطاف لطائرات كانت أبرزها عملية اختطاف طائرة T.W.A الأميركية، طلب الخاطفون إطلاق سراح 700 لبناني أسرتهم إسرائيل وقتلوا بحاراً أميركياً كان على متن الطائرة وألقوا بجثته منها فيما اقتيد معظم الركاب إلى ضاحية بيروت الجنوبية معقل حركة أمل، انتهت العملية بإطلاق سراح الركاب واختفاء الخاطفين.
اشتعلت بيروت الغربية عندما اشتبكت مجدداً ميليشيات الحزب التقدمي الاشتراكي مع حركة أمل في معارك سميت بحرب العلم عندما حاولت عناصر من من ميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي نزع العلم اللبناني من مبان حكومية واستبداله بعلم الحزب قتل العديد من الأبرياء في هذه المعارك.
كريم بقرادوني:
كانت جريمة بحق المواطنين الأبرياء ليست هفوة سياسية إنها جرمية، أعترف نعم.
مقاتل من الميليشيات
عمر العيساوي:
في طرابلس اتهم الشيخ سعيد شعبان سوريا بالتحضير لارتكاب مجزرة، بينما اعتبر حلفاء دمشق أن احتلال مدينة طرابلس من قبل طرف إسلامي متشدد هو أمر لا يمكن أن يسمح به، اختطف موالون لحركة التوحيد الإسلامية 4 دبلوماسيين سوفييت في محاولة لدفع موسكو للضغط على دمشق، قتل أحد الدبلوماسيين، وأطلق سراح الثلاثة الآخرين بعدما قتل إسلاميون وتم التنكيل بجثثهم، أخيراً وبعد هجوم عنيف دام ستة أيام شنته الميليشيات اللبنانية المتحالفة مع دمشق ودعمته المدافع والدبابات السورية، رضخت حركة التوحيد ودخلت القوات السورية عاصمة الشمال اللبناني.
في بيروت الشرقية كانت التطورات تتوالى فبعد انتفاضة حبيقة وجعجع في آذار/مارس جرت محاولات للتفاهم مع سوريا أدت إلى ازياد الشرخ في الصف المسيحي، حاول الرئيس الجميل الحصول على تفويض مكتوب من أقطاب ميلشيا القوات اللبنانية، سمير جعجع وإيلي حبيقة للتفاوض مع سوريا.
كريم بقرادوني:
بالاجتماع مع الرئيس الجميل، اشترط عليهم بشكل واضح حتى يقدم على أي خطوة للملمة ضع والمهجرين وشرق صيدا هو أن نكلفه خطياً من قبل الانتفاضة بإجراء مفاوضات مع سوريا.
أنا بالنسبة إلي كانت المشكلة سمير جعجع، لأنه إيلي حبيقة كان حسب معلوماتي وأخبرني بذلك إنه كان فتح خط اتصال مع سوريا وكان ميشال سماحة أمن له اتصالات اتأمنت لزياراته وكانت الاتصالات بدأت بالأول، بأول المطاف مع دكتور رفعت الأسد ثم تحولت لاتصالات مع الأستاذ عبد الحليم خدام.
تشاورت وسمير وقلنا لا يجوز أن نبقى هكذا، وقرر سمير جعجع توقيع كتاب إلى أمين الجميل من طرف واحد، أبلغت أمين الجميل هذا الكتاب طبعاً السؤال الأول، أمين الجميل تتطلع في وقال لي، لماذا ووين توقيع إيلي حبيقة، قلت له إيلي غير موافق.
عمر العيساوي:
إلا أن حبيقة قام بانقلاب معاكس داخل القوات اللبنانية في التاسع من أيار/مايو وأعلن أن خيار لبنان هو عربي ولسوريا موقع مميز فيه.
إيلي حبيقة:
ما عملنا كل شيء مع أمين لنرجع بالآخر، أنه أمين هو سيد القوات وهو بيفاوض باسمها، وإذا فيه حدا بيفاوض إحنا بنفاوض وبنفاوض مباشرة.
روبير حاتم (كوبرا - مسؤول أمن إيلي حبيقة):
كان تفكيره على أساس إنه ما له خبز بيروت، النظام السوري، النظام السوري، 50 سنة راح يبقى، ناخد النظام معنا بيصير نحن 50 سنة راكبين البلد هذا كان يحيكه، إنه لـ 50 سنة سوريا بده أنه نظامه قاعد بلبنان وهو بيظل مسيطر عليه من هيك أعطيه كل شيء.
كريم بقرادوني:
تبين لي بأن هذا بيان مجهز، وفيه كتير من مناخ عقائدي.. بعث، هايدا بيان بينكتب بدمشق أكتر ما بينكتب ببيروت.
مقاتل من حزب الله
عمر العيساوي:
لأول مرة منذ عشر سنوات زار قائد لميلشيا القوات اللبنانية دمشق. كانت محادثات حبيقة -حليف إسرائيل السابق- مع السوريين مؤشراً على أن شيئاً ما يحدث.
أواخر العام ومع ازدياد نفوذها في لبنان حاولت سوريا أن تكون الوسيط بين اللبنانيين وكانت على وشك أن تستضيف إيلي حبيقة ووليد جنبلاط ونبيه بري، لتوقيع اتفاق ثلاثي ينهي حرب لبنان. لعب رفيق الحريري دوراً أساسياً من وراء الكواليس.
ميشال سماحة:
قدم مساعدات مالية لكل الأطراف، هلا إذا بده.. يعني، الحسن النية أو اللي بده ما بده بقوت لا بحسن النية ولا بسوء نية اللي بده يقول، اللي بده يفسر في تلك الفترة هذه الأمور بيقول، وعارف ما هو الدور في هذا الموضوع، كانت هذه من أدوات تسهيل الإتيان بهذه.. بها الفرقاء إلى طاولة البحث والتفاوض كيف استعمل المال من قبل هذه الأطراف؟ فيك تقول والله رفيق الحريري عم بيمول للحرب، بس كمان وبشكل أساسي من حيث الفعل وما واكبه ونتائجه كان رفيق الحريري كمان عم بيكون يمكن كريم ببعض الأحيان على بعض الناس لتوثيق العلاقة، وكان المال في بعض الأحيان إحدى أدوات الإقناع والثقة للإتيان بهم إلى طاولة التفاوض.
أمين الجميل:
وقتها رحت وقت زرت الرئيس الأسد بعد.. بناءً لطلبه دعاني لاطلاعي على الاتفاق الثلاثي بأتذكر وقتها أنا أبديت كل تحفاظاتي أمام الرئيس الأسد، وقلت له إنه ها الاتفاق ما بيخدم لا مصلحة لبنان ولا مصلحة العلاقات الثنائية. اللبنانية السورية، وتمنيت عليه الرجوع عن هذا الاتفاق.
الرئيس الأسد.. لذلك لما كنا نجتمع، حقيقة يعني كان فيه.. أنا كنت حابب على الصعيد الاستراتيجي على صعيد مصالح الدولتين بها الصراع، قضية الحرب والسلم، أنا كان بودي نتعاون إحنا والرئيس الأسد، أنا كان بودي أن لبنان بيكون حليف أساسي لسوريا يكون هو بجانب سوريا بالسراء والضراء، يكون لبنان حقيقة.. لبنان عم بيلعب دور أساسي في ها النضال العربي بجانب سوريا، إنما لبنان يبقي سيادته واستقلاله ونظامه الحر و.. و.. خصوصيه مثل ما مثلاً بعض الدول للخليج بستاند السعودية بعض.. مثلاً فيه نوع من تضامن عربي ببعض الأحيان، نكون نحن متضامنين تكون حقيقة سوريا هي الأخ الأكبر نتعاون إحنا وياها، بس إنما الأخ الأكبر بيساعد خيه الصغير، ما بيبلعه.
جورج ديب (أكاديمي لبناني):
طلب مني أمين الجميل رئيس الجمهورية أن نجتمع به، وكان في الصيف في مصيف ببكفيرة، قال لي: بأن أعطيه رأيي بالاتفاق الثلاثي، أعطيته رأيي، ثم عندما وصلنا لآخر 85 طلبني مرة أخرى للقصر في (بوعابدة) وقال لي بأنه سيقابل سيادة الرئيس حافظ الأسد غداً أو بعد غد، وهو سيذهب وسيعلن له بأنه قبل الاتفاق الثلاثي مبدئياً على الأقل وقال لي.. طلب مني إني إذا أعطيه أسباب ليش عم بيقبل الاتفاق الثلاثي فجلست معه تلات ساعات، نحكي بالموضوع وتركته الضهر الساعة 12، لأن كان قد دعى بعض الأشخاص إلى غداء خاص ويريد أن يجتمع بيهم في بعد الظهر، فتركته الساعة 12 ضهراً وهو قد قال لي، وهو يقول لي بأنه سيذهب غداً إلى الشام وسيقول بأنه يقبل الاتفاق الثلاثي، ذهبت وتغديت مع أمين عام الخارجية السفير فؤاد الترك، اللي بيته قريب من القصر الجمهوري، ثم عدت إليه الساعة 3، وكان بطلب منه، أول شيء قاله لي وقتها دخلت إلى مكتبه، كان وجهه محمراً بشكل لم أرى وجهاً في حياتي محمراً بهذا الشكل، قال لي بأنه لن يوافق على الاتفاق الثلاثي قبل الضهر كان وافق بعد الضهر بطل موافقة.
المحاور:
طيب مَنْ.. مَنْ رأى.. من غير رأيه ماذا غير رأيه في.. في فترة الساعات الثلاث هذه؟
جورج ديب:
لست أدري بالضبط طبعاً، لا أعرف بالضبط.
المحاور:
من كان مدعواً على الغداء؟
جورج ديب [مستأنفاً]:
إنما عند خروجي، عند خروي من مكتبة، التقيت بالسفير الأميركي وبسفير لبنان في.. في أميركا في واشنطن عبد الله بوحبيب، فطبعاً سلمت عليهم وقالا لي بأنهما سيتغديان مع فخامة الرئيس.
عمر العيساوي:
زار كريم بقرادوني دمشق واجتمع إلى عبد الحليم خدام.
كريم بقرادوني:
قلت له إنه الاتفاق الثلاثي أكبر من أنه يتحمله إيلي حبيقة، طبعاً أبو جمال على طريقته قال لي: شو نسبة القوة؟ قلت له: أي قوة؟
قال لي: شو نسبة القوة بين سمير جعجع وإيلي حبيقة؟ قلت له يمكن متعادلة، قال لي لأ 1 على 6. فقلت له لصالح مَنْ؟ قال لي لصالح حبيقة. قلت له لأ، إذا بدنا نعمل معادلة، 1/6 ولكن لصالح سمير جعجع طبعاً ما صدقني.
الأمر التاني يا اللي طرحته هو موضوع إذا ممكن إجراء تعديلات على الاتفاق الثلاثي، قال لي مع الوقت بنعدل، بالتنفيذ بنعدل، بس هاي مش وارد تغيير كلمة بالاتفاق الثلاثي، لأنه إذا غيرنا كلمة بيصير بدنا نعيد النظر بكل هذا الاتفاق، كمان تسكَّر الباب.
الأمر الثالث يا اللي بحثنا فيه إنه طيب هذا الاتفاق يجب أن يمر بصورة شرعية يعني لا يتفق.. يعني لا يكفي أن تتفق القوى الميليشياوية حتى يعتبر هذا وفاق وطني يجب أن يمر من خلال مجلس الوزراء ومجلس النواب، فقال لي هذا أمر اتركه لأمين الجميل آتي لعندنا نحنا سنقنعه بهذا الاتفاق، فأنا أخبرته قلت له الجميل ما بيقدر يمشي بهذا الاتفاق كمان اعتبر إنه لأ وقال لي جملته المشهورة أما بيمشى.. أما بيمشي، يعني أما بيمشي بالاتفاق إما بيترك الحكم.
عمر العيساوي:
تداعى المسيحيون الموازنة لدراسة الوضع.
إيلي حبيقة:
وقتها سمير جعجع بيقف بيقول أنا مستعد أعطي كل شيء لإيلي، شو بده أنا مستعدأعطيه بس ما يروح يوقع. قلت له والله أنا هذا خيار أخذته فيه يروح لحالي ما أمثل حدا، مثل ما يروح فيه أمثلكم بس أنا رايح، وقتها كان فيه المطران حلو قال لي روح الله يوفقكم، وجي الأب نعمان قال المهم أنكم ما تتقاتلوا مع بعض وما يصير فيه شرخ، قلت له بأكد لك أنه راح يصير يه شرخ بس هايدا شغلة لازم تنعمل وبدي أعملها.
عمر العيساوي:
وقع الخلاف بين المسيحيين، في دمشق وقع حبيقة وبري وجنبلاط الاتفاق الثلاثي، رغم معارضة جنبلاط الاجتماع مع حبيقة وعدم اقتناعه بالاتفاق.
جورج حاوي:
طبعاً وليد جنبلاط كان على قناعة كاملة أنه بدون تحطيم الجسم الصلب للقوات اللبنانية وللمشروع الانعزالي لن يحصل سلام في لبنان، وعَّبر من هذه القناعة أثناء التوقيع وبعد التوقيع عندما التقينا بالرئيس حافظ فوقف أمام لوحة حطين المعلقة في القصر الجمهوري وقال للرئيس حافظ الأسد -بجرأة أمام الجميع- هذا هو الحل وليس الاتفاق الثلاثي، أهي معركة حطين.
وليد جنبلاط:
عندما قال لنا السوريون في معركة معينة لابد من أن نوقع على الاتفاق الثلاثي في دمشق تفاجأت، فكان مع حبيقة كريم بقرادوني وسياسي كبير لبناني فؤاد بطرس، تفاجأت وآنذاك أثناء حفلة التوقيع يعني كنت أشك فنظر إليَّ عبد الحليم خدام وقال لي ماذا، لماذا.. يعني لماذا أنت تشك؟ قلت له يعني أشك في أن هذا الاتفاق قد ينفذ أيام حتى ولدي تيمور، لأن الفريق الفريق الذي كان أوجهه.. ما عدا فؤاد بطرس كان الفريق اللي أصلاً المسؤول عن تدمير البلد، عن ما يسمى.. كان الفريق.. القوى الرئيسية عند القوى المسيحية اللبنانية المتطرفة، لكن لم أكن أملك الاعتبارات التي كانت تملكها سوريا.
عمر العيساوي:
وبعد أقل من ثلاث أسابيع شن سمير جعجع في كانون الثاني/يناير من عام 1986م هجوماً كاسحاً على القوات الموالية لإيلي حبيقة.
سقط الاتفاق الثلاثي، تدخل رئيس الأركان السوري للحفاظ على حياة حبيقة الذي أقر بالهزيمة.
إيلي حبيقة:
لو ما اعتبر وناهي أنا أعتقد أن هايدا الشغلة اللي كانت لازم تنعمل ما كنت خسرت هذه المعركة، بس فت على معركة، مش قادر أقنع الناس اللي معي، إن نحنا بدنا نقاتل رفقاتنا اللي كانوا إمبارح رفقاتنا لأنه بدنا نروح نعمل اتفاق نحن وسوريا والحزب التقدمي وحركة أمل، كيف تقنع ها الناس، سريع كتير كان الاتفاق الثلاثي، تحضيره كان سريع وإمكانية إنك تنزل و.. لكن الطايف بدك تبشر له بعضهم لهلا بيعملوا يعني حلقات تبشرية، لأنه يشوف شيء ظابط يشوف شيء منيح.. يشوف شيء مش منيح.. أنه هاديك بظرف شهر أو شهرين انعملت العملية كلها سوا.
كريم بقرادوني:
انقلبت التحالفات، سمير جعجع يا اللي كان متحالف مع إيلي حبيقة ضد أمين الجميل، تحالف مع أمين الجميل ضد إيلي حيبقة، وبـ 15 كانون صبيحة 15 كانون قام سمير جعجع مع قوى أمين الجميل بالمتن، ومع تحييد تام للجيش بعملية أدت الإطاحة بإيلي حبيقة، طبعاً جرى بسرعة الإمساك بكل مواقع إيلي حبيقة إلا بموقعه الأساسي يا اللي كان بالكرانتينة بمجلس الأمن، كان محاط محاصر، حكمت الشهابي تدخل مباشرة وأبلغ قائد الجيش بأنه إذا حياة إيلي حبيقة تنمس، الجيش السوري مستعد إنه يتدخل.
عمر العيساوي:
أوفد جعجع بقرادوني إلى حبيقة.
كريم بقرادوني:
أمام هذا المنظر، سمير جعجع عاتبني عدة مرات، كان بإمكاني إني أقول له وقع على الاستقالة اعتبرت أنه الهزيمة هي استقالة، ما كان بإمكاني كما أن أتدخل بمسائل المال خصوصاً أن الوزير ميشيل المر بالحقيقة قال لي ما تبحث بالمال كل ما يجب من مال أن مستعد أدفعه، والحقيقة ولا الاستقالة كانت محلها ولا المطالبة بالمال كانت بمحله وانتهت هذا.. انتهت هذه الصفحة بها الوداع بين رفاق قاتلوا معاً وتقاتلوا معاً.
عمر العيساوي:
حاول حبيقة بعد أشهر العودة إلى بيروت الشرقية بعلمية دعمتها دمشق إلا أن الجيش اللبناني تدخل وحسم المعركة ضد قوات حبيقة.
روبير حاتم (كوبرا):
الصول الغازي كان أعتقد عنده، عنده غرف علميات، أم قال لي حبيقة بالسابع مطرح ما كان قاعد فوق.. فوق رستم الغزالي، أمام غرفة العمليات، كان فيها سعد شفتري ومروان وغازي كنعان وأنا كنت معهم، وقتها الشباب صارت تنهار لأنه ما فيهم إنه مش متوقع الجيش يضرب ووقته صار فيه أن جميع القوات انسحبوا على القسروان احتل الجيش، الجيش أجي قوامه يضرب، تعرف الجيش ضربته مش هينة يعني هو والشباب ضعضعه، طلب غازي من عون... سنتين بس يفوت السوريين ما قدروا.
أمين الجميل:
ما بأعتقد وقتها كان قائد الجيش كان ضدها التدخل بس إنما كان وقت عرفت بالأمر دوغري تدخلت، وطلعت شخصياً على وزارة الدفاع لأنه ما كان بدي أخاطر ولا كان بدي يكون فيه أي تردد بهذا الأمر، فطلعت لفوق على وزارة الدفاع وكنت بغرفة العمليات من أجل تكثيف العمليات العسكرية لأنه وقتها ما كانت معركة بين إيلي حبيقة وسمير جعجع ما كانت معركة ضمن إطار القوات اللبنانية كانت معركة تتعلق بالنظام اللبناني، وتتعلق بالحكم بالذات لأنه معروف إنه التوجهات، التوجهات وقتها كانت توجهات بتنال من صميم الخط الوطني اللي كنا نحنا ماشيين فيه، صميم الرهان اللبناني اللي كنا نحن متمسكين فيه، هذا كان على المحك، لذلك اعتبرت إنه من واجبي طالما إنه مدرك لمخاطر الاتفاق الثلاثي كما وقع من.. من واجبي إنه أتصدى لنتائجه وأتصدى لمحاولة تعويمه بأي ثمن.
عمر العيساوي:
واستمراراً للمعارك بين قوات منظمة التحرير الفلسطينية وحركة أمل، اجتاح الفلسطينيون مواقع المقاتلين الشيعة في بلدة مغدوشة الاستراتيجية في عملية خاطفة، حاولت أمل دون جدوى استعادة القرية المطلة على أجزاء هامة من الجنوب، تم التوصل إلى اتفاق ينسحب بموجبه المقاتلون الفلسطينيون من مغدوشة إلا أنهم قاموا بتسليمها إلى مقاتلي حزب الله، الذي أخذ ينافس أمل على زعامة الطائفة الشيعية.
كانت عناصر الميليشيات في كل أرجاء لبنان تفرض على أصحاب المصالح التجارية دفع بدل حماية أو قوة وانهمك الكثير من المسلحين بأعمال السلب والنهب وشتى أنواع الأعمال غير المشروعة وكذلك فقد حلت الميليشيات مكان القضاء، كان لابد من طرف يتدخل للجم التدهور وكانت بيروت على موعد متجدد مع قوات تردع حَمَلة السلاح.
عمر العيساوي:
تحول لبنان في عام 1984م إلى مناطق نفوذ تقاسمتها الميليشيات المختلفة، في بيروت الغربية أدت انتفاضة السادس من شباط/فبراير إلى انهيار سلطة الرئيس أمين الجميل فتقاسمت ميلشيات حركة أمل، والحزب التقدمي الاشتراكي، والحزب الشيوعي اللبناني، وحركة "المرابطون" إضافة إلى أحزاب صغيرة أخرى السيطرة على أزقة وأحياء هذا الشطر من العاصمة، كانت بيروت الشرقية تبدو في حال أفضل، فميليشيا القوات اللبنانية كانت تبسط سيطرتها، تشاركها بعض ألوية الجيش اللبنانية التي تدين بالولاء، إما للرئيس الجميل، أو للقوات اللبنانية، أدرك الجميل أنه لم يعد بوسعه استثناء دمشق من مجريات الأمور في لبنان، فتوجه إلى سوريا والتقى الرئيس حافظ الأسد، انعقد مؤتمر مصالحة وطني في جنيف، وتلاه آخر في لوزان بسويسرا، لعبت السعودية وسوريا دوراً أساسياً فيهما، كانت المحاولات لإحراز تقدم في المؤتمر تصطدم بعقبة الإصلاحات السياسية في البلاد.
وليد جنبلاط (رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي):
ربما آنذاك يعني الجبهة اللبنانية الممثلة بكميل شمعون وبيير الجميل استفادت من جو -إذا صح التعبير- جو مسيحي أو شعور مسيحي للرئيس فرنجية، الذي رفض -صحيح- التنازل عن صلاحيات رئيس الجمهورية، صحيح هذا الشيء، فرنجية كان السند الأكبر لنا في مؤتمر جنيف، عندما رفض بشكل مطلق تعاون الجبهة اللبنانية، حكم أمين الجميل من خلال اتفاق 17 آيار، لكن فرنجية تصلب فيما تتعلق بالموافقة الداخلية في لوزان. كنت.. أتناول بعض الصور لما يسمى، سميتهم آنذاك.. يعني المومياءات اللبنانية، ولا نزال نملك مومياءات حتى الآن.
ميشال سماحة (المتحدث باسم المؤتمر):
لاحظت أن الحوار في لوزان حوار في الماضي عن الماضي، وأن المتحاورين باستثناء القلة منهم -ولا أريد أن أدخل في.. في الأسماء- غائبون عن المستقبل، غائبون عن الراهن الذي يبني المستقبل، وعن صناعة مستقبل يأخذ بعين الاعتبار دروس الماضي.
عمر العيساوي:
بدأ الأمير بندر بن سلطان، وسعودي من أصل لبناني يدعي رفيق الحريري ببذل جهود باسم المملكة العربية السعودية لإحلال السلام في لبنان.
في بيروت الغربية نشبت سلسلة من المعارك استمرت على مدى السنوات المقبلة، كان عنوانها بسط النفوذ والسيطرة على الأحياء السكنية، خاضت ميليشيات الحزب التقدمي الاشتراكي، وحركة الناصريين المستقلين المعروفة بـ "المرابطون" إحدى هذه المعارك بُعيد انتهاء مؤتمر لوزان انتهت المعركة بوقف لإطلاق النار وسقوط عشرات القتلى والجرحى.
في الجنوب توفى الرائد سعد حداد وحل مكانه اللواء أنطوان لحد على رأس ميليشيا جيش لبنان الجنوبي المتعاونة مع إسرائيل.
ضغطت سوريا على الرئيس الجميل لإلغاء اتفاق السابع عشر من آيار، وتظاهر لبنانيون في الجنوب المحتل ضد هذه الخطوة، وكان وزير الخارجية السوري عبد الحليم خدام يضغط على الجميل للتعجيل بإلغاء الاتفاق.
جوني عبده (سفير لبنان في فرنسا):
وكان فيه وعد من قِبَل الشيخ أمين إنه راح يطلب موعد من.. من الرئيس الأميركي، وبالتالي يجتمع فيه وغيره، يعني بوقتها كان بلَّش الشعور السوري إنه دور سوريا في المنطقة بدون شك تعدى الدور اللبناني، حتى بوجود الرئيس جميل.. على رأس الدولة اللبنانية، وبأتذكر كلام يعني أبو جمال قايله للشيخ أمين إنه: آه ما أعطوك موعد، إذا بدك نحن نطلب لك موعد، يعني بمعنى إنه إيش نحن شاعرين إنه نحن الأميركان بحاجة إلنا أكثر ما يكونوا بحاجة إلك.
عمر العيساوي:
أثمرت اللقاءات اللبنانية السورية عن إلغاء الرئيس الجميل لاتفاق السابع عشر من آيار/مايو، وتشكيل حكومة وحدة وطنية ترأسها رشيد كرامة.
وليد جنبلاط:
لاحقاً عندما شكلت ما يسمى حكومة الـ...
المحاور:
الوفاق الوطني.. نعم.
وليد جنبلاط:
الوفاق الوطني؟ الوفاق الوطني، وكانت حضرها عبد الحليم خدام، وكنت مع عبد الحليم خدام في محاولة من المحاولات العديدة لكي تستمر تلك الحكومة على قيد الحياة، يعني أنا كنت قد خرجت من.. ببعض اللحظات غاضباً من هذه الحكومة، وهاجمت بشكل قاسي أمين جميل، أذكر اتهمته آنذاك أنه كان مثل.. مثل الشخبوط، لست أدري من أين أتيت بهذه العبارة، لكن اتهمته اتهاماً قاسياً، فكانت.. كانت سوريا تريد تخفيف.. محاولة تخفيف التوتر الداخلي، لأنها كانت تواجه ضغوطات خارجية.
المحاور:
كان أمين الجميل يشتكي من.. كنتم وزيراً.
وليد جنبلاط:
كنتم وزيراً.
المحاور:
أمين الجميل كان وزيراً، وكان يشتكي: وزرائي يقصفون.
وليد جنبلاط:
يعني لم تتغير العادة، أحياناً تقصف بالمدافع، وأحياناً تقصف بالكلام.
عمر العيساوي:
وكذلك فقد أغلقت الحكومة اللبنانية مكتب الارتباط الإسرائيلي في لبنان، تواصلت الهجمات على المصالح الأميركية، فقتل ما لا يقل عن ثلاثة وعشرين شخصاً عندما اقتحمت سيارة ملغومة السفارة الأميركية التي كانت قد انتقلت إلى بيروت الشرقية، أعلنت منظمة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها. في الجنوب كانت المقاومة تقض مضجع قوات الاحتلال بعمليات متتالية، وبرزت إضافة إلى المقاومة الوطنية مقاومة إسلامية، ردت إسرائيل بما أسمتها "سياسة القبضة الحديدية"، أواخر العام بدأت محادثات عسكرية إسرائيلية لبنانية في محاولة للتوصل إلى اتفاق أمني ينهي الاحتلال الإسرائيلي، لم تنتظر إسرائيل نتيجة المحادثات، فبدأت انسحاباً على ثلاث مراحل إلى المنطقة الحدودية المحتلة، وانتهى عام 84 دون أن تلوح في الأفق أي بادرة على إيجاد حل لحرب لبنان.
واصلت قوات الاحتلال السياسة التي أطلقت عليها اسم "القبضة الحديدية" فكانت تحاصر القرى الجنوبية وتقتحمها بأعداد كبيرة من الجنود، في قرية "معركة" زرعت قنبلة في "الحسينية" انفجرت بعد يوم من مغادرة الجيش الإسرائيلي لها، فقتلت بعضاً من كبار شخصيات المقاومة.
وفي قرية "الزرارية" قامت قوات الاحتلال بمحاصرتها بأعداد كبيرة من الجنود والدبابات، واشتبكت مع مقاومين فقتل أربعون شخصاً من بينهم العديد من المدنيين.
تيمور غوكسل (المتحدث باسم قوات الأمم المتحدة):
كانوا يسمونها سياسة القبضة الحديدية، أما أنا فكنت أسميها أتعس ممارسات احتلال رأيتها في حياتي، كانوا يجمعون الرجال في باحة المدرسة أو المسجد ويبقونهم تحت الشمس طوال اليوم، يستجوبونهم، يهينونهم، يفتشون بعض المنازل، وفي نهاية المطاف يغادرون خاليِّ الوفاض، قد يعتقلون سبعة أو ثمانية أشخاص، ولكنهم لم يكونوا يعثرون أبداً على ضالتهم، خاصة في قرية "معركة"، كانوا يأتون إليها بقوات ضخمة، وكنت أرى النساء في قرية معركة وهن يهاجمن الدبابات بالسكاكين، كنت أخاف من المنظر، رأيته عدة مرات، كانت النسوة يخرجن من منازلهن وهن يحملن سكاكين المطبخ في أيديهن ويهاجمن الدبابات بها، صدقني كان مشهداً تقشعر له أبدان المحتل، كان يخشاه، كان الإسرائيليون يأتون بأعداد ضخمة وكانوا يعتقدون أن الكتيبة الفرنسية تنذر السكان بقدوم الجيش الإسرائيلي، إلا أن السكان لم يكونوا بحاجة إلى مساعدة، كان لدى جماعة أمل خاصة أولئك في قرية معركة نظام الله أكبر للإنذار المبكر، كانت مكبرات الصوت في المساجد تطلق نداء الله أكبر إلى القرية المجاورة بمجرد عبور أول سيارة إسرائيلية مهما كان الوقت، أي أنه لم يكن أذاناً، بل ما معناه: أن الإسرائيليين قادمون، بعد ذلك فطن الإسرائيليون إلى تلك الحيلة فاستهدفوا مكبرات الصوت الموضوعة في المآذن، عندئذ بدأت مشاكلهم مع الأمم المتحدة، بسبب استباحة حرمة المساجد، كانوا يقتحمون المساجد أو يطلقون النار على المآذن.
أوري لوبري (منسق الأنشطة الإسرائيلية في لبنان):
أعتقد أنه كان يتوجب علينا أن ننسحب بشكل وبوقت أسرع، أعتقد أننا أطلنا الإقامة مع الشيعة في الجنوب، وبدأ الناس يشعرون أن إسرائيل ستحتل المنطقة إلى الأبد، وساهم الإعلام الدعائي في تثبيت هذا الشعور، لم يرق ذلك للناس لا للشيعة ولا لغيرهم، هذه مشكلة كان علينا أن تفهمها بشكل أفضل.
عمر العيساوي:
في بيروت بدأ مسلسل خطف المواطنين الأجانب، وكان من بين المخطوفين (وليم باكلي) مدير محطة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية C.I.A في لبنان، الذي مات تحت التعذيب بعد أشهر، وبعدما أفشى الكثير من الأسرار الاستخباراتية الأميركية.
في طرابلس كانت حركة التوحيد الإسلامي بزعامة الشيخ سعيد شعبان، التي تحالفت مع ياسر عرفات خلال وجوه في المدينة تخوض حرباً دامية ضد ميليشيات لبنانية وعلوية متحالفة مع سوريا، وكانت السيارة الملغومة من أدوات القتل في هذه المعارك.
في أذار/مارس من عام 1985م حصل ما يشبه الانقلاب في حزب الكتائب كانت الهدنة السياسية بين دمشق وحكومة الرئيس الجميل مستمرة، إلا أن أطرافاً في ميليشيا القوات اللبنانية أخذت تخطط لشيء مختلف، حاول الحزب فصل سمير جعجع، واستدعى مسؤول الأمن في الحزب إيلي حبيقة لطمأنة المكتب السياسي على قدرته على الإمساك بالأرض، لم يدك قادة الحزب الذين كانوا يدينون بالولاء للرئيس الجميل أن حبيقة كان متفقاً مع جعجع، قال قادة الانتفاضة إن هدفها كان حماية المجتمع المسيحي والحفاظ على القرار المستقل من الهيمنة السورية.
إيلي حبيقة:
قلت لهم: تكرموا خذوا القرار.
المحاور:
قلت لهم اتمسكوا بفصل سمير جعجع، مش هيك؟
إيلي حبيقة:
صحيح.
المحاور:
خدعتهم.
إيلي حبيقة:
صحيح.
المحاور:
شو ليش؟
إيلي حبيقة (القوات اللبنانية):
ليش، لأ،ه فصل سمير إذا بتمرق العملية بسهولة وبالراحة معناها فيه فصل آخر، أيوه طارت القوات، يعني "فرق تسد" واحد ورا التاني، ورا التاني، ورا التاني، ووقتها كانت ما له علاقة قيادة الحزب، يعني وقتها أمين الجميل قال لهم تعملوا فعل أمر للدكتور إيلي كرامة، تفصلوا سمير وبتقولوا لإيلي إنه هيك بدله، يا بيرضخ.. يا بينسحب من اللعبة، إذا رضخ نخلص من سمير ونرجع نخلص من إيلي، ونخلص من غيره، كان فيه اتنين يعني، وإذا ما رضخ فؤاد بيقوم بواجبه. العملية اللي دركبت كل الأمور، واللي خلت يعني الخيارات تركب بلحظة معينة وبعدين تخلق الحدث كانت تدخل أمين الجميل المباشر، بيطلبني على اجتماع الساعة 7 بكرة.. ببكفيرة، وبيقول لي: أنا طلبت من إيلي كرامة إنه يفصل سمير وهلا بدي بأطلب.. بأطلب منك بدي رأسه لسمير، وأنا وياك يعني بنفوت على الكتايب وعلى لبنان على حصان أبيض، وأنت يا إيلي مستقبلك معي وأنت.. يعني يعمل لي لوج طويلة عريضة، وبدي منك.. بدي منك موقف هلا بدي أعرف أنت معري بها العملية أو شيء معي، وأنا كنت ببكفيرة، وعندي طريق لأرجع على.. على مكتبي أو على بيتي. قلت له: طيب لا قلت له إي ولا.. قلت له: لا، بس، قلت له بما معناه إنه خليني هلا أنزل أحضر كل شيء وتكرم عينك.
أمين الجميل (رئيس الجمهورية اللبنانية):
بأعتقد إنه ها الانتفاضات كانت بدافع طموحات شخصية أكتبر ما كانت قضايا تانية يعني، كانت قضايا طموحات شخصية.
جوزيف أبو خليل (الكتائب اللبنانية):
صحيح كانت خديعة، صحيح لأنه كان مسؤولاً عن أجهزة الأمن بصورة عامة، ويمسك بالأرض يعني إمساكاً تاماً، وتعهد أن لا يحدث أي اصطدام أبداً مع القوات اللبنانية، وأن تخلى الطرقات، وأن تسوى المسألة مع سمير جعجع الذي ممتنع عن إلغاء حاجز البربارة.. ما هي القصة بذلك الحين، نحن حزب الكتائب نريد إلغاء حاجز البربارة وفتح الطرقات، المعترض كان سمير جعجع الذي كان يتولى قيادة الشمال.. قيادة الشمال ويمسك بحاجز البربارة، فكانت النزاع على سمير جعجع، دخل إيلي حبيقة وسيطاً ولكن بطريقة مخادعة من الممكن الوصول إلى تسوية مع سمير جعجع وإني أنا أسوي الأمر، فكان أن فتحت الطرقات، وأتيح لقوات سمير جعجع أن تجتاح من الشمال مروراً وصولاً إلى بيروت، والاستيلاء على القوات اللبنانية قيادة، وسلاحاً، وعتاداً، وعزل حزب الكتائب، واعتقال حزب الكتائب، وتعطيل قيادته وقراره، لكي تتولى القوات اللبنانية هي السلطة.. في المناطق الشرقية.
عمر العيساوي:
ساهمت وفاة مؤسس الحزب الشيخ بيير الجميل قبل ذلك بفترة وجيزة في إضعاف الحزب، كان من المفترض أن يقوم الرئيس الجميل بالمشاركة في جنازة الزعيم السوفيتي (قنسطنطين تشرنينكو) إلا أنه وفي موجهة هذه الأزمة ألغى سفره واجتمع مع كبار السياسيين المسيحيين في محاولة لرأب الصدع، رفض الجميل عرضاً سورياً للمساعدة، ورغم أن واشنطن عارضت الانتفاضة، إلا أنها كانت عاجزة على القيام بأي شيء لدعم الرئيس.
كريم بقرادوني (القوات اللبنانية):
قمنا بانتفاضة، بـ 12 أذار 1985م أدت بأنه أمسكنا بالقوات اللبنانية، وتسلم قيادة القوات بالمشاركة سمير جعجع وإيلي حبيقة، ومن جهة تانية منعنا سيطرة أمين الجميل على جزء مهم من حزب الكتائب.
عمر العيساوي:
وفي هذا الربيع الملتهب كانت ميليشيا القوات اللبنانية على وشك أن تخسر آخر موطئ قدم لها في مناطق النفوذ الإسلامي واليساري، ففي قرى شرقي صيدا التي شهدت معارك طاحنة بين الطرفين، انسحب المقاتلون المسيحيون وبدأت موجة انتقامية من مسيحيين بقو