------------------------------------------------------------------------------
في بلداننا , تأخذ التقنية الحديثة أشكالا لم تخطر على بال مكتشفها ,وتستخدم لأغراض تختلف تماما عن الهدف الذي اخترعت ووجدت من أجله .
من السيارات , إلى الكومبيوتر ,وصولا إلى جهاز الخليوي "الموبايل".
فهذا الإختراع الذي سهّل كثيرا الإتصال بين الناس , وأمّن الكثير من احتياجاتهم وسهّل أعمالهم , بل وأنقذ العديد من الضحايا في حوادث الطرقات وسوى ذلك ..
أصبح عندنايستخدم لجني الأرباح الباهظة , وذلك بدفع الناس لاستخدامه في الإتصال ببرامج ومحطات , وكل ذلك بتكاليف غالية , وأجور مبالغ بها .
والأمر سهل ومغري ..ما عليك إلا أن تطلب رقما معينا أو ترسل رسالة قصيرة على رقم معين , واطلب تمن.
فقد تصاعدت وتزايدت هذه الظاهرة خصوصا في الإذاعات الخاصة وعلى قنوات التلفزيون الفضائية .
واصبح هم هذه الإذاعات وهذه القنوات هو التفكير بأساليب جديدة وبرامج ومسابقات وتنجيم لجعل الناس تتصل ..
فمن الأبراج ,إلى الفتاوى الدينية على الهواء, إلى الصحة, إلى توقع واربح , إلى التصويت على موضوع معين أو اختيار مطرب شاب أو صبية مليحة , إلى الرياضة, إلى برامج المسابقات ...
تنهال عليك العروض والإغراءات وتحاصرك الإعلانات , وكأن جميع أمورنا قد حلت ولا هم لنا سوى أن أرى توافق فلان مع طباعنا أو أن نعلم ماذا تقول لنا الابراج أو أن نصوّت لمطرب صاعد وسوى ذلك. .
حتى أن بعض هذه المحطات قد الغت جميع برامجها ..لتكرس نفسها لهذا الأمر بوضع مذيعة تتلوى بسخافة ومياعة أمام الكاميرا طارحة سؤال سهل ..وما عليك إلا الإتصال واحذر يا شاطر.
وبعض المحطات الأخرى يأتيها دخولا كبيرة من هذه الإتصالات , بل إن بعضها يعيش بشكل كامل على هذه الإتصالات , تتقاسمها مع شركات الخليوي التي تشجع هذه الأساليب وهذه الأعمال.
قد يقول البعض :
هل أجبر أحد الناس على ذلك ؟
أليس الناس أحرارا في دفع نقودهم حيثما يشاؤون ,ألا تسعدهم الكلمات التي ينالونهالقاء ما يدفعون من المنجمات والبصارات , ألا تريحهم الكلمات من الدعاة , ألا يجربون حظهم في برامج المسابقات .
نعم هذا صحيح , ولكن إذا بقينا وراء مقولة :"الجمهور عايز كده" إلى أين سنصل .
ولقد وصلنا إلى الإسفاف والإنحطاط وشوهنا القيم الجمالية التي من المفروض أن تكون حزءا من رسالة هذه المحطات .
عندمايتم جلدالناس يوميا بهذه الأساليب الخادعة وهذا الإحتيال العلني , ألا يستدعي ذلك وقفة من الذين أعطوا تراخيص لهذه المحطات والقنوات وإلزامهم بفترة محددة لهذه الأمور .
لقد قامت الإتصالات السورية مشكورة بإلغاء عدد كبير من الأرقام الخارجية الخاصة بالقنوات الإباحية , بعد أن وقعت حوادث ومشاكل مؤسفة لذوي الدخل المحدود والذين تفاجاوا بفواتير باهظة جراء إتصال المراهقين بهذه الأرقام , وبعضهم تعرض للقضاء لعجزه عن الدفع .
ويجب أن تكون الإتصالات ومن يهمهم أمر الناس مستعدون لأن يعملوا عملا ليس يأقل من ذلك أبدا.