أكدت دراسة جامعية حول أسماء الله الحسنى أن 69 اسما فقط من الاسماء المتداولة بين المسلمين صحيحة اما الأسماء المتبقية فمنها 22 اسما ليست من الأسماء الحسنى ولكنها عبارة عن أفعال وأوصاف لا يصح الاشتقاق منها، وسبعة أسماء مقيدة بالإضافة لا بد من ذكرها مضافة كما ورد نصها في القرآن، بجانب أن الأسماء المتداولة هي 98 اسما فقط لأن لفظ الجلالة هو الاسم الأعظم الذي تضاف إليه الأسماء الأخرى. وقد أثارت هذه الدراسة التي أعدها الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني أستاذ العقيدة المشارك في جامعة الملك خالد بن عبد العزيز تحت عنوان: «أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة» جدلا بين علماء الأزهر، حيث أيد بعض العلماء الدراسة وقالوا لا مانع من التصحيح والتصويب خاصة إذا ثبت أن ما ألفه المسلمون طوال القرون الماضية كان ينطوي على أخطاء خاصة في ظل تقدم وسائل وأدوات البحث واستخدام الباحث للحاسب الآلي في إثبات الأسماء التي وردت في الكتاب والسنة، في حين اعترض بعض العلماء على الأسماء الجديدة التي طبعها صاحب الدراسة ووزعها على المسلمين فى بعض الدول وقالوا إنها تعمق الفرقة والخلاف بين المسلمين في وقت هم أحوج إلى توحيد الصف وجمع الكلمة، كما أن ما طرحه الباحث يمثل خروجا على ما أقره المسلمون منذ عصور الإسلام الأولى.
من جانبه، قال الدكتور الرضواني لقد جمعت في دراستي أكثر من 285 اسما أخضعتها للفحص والتدقيق وبالاستعانة بالحاسب الآلي، ثبت أن الأسماء الصحيحة الثابتة في الكتاب والسنة 99 اسما، مشيرا إلى أن هناك أسماء لا يصح نسبتها الى الله عز وجل ورغم ذلك هي متداولة بين المسلمين مثل المعز المذل المبدئ المعيد الخافض الجليل الباعث الضار النافع الواجد الماجد الحنان، لأنها لم ترد في القرآن ولا في السنة الصحيحة.
وذكر أن هناك أسماء صحيحة بديلة لتلك الأسماء منها: الخلاق والقادر والقدير والمقتدر والوتر والجميل، مؤكدا انه لا يجوز ان نشتق لله أسماء من أفعاله أو صفاته أو غيرها لأن دورنا حيال أسماء الله الحسنى هو الإحصاء والحفظ والدعاء.
وفي تعليقه أكد الدكتور منيع عبد الحليم محمود الأستاذ بكلية أصول الدين جامعة الازهر، أن هناك أسماء توقيفية لله تعالى، أي جاءت نتيجة الوحى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبشرنا بها الرسول الكريم: «إن لله تعالى تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة». ويقول ـ سبحانه وتعالى ـ : «ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها». وأوضح الدكتور منيع أن المراد بكلمة أحصاها أي عمل وتخلق بالأسماء الجمالية لله - سبحانه وتعالى - مشيرا إلى أن بعض العلماء وهم كثرة أجازوا أن يسمى الله بأسماء زائدة على الأسماء المعدودة في السنة النبوية بتسعة وتسعين اسما. وأضاف الدكتور منيع انه يجوز إضافة أسماء أخرى إلى هذه الأسماء بناء على رأي هؤلاء العلماء، موضحا أنه ليس في ذلك شيء يجافي السنة المباركة لأنها صفات لله تزيد التعلق والإيمان به وليس فيها، ما يؤدي إلى إجحاف بأي اسم من الأسماء التسعة والتسعين وليس هناك خطأ في هذا، مؤكدا أن العلماء اعتبروا أن التوسع في أسماء الله الحسنى لا غضاضة فيه وأجازوا التوسع فيها بناء على هذا لأنها تعد زيادة تأكيد للإيمان.
وتابع أن بعض العلماء وصل بهذه الأسماء إلى تسعمائة اسم وبعضهم زاد على هذا وهذا لا شيء فيه لأنها أسماء جمالية تضفي على الله صفات مستحقة من أفعاله، كما أن هذه الزيادة في الاسماء تدل على شفافية هؤلاء الناس الذين جاءوا بها. وقال الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح الاستاذ بجامعة الأزهر، إن أسماء الله الحسنى ذكرت في القرآن الكريم وجاء في الحديث النبوى ان لله تسعة وتسعين اسما من احصاها دخل الجنة. وهذا الحديث رواه الترمذي وفي بعض الروايات ذكر الحديث التسعة والتسعين اسما وتعارف الناس عليها وحفظوها ويرددونها باعتبارها أسماء الله الحسنى. واشار الى ان التقدم في الآلات الإلكترونية مثل الكمبيوتر وغيره أفاد المسلمين والباحثين في استخراج أسماء الله الحسنى التي تتوافق مع القرآن الكريم، وذكر أن أحد العلماء وضع مجلدا ضخما يتكون من أكثر من خمسمائة صفحة في أسماء الله الحسنى التي استخرجها من القرآن بمعنى انه وجد التسعة والتسعين اسما التي تتوافق مع كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما وجد أن بعض الأسماء المحفوظة لدى المسلمين بعيدة عن أن تكون أسماء لله عز وجل.
وأكد الدكتور السايح أن الكثير مما تعارف عليه الناس يحتاج إلى وقفات تصحيحية من علماء المسلمين، فالكثير من الأعراف والتقاليد لدى المسلمين إما جاءت نتيجة مواريث جاهلية وإما لا صلة لها بالاسلام. ومن ثم فليس عيبا أن يكشف البحث العلمي هذه المسائل من أجل أن يعود الناس إلى الصواب، مؤكدا أنه لا يمانع في أن يبحث العلماء في الكتب ليتعرفوا على الأسماء التي وردت في القرآن الكريم، خاصة أن العلم الحديث يمكن أن يفيد المسلمين كثيرا في هذا المجال.
ودعا الدكتور السايح المسلمين إلى العودة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أجل مزيد من الفهم والوعي لأن الله أراد منا أن نكون واعين، مشيرا إلى أننا أمام العلم الحديث مسؤولون عن نشر الوعي والفهم بين المسلمين والحث على الالتزام بتعاليم الاسلام التي تدعونا الى العلم وإعمال العقل.
ويرى الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الاوقاف الأسبق، أن الذين يزيدون في أسماء الله وينشرون أسماء غير تلك التي تعارف عليها المسلمون يقصدون الخروج على جماعة المسلمين، مؤكدا أن كلمة المسلمين اجتمعت على هذه الأسماء واستقرت عليها وكتبت في كثير من الكتب وعرفها المسلمون في الماضي والحاضر.
وقال إذا جاء من يشق عصا الجماعة ويخرج بأسماء معينة - نحن لا ننكرها إن كان لها أصل في القرآن أو في السنة النبوية - فإننا ندعوهم إلى الرفق بالأمة وعدم الخروج على الجماعة بآراء غير متعارف عليها، لأن الأمة ممزقة بعوامل متعددة حتى لا يكونوا سببا فى زيادة الفرقة.
وأشار إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردد هذه الأسماء في كثير من أحاديثه الصحيحة. فإذا كان لدى هؤلاء الذين جاءوا بأسماء جديدة وادعوا أن هناك أسماء غير صحيحة في أسماء الله الحسنى التي حفظها المسلمون منذ قرون طويلة، إذا كان لديهم علم فليخرجوه لنا بأصوله وقواعده، مطالبا هؤلاء بألا يكونوا معول هدم في هذا البناء العظيم الذي استقر عليه الرأي وذاع خبره في الأولين والآخرين.
واكد الشيخ الرفاعى أنه لا يمانع في إضافة أسماء جديدة إلى أسماء الله الحسنى اذا كان لها اصل في القرآن والسنة.