طبقا لشعوب الـ Boshongo في وسط أفريقيا , فإنه في البداية كان يوجد ظلام , ماء , والإله العظيم Bumba فقط . في يوم ما , تسبب الألم في المعدة الذي عانى منه Bumba في تقيؤه الشمس . تسببت الشمس بعد ذلك في جفاف بعض الماء على الأرض مما سبب في ظهور اليابسة . بينما ما زال Bumba يتألم من معدته , تقيأ القمر , النجوم , وأخيرا بعض الحيوانات , النمر , التمساح , السلحفاة , وأخيرا الإنسان .
أسطورة الخلق هذه كغيرها من أساطير الخلق تحاول الجواب على جميع الأسئلة التي دائما ما نسألها : لماذا نحن هنا ؟ من أين جئنا ؟ الأجوبة التي أعطيت فيما يخص تلك الأسئلة حديثة لكون الإنسان حديث الأصل , ولأنه من الواضح أن الإنسان كان وما يزال يتحسن من الناحية المعرفية والتقنية . فلذا الإنسان لم يكن موجودا منذ زمن طويل بالنسبة لعمر الكائنات الأخرى الأقدم منه , ولأن فإن معرفته وتقدمه كان متطور بشكل أكبر . على سبيل المثال , طبقا لـ Bishop Usher , فإن كتاب سفر التكوين ذكر أن خلق العالم بدأ في الساعة الـ9 صباحا ليوم 27 أكتوبر في عام 4,004 قبل الميلاد . من جهة أخرى , فإن االبيئة الطبيعية المحيطة كالجبال والأنهار تتغير قليلا في عمر الإنسان . كان يعتقد بأن الطبيعة المحيطة ثابتة لا تتغير كالخلفية الثابتة , وأنها خلقت في الوقت ذاته الذي خلق فيه البشر . على أية حال , فإنه ليس الكل سعيد بفكرة أن الكون كان له بداية .
على سبيل المثال , الفيلسوف اليوناني الشهير أرسطو اعتقد بأن الكون كان موجودا منذ الأزل , فشيء ما أزلي أفضل من شيء ما مخلوق . اقترح أرسطو بأن السبب في عودة الإنسان بعد التقدم إلى البداية مرة أخرى هي الفيضانات والكوارث الطبيعية الأخرى , فحضارة الإنسان تتقدم ومن ثم تعود للخلف مرة أخرى بسبب الكوارث . الحافز الذي دعى البعض بالإعتقاد بأزلية الكون كان الرغبة في تجنب فكرة أن هناك قوة خارقة للطبيعة خلقت الكون وتركته يتطور . بالمقابل , فإن أولائك الذين اعتقدوا بأن الكون امتلك بداية , استخدموا هذا الدليل كحجة على وجود الإله كالسبب أو المحرك الأول للكون .
إذا اعتقد شخص ما بأن الكون كان له بداية , فإن السؤال التالي هو : ماذا حصل قبل البداية ؟ ماذا كان يفعل الإله قبلما يصنع الكون ؟ هل كان يقوم بإعداد النار لأولائك الذين يسألون أسئلة كهذه ؟ مسألة ما إن كان الكون امتلك أو لم يمتلك بداية كان اهتماما كبيرا للفيلسوف الألماني Immanuel Kant . شعر هذا الفيلسوف بأنه كان يوجد تناقضات منطقية في كلتي الفكرتين . إذا الكون كان له بداية , فلماذا انتظر الكون وقتا مطلقا قبل أن يبدأ ؟ أطلق على هذا الفرضية . من جهة أخرى , إذا كان الكون كان موجودا منذ الأزل , لماذا استغرق الكون وقتا مطلقا للوصول إلى وضعه الحالي ؟ دعا هذا السؤال نقيض الفرضية . كلا الفرضية ونقيضها اعتمدا على افتراضات Kant والآخرين الذي كانوا معه على افتراضهم بأن الوقت كان مطلقا . بمعنى آخر , فإن الكون حدث من الماضي المطلق للمستقبل المطلق بشكل مستقل عن ما إن كان الكون قد يكون أو قد لا يكون على وضعه الحالي . هذه الصورة ما زالت في عقول العديد من العلماء حتى هذا اليوم .
في العام 1915 , قدم أينشتاين النظرية النسبية العامة . من خلال النظرية , فإن المكان والزمان ليسا مطلقين , وليسا خلفية ثابنة للأحداث الكونية . بدلا من ذلك , فإن المكان والزمان عبارة عن كميات متغيرة موجهة بواسطة المادة والطاقة في الكون . تم توضيح الزمان والمكان فقط ضمن الكون , فلذا فإنه من الغير المعقول التحدث حول الوقت قبل بداية الكون , فهذا سيكون مشابه للسؤال حول ماهو المكان الذي يقع جنوب القطب الجنوبي . إذا كان الكون ثابت كما تم افتراض ذلك قبل العام 1920 , فإنه لن يكون هناك أي سبب في القول بأن الوقت لا يمكن أن يوضح أو يعرف في الزمن الماضي البعيد . في هذه الحالة , فإنه سيكون ما يسمى ببداية الكون سيكون أمر متكلف , بمعنى أن الشخص يستطيع الرجوع بالزمن إلى الماضي . هكذا , فقد يكون الكون قد خلق العام الماضي , لكن باستخدام الذكريات والأدلة الطبيعية , فإن الكون يبدو أقدم بكثير . سبب هذا بظهور أسئلة فلسفية عميقة حول معنى الوجود . سأتعامل مع هذه الأسئلة بنظرة فلسفية . الفكرة هي بأننا نقوم بتفسير المعلومات من حواسنا من ناحية النموذج الذي نحن نصنعه حول العالم . يمكن لشخص أن يقول بأن النموذج الذي نراه نحن لا يمثل حقيقة ما نراه . النموذج يكون جيدا بالنظر حول التشكيلة الواسعة التي يقوم بتفسيرها , وعن ما إن كانت التفسيرات تعبر عن نموذج بسيط ورائع . من ناحية أخرى , فإن النموذج يصنع تنبؤات مؤكدة التي يمكن أن يتم تأكيدها أو يتم اختبارها ويظهر أنها خاطئة , وكل ذلك يتم عن طريق الملاحظة .
من ناحية النظرة الفلسفية , فإنه يمكن لشخص مقارنة نموذجين للكون . النموذج الأول يقول بأن الكون خلق العام الماضي , والنموذج الثاني يقول أن الكون وجد قبل زمن أطول . النموذج الذي يقول بأن الكون وجد قبل وقت أطول أكثر من عام واحد يستطيع تفسير أحداث قبل أكثر من عام واحد على عكس النموذج الذي يقول بأن الكون خلق قبل عام واحد , فعلى سبيل المثال , النموذج الذي يقول بوجود الكون أكثر من عام واحد يستطيع توضيح سبب وجود توأمين متشابهين ولدوا قبل اكثر من عام وهم في الوقت الحالي متشابهين تماما . لذا , النموذج الثاني أفضل من النموذج الأول . شخص ما لا يستطيع سؤال عن ما إن كان الكون وجد قبل سنة أو فقط بدا كذلك . في النظرة الفلسفية , الأمرين نفس بعضهما . في الكون الثابت , لن يكون هناك نقطة بداية طبيعية . على أية حال , تغير الأمر بشكل جذري , عندما قام عالم الفلك Edwin Hubble بالمتابعة من خلال تلسكوب الـ100 بوصة على جبل Wilson في العام 1920 .
وجد Hubble بأن النجوم ليست موزعة بشكل موحد في أنحاء الفضاء لكنها متجمعة في مجموعات واسعة تدعى بالـ مجرات . بقياس الضوء من المجرات , استطاع Hubble بتحديد سرعة الضوء . كان يعتقد بأن المجرات تتجه نحونا بينما نحن نبتعد عنها . ما كان يعتقده Hubble كان مناسب لفكرة الكون الثابت . المفاجأة كانت هي عندما لاحظ ابتعاد معظم المجرات عنا , فالمجرات الأبعد عنا تبتعد بشكل أسرع عنا . إذا , فكرة أن الكون كان ثابتا مع مرور الوقت خاطئة , بل أن المسافة بين المجرات تزداد مع مرور الوقت , فالكون يتوسع .
توسع الكون كان أحد أهم الإكتشافات للقرن الـ20 . سبب هذا الإكتشاف في تحويل النقاش حول ما إن كان للكون بداية أم لا . إذا الكون يتوسع في الوقت الحالي , فإن من المؤكد أن المجرات كانت أقرب لبعضها البعض في الزمن الماضي . إذا سرعتهم ثابتة , فهذا يعني أنها كنت متجمعة معا قبل حوالي 15 مليار عام . هل هذه كانت بداية الكون ؟ العديد من العلماء غير سعيدين بفكرة أن للكون بداية لأن ذلك يشير ضمنا لتوقف قوانين الفيزياء . يمكن لشخص ما إستحضار قوة خارقة للطبيعة لوضعها المسبب لكيفية بدء الكون , يمكن ان تكون هذه القوة كما يسميها الكثيرين الرب . تم تقديم نظرية أخرى التي تقول بأن الكون توسع في الوقت الحالي ولكنه لم يكن له بداية , هذه النظرية سميت نظرية الحالة الثابتة : Steady State التي قدمها العلماء Gold , Hoyle and Bondi في العام 1948 .
في نظرية الحالة الثابتة , بينما المجرات تبتعد بتوسع الفضاء فإن مجرات جديدة ستتكون من المادة المنتشرة في الفضاء . الكون كان سيكون موجودا إلى الأبد وسيبدو كما هو في جميع الأوقات . هذه النظرية امتلكت ميزة عظيمة من الناحية الفلسفية , وهو وجود تنبؤ واضح الذي يمكن أن يخضع للإختبار . مجموعة علم الفلك الإشعاعي بجامعة Cambridge تحت ولاية Martin Ryle قامت بعمل مسح للمصادر الإشعاعية الضعيفة في العام 1960 . الموجات الإشعاعية الضعيفة كانت متوزعة في أنحاء الفضاء مشيرة إلى أن أغلب مصادر تلك الإشاعات تقع خارج مجرتنا . المصادر الأضعف ستكون أبعد . في المعدل , توقعت نظرية الحالة الثابتة شكل الرسم البياني لعدد المصادر مقابل القوة المصدرية . لكن الملاحظات بينت مصادر أكثر ضعفا مما هو متوقع مشيرة إلى أن مصادر الكثافة كانت أعلى في الماضي . كان هذا نقيض لافتراض نظرية الحالة الثابتة بأن كل شيء كان ثابتا بمرور الوقت . ولأسباب أخرى , ترك العلماء نظرية الحالة الثابتة .
ظهرت محاولات أخرى لتفادي مسألة أن للكون بداية , وهو أن الكون مر بحالة تقلص سابقة , لكن بسبب الدوران فإن المادة لن تعود جميعها لنفس النقطة . بدلا من ذلك , فإن أجزاء مختلفة من المادة تتغيب عن بعضها البعض , ومن ثم يواصل الكون التوسع مرة أخرى مع بقاء الكثافة محدودة . الروسيان Lifshitz and Khalatnikov أدعيا بأنهما أثبتا بأن إنكماش عام للكون بدون تناظر معين يؤدي دائما إلى إرتداد - إعادة توسع للكون - مع بقاء الكثافة محدودة . هذه النتيجة كانت سهلة جدا للمادية الديالكتيكية اللينية الماركسية , لأنها تتفادى أسئلة حرجة حول خلق الكون . أصبح هذا الأمر موضوع إيماني للعلماء السوفييت .
عندما نشر Lifshitz and Khalatnikov إدعاؤهما كان عمري 21 سنة أبحث حول شيء ما لأكمل به رسالة الدكتوارة . لم أصدق إدعاؤهما , وقمت بالتعاون مع Roger Penrose لتطوير تقنيات رياضية جديدة لدراسة هذا السؤال . قمنا بتبيين أن الكون لا يمكن أن يقوم بالإرتداد , فإذا كانت نظرية أينشتاين النسبية العامة صحيحة فإنه سيكون هناك حالة تفرد Singularity , وهي نقطة من الكثافة المطلقة مقوسة الزمكان , حيث يكون للوقت بداية . الدليل الذي برهن فكرة أن الكون امتلك بداية كثيفة جاء في أكتوبر / 1965 , بعد عدة أشهر من نتائجي حول حالة التفرد , متزامنة مع اكتشاف الموجات الكهرطسية الضعيفة في أنحاء الفضاء . تلك الموجات الكهرطسية هي نفسها الموجات في فرن المايكرويف في منزلك , لكنها أضعف بكثير , حيث أن الموجات المنشرة في الفضاء ستسخن البيتزا التي تملكها على درجة - 271 / 3 درجة مئوية , وهذه الدرجة غير كافية لإزالة الثلج عن البيتزا ناهيك عن طبخها . يمكنك مشاهدة تلك الموجات بنفسك وذلك بالقيام بفتح التلفزيون على قناة خالية , فستشاهد بقع على الشاشة , بعض تلك البقع سببها هو الموجات الكهرطسية المنتشرة في الفضاء . إن التفسير الوحيد المعقول بأن الإشعاع كان في حالة حارة وكثيفة جدا . بينما الكون يتوسع , سيبدأ الإشعاع بالبرودة حتى تتبقى الموجات الضعيفة التي نلاحظها اليوم .
بالرغم من ذلك فإن نظرياتي أنا و Penrose حول حالة التفرد Singularity تنبأت بأن للكون بداية إلا أن نظرياتنا لم تخبرنا كيف بدأ . معادلات النسبية العامة تتوقف ولا يمكن استخدامها عند حالة التفرد . نظرية أينشتاين النسبية لا يمكنها التنبؤ بمسألة كيف بدأ الكون , ولكنها تتنبأ فقط بكيفية تطور الكون بعدما بدأ . من خلال نظرياتي أنا و Penrose يوجد موقفان يمكن لشخص أن يتخذها . الموقف الأول , أن الإله اختار الطريقة التي بدأ بها الكون لأسباب لا نفهمها , وهذا الموقف أو النظرة كانت نظرة البابا John Paul خلال مؤتمر حول الفلك في الفاتيكان . أخبر البابا المندوبين هنالك بأنه لا بأس بدراسة الكون بعدما بدأ , ولكنهم يجب ألايستفسروا حول البداية نفسها , لأن تلك كانت لحظة الخلق , وعمل الإله . لقد فرحت أن البابا لم يعرف بأني قد قمت بتقديم ورقة خلال المؤتمر أقترح فيه كيف بدأ الكون . لم أرغب في أن يتم استقصائي من المحكمة الكاثوليكية كما فعلوا بـ جاليلو - البروفيسور هويكنغ يمزح - !!
الموقف الآخر من نتائئج نظرياتي أنا و Penrose والتي هي مفضلة من قبل العديد من العلماء , وهي أن النتائج تشير إلى توقف النظرية النسبية العامة في حقول جذب قوية جدا في الوقت المبكر من الكون . لذا , يجب أن يتم استبدال النسبية العامة في هذه الحالة بنظرية أكثر اكتمالا , وذلك لأن النظرية النسبية العامة لا تأخذ بالحسبان التراكيب الصغيرة للمادة التي هي من اختصاص نظرية الكم . هذا لا يهم عادة , لأن حجم الكون هائل مقارنة مع الأحجام المجهرية لنظرية الكم . لكن عندما يكون الكون في حجم بلانك Planck Size - بليون تريليون تريليون سم - يكون كلا الحجمين نفس بعضهما , فهناك يجب أن تؤخذ نظرية الكم في الحسبان . (للمزيد عن هذه النقطة يرجى مراجعة ومتابعة موضوع رحلة عبر تطور نظرية العدم )
لأجل فهم أصل الكون فإننا نحتاج لتوحيد نظرية الكم مع النظرية النسبية العامة . أفضل طريقة لعمل ذلك هو استخدام فكرة الفيزيائي Feynman المسماه بـ Sum Over Histories . العالم Feynman كان شخصا نشيطا وفيزيائي ذكي في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا . اقترح بأن النظام يتغير من حالة A إلى حالة B بكل طريق ممكن . كل طريق له سعة أو كثافة معينة , واحتمال أن النظام يتغير من الحالة A إلى الحالة B معطى بجمع السعات أو الكثافة لكل طريق .
احتمالية حالة الكون في الوقت الحالي معطاه بواسطة إضافة جميع السعات لجميع الطرق أو الأزمنة التي تنتهي بتلك الحالة . لكن كيف بدأت الأزمنة ؟ هل تتطب الأزمنة خالق ليرسم كيف بدأ الكون ؟ أو أن الحالة الأولية للكون كانت محددة بواسطة قوانين العلم ؟ في الحقيقة , هذا السؤال سوف يظهر مجددا حتى إذا عاد زمن الكون إلى الماضي المطلق . المشكلة في سؤال ماذا حصل عند بداية الوقت مشابه قليلا لسؤال ماذا حصل عند حافة الأرض , عندما كان يعتقد الناس أن الأرض مسطحة . هل الأرض عبارة عن صحن مستوي والبحر يصب من على الحافة ؟ لقد اختبرت هذا السؤال تجريبيا , وذلك أني سافرت حول أنحاء العالم ولم أتعرض للسقوط من على الأرض . كما نعرف جميعا , مشكلة سؤال ماذا يحصل عند نهاية الأرض تم حلها عندما أدرك الناس بأن الأرض ليست صحن مستوي , بل أن سطحها منحني . نظرية أينشتاين النسبية العامة توحد الزمان والمكان في مفهوم واحد وهو الزمكان , لكن الوقت ما زال مختلف عن المكان , فالوقت مثل الممر أو الرواق الذي يا إما له بداية ونهاية أو أنه يستمر إلى ما لا نهاية . على أية حال , عندما يوحد شخص ما النسبية العامة مع نظرية الكم , فإني أدركت أنا و Jim Hartle بأن الوقت يمكن أن يتصرف كإتجاه آخر في الفضاء تحت الظروف القاسية جدا . هذا يعني أن شخصا ما يمكن أن يتخلص من مشكلة ما إن كان للوقت بداية على نحو مماثل عندما تم حل مشكلة ما يحصل عند حافة الأرض . بداية الكون كانت مثل القطب الجنوبي للأرض مع درجات خط العرض التي تلعب دور الوقت . الكون في هذه حالة سيبدأ كنقطة في القطب الجنوبي , وبينما يتوسع الكون نحو الشمال فإن دوائر خط العرض الثابتة تمثل حجم الكون . لذا , السؤال عن ما حصل قبل بداية الكون سوف يكون بلا أي معنى لأنه لا يوجد شيء جنوب القطب الجنوبي .
الوقت كما هو في درجات خط العرض سوف يكون له بداية في القطب الجنوبي ولكن القطب الجنوبي كأي نقطة أخرى . قوانين الطبيعة التي تحكم القطب الجنوبي هي نفسها في أي مكان آخر . هذا سيمحو الإعتراض القديم حول أن الكون له بداية حيث تكون هي النقطة التي تتوقف عندها قوانين الطبيعة . بداية الكون كانت محكومة بواسطة قوانين العلم . قمت أنا و Jim Hartle بتطوير صورة حول بداية الكون وهي الخلق الكمي التلقائي Spontaneous Quantum Creation , حيث أن هذه الصورة مشابهة قليلا لتشكل فقاعات البخار في الماء المغلي .
فكرة أن معظم الأزمنة المحتملة للكون ستكون كأسطح الفقاعات . العديد من الفقاعات الصغيرة ستظهر ومن ثم تختفي مرة أخرى . هذا يطابق الأكوان الصغيرة التي تتوسع ومن ثم ترتد على نفسها , وكل هذا وما يزال الكون في الحجم المجهري . قد يكون هناك إحتمالية لوجود أكوان أخرى ولكنها بلا أي فعالية لكونها لا تدوم طويلا بما فيه الكفاية لتطوير المجرات والنجوم ناهيك عن الحياة الذكية . بضعة من تلك الفقاعات تنمو لأحجام معينة حيث تكون تلك الفقاعات في حجم آمن من الإنهيار أو الإرتداد بعد التوسع , فتلك الفقع ستستمر بالإتساع بنسبة متزايدة , وستكون الفقاعات التي نراها , هذا يسمى بالـ تضخم : Inflation , على غرار تصاعد الأسعار كل سنة .
الرقم العالمي للتضخم كان في ألمانيا لأول مرة بعد الحرب العالمية الأولى . ارتفعت الأسعار في ذاك الوقت بعامل 10 مليون خلال 18 شهرا . لكن هذا التضخم لا يقارن بالتضخم الذي حصل للكون في بداياته . الكون تضخم بعامل مليون تريليون تريليون في جزء صغير من الثانية . على خلاف التضخم في الأسعار فإن التضخم في بداية الكون كان شيء جيد جدا . تسبب التضخم في الكون , كونا كبيرا ومتناسقا كما نراه الآن . على أية حال , هو لن يكون متناسقا , ففي فكرة الفيزيائي Fyenman المسماه بـ Sum Over Histories , فإن الأزمان الكونية التي هي غير منتظمة قليلا ستمتلك إحتمالات عالية للوصول إلى زمن كوني يكون فيه الكون منتظم ومتناسق . لذا , النظرية تتنبأ بأن بداية الكون كانت من المحتمل غير منتظمة قليلا . الغير إنتظامات تلك تنتج إختلافات صغيرة في كثافة الموجات الكهرطسية الخلفية من الإتجاهات المختلفة . خلفية الموجات الكهرطسية تم متابعتها بواسطة خريطة القمر الصناعي , حيث تم إيجاد أن هناك إختلافات في خلفية تلك الموجات كما كان متوقعا .
الغير إنتظامات في بداية الكون تعني أن هناك بعض المناطق كانت تملك كثافة أعلى من غيرها . التجاذب الجذبي للكثافة الإضافية سوف يبطأ التوسع لبعض المناطق مما سيسبب انهيار تلك المناطق مكونة المجرات والنجوم . اللون الأزرق في الخريطة في خلفية الموجات اللكرهطسية تبين تراكيب الكون . نحن نتجنا نتيجة للتقلبات الكوانتية في بداية الكون . الإله يلعب النرد فعلا !
حققنا تقدم كبير في علم الفلك خلال السنوات الـ100 الماضية . النظرية النسبية العامة واكتشاف توسع الكون حطمتا فكرة الوجود والدوام الأبدي للكون . فبدلا من ذلك , النسبية العامة تنبأت بأن الكون والوقت ذانه بدءا في الإنفجار العظيم . تنبأت أيضا بأن الوقت يتوقف في الثقوب السوداء . اكتشاف الموجات الكونية الكهرطسية الخلفية للكون ومتابعات الثقوب السوداء دعمت تلك النتائج . هذا يعتبر تغير عميق لصورتنا حول واقع الكون . بالرغم من أن النسبية العامة تنبأت بأن الكون لا بد أنه نشأ من فترة تقوس عالية في الماضي لكنها لا تستطيع التنبؤ كيف ظهر الكون من الإنفجار العظيم . النسبية العامة لا تستطيع الإجابة على السؤال المهم في علم الفلك وهو : لما الكون على الطريقة الذي هو عليه ؟ على أية حال , إذا تم توحيد النسبية العامة مع ميكانيكا الكم فإنه قد يكون من الممكن التنبؤ بكيفية بدء الكون .
أثناء الفترة التضخمية للكون فإنه النظرية الموحدة تتوقع تقلبات صغيرة تتطور لتؤدي إلى تشكيل المجرات والنجوم وكل التراكيب الأخرى في الكون . هذا مؤكد بواسطة المتابعات لغير الإتساقات الكونية الصغيرة في خلفية الموجات الكهرطسية الكونية . لذا فإنه يبو بأننا على الطريق السليم لفهم أصل الكون , ولكننا نحتاج لجهد أكبر . ستفتح لنا نافذة جديدة على بداية الكون عندما نكتشف الموجات الجذبية من قبل قياس المسافات بدقة بين المركبات الفضائية . تنتقل الموجات الجذبية بحرية إلينا أكثر من الأوقات السابقة بدون عرقلة اي مادة فاصلة . هذا الإنتشار للموجات الجذبية سيستمر حتى تجمد الإلكترونات بعد 300,000 عام .
بالرغم من أننا حققنا نجاحات عظيمة إلا أن ليس كل شيء محلول حتى الآن . ليس لدينا حتى الآن فهم نظري جيد للمشاهدات حول تسارع توسع الكون مرة أخرى بعد مدة طويلة من التباطؤ . بدون فهمنا لذلك , لن نكون متأكدين حول مستقبل الكون . هل سيستمر بالتوسع للأبد ؟ هل التضخم قانون من قوانين الطبيعة ؟ أو هل الكون سينهار مجددا على نفسه ؟ النتائج الملاحظية الجديدة والتقدم النظري يتطوران بسرعة . الفلك موضوع مثير ونشط جدا , فنحن نقترب للإجابة على الأسئلة القديمة : لماذا نحن هنا ؟ من أين جئنا ؟