آخر الأخبار

ملفات مفرج عنهامن الأرشيف الإسرائيلي

أبا ايبن: نحن نتصرّف كعصابة
مسؤول عربي زارَ تـل أبيب سرّاً وأبلغ الإسرائيليين باستعدادات مصر وسورية للحرب
في هذه الـمرحلة من التقرير، لـم تخض لجنة أغرنات بتفاصيل الأحداث السياسية التي
أحاطت بالـمنطقة في تلك الفترة، رغم أهميتها. وكما نلاحظ في النص الوارد بعد هذه
الـمقدمة، فإنها استعرضت الأحداث بشكل عابر. لكن تلك الأحداث بالغة الأهمية للقارئ،
ولذلك لجأنا إلى وثائق أخرى تتحدث عن الأوضاع في تلك الفترة، وأبرزها شهادة وزير
الخارجية الاسرائيلي في ذلك الوقت، أبا ايبن، من خلال كتاب مذكراته الخاصة "فصل
حياة" (إصدار دار النشر التابعة لصحيفة "معاريف" سنة 1978). وهو يكشف هناك بأنه،
وهو يدير السياسة الخارجية الاسرائيلية في الخارج، كان يعاني الأمرّين من سياسة
الحكومة الاسرائيلية. وفي بعض الأحيان كان يصعق عندما يسمع عن قرار اتخذته الحكومة
في السياسة الخارجية، وهو في مهمة خارج البلاد. وهو يكتب عن تلك الفترة بحدة بالغة،
فيتهم بها العسكريين في الحكومة، خصوصا وزير الدفاع موشيه ديان، الذين لا يتردد في
نعتهم عدة مرات بمرضى الغطرسة والغرور. ويقول انه اضطر عدة مرات الى ترداد الـمقولة
التالية التي يقصد بها زملاءه الـمتطرفين في القيادة الاسرائيلية: "العقل بلا عواطف
يكون عقيما، لكن العواطف بلا عقل تكون هستيريا".
ويروي ايبن انه في نهاية سنة 1972 شعر بأن الركود السياسي في الشرق الأوسط يشكل
خطراً كبيراً على الـمنطقة، فاجتمع الى الـمراسلين الصحافيين الأجانب في القدس،
وقال لهم إن "الركود السياسي في الـمنطقة سيدفع العرب الى خيار الحرب ولذلك يجب
علينا أن نعمل باستعجال لكي تكون سنة 1973 سنة مفاوضات سلام بين اسرائيل والعرب".
ويقول ايبن انه استعمل كلـمة "استعجال" وهو يعلـم بأن أحداً في اسرائيل غير مستعجل
على شيء. فالاسرائيليون مطمئنون وما زالوا غارقين في نشوة النصر "فالقوات
الاسرائيلية ترابط بعيدا على خطوط وقف اطلاق النار من قناة السويس الى نهر الأردن
وحتى هضبة الجولان. وبعد خمس سنوات ونصف السنة (من احتلال العام 1967) يبدو وكأن
وجودنا هناك بات شرعيا. الرئيس (الأميركي) ريتشارد نيكسون صرح بأن على الجنود
الاسرائيليين ألاّ يتركوا أياً من الـمناطق الـمحتلة (العام 1967) قبل أن يتم انجاز
اتفاق سلام ملزم للجميع ومُرض لاسرائيل. حتى الاتحاد السوفييتي الذي ناصر الـمطلب
العربي بضرورة الانسحاب الكامل، فقد اعترف بأن هذا الانسحاب لن يتحقق دون التوصل
الى سلام شامل. وفي هذه الأثناء بدا أن الـمليون عربي في يهودا والسامرة (الضفة
الغربية) وغزة استسلـموا إزاء السيطرة الاسرائيلية الـمتواصلة. فقد عاشوا معنا
بخليط غريب من الانسجام والاغتراب، حيث ان الحل السياسي بدا بعيدا. وأدى ذلك
باسرائيليين كثيرين أن يغرقوا في الوهم بأن هناك استقرارا.
تدفق 70000 عامل عربي من الـمناطق الـمدارة (أي الـمحتلة) الى اسرائيل في كل يوم
للعمل. والأجر الذي حصلوا عليه زاد من الازدهار في بلداتهم. وفي كل صيف عبر نهر
الأردن مئات الألوف وجاءوا لزيارة أقاربهم. في السنتين 1969 ـ 1970 كان مندوبون عن
الدول الأربع الكبرى يجتمعون من آن لآخر في الأمم الـمتحدة (للبحث في قضية هذا
الصراع). ولكن الاستراحات الطويلة ما بين اللقاء واللقاء قد زادت. وتقلصت الجهود
حتى اعلان نهايتها في 1971، وانتهت مبعوثية غونار يارينغ (وهو سفير سويدي سابق في
موسكو تم اختياره مبعوثا خاصا للأمين العام للأمم الـمتحدة لتقريب وجهات النظر بين
الاسرائيليين والعرب)، عندما قدم في شباط 1971 تقريرا وافق خلاله على الـمطلب
الـمصري في الأرض، إذ إنه بهذا الـموقف فقد مصداقيته في اسرائيل". ويتطرق ايبن في
مذكراته الى لقاء القمة السوفييتي الأميركي بين ليونيد بريجنيف وريتشارد نيكسون
فيقول ان "الاسرائيليين الذين يذكرون فترة الضغوط السوفييتية الأميركية الخانقة في
سنة 1956، حيث وجه السوفييت انذارا لاسرائيل بأن توقف الحرب وتنسحب من سيناء، وراح
الأميركيون يمارسون الضغوط على اسرائيل بأن تفعل، ولذلك فإنهم ردوا دائما بعصبية
على اجراء لقاءات كهذه. ولكن لقاء نيكسون بريجنيف في حزيران 1973 انتهى بذكر قرار
مجلس الأمن 242 فقط بطريقة شكلية، وعادت الأمور الى نصابها وركودها".
ويتابع ايبن وصف الصورة الدولية في تلك الفترة فيقول ان العرب استطاعوا عادة "الفوز
بانتصارات في التصويت في مؤسسات الأمم الـمتحدة والتصويت والخطابات التي سبقته
روفقت عادة بصخب كبير، لكنها لـم تستطع تحريك جندي اسرائيلي من مكانه. وهكذا بات
الطرفان في وضع يحصل فيه العرب على قرارات واسرائيل تكرس وجودها على الأرض. وقد
تعزز هذا النوع من الاستقرار أكثر مع انتقال الدولتين العظميين الى حالة "الديتانت"
(وتعني بالفرنسية والانجليزية "ازالة العداء والتوتر" واصطلح العرب على وصفها في
ذلك الوقت بـ"الانفراج"). فلـم يكن من الـمعقول أن يثير الاتحاد السوفييتي غضب
الولايات الـمتحدة بواسطة دفع العرب الى سباق تسلح، خصوصا ان السوفيات ليسوا معنيين
بأن يروا أسلحتهم تهزم بشكل مهين بأيدي العرب (كما حصل في حرب 1967)".
ويخرج ايبن من هذا الـمشهد استثناء واحدا هو عمليات التفجير وخطف الطائرات
الفلسطينية، التي كانت تخرج العالـم من حالة الاستقرار الـمذكورة أعلاه، ولكنه يلفت
النظر الى ان هذه العمليات لـم تنفذ ضد اسرائيل مباشرة بمعظمها وكانت مثيرة لقلق
الغرب أكثر مما هي مثيرة لقلق الاسرائيليين. ويعود وزير الخارجية الاسرائيلي الى
وصف الغطرسة العسكرية للقيادة الاسرائيلية فيشير الى ان موشيه ديان، وزير الدفاع،
كان يقود التيار الـمتعصب وذي التأثير الهائل في الحكومة ويقول انه "لـم يكن ديان
رئيس حكومة ولكنه كان أقوى أعضاء الحكومة". وفي حين كان ديان يطرح، مع بداية
الاحتلال، اعادة غالبية الأراضي العربية للعرب مقابل اتفاق سلام، أصبح يعتقد بأن
الوضع الحالي هو أفضل حالة استقرار ممكنة. "فلن تنشب حرب جديدة في القريب ولن يأتي
السلام بسرعة. الجيوش العربية ـ حسب رأي ديان كما ينقله أبا ايبن ـ تدرك بأن لدى
اسرائيل قوة عسكرية ضخمة لدرجة انهم لا يخاطرون بمهاجمتها. الـمخربون يستطيعون قتل
وجرح بعض الاسرائيليين ولكن اعتداءاتهم لن تدمر دولة اسرائيل ولن تستطيع تغيير
حدودها، ولذلك فإن تأثيرها السياسي هامشي. لهذا فإن ديان رأى أن على اسرائيل ان لا
تصرف جهودها على احتمالات سلاح ضحلة، بل على بلورة خريطة جديدة لها، بواسطة فرض
الأمر الواقع بالاستيطان في الضفة الغربية. وقد أظهر استخفافا بفكرة إبقاء خيارات
التفاوض للسلام مفتوحة. وفي مقابلة تلفزيونية مع "بي. بي. سي" قال في 14 ايار 1973
ان على اسرائيل أن تبقى في الضفة الغربية الى أبد الآبدين. فإذا لـم يعجب الأمر
الفلسطينيين فإن بإمكانهم أن يرحلوا الى الأردن أو سورية أو العراق أو أية دولة
عربية أخرى. وفي 30 تموز قال لأسبوعية "تايمز" انه "لـم تعد هناك فلسطين.. خلاص".
وكان قد أعلن في خطاب احتفالي من على تلة "مسادا" في نيسان رؤياه لـ"دولة اسرائيل
الجديدة ذات الحدود الـمترامية الأطراف والقوية والثابتة، حيث تفرض حكومة اسرائيل
سلطتها على الـمنطقة الـممتدة من قناة السويس وحتى نهر الأردن". ويتابع ايبن ان
"سياسة الـمؤسسة الاسرائيلية الاستراتيجية الأمنية نصت طول تلك الفترة وبكل وضوح
على اتباع سياسة استنزاف للعرب. فإن لـم يستطع العرب استعادة أراضيهم بحرب أو بضغط
الدول العظمى فسيكون عليهم أن يطلبوا الـمفاوضات ويستجيبوا لبعض الـمصالح الأمنية
الاسرائيلية. ولـم تأخذ هذه الـمؤسسة بالاعتبار وجود خيار عربي ثالث هو: لا استسلام
ولا مفاوضات، بل التوجه اليائس الى حرب على أمل أنه حتى لو كان الهجوم غير ناجح
فإنه أفضل من القبول بخط وقف اطلاق النار". ويشير ايبن الى قدوم جنرالين اضافيين
الى عالـم السياسة الاسرائيلية ليضيفا قوة الى أولئك الـمتعصبين الحاكمين، هما رئيس
اركان الجيش، اسحق رابين، والجنرال أرييل شارون. الأول كتب مقالا في "معاريف" في 13
تموز يقول فيه: "لقد ضعفت قوة الدول العربية على تنسيق نشاطاتها السياسية والعسكرية
ولـم تنجح حتى اليوم في جعل النفط عنصر تأثير سياسيا. امكانية استئناف الحرب قائمة
ولكن قوة اسرائيل العسكرية كافية لـمنع الطرف الآخر من تحقيق أي انجاز عسكري". أما
شارون فقال في مقابلة صحافية مع صحيفة "هآرتس" (02/9/3791) ان "على الاسرائيليين أن
يفهموا انه لا يوجد هدف ما بين بغداد والخرطوم، بما فيه ليبيا، يصعب على الجيش
الاسرائيلي احتلاله".
ويقول ايبن ان هناك من وقفوا مثله ضد هذه العنجهية في اسرائيل، لكن هؤلاء أخرسوا
خصوصا ان جميع امتحانات القوة التي خاضتها اسرائيل في تلك الفترة انتهت بنجاح. فقد
حررت اسرائيل الرهائن من طائرة "سابينا"، وتمكنت من الدخول الى مصر والعودة مع
دبابة سوفييتية حديثة أو جهاز رادار سوفييتي حديث، ودخلت قوة كوماندوز منها الى
بيروت في نيسان 1973 وتتنقل من شارع الى آخر بحثا عن قادة الـمخربين (يقصد
الفدائيين الفلسطينيين) وتنفيذ عمليات تخريب في طائرات ركاب تابعة لشركات خطوط جوية
عربية جاثمة في مطار بيروت. في كل مكان وصل الجيش أو سلاح الجو الاسرائيلي، ساد
الشعور بالسيادة والسطوة. الهدوء خيم على قناة السويس والسادات لـم يجدد حرب
الاستنزاف التي أدارها عبد الناصر. الـملك حسين، الذي عمل من خلال مصالحه، وأفاد
عمله اسرائيل، اغلق الطريق أمام الفلسطينيين على طول نهر الأردن.
ويروي ايبن كيف كان يتكلـم في جميع الـمناسبات ضد عربدة العسكريين فيلقى كلامه
النقد والاستهتار. ثم يكشف انه خلال جولة في أميركا الجنوبية في آب 1973، أصيب
بالصدمة من تفاقم تلك الغطرسة الاسرائيلية، بشكل لـم يعد يحتمل. فقد أقدمت قوات
سلاح الجو الاسرائيلي على عملية قرصنة جوية في سماء لبنان، عندما أطلقت طائراتها
الـمقاتلة لتضطر طائرة ركاب لبنانية كانت متجهة من بيروت الى طهران، على الهبوط في
مطار عسكري في شمالي اسرائيل لأن معلومات استخبارية وصلت اليها وقالت إن قائد
الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، جورج حبش، موجود على متن الطائرة، وهي الـمعلومة
التي تبين انها لـم تكن صحيحة. ويقول ايبن ان حكمة الطيار اللبناني، الذي امتثل
للأوامر الاسرائيلية، أنقذت ركابه وأنقذت اسرائيل من ورطة كارثية. وتساءل عن الحكمة
في مثل هذه العملية، ووصفها بأنها بمثابة ارهاب دولة. وقال ان هذه العملية كانت
بمثابة انحراف عن السياسة الاسرائيلية التي دعت الى اخراج الطيران الـمدني من
الحروب، ما يبرر للتنظيمات الارهابية ان تخطف الطائرات. وقال انه حتى لو كان حبش
فعلا في الطائرة، فما الفائدة من اعتقاله ومحاكمته في اسرائيل. فأولا ستتحول
محاكمته الى منبر دولي للقضية الفلسطينية وستؤدي الى عمليات ثأر من التنظيمات
الفلسطينية تكلف اسرائيل ثمنا باهظا، فضلا عن انه لو رفض الطيار اللبناني الرضوخ
لكانت الطائرات الاسرائيلية قد أسقطته بالقوة وهددت حياة جميع الركاب بالخطر،
مثلـما حدث في وقت سابق (سنة 1972) عندما أسقطت اسرائيل طائرة ركاب ليبية بالخطأ.
وفي ما يلي حلقة أخرى من تقرير لجنة أغرنات:
الأحداث السياسية 9 ـ لقد سعت مصر الى استخدام الضغط السياسي لتحقيق اخلاء جميع
الـمناطق التي احتلتها اسرائيل في حرب الأيام الستة. فهي تأملت أن تتقدم نحو هذا
الهدف من خلال محادثات القمة بين (ريتشارد) نكسون و(ليونيد) بريجنيف في واشنطن (في
الفترة ما) بين 18 ـ 26 حزيران 1973، وقد خاب هذا الأمل، لأن الأميركيين لـم يقبلوا
الـمطلب السوفييتي العربي بالانسحاب الشامل. والاعلان الـمشترك الذي نشر في نهاية
الـمحادثات تكلـم فقط عن استمرار جهود الدولتين العظميين للدفع الى تسوية في أقصى
سرعة ممكنة في الشرق الأوسط (تلخيصات وزارة الخارجية، وثيقة البينات رقم 51 الصفحة
الخامسة). وفي ردود الفعل الـمصرية اتهمت الولايات الـمتحدة بإفشال كل محاولة
لإخراج الوضع من حالة الجمود القابع فيها، كما لوحظت نغمة انتقاد موارب للاتحاد
السوفييتي (الـمصدر نفسه في الصفحة السابعة). وجاءت خيبة الأمل الـمصرية الثانية من
أبحاث مجلس الأمن (الدولي) التي اختتمت في 26 تموز 1973 بفرض الفيتو الأميركي على
مشروع قرار تقدمت به دول عدم الانحياز استهدف تشويه معاني قرار مجلس الأمن الدولي
رقم 242 (في حينه كانت اسرائيل تفسر قرار مجلس الأمن 242 على انه وفقا للنص
الانجليزي يتحدث عن انسحاب اسرائيلي من "أراض عربية احتلتها في حرب 1967" وليس من
"الأراضي العربية التي احتلتها العام 1967" وقد جاء مشروع دول عدم الانحياز ليوضح
هذه النقطة بالقول ان الانسحاب ينبغي أن يكون من جميع الأراضي التي احتلت العام
1967 حتى يزول اللبس. فاعتبرت اسرائيل ذلك محاولة لتشويه القرار).
في خطاب (الرئيس الـمصري أنور) السادات في الاسكندرية في اليوم نفسه، ساعة واحدة
بعد التصويت (في مجلس الأمن الدولي)، هاجم الولايات الـمتحدة بشدة وأعرب عن خيبة
أمله ومرارته أيضا من الاتحاد السوفياتي (تقرير وزارة الخارجية الاسرائيلية ـ وثيقة
البينات رقم 46 الصفحة الأولى والـملحق للوثيقة).
10 ـ في بداية شهر تموز 1973 وصلت الينا (تقصد الى اسرائيل) معلومة من مصدر جيد حول
مدى التعاون والتنسيق الكبيرين بين مصر وسورية لتخطيط استئناف القتال ضد اسرائيل
(وثيقة البينات رقم 98 الوثيقة رقم 47) في منشورات عديدة في اسرائيل بعد نشر تقرير
لجنة أغرنات، تم ذكر اسم زعيم عربي على انه هو الـمصدر لتلك الـمعلومة وأنه قام
بزيارة تل أبيب بشكل سري واجتمع مع رئيسة الوزراء، غولدا مئير، خصيصا من أجل
ابلاغها بأن سورية ومصر اتخذتا قرارا نهائيا بشن حرب مشتركة على اسرائيل).
وفي نهاية آب 1973 أعرب خبراء سوفييت عن رأيهم بأنه في حالة قيام سورية ومصر
بمهاجمة اسرائيل في آن واحد، فإن الجيش السوري سيتمكن من احتلال الجولان في غضون 36
ساعة. وقد وصلت الينا هذه الـمعلومة في بداية أيلول 1973 (وثيقة البينات رقم 98
الوثيقة 47).
في الأيام ما بين 10 و12 من ايلول 1973 أجريت محادثات في القاهرة بين قادة "دول
الـمواجهة"، الرئيس (الـمصري أنور) السادات والرئيس (السوري حافظ) الأسد و(العاهل
الأردني) الـملك حسين، كما جرت محادثات ثنائية (تقرير وزارة الخارجية (الاسرائيلية)
ـ وثيقة البينات رقم 41 الصفحة الأولى)، ربما يكون السادات والأسد قد بحثا في
التنسيق النهائي لخطتهما الهجومية (أنظر وثيقة البينات رقم 98 الوثيقة رقم 34).
الجيش السوري في حالة طوارئ 11 ـ في بداية ايلول 1973 وصلت أنباء عن عودة الجيش
السوري من حالة الهدوء الى "حالة الطوارئ" بالقرب من جبهة هضبة الجولان. وقد بين
التصوير الجوي (الذي نفذته طائرات سلاح الجو الاسرائيلي) في 11/9/3791 أن
الاستعدادات على الخط الأمامي (في هذه الجبهة) مكثفة بشكل ضخم أكبر بكثير من حالته
في التصوير السابق الذي جرى في 22 آب، حيث تمت اضافة قوات لواءين لسلاح الـمشاة
اضافة الى أربعة ألوية كانت قائمة من قبل في الخط الأمامي، ولواءين لسلاح الـمدرعات
(زيادة 130 ـ 140 دبابة) واضافة حوالي 35 بطارية مدفعية (شهادة الـمقدم مين، ضابط
الاستخبارات في القيادة الشمالية صفحة 1375 فصاعدا). 12 ـ في 13 ايلول (أيلول) وقعت
مواجهة جوية بين طائرات سلاحنا الجوي، التي كانت في مهمة تصوير وبين الطائرات
السورية الـمقاتلة. وقد أسقطت 13 طائرة سورية وأسقطت احدى طائراتنا وتم انقاذ
الطيار (نشرة الاستخبارات من يوم 31/9/3791 في وثيقة البينات رقم 111 وشهادة قائد
سلاح الجو، الجنرال ب. بيلد في صفحة 1951).
لقد استمرت تعزيزات الخط الأمامي السوري وفي تصوير تم يوم 24 ايلول اكتشفت 670
دبابة و101 بطارية مدفعية (شهادة مين (الـمذكور أعلاه) صفحة 1378). لدى تحليل هذه
الصور (وصور أخرى التقطت يوم 26 ايلول ودلت على انه لـم يحصل تغيير عن الوضع في 24
ايلول)، نشب خلاف في الرأي بين دائرة الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية وبين
قيادة الشمال (اللواء الشمالي في الجيش الاسرائيلي) حول ما إذا كان سلاح الـمدرعات
السوري قد انتشر أيضا على خط الدفاع الثاني (الأقرب الى دمشق)، كما اعتقدت شعبة
الاستخبارات أو أن الـمدرعات الـمسؤولة عن هذه الـمهمة أخفيت في مكان ما غير معروف
لأغراض هجومية، كما اعتقد رجال اللواء الشمالي (شهادة مين صفحة 1383 وشهادة الجنرال
حوفي صفحة 1842). 13 ـ في يوم03/9/3791 وصل نبأ يشير الى تحرك اللواء 47 لسلاح
الـمدرعات (السوري) من موقعه الثابت في الجبهة الداخلية الى موقع تأهب جديد وتقدم
صواريخ أرض ـ جو من الجبهة الخلفية الى الجبهة الأمامية والغاء الإجازات في الجيش
السوري، حسب رأي شعبة الاستخبارات العسكرية (فرع 5 (الـمسؤول عن سورية) بالتنسيق مع
شعبة الاستخبارات العسكرية في سلاح الجو وفرع 6 (الـمسؤول عن مصر) نشرة صادرة في
اليوم نفسه (03/9/3791) الساعة 21:45 وثقية بينات رقم 111)، فإنه "بالامكان التقدير
بان شبكة الطوارئ في الجبهة السورية تشمل الآن جبهة الدفاع الثانية وكذلك تعزيز
الوحدات الـمرابطة في العمق السوري. لـم يسبق مثيل كمثل هذا التأهب حتى اليوم"
(التأكيد من طرفنا). ولكن فيما بعد قيل:
"على الرغم من التعزيزات الاضافية، نظل على تقديرنا السابق وهو ان هذه التعزيزات
جاءت بسبب خوف السوريين من هجوم اسرائيلي يتوقعونه منذ حوالي أسبوعين. لا نعتقد ان
الـمسألة هي مبادرة سورية لهجوم مستقل رغم الأنباء التي أشارت في الصباح الى هذه
الامكانية. مثل هذه الـمبادرة (هجوم سوري) ممكنة فقط في حالة الـمبادرة الـمصرية
لذلك. وإذا كانت هناك حالة تأهب عليا في الجيش الـمصري، فلا علاقة لها بالـمبادرة
الهجومية السورية، على حد علـمنا، بل ناجمة عن التخوف من مبادرة اسرائيلية والتدريب
الشامل لأذرع الجيش الـمصري".
14 ـ كما ذكر في التقرير الجزئي (الأول)، البند 14 (أ)، فقد تقرر لدينا اجراء تعزيز
ما لانتشار سلاح الـمدرعات والـمدفعية في هضبة الجولان مقابل التعزيزات السورية.
ونقلت سريتان للـمدرعات وبطاريتا مدفعية الى هناك عشية عيد رأس السنة (العبرية) في
26 ايلول وأجريت استعدادات في سلاح الجو لـمهاجمة الصواريخ ومساندة القوات الأرضية
وغيرها (التفاصيل في وثيقة البينات رقم 176، أحمر، الـملحقين 7 و 8). وفي يوم 30
أيلول تم تخفيض مستوى التأهب من جديد في وحدات الـمدفعية التي وضعت على أهبة
الاستعداد لدى قيادة اللواء الشمالي (الـمصدر نفسه ـ الـملحقان 10 و11).
التأهب في الجيش الـمصري 14 ـ (الخطأ في تكرار الرقم 14 هو في الأصل) في مصر ارتفعت
حالة التأهب في جميع أذرع الجيش منذ 20 أيلول 1973، وكان تقدير شعبة الاستخبارات
العسكرية هو ان هذه الخطوة جاءت جراء الخوف من عملية اسرائيلية، حيث تلقى الـمصريون
معلومات تفيد بأن اسرائيل رفدت بطائرات مقاتلة الى سيناء (نشرة الاستخبارات
العسكرية الاسرائيلية من يوم 20 أيلول وثيقة البينات رقم 111). وفي يوم 25 أيلول،
أعلنت شعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية عن تقدم وحدة عسكرية من القاهرة الى
الاسماعيلية، ربما بهدف الـمشاركة في الـمناورات الكبرى الـمنوي تنفيذها في منطقة
الجيش الثاني (الـمصري) في الأيام القريبة. في يوم 29 أيلول عادت شعبة الاستخبارات
العسكرية لتقدر بأن الـمخاوف الـمصرية من عمليات هجوم جوية اسرائيلية ما زالت قائمة
منذ الـمجابهة الجوية بالطائرات في سورية يوم 13 أيلول. وبسبب هذه الـمخاوف تضاعفت
اليقظة وحالة التأهب في جميع أذرع الجيش الـمصري. وفي يوم 30 ايلول تقرر شعبة
الاستخبارات العسكرية (الاسرائيلية) أن:
"من الأول وحتى السابع من تشرين الأول 1973 ستجري القوات الـمصرية من مختلف الأذرع
تدريبات واسعة النطاق في موضوع احتلال سيناء. تشارك في التدريبات، على ما يبدو،
قوات سلاح الجو والدفاع الجوي والبحري قيادات الجيوش والوحدات والقوات الخاصة. على
اثر هذه التدريبات يتم، ابتداء من أول تشرين الاول، رفع حالة التأهب الى الدرجة
العليا في وحدات سلاح الجو، وفي جميع الوحدات الـمشاركة في التدريبات وستلغى
الإجازات". وتابعت:
"من الـمعلومات الواردة عن هذه التدريبات الـمتوقعة ودعوة جنود الاحتياط لفترة
زمنية محددة، يتضح بأن تقدم القوات والاستعدادات الأخرى التي جرت أو ستجري في
الأيام القريبة، مثل: استكمال التعزيزات وتجنيد سفن الصيد الـمدنية وفحص القدرات
التنفيذية للوحدات، والتي يمكن رؤيتها في اطار انذاري، مرتبطة عمليا فقط
بالتدريبات".