وثيقة رقم: 28
* التاريخ: 7 أبريل 1977
* من: السفير جيمس كريغ، بيروت.
- الى: الخارجية، لندن، سري وعاجل.
الموضوع: جنوب لبنان واتفاقية القاهرة 1/ أولا: أنا مشوش بما يكفي في شأن الأوضاع على الأرض، رغم، أو بسبب، الوفرة والتدفق الكبير للتقارير. أليس من الممكن الخروج بتقييم مبسط، حتى لو كان الواحد يضحي بدقة التفاصيل، ليصوب نحو الوضوح؟
2/ثانيا: الآتي هو انطباعاتي المبنية على تأمل موضوعي، و، أو، مناقشات مع أناس مضطلعين جزئيا، ومراقبين صريحين جزئيا أيضا. سأقابل رفعت شقيق الأسد غدا وأيضا زملائي بالسوق الأوروبية، وسأكتب بعدها ما إذا كان هناك ما يستحق الإشارة إليه.
3/ صحيح أن توجهات السوريين نحو الفلسطينيين قد تغيرت لعدد من الأسباب:
سخف الجناح اليميني المسيحي في التنسيق مع إسرائيل. (ب) سخف إسرائيل في التنسيق مع الجناح اليميني من المسيحيين. (ج) زهد السعودية ومصر والكويت في تنفيذ اتفاقية القاهرة بتفسير الرئيس سركيس لها، وهو زهد أثارته في جزء منه زيارات عرفات الأخيرة للرياض والكويت. (د) أقدام السوريين الباردة في تنفيذ اتفاقية القاهرة (على الأقل من دون تنازل فلسطيني، رغم أن الصحافة هنا تواصل التركيز على تطبيق الاتفاقية بإشاراتها الى (أ) و(ب) و(ج) أعلاه، وكذلك الى التقارب مع الفلسطينيين، الذي نتج من اجتماع 24 فبراير.
4/ ولكن، وأكرر ولكن، فذلك التقارب جزئي، لأن السوريين لا يزالون لا يرغبون في استفزاز الإسرائيليين، فيما لا يريدون أيضا من الفلسطينيين أن يستفزوها، ولا الفلسطينيين أنفسهم راغبين في استفزازها (تلقيت تأكيدا بأن عرفات قرر، على الأقل الى حين مضي المحاولات تجاه مؤتمر جنيف، أو فشله، عدم شن عمليات من منظمة التحرير الفلسطينية عبر الحدود). وأجد من الصعب التصديق بأن المدفعية السورية قد استخدمت ضد إسرائيل، وفهمت أن التقرير الأصلي في الصحافة الإسرائيلية قد تم نفيه من راديو القدس).
5/ السوريون وصلوا لمرحلة القرف من تورطهم في لبنان، فقد توقعوا تقدما سريعا، ويريدون الخروج للتركيز على القضية الأكبر نحو تسوية سلمية للصراع العربي الإسرائيلي، (وهناك أيضا نظرية بأن الاتفاقية المصرية في الرياض لتسليم المسؤولية في لبنان لسورية خدعة من أجل إعطاء مصر يدا حرة في مفاوضات السلام). وهناك تحرر متنام في أوساط المواطنين السوريين وفي الدوائر العليا في الحزب حول الوجود السوري المتواصل في لبنان وشعور متنام في أوساط الحكومة لجهة:
(أ) على سركيس أن يتحرك بصورة أسرع. (ب) أن الجناح الماروني اليميني قد خذل المعادلة. (ج) لا بد من إحياء اليسار اللبناني (وقد أحطت أنه كانت هناك دعوة لجنبلاط قبل موته وقد وافق على زيارة دمشق خلال أيام قليلة)، من أجل إحداث توازن مع اليمين الماروني.
6/ الأفكار التي أعتقد أنها تدور في العقل السوري هي:
(أ) هناك وغد واحد في الساحة قبل وقف إطلاق النار، وهو الفلسطينيون، وهناك الآن مرشحون عديدون للدور. (ب) لذلك فنحن لن نخلع رقابنا من أجل أن نلحق بالفلسطينيين هزيمة قاسية. (ج) وبنفس القدر فنحن لن نذهب إلى هناك من أجلهم. (د) انتظار جيش لبناني جديد ليهدئ الجنوب قد يكون (طبخة ما للكارثة)، ولكن ما هو البديل؟ والإسرائيليون والأميركيون لن يسمحوا لنا أن نقوم بالمهمة حتى إذا كنا راغبين فيها. (ه ) في غضون ذلك هناك بعض الأمل في أن نتمكن من الوصول بموارنة أكثر اعتدالا الى مرحلة من الفطام (بيير وأمين الجميل وبقردوني وعلى الأقل واحد من أبناء شمعون) لجهة توجه أكثر اعتدالا.
7/لا أتوقع أن يكون هناك أي خطر في أي مدى زمني قصير من الإحباط السوري. ولكن من المحتمل أن يتوقع الأسد بصورة متزايدة، و(أن يضغط) اللبنانيون بأن يقوموا بما هو أكثر لمساعدة أنفسهم، ففي هذا، سيحصلون على الأقل، على دعم من الأعضاء الآخرين في اللجنة الرباعية.
* توقيع : جيمس كريغ - السفير ـ دمشق
* وثيقة رقم :425
* التاريخ:26 سبتمبر 1977
* من: السفير جيمس كريغ ، دمشق .
- الى:دبليو . آر. تومكيز، إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا ، الخارجية، لندن.
الموضوع: خطابك بتاريخ 12 سبتمبر: الأهداف السورية في لبنان 1/ السؤال الأول: هل يرغب النظام السوري الحالي في ضم، أو إدماج، أو تلغيم لبنان؟
الإجابة : لا.
2/ ليس هناك شك في أن كثيرين في سورية ومسلمين كثيرين أيضا في لبنان كانوا غير سعداء بتقسيم المنطقة الى دولتين بعد حرب 1914 - 1918، بل أن أناسا أكثر كانوا غير سعداء بالحدود التي رسمت بينهما وهي حدود تم حسابها بدقة لتنتج مساحة كبيرة للبنان متماشية مع الاحتفاظ بأغلبية مسيحية. وقد بقي عدم الرضا هذا لبعض الوقت، ولا جدال في أن هناك بعض المتشددين، في سورية وفي لبنان، ممن يرغبون في رؤية البلدين وقد أصبحا دولة واحدة، على أرضية أنهما كانا دولة واحدة تاريخيا، وأن التقسيم صنعة إمبريالية لزرع الفرقة بين العرب وخلق مقاطعة موالية للغرب في ساحل الشام تعمل للمصالح الغربية.
3/ ولكن وبمرور السنين، وحتى من قبل الاستقلال مع نهاية حرب 1939 -1945، وبالتأكيد بعدها، تغير حجم وطبيعة عدم الرضا ذاك. فالقادة المسلمون في لبنان، وبرغم عدم رضاهم من دونيتهم مع القادة المسيحيين، تيقنوا من أنهم سيصبحون بدونية أكبر في دولة سورية أكبر، فيما أصبح للازدهار المتزايد والحرية اللبنانية قوة جاذبة متزايدة هي الأخرى مقارنة مع الفقر والحالة الثابتة لعدم الاستقرار في سورية، وللدرجة التي كونت معها حتى العائلات المسلمة العظيمة في طرابلس وشمال لبنان مصلحة ثابتة في استقلال لبناني.
4/ وأكثر من ذلك، كونت السياسات والعلاقات الاجتماعية في لبنان المستقل مسرحهما الخاص فأصبحت مع الغرب أقوى، بصورة إيديولوجية ومادية (مثلا، وبصورة خاصة، المهاجرون اللبنانيون في أفريقيا، والأميركيون، رغم أنهم مسيحيون بصورة كبيرة، احتووا العناصر المسلمة والدرزية المؤثرة).
5/ وكنتيجة لذلك، أصبح لبنان مستقلا عن سورية قبل فترة طويلة سابقة لعام 1975، أمرا مقبولا من الجميع، فيما عدا قلة متوحشة نوعا، ومثاليون عقائديون. وحتى بين هؤلاء، فالوحدة في معظمها بتصور فقط في سياق سورية الكبرى بكثير من مجرد جمهوريتين للبنان وسورية. وفي الغرب أصبح استقلال لبنان عن سورية نقطة أساسية للسياسة (التدخل الأميركي عام 1958).
6/ ولذلك، فكل سياسة الأسد اللبنانية في 1976 أظهرت أنه، وبحكمة، قبل بهذا الوضع، وتحقق، كما لم يفعل الروس ربما، بأن لبنان مستقل، مرتبط بصورة قريبة من الغرب، قد أصبح حقيقة مؤسسة لا يمكن تغييرها من غير ثورة كاملة في الشرق الأوسط مع تداعيات غير مرئية في سورية نفسها وفي منطقة أكثر اتساعا.
7/ السؤال الثاني: هل لذلك يكون المحتوى السوري في العودة إلى الوضع القائم؟
الإجابة: لا.
8/المبدأ الأساسي لحزب البعث الذي يحكم سورية هو الوحدة العربية، وأي شيء يساعد في اتجاه هذا أمر جيد، ووحدة الدول العربية الـ21 هي الهدف الكلي، فيما الوحدة بين اثنتين أو ثلاث دول، ستكون أمرا مفيدا. ولكن الأسد، وشكرا للسماء، رجل واقعي وعملي. ولديه تجربة شخصية مع الوحدة بين مصر وسورية ( 1958 - 1961 )، فلم تعمل. وهو يعرف جيدا أن الوحدة بين سورية ولبنان معزولة ستعمل بصورة أقل حتى. وأن المشاكل الإدارية والتجارية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية لدمج البلدين في الظروف الحالية ستكون من النوع الذي لا يمكن تخطيه. وإذا لم يعرف ذلك قبل 1976، فقد عرف ذلك الآن، وكذلك عرفت ذلك الغالبية الكبرى من السوريين.
9/ لم يعد الأسد مطلقا راغبا في التحرك تجاه الوحدة كطموح نهائي ومثالي، إذ كيف للعراق والمغرب أن يتحدا إذا لم تستطع ذلك سورية ولبنان؟ ومن هنا علينا أن نفترض أن أهدافه الحالية تتضمن استغلال أحداث 1975 - 1976 ودور سورية في محاولة تسويتها لأجل إخراج علاقة بين سورية ولبنان أكثر قبولا لدى سورية مما كانت عليه العلاقة السابقة، لتعطي هذه العلاقة الجديدة كلمة أكبر لسورية في الشؤون اللبنانية عما كان لها من قبل، وستضعف روابط لبنان مع الغرب وتربط لبنان مقربا من الخط العربي. والى ذلك فقد قدم الوضع الحالي، إلى حد كبير، ومؤقتا، علاقة جديدة كهذه. وأعتقد كذلك، أن القادة السوريين الحاليين لن يكونوا إنسانيين إذا لم يأملوا للبنان صورة لبنان أقل عرضة للحسد من عامة السوريين.
10/ من هنا: ما هي أهداف سورية الحالية في لبنان؟
أولا: الأسد يعرف أن الوضع الحالي، حتى وإن كان يعطيه جزءا من هدفه، لا يمكن أن يستمر. فالنزيف الاقتصادي، والتشتت العسكري، والعدوى السياسية، كلها أمور صعبة الاحتمال. والسوريون يريدون الخروج، وقد قالوا ذلك مرارا وتكرارا، ولا بد هنا من تصديقهم.
11/ ولكن، وبخروجهم، فهم يريدون الاحتفاظ، بقدر ما يستطيعون، بالكثير جدا من تأثيرهم جديد الوجود هذا. ومن وجهة نظري، فهم متحققون، مع كل يوم، أنهم، وفي الغالب، سيكونون قادرين على الاحتفاظ بالقليل جدا منه، فهم لا يثقون في توليفة الجناح اليساري الفلسطيني الدرزي المسلم. وهم يمقتون الموارنة اليمينيين المتشددين بسبب تفضيل هؤلاء، في الملاذ الأخير، لروابط إسرائيلية على الروابط العربية، فيما وجدوا القيادة المسلمة المعتدلة مزمارا مكسورا.
12/ ولذلك فهم الآن في وضع سيرغبون فيه السكون الى ترتيب تفاوضي، فيما أصبح استقرار لبنان أكثر أهمية من الاحتفاظ بنفوذ، ولكنهما سيساومون على الاثنين. ومن وجهة نظري فإنهم سيتخلون عن الكثير من التأثير والنفوذ إذا تأكدوا من الاستقرار.
13/ هذا إفراط في التبسيط، فمن الممكن المجادلة بأن لبنان لا يمكن ان يكون مستقرا بصورة صحيحة إلى أن يتوصل الى صيغة تتلاءم مع حقيقة أنه كان أكثر عروبة عما كان عليه من قبل هذه الأحداث، ولأن يكون أكثر عروبة فذلك يعني وجود تأثير سوري أكثر فيه، ولكن مجادلة تلك المسألة تحتاج الى كتاب.
14/ ثانيا: سورية تساند كيانا لبنانيا متكاملا، فهي لن تشجع تفتتا في الدولة الى قطاعات مسلمة ومسيحية، حتى على أسس فيدرالية وستحارب بقوة ضد الكانتونات، وذلك في جزء منه يعود الى المثال السيئ الذي يمكن أن يقدمه نظام كهذا لأقلياتها في داخلها، ولأن سياسات دولة مسيحية بحكم ذاتي واسع يمكن أن تكون بنفس القدر غير عربية، إن لم تكن مناهضة للعرب. فحتى المسيحيين العرب هم عرب أرادوا ذلك أو لم يريدوا.
15/ثالثا: سورية سترغب في حصة من الازدهار الاقتصادي اللبناني قبل 1975، ولا أظن أن لديها فكرة محددة عن كيفية تحقيق ذلك لأن الازدهار اللبناني تحقق بالطبع بسياسات وطرق هي في معظمها غير ممكنة وغير مقبولة مع اشتراكية البعث. ولكن إذا ما واصل الجناح الليبرالي في الحزب أن ينجح في الجدل الاقتصادي الدائر هنا، فقد يحاول السوريون استخراج بعض التنازلات الاقتصادية أو بعض التنسيق الاقتصادي من لبنان.
16/ معظم ما ورد أعلاه توقعات عقلية (برجائي) فالقادة السوريون وحين توجه لهم الأسئلة لا يذهبون لما هو أبعد من القول إن كل ما يريدونه للبنان هو السلام والسيادة ونظام داخلي مستقر، والكمال، وبكلمات أخرى فهم ضد الخطيئة.
17/ أرسلت نسخة من هذه الرسالة إلى بيتر واكفيلد في بيروت.
* توقيع : جيمس كريغ - السفير ـ دمشق.
* السفارة البريطانية في تل أبيب في رسالة غاضبة للندن بالدليل بعض الشيعة قاتلوا مع المسيحيين وبدعم إسرائيلي ضد الفلسطينيين
* وثيقة رقم: 29
* التاريخ: 11 اكتوبر - من: ام. جي. نونجتون، السفارة، تل أبيب.
الى: مستر تومكيز / إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، الخارجية، لندن، سري للغاية. تأثرت بالطريقة التي تبدو كما لو أنها أصبحت مقبولة عموما والقائلة بأن المشاكل في جنوب لبنان كلها من الإسرائيليين، وانهم وما إذا أحسنوا السلوك فكل شيء سيكون على ما يرام، كما ان هناك نزوعا لإرجاع التعقيدات أو حتى التفسيرات الميكافيلية لما تقوم به إسرائيل. وعلى سبيل المثال، فإشارة دوري شمعون (الفقرة 6 من برقية بيروت رقم 585) الى أن إسرائيل عادت لطرق خداعها القديمة بسماحها لشحنة سلاح للفلسطينيين لتدخل صيدا، هي بالتأكيد سخيفة ومضحكة. وأنا أفترض أن التقدير هو أن الإسرائيليين قلقين من إبقاء الجرة على النار، ولكن إذا كان ذلك هو الحال، لماذا كانوا يوجهون جهدا كبيرا لتأمين مزيد من الانسحاب الفلسطيني؟ ومثال آخر: من الفقرة 3 من مذكرة ستيفن داي بتاريخ 21 سبتمبر مسجلة محادثته مع أمين الجميل. وإشارات الخطاب بدت أكثر بلادة مما أحدثته فيّ. لأنه إذا كان هناك جار واحد لإسرائيل ليس له معها نزاعات حدود فهو لبنان. مثال ثالث، من خطاب ستيفن داي الى تيمبل بتاريخ 5 اكتوبر، الذي بحث عن إرجاع كل متعلقات مأزق الشيعة بصورة حصرية على أفعال إسرائيل. حقيقة الأمر، وبالتأكيد، هي أن الجنوب كان أمنه مستتبا الى أن بدأ الفلسطينيون العودة في يناير، وأن خروج الشيعة قد بدأ وقتها. وأكثر من ذلك، فهناك دليل، فيما أعتقد، على أن بعض الشيعة على الأقل، قاتلوا مع المسيحيين (وبدعم إسرائيلي) ضد الفلسطينيين، ان احتلال القرى الشيعية في الجنوب من قبل القوات الفلسطينية هو الذي استثار الشيعة ودفعهم للمغادرة.
2/ وكما قلنا مرارا من هذا الموقع خلال العامين الماضيين، فمصلحة الإسرائيليين في جنوب لبنان هي الإبقاء على السوريين والفلسطينيين خارج تلك الحدود، وقد جلبت الحرب اللبنانية الأهلية السلام لمنطقة الحدود لأول مرة منذ سنوات. والإسرائيليون يعرفون، ولا أرى كيف يمكن لأي من كان أن يخالف هذه النقطة، ان السبب الوحيد المحتمل للفلسطينيين ليأخذوا مواقع في جنوب لبنان، هو أن يتمكنوا من إطلاق غارات على إسرائيل متى ما ناسبهم ذلك. ومن هنا، فإذا ما كان في وسعهم منع حدوث ذلك، فسيفعلون. وهل ترى أنه من غير الموضوعي القول بأنه كان بوسع السوريين أن يقدموا صفقة جيدة أكثر بمنع النشاطات الفلسطينية في جنوب لبنان، إذا ما قرروا ذلك؟
* توقيع : ام. جي. نونجتون - السفارة ـ تل أبيب