بقلم كوناستانثا فييرا
أصدرت محكمة الشعوب الدائمة تقريرا عن كولومبيا أكدت فيه أن 28 شعبا أصليا يعيشون "وسط خطر محدق من الإنقراض بدنيا وثقافيا"، وأن 18 منها تتكون بالفعل من أقل من 100 فردا "ينضالون بين الحياة والموت".
وذكر تقرير المحكمة، التي يترأسها الأرجنتيني أدولفو بيريث إسكيفيل الحائز علي جائزة نوبل للسلام لعام 1980، أن "تلاشي هذه الشعوب من ظهر الأرض في القرن 21، يمثل عملية إفناء وجريمة بشرية لعدم رعاية هذه الشعوب التي هي علي وشك الإنقراض بلا رجعة، إضافة إلي كونها مدعيا للخزي لكولومبيا والبشرية جمعاء".
ويذكر أن الشعوب الأصلية تشمل 1,4 مليون مواطنا من أصل 41,5 مليون نسمة في كولومبيا، وفقا لإحصائيات السكان لعام 2005، التي إحتسبت 87 ثقافة أصلية مختلفة. ومع ذلك، فقد أشارت منظمة الشعوب الأصلية الوطنية إلي عدد هذه الشعوب يبلغ في الواقع 102 شعبا، وذلك لأن أحصائيات الدولة قد إحتسبت بعض اللغات الأصلية كجماعة عرقية واحدة. هذا وتخلف محكمة الشعوب الدائمة، وهي المعنية بحالات الإنتهاك الجماعي لحقوق الإنسان في العالم، "محكمة رِسل" الدولية التي حاكمت في 1966 و 1967 جرائم حرب فيتنام (1965-1975)، ثم جرائم الأنظمة الديكتوتورية في أمريكا الاتينية في عامي 1974 و 1975. وكانت هذه المحكمة قد سميت علي إسم الفيلسوف البربطاني برتراند رسل، الذي كان قد أسسها أصلا بإسم المحكمة الدولية لجرائم الحرب.
وعلي الرغم من أن أحكام محكمة الشعوب الدائمة غير ملزمة، إلا أنها تستند إلي القانون والقضاء الدوليين، وتراعي إختصاصات محكمة العقوبات الدولية. كما أن منظمة الأمم المتحدة قد إقتبست تعريفها المفوهم الحصانة من العقاب، وفقا للطبيب الإيطالي جانّي تونيوني، أمينها العام والعضو في هيئة المحلفين.
ولقد صدر تقرير المحكمة بعد عامين ونصف عام من التحريات التي شملت تصرفات الشركات متعددة الجنسيات تجاه حقوق الشعوب الأصلية في كولومبيا.
فصرح لورينثو مويلاس، الذي شغل سابقا مناصب عضو المجلس الدستوري ومحافظ شعب "غوامبيانو"، ونائب برلماني، ومحافظ ولاية كاوكا الكولومبية، "أشعر بالأسي اليوم. يقولون أن العالم تقدم، أنه متحضر، أن هناك حقوق إنسان، أن هناك إنجازات مهمة جدا في مجال حماية البشر في هذا العالم". وأضاف ل "آي بس اس"، ومع ذلك "فالنسبة للشعوب الأصلية، بالنسبة لنا، لم ولا يوجد مثل هذا التحضر، ولم ولا توجد حقوق إنسان... أبدا".
هذا وينص قرار محكمة الشعوب الدائمة علي أنها تحققت من "إنعدام الإعتراف الفعلي بهوية الشعوب الأصلية" وبالتالي، إنتهاك "حقها في الوجود"، بأساليب الحياة الخلصة بها، وعاداتها وتقاليدها ورؤيتها الخاصة بها".
ويذكر أن دستور 1991 الذي شارك مويلاس في صياغته، ينص علي حقوق واسعة للشعوب الأصلية، بما يشمل الإعتراف بزعمائها التقليديين كسلطة حكم في أرضيها، وتحويل مخصصات التعليم والصحة لها. كذلك أن "الأمة" هي صاحبة التربة، ولابد من إستشارة الأهالي الأصليين قبل إتخاذ أي قرارات تمس أراضيهم.
لكن أحدا لا ينفذ هذه القوانين.
ومن ناحية أخري، نص قرار المحكمة علي أن "حكومة كولومبيا، ولكن أيضا جماعات مسلحة وقطاعات إقتصادية وطنية ومتعددة الجنسيات، تشارك بأشكال مختلفة في تعميم إستراتيجيات تستهدف طرد الشعوب الأصلية إلي خارج مناطق المصالح الإقتصادية"، والغاية هي "تسهيل أنشطة الشركات، وأغلبها متعددة الجنسيات".
وأضاف أن المحكمة تسجل "وضعا منتشرا بين الشعوب الأصلية" ينطوي علي وقوعها ضحية "الإرهاب ضد الأفراد المدنيين، علي آيدي جماعات مسلحة، كثيرا ما تعمل في خدمة الشركات متعددة الجنسيات". وهكذا، ترتبط "عسكرة الأراضي بالمشروعات الكبري، خاصة في قطاعات المناجم والنفط وصناعة الأغذية".
ويضاف أن محكمة الشعوب الدائمة قد حاكمت 26 شركة عالمية لإستغلالها لحالة العنف السائدة في كولومبيا.
وفيما يخص الشعوب الأصلية، أشار قرار المحكمة إلي شركة "مونسانتو" الأمريكية المنتجة لمبيدات المحاصيل غير المشروعة، وقال أن رشها لهذه المبيدات علي الحقول، في إطار "خطة كولومبيا" الممولة من واشنطن، قد أضر إضرارا خطيرا ب 105 إقليما تابعا للشعوب الأصلية في الفترة بين 2000 و 6002.
وأخيرا، قضت المحكمة بأن حكومة الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي، تسن "قوانينا وطنية متنافية مع الدستور... ولا تعترف بحقوق الشعوب الأصلية، التي تنص عليها المعاهدات الدولية التي وقعت عليها كولومبيا"