آخر الأخبار

صباح فخري وابنه انس ابو قوس: من القدود الحلبية الى موسيقى الروك

عندما صعد المغني السوري الشاب انس ابو قوس على منصة مهرجان "سورية شباب" قبل سنتين كان مع مجموعة فرق تقدم الغناء العربي ضمن قوالب موسيقية غربية لكن اغاني الروك التي قدمها صار لها معنى آخر بعد ان تناقل الجمهور انه ابن مغني القدود الحلبية الشهير صباح فخري.
ورغم السجال الذي اثاره تغريد الابن خارج سرب ابيه والامتعاض الذي ابداه جمهور عريض من ظهور ابن احد اهم مغني التراث العربي والاصالة على هيئة مغني روك في صخب اللباس والحركة والموسيقى الا ان الابن وابيه يبدوان هادئين وهما يقللان من شأن البعد الذي رآه الجمهور بين صورتيهما ويؤكدان في حديثهما لفرانس برس ان ليس هناك من اختلاف بين مشروعهما الموسيقي.

وينتقد الاب وابنه "نظرة" الجمهور الذي هاجم تجربة الابن على اعتبار انها تشكل "قطعا" مع تراث الاب. ويقول صباح فخري "من يقول اننا مختلفان هم جمهور ثقافته الموسيقية محدودة وانا اقول لهم تثقفوا وتعلموا قبل ان تتكلموا".

ويؤكد صباح فخري (75 عاما) ان رأي المعترضين "لا يؤثر بي ما المانع ان غنى الاب قدودا والابن روك؟ لا مانع دعهم يستفسرون ويتعلمون".

اما الابن انس وهو في مطلع الثلاثينات من عمره فيكاد يجزم ان منتقديه "لم يسمعوا ما اغنيه (ضمن فرقة الروك "انسا-نيتي") ولا يعرفونني" مشيرا الى ان رأيهم هو "حكم مسبق".

ويضيف صباح فخري مستغربا "لديهم حكم مطلق مباشرة يقولون الروك هو شيء سيء وعيب".

ويبدي صباح فخري انفتاحا لافتا في الحديث عن تجربة ولده. يسرد كيف ان الابن بدأ بغناء التراث وانه يحفظ كل اغنياته من موشح وقدود وغيرها ويعلق على ما وصلته تجربة انس "لقد اراد ان يطور نفسه ويوسع دائرة معرفته الموسيقية وثقافته وانا شجعته وما زلت".

ويضيف فخري "يجب ان نعطي اولادنا حقهم في البحث وانا لا احده بدائرة التراث واريده انسانا مثقفا".

ويرى مغني الموشح والقدود الشهير ان غناء ابنه للروك او غيره من قوالب موسيقية غربية "لا يعني اننا في تجربتين مختلفتين" ويستند في تفنيد رايه على فلسفة لا يمل تكرارها ويقول "الموسيقى واحدة والكلمة هي التي تحدد هوية الاغنية. انس يغني عربي وكلانا في حقل الموسيقى التي هي لغة الكون ودلالة وجوده".

ويعتبر فخري ان الخط الذي انتهجه ابنه "لا يعني انه تخلى عن جذوره وهويته فهو يستطيع متى اراد العودة للعمل على التراث العربي الذي تربى عليه وحفظه" وفي تأكيد على رضاه وقناعته بما يفعله الابن يقول الاب "انا احب ان يترك ابني بصمة كما فعلت انا .. هو لن يكون مهما حاول صباح فخري".

يتدخل انس هنا ليقول "ابي يمثل لي حالة فنية ناجحة يحتذى بها لكني لن اكونه واذا حاولت سأكون حالة استنساخ غير ناجحة" ويضيف "اردت تقديم شيء مختلف وتجنبت ان اسير خلف خطواته ولن افعل ذلك كي ارضي رغبات البعض في الاستمرار باسماعهم نمط غناء معين".

وعن غنائه في قوالب موسيقية غربية يقول انس "اريد تقديم موسيقى معاصرة واصيلة في آن معا واعبر عن نفسي كشاب عربي مظهره غربي". ويعلق صباح فخري قائلا "بالنسبة لي انا صاحب رسالة في الحفاظ على التراث ويجب ان نفهم ان الاجيال تتغير والاعلام جعلها تنفتح على العالم".

الاسم الثاني والحقيقي لعائلة صباح فخري هو "ابو قوس" لكن من اعطى المغني الشهير لقبه الفني (فخري) كان الاديب الراحل فخري الباردوي. ويلفت انس الى ان اختياره لقب "ابو قوس" امر مقصود ويقول "لن اكون صنيعة ما يريده الناس واذا استعملت لقب "فخري" سيكون هناك توقع مسبق لي وساكون اخدع الناس فانا اعرف اني لست كما يتوقعون".

ويؤيد الاب وجهة نظر ابنه ويقول "هو يريد تشكيل كيانه الذاتي وهو انس ابو قوس" ويؤكد ان عدم معرفة الناس مباشرة ان انس ابنه "لا يحز في نفسي كأب شرقي فانا اعطيته اسمه وربيته وهو جزء مني".

لكن محاولة الابن تحييد نفسه عن تجربة ابيه لا تعني كما يقول ان لا يستفيد من رصيد الاب ويضيف انس "الاستفادة مشروعة وحق ووجودي الى جانبه (صباح فخري) جعلني احرق مراحل كثيرة واستفيد على صعيد العلاقات ومن الناحية الاعلامية ومنه كمثال على الفنان المحترف والناجح". اما الاب فيتساءل "الارث لمن؟" ويوضح انه قدم ابنه ليغني معه في باريس منذ كان عمر انس عشر سنوات.

وفي محاولة منهما لازالة المسافة "الظاهرة" بين تجربتهما وصورتهما يقول الابن ان "الروك كان محطة استفدت منها وليست المستقر" فيما يؤكد صباح فخري ان فكرة التعاون بينه وبين انس "واردة جدا وهي مشروع نعد له وننتظر نضوجه سنقدم (ديوتو) والناس سيطير عقلها".

ويصر الاب على ان ابنه "صاحب صوت ممتاز ومساحاته واسعة اداءه متقن ويتحكم بحنجرته القوية" ويلفت الى انه لحظ موهبة الابن منذ كان عمره تسعة اشهر "عندما كان يمسك ايقاع الاغاني التي يسمعها وينقرها على الطاولة وهو في حضني".

اما صباح فخري فيقول ان موهبته ظهرت "منذ ولدتني امي" ويشرح ان والدته اكتشفت ان احد اقاربه "كان يقرصني لانه يحب ان يسمع صوت بكائي... كان يطربه".