بعد عام من عرضه الأول، لم تتحقق أمنية كاتب المسلسل "رياض سيف" بأن تعرض باقي القنوات العربية و خاصة MBC. و قد كان بطل المسلسل الفنان السوري "عباس النوري" قد صرح بأن هذا العمل ظلم لعدم عرضه على قنوات تلفزيونية أخرى.
هل كان المسلسل ضحية أفكاره الصريحة و غير النمطية؟ و هل كانت تلك الأفكار صريحة و مختلفة لدرجة تجعل كل الفضائيات تتجنبه على اختلاف اتجاهاتها و اختلاف الدول الممولة لها؟
ربما السبب هو أن المسلسل لا اتجاه له، رغم أن البعض يراه ميالا كثيرا لكفة حركة فتح، و هذا أمر طبيعي بما أن حركة فتح مركزة نشاطها بالضفة الغربية، و الأحداث التي وقعت بمخيم جنين وقت اجتياحها كان أبطالها مجاهدون من حركة فتح.
عرض المسلسل أول مرة على قناة LBC في رمضان الماضي، و كنت كأغلب المتابعين له، سعيدا بجدية العمل و احترافية الإنجاز بقيادة المخرج "شوقي الماجري"، و براعة الممثلين الذين كانوا مقنعين لدرجة كبيرة.
سعادتي بالمسلسل كان منبعها ندرة الأعمال الدرامية العربية التي تتناول القضية الفلسطينية بتلك النظرة و بذلك الإتقان...
خلال أيام عرض المسلسل في رمضان الماضي، كتب الإعلامي محمد أبوعبيد مقالا مميزا بعنوان: "الاجتياح..الحب و السلاح"، أشاد فيه بمضمون المسلسل الذي يقدم صورة غير تقليدية للفرد الفلسطيني، غير تلك التي في أذهاننا نحن غير الفلسطينيين، فالمسلسل رغم عنوانه و إن كان يركز على الجانب الجهادي في أحداث جنين البطولية، إلا أنه لم يهمل باقي الجوانب الإنسانية و النماذج الأخرى في جنين و التي هي مثال للمجتمع الفلسطيني. و كما قال "رياض سيف" في مقابلة له مع صحيفة الحقائق أن رسالته الأساسية من هذا العمل الدرامي هي "أنسنة الإنسان الفلسطيني"، و التأكيد على أن الفلسطيني إنسان يحب الحياة و يموت من أجلها.
للأسف هذه الصورة الواقعية للفلسطيني لا تبرزها وسائل الإعلام و تتجنبها، سواء الغربية أو حتى العربية.
المسلسل كان صريحا و مباشرا في إبرازه لوحشية جنود الاحتلال و الظلم المسلط على الشعب الفلسطيني، و عن المستوطنين فقد كسر المسلسل هنا أيضا الصورة النمطية السلبية التي في أذهاننا عنهم، و أظن بأن الفلسطينيين هم أكثر المشاهدين تفهما لهذا الجانب من المسلسل، على عكس باقي المشاهدين العرب.
المسلسل لم يكن يدعو للتطبيع أو السلام كما يتهمه البعض، و بدوري أنصح المعارضين له بإعادة مشاهدته تماما كما نصحهم كاتب المسلسل.
الاجتياح، دراما عربية مميزة عن فلسطين نتمنى أن تتكرر و أن لا تبقى يتيمة، و أن تلقى باقي المسلسلات التي ستأتي بعدها حظا أوفر مع المشاهدين، و مع الإعلام الذي يتنكر لمثل هذه الأعمال.
**جمال الدين بوزيان
ناشط اجتماعي جزائري
djameleddine1977@hotmail.fr