تشهد الأجزاء الشمالية من القارات الكبرى يوم غد الجمعة الأول من اب 2008 كسوفاً شمسياً تاما إذ يجتاز ظل القمر في هذا الكسوف مسافة 10200 كيلومتر في ساعتين حيث سيعبر خط الكسوف التام أراضي كندا وغرينلاند وروسيا والصين وتبلغ الفترة العظمى للكسوف التام دقيقتين و27 ثانية حيث يكون عرض حزام ظل القمر237 كيلومتراً.
ويترافق الكسوف الكلي بكسوف جزئي يرى من شمال شرق اميركا ومعظم اوروبا وآسيا وترى الشمس وقد كسفت بشكل جزئي ظهر الجمعة في سورية لكن احتجابها سيكون ضئيلاً ولن يتجاوز25 بالمئة في عين ديوار في أقصى شمال شرق سورية وستكون نسبة احتجاب قرص الشمس في دمشق نحو6 بالمئة وبدايته عند الساعة16ر1 وذروته46ر1 ونهايته15ر2 من بعد الظهر في دمشق وتختلف هذه الأرقام بشكل طفيف بين دمشق وضواحيها.
فيما يستغرق الكسوف الجزئي حوالي ساعة ونصف الساعة.
وذكر ناصر أسعد منذر العضو المحاضر في الجمعية الكونية السورية في تصريح لسانا أن كسوف الشمس يحدث عندما تتوضع الأرض والقمر والشمس على استقامة واحدة تقريباً ويكون القمر في المنتصف أي في وقت ولادة القمر الجديد عندما يكون في طور المحاق مطلع الشهر القمري بحيث يلقي القمر ظله على الأرض وفي هذه الحالة إذا كنا في مكان ملائم لمشاهدة الكسوف سنرى قرص القمر المظلم يعبر قرص الشمس المضيء.
أما خسوف القمر فهو يحدث عندما تتوضع الشمس والأرض والقمر على استقامة واحدة وتكون الأرض في المنتصف بحيث يسقط ظل الأرض على القمر ونعرف من خبراتنا اليومية أن الخسوفات تحدث في الوقت الذي يكون فيه القمر بدراً كما سيحدث يوم السبت16 من الشهر المقبل.
وأضاف منذر أنه بالرغم من ان القمر يتواجد مرة كل مطلع شهر قمري بين الشمس والأرض أي يمكن للقمر أن يكون في طور المحاق ولكنه أبعد من أن يصل ظله إلى الأرض فلا يحدث الكسوف حينها وكذلك قد يكون القمر في طور البدر وبعيداً في مداره عن الأرض بحيث لايحدث الخسوف ويعود هذا إلى المدار الاهليلجي للقمر حول الأرض وميل مدار القمر حول الارض على المستوى الكسوفي بزاوية 5 درجات بحيث لا تتواجد الأجرام الثلاثة على مستقيم واحد بالضرورة مطلع ومنتصف كل شهر.
ويتقاطع مدار القمر في دورانه حول الأرض مع المستوى الكسوفي في موضعين يسميان العقدة الصاعدة والعقدة النازلة فلو كان مستوى مدار القمر حول الأرض منطبقاً على المستوى الكسوفي لحصل كسوف نهاية كل شهر قمري بالضرورة ولحدث خسوف قمري منتصف كل شهر قمري لكن ظل الأرض لا يسقط على الأرض الا عندما يكون القمر في أحدى عقدتيه أو قريباً منهما لافتاً إلى أن فترة الكسوف ترتبط بفارق الحجمين الظاهرين للشمس والقمر بحيث تحدث أطول فترة كلية للكسوف عندما يكون القمر في الحضيض " أقرب ما يكون إلى الأرض" وتكون الأرض في الأوج " أبعد ما تكون عن الشمس" بشكل عام قد تستمر عملية الكسوف الكلي من بدايتها إلى نهايتها قرابة الثلاث ساعات ونصف أما مرحلة الكسوف الكلي أي استتار قرص الشمس بشكل كامل فهي تتراوح من دقيقتين إلى سبع دقائق في أحسن الأحوال ويعود السبب إلى إن قطر بقعة ظل القمر على الأرض لايصل في أحسن الأحوال لأكثر من 270 كم وبما أن سرعة حركة ظل القمر على الأرض تبلغ قرابة 2100 كم/سا بالتالي فان المسافة 270 كم تقطع خلال مدة تقارب السبع دقائق لهذا لا تدوم مدة الكسوف الكلي أكثر من هذه المدة أبداً.
أما الكسوف الحلقي فقد تصل فترة حلقتيه إلى اثنتي عشرة دقيقة وثلاثين ثانية وذلك بسبب المسافة الأكبر التي يجب على قرص القمر الصغير أن يقطعها.
وحذر عضو الجمعية الكونية السورية من مخاطر النظر إلى الشمس أثناء الكسوف لأن الاشعاع الشمسي الوارد إلى الأرض يتضمن ثلاثة أنواع من الأشعة الكهرطيسية التي تشكل خطراً على عين الانسان وهي..
-الأشعة الضوئية تتسبب هذه الأشعة عندما تكون كثافة الضوء عالية بأذية ضوئية كيميائية تدعى بالإنسمام الضوئي حيث تتعطل قدرة الخلايا البصرية على الاستجابة للضوء.
-الأشعة تحت الحمراء تتسبب هذه الأشعة بتسخين الشبكية مسببة أذية حرارية تدعى التخثر الضوئي تتمثل بحرق الأنسجة وتدمير الخلايا الحساسة للضوء العصي والمخاريط ولايشعر الأنسان بهذا الضرر ذلك أن الشبكية تخلو من مستقبلات الحرارة والالم.
-الأشعة فوق البنفسجية تسبب حروقاً في الشبكية كما تسرع حدوث الانسمام الضوئي لأن طاقتها أكبر بكثير من الأشعة الضوئية.
لا تصدر الشمس أثناء الكسوف أي اشعاعات مضرة بالعين غير تلك التي تطلقها عادة ونحن نعلم أن التحديق إلى الشمس في الأحوال العادية لمدة 15 ثانية على الأكثر كفيل بالتسبب بالعمى لكن خطورة الكسوف تأتي من فارق أن الشمس غير المكسوفة تصدر كميات كبيرة من الأشعة الضوئية ما يؤدي إلى تضيق حدقة العين لأقصى حد ممكن وبالتالي عدم السماح للأشعة المضرة بالعبور إلى الشبكية أما أثناء الكسوف فإن كمية الأشعة الضوئية الصادرة عن الشمس تقل بشكل ملحوظ بسبب استتار جزء من قرص الشمس هذه المرة ستكون النسبة 20 بالمئة وهذا ما يجعل حدقة العين تتوسع بشكل كبير فإذا ما كانت العين مركزة على الشمس مباشرة نفذت كمية كبيرة من الأشعة الضارة نحو الشبكية وسبب لها اذية مؤقتة أو دائمة وقد لا تظهر الأذية مباشرة بعد المراقبة ليتأخر ظهورها بضع ساعات أو أكثر أحياناً وتتمثل الأذية بعمى دائم في العين وباضطراب في الرؤية وضعف في قوة الابصار.
وأضاف أنه لابد من اتخاذ التحذيرات التالية فيما يتعلق بالمراقبة الامنة لمراحل الكسوف الجزئي المرافقة للكسوف الكلي وهي..
- لا تنظر إلى الشمس بالعين المجردة من دون وسيلة حماية موثوقة ولا حتى للحظات قليلة إن بدا الكسوف أم لا.
- لا تستخدم ما يسمى" الزجاج المدخن" التي هي عبارة عن قطعة زجاج سودت بهباب شمعة مشتعلة لأنها تمرر اشعة فوق بنفسجية.
-لا تستخدم النظارات الشمسية حتى و إن وضعت عدة طبقات فوق بعضها.
- لا تستخدم أفلام التصوير النيغاتيف السوداء والبيضاء أوالملونة منها حتى ولو وضعت طبقات عدة منها فوق بعضها.
- تستطيع استخدام نظارات خاصة تدعى نظارات ميلار وهي حتماً ليست نظارات شمسية مرسب عليها طبقة من الألمنيوم تمنع الأشعة فوق البنفسجية حتى هنا مع هذه النظارات لايجب إطالة النظر إلى الشمس إلى أكثر من 15 ثانية.
- تستطيع إنشاء صندوق صغير من الكرتون أو الخشب لتسقط من ثقبة أشعة الشمس على حاجز تستطيع متابعة الكسوف دون النظر المباشر.
- الالتزام بتعميم وزارة الصحة بأنها لم ترخص اي نظارات خاصة بالكسوف في سورية.
وأشار إلى أن الجمعية ستقوم بليلة رصد فلكي يوم الخميس31/7/2008 في منتجع المونتي روزا "تسبق يوم الكسوف" والدعوة للمشاركة في ليلتي الرصد مفتوحة للجميع.
من جانب آخر ذكر المهندس محمد العصيري رئيس جمعية هواة الفلك السورية أن الجمعية ستقوم بمتابعة ورصد ظاهرة الكسوف في مطعم وبيتزا او ام في ساحة الميسات في دمشق وستقوم بتوزيع نظارات خاصة بالكسوف لمن يحضر بدءاً من الساعة الواحدة ظهراً حتى الساعة الثانية والنصف مع نهاية الكسوف كما يمكن التزود بصور عالية الدقة ومناسبة عن الكسوف على موقع الجمعية على الانترنت.
يذكر أن الكسوف غداً سيكون الخامس في القرن الواحد والعشرين وسيحصل فوق الصين وسيكون من الممكن مشاهدة الكسوف في شكل تام على خط يبدأ في شمال شرقي كندا قرابة الساعة30ر9 بتوقيت غرينتش ويعبر شمال غربي غرينلاند والمحيط المتجمد الشمالي وشمال سيبيريا وغرب منغوليا انتهاء في الصين في الساعة20ر11بتوقيت غرينتش.
والمعلوم أنه لا يشاهد من الشمس في الكسوف سوى هالة فيما يخيم الظلام على منطقة الكسوف وتتوقف الطيور عن الزقزقة ظناً منها أنه الليل وسيكون حوالي مليار شخص في ظل الكسوف الكلي معظهم في آسيا.
والكسوف الكلي نادر نسبياًَ اذ لايحصل الا بمعدل مرة كل 18 شهراً غير أنه غالباًَ ما يحصل في عرض البحار أو في مناطق قليلة السكان وكان الكسوف الكلي في11 اب عام 1999 عبر منطقة كثيفة السكان امتدت من اوروبا الغربية إلى الهند وقد يشمل كسوف متوقع في22 تموز من العام المقبل 2009 عدداً قياسياُ من الأشخاص اذ سيشاهد من الهند الى الصين.
وفي الدول العربية سيكون كسوف الشمس كلياً في الأردن فيما يشاهد كسوف جزئي في كل من سلطنة عمان والإمارات وقطر والبحرين والكويت والعراق ولبنان والأجزاء الشرقية من السعودية والأجزاء الشمالية من الإردن وفلسطين إضافة إلى سورية كما قدمنا.
وكان اخر كسوف للشمس شهدته الدول العربية في 29 آذار عام2006 أما الكسوف الجزئي المقبل الذي سيشاهد في الدول العربية فسيكون في15 كانون الثاني2010.