مشهد -1-
شخص..يرميك في برميل للقمامة..ويحدد إقامتك فيه..ويحرص على تزويدك يوميا بشتى أنواع الزبالة , من مخلفات شركات لم يسمع بها أحد ..تنتج بضائع ستوك ,ومواد غذائية غير صالحة للاستهلاك البشري , إلى أدوية ومبيدات ومركزات ومكثفات وبودرة فات عليها قطار العمر ... فأعيد بعثها ..من جديد وذلك تأكيدا لأسطورة طائر الفينيق . .بل ويأتيك ببراميل مختومة فيها مواد خطرة ويضعها بجوارك في ليلة غاب فيها ضوء القمر ..كاشف أسرار العشاق واللصوص. ويحرص هذا الشخص على أن يسمعك الخطب والمواعظ...عن ضرورة النظافة وأنها - أي النظافة- من الإيمان. ثم ...يبتعد عنك ..وينظر إليك بقرف :يا عيب الشوم عم تاكل من الزبالة!
مشهد -2-
أشخاص ..لا هوية لهم ولا ملامح , يشبهون فقمات ناجي العلي ..أو نعجات أبو صبحة البدوي.. كانوا بجوارك يوما ما ..لكنهم تعلقوا بإحدى السيارات الآلية الحديثة الضاغطة للزبالة ..واختفت آثارهم . وأصبحت لا تراهم ولا تسمع أخبارهم إلا بالمناسبات ..الكالحة ,والمآتم ..والجنازات . وتتلمس ذلك من كمية المناديل المسفوحة .. ..أو من بقايا -مخاض- الولادة العسيرة لفجر التغيير. وتلمس هذا التغيير فعلا..في زيادة المخلفات كما ونوعا.
مشهد-3-
نقل خارجي: مقاول كبير ..وتاجر خطير..يعتلي المنبر وهو يرغي ويزبد ..وهو يتحدث عن الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان , وبقايا الطعام تتناثر من فمه في غمرة الغضب الساطع ,ورذاذ لعابه يتطاير في الهواء...ليشكل مع أشعة الشمس -شمس الحقيقة والحرية - أقواس قزح صغيرة , أضفت على المشهد رومانسية أخاذه. وزعيم وطني ثوري ..-مع القليل من التجارة بين نوبات النضال المضنية- , سيادي وطني - لا بأس من التدويل إن كان ذلك يخدم الحقيقة- , ينتقد المجازر الجماعية الرهيبة - وهذة المجازر الصغيرة التي قام بها هي لتعميد الأرض بالدم .وتأجير أرضه الى أبي نضال ليجعلها قاعدة وسجنا ..ومقبرة لدفن الخصوم, هي لتمويل الكفاح, بين عامي 1988و1990 تمت تصفية حوالي الألف عنصر من أعضاء جيش الشعب التابع لحركة فتح -المجلس من قبل أبو نضال وتم دفن معظمهم في هذة الأرض وبالمناسبة ..هي القاعدة الفلسطينية الوحيدة في لبنان التي لم تقصفها اسرائيل على مر السنين. ..مخرج يصرخ :سكر هالزووم ..ريحتو طالعة .
مشهد - 4- في الشارع: شحاذون ..-لشحذ الهمم- . فنانات ,رقاصات, بائعات هوى ..وبجوارهن ..آكلو هوا . تلفزيونات بالجملة, رولات كلام ورولات معجنات ورولات حمامات. منجمون, سحرة بارعون في إخراج الأرانب والأشرطة من أ كمامهم وجيوبهم, بائعو يانصيب , شاب يغازل فتاته:تسأله :متى سنتزوج يا حبيبي ؟ يجيبها ويداه تطوقانها من جميع الجهات: عندما ينتهي التحقيق وتظهر الحقيقة يا حياتي .
... يأتي زمان ..يصبح التهريج والتنكيت مدرج على جدول أعمال الحكومات. وتصبح العمالة ديدن الرجال ولكل تسعيرته..والطائفية قيمة القيم وذمة الذمم ..وسقفا غير قابل للكسر.وبضاعة لا ترد ولا تبدل. ويصبح التلاعب بمصير الأوطان أسهل من التلاعب بتسعيرة التموين. ويتخذ المستقبل تجهم لوحات لؤي كيالي ... والمتوقع أقل بكثير من الواقع. يتفوق الواقع على الحلم والمتخيل!! نعم في الخراب وفي الكارثة ..نعم.