مرة اخرى يطل علينا محمد اسعد بيوض التميمي حيث يقوم بالتهجم على شاعر المقاومة الفلسطينية الراحل محمود درويش بمقالة بعنوان"محمود درويش ورأي في الإتجاه المُعاكس"..وكان التميمي قد قام بالتهجم على حكيم الثورة الفلسطينية وضميرها الراحل جورج حبش بعد بضعة ايام من رحيله بمقالة نارية عنوانها"جورج حبش صليبي ماركسي لينيني عدو لله والعروبة والاسلام"وهي مقالة طويلة جدا ومن ابرز ما جاء فيها "عندما قام جورج بتأسيس(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) لم يكُن هدفه في حقيقة الآمر تحرير فلسطين ولا مُحاربة اليهود وإنما لتكفير المسلمين و تخريب العمل الفدائي المُتمثل بحركة فتح يومئذ"..! وقد رد على مقالته هذه وهاجمه الكثيرون من الكتاب والقراء ومن ابرزهم أخوه "مأمون أسعد التميمي", عضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية, وفي رده يقول: "إن افتقار الحكمة والبصيرة في تشخيص الأمور السياسية وإعطاء المواقف العقائدية مصحوبة بأقسى أنواع الشتائم والتهجم , ما هو إلى نوع من أنواع طلب العداء والصراع مع أناس هم شئنا أم أبينا جزء من شعبنا, ويواجهون ما يواجهه شعبنا من احتلال وعذاب وسجون واضطهاد ,وكأننا بذلك ندع إلى الصراع الداخلي لنريح أعدائنا من الصراع معه ,ما من شك أن القضية الفلسطينية مرت في حقبات مختلفة , سادت فيها العديد من الأفكار والمبادئ الغريبة عن مجتمعنا ولكن هذه الحقبة كلها سادت وانتهت وأصبحت الأمة تعيش في صراعها مع أعدائها من خلال عقيدتها ودينها,إلا أن الغلو في مهاجمة رجل رحل من الدنيا وقد أمضى حياته في صراع مع الصهاينة ومع الكيان الإسرائيلي ولكن بطريقته وبالفكر الذي كان سائدا في الخمسينات والستينات والسبعينات ما هو إلا نوع من فقدان الحكمة والاتزان.
ولا يجوز شرعا خلط الحابل بالنابل في توصيف الأشخاص والزعامات فكل الناس يؤخذ منها ويرد عليها إلا الرسول"صلى الله عليه وسلم" , فجورج حبش بالرغم من ,فكره الشيوعي إلا إنني لم أعرف من خلال صداقاتي مع الكثير من أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن جورج حبش فرض عليهم الإلحاد والكفر, ولا ننسى أبدا أن الجبهة الشعبية قدمت مئات الشهداء أن لم يكن آلاف خلال مسيراتها ولا ننسى أن من أعظم شهدائها الشهيد محمد شرف المعروف عنه انه كان يحافظ على الصلوات في أوقاتها.وينهي رده قائلا:
"ان شقيقي محمد يمثل نفسه في مقاله , وان شقيقي محمد مشبع بفكر سلفي جامد , اختلط فيه الكثير من الغلو .وهنا لا بد أن أذكر أنني شخصيا ذهبت إلى جنازة الراحل جورج حبش في الكنيسة الارثذوكسيه في عمان وحضرت عزائه لمدة ثلاث أيام". وبالعودة الى مقالته الذي يهاجم فيها الراحل درويش فبالامكان تلخيصها بالنقاط التالية: يعتبر التميمي درويش بأنه واحدا من النخبة "المثقفة" المزيفة والمزورة الغازية لفكر وعقيدة الأمتين العربية والاسلامية, حيث يقول" إن أخطر سلاح إستخدمه أعداء أمتنا في حربهم الضروس علينا,والتي تستهدفنا من جذورنا وخلعنا من ديننا وعقيدتنا هو الغزو الفكري والثقافي والذي أنتج نخبة مزيفة مزورة خائنة متأمرة أطلق عليها(النخبة المُثقفة والمفكرة وهي تتكون من شعراء وادباءوكتاب وصحفيين واعلاميين)"..! ويتهم الكاتب درويش بأنه خصص معظم اشعاره ونثرياته للتطاول على العقيدة الاسلامية والشريعة الاسلامية وشتم الذلت الالهية والتطاول على القران والتزلف لليهود"أما شتم الذات الإلهية و الهجوم على الإسلام وتاريخه من قبل هذه النخبة المزيفة المزورة فإنه يُعتبر حرية رأي وشجاعة وكسر للمحرمات وما يُسمونه بالتابوهات,فهذه النخبة المزورة والمزيفة ليست بريئة وانما خائنة ومتأمرة فهي لا تتقن إلاصناعة الهدم والتخريب والعبث بمقومات الأمة"..! ويمضي الكاتب قائلا:"فمن هذه النخبة المزيفة والمزورة التي إبتليت بها الأمة وصنع منها الاعلام رمزاً وطنياً وثقافياً وفكرياً وصنع من حوله هالة وقداسة وحصانة جعلت لا أحد يجرؤ أن يقترب منه مهما تطاول على عقيدة الأمة ودينها وتاريخها وحضاراتها(محمود درويش) الذي ظهر فجأة وبطريقة غامضة في عام على المسرح الثقافي والسياسي في العالم العربي والمسرح السياسي الفلسطيني في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي". يتهم الكاتب درويش بأن كتاباته لم تتطرق الى محاربة اليهود وانها تخلو من الدعوة للمقاومة,فيقول"فوالله لو إتبع الشعب الفلسطيني شاعرية محمود درويش لأصبحت حدود الكيان اليهودي من النيل إلى الفرات,فسلاح الشاعرية التي يدعو إليه محمود درويش يُفسرلماذا لم يكتب محمود درويش ولو بيت شعر يُحرض فيه على محاربة الكيان اليهودي ومجابهته بالسلاح أوالتحريض على محاربته أو شحن النفوس ضده فهو اصلا يؤمن بهذا الكيان وبأنه وجد ليبقى من منطلق عقيدته الماركسية الإلحادية". ويمضي الكاتب بقوله واتهامه لدرويش بأن اشعاره وكتاباته كانت تهدف دوماً إلى تحويل مأساة الشعب الفلسطيني إلى لوحات شعرية أدبية جميلة ,فهو كان يعمل على تجميل مأساة الشعب الفلسطيني وإلى جعلها مأساة رومانسية وصراع بين عشيقين وحبيبين على محبوبة ومعشوقة وهي فلسطين والعشيقين والحبيبين هما اليهود والشعب الفلسطيني..ويقول"وهذا يُفسرلماذا طالب بعض اليهود تدريس بعض قصائد درويش في المدارس ووضعها في المناهج الدراسية في الكيان اليهودي". وحتى مراسم تشييع ووداع وتأبين محمود درويش في رام الله لم تنجو من تهجم التميمي عليها واصفا اياها بالمصطنعة, حيث يقول"ومن الذي لفت إنتباهي في جنازة محمود درويش المبرمجة من قبل السلطة الفلسطينية حيث أصدرت تعميما على جميع الموظفين في جميع مؤسسات السلطة ووزاراتها لحضور الجنازة تحت طائلة العقاب لمن لا يحضر واليهود سمحوا بالمرور على الحواجز بإتجاه رام الله بدون اية اعاقة". باختصار شديد يعتبر التميمي محمود درويش بأنه" كافر وملحد وغير وطني ولم يعرف شعره وأدبه ثقافة المقاومة وهو من فئة المثقفين المرتزقة المدمرة"..!
وللرد على هذه الاتهامات الباطلة والتي جاءت من صنع خيال التميمي الواسع اقول:انه حتى القارىء البسيط لا يمكن ان يستوعب عقله اقوال التميمي هذه, فهي بعيدة كل البعد عن الحقيقة وهي عملية تزوير جبانة ورخيصة لتاريخ رجل شهد له القاصي والداني بحبه لفلسطين وعشقه لها.لقد رحل عنا درويش وكان لا يزال لديه الشيء الكثير ليقوله عن فلسطين، مدركين أن فلسطين كلها، كانت تعيش في قلب هذا الشاعر، أكثر من أن يعيش هذا الشاعر في قلبها الممزق، الذي مزقته إسرائيل من جانب، ومزقته القيادات الفلسطينية نفسها بخلافاتها، وأطماعها، وتنازعها على الزعامة الفلسطينية، بدءاً بالحاج أمين الحسيني، وانتهاء بمحمود عباس وخالد مشعل. معظم السياسيين الفلسطينيين، ومعظم المثقفين الفلسطينيين، انصرفوا عن احتواء القضية الفلسطينية في عقولهم وقلوبهم وضمائرهم، وسلكوا طرقاً كثيرة للمتاجرة بالقضية من قريب أو من بعيد، فكانت فلسطين بالنسبة لهم الدجاجة التي تبيض ذهباً، في حين بقيت فلسطين حجراً صلداً، في قلب الشاعر درويش، منذ أن بدأ يكتب الشعر، قبل نصف قرن من الزمان، ولم يتوقف. كان درويش واحداً من الشعراء العالميين القلائل، الذي تخطى فضاءه الفلسطيني، وفضاءه العربي، وأصبح شاعراً عالمياً، وحوّل القضية الفلسطينية من قضية إقليمية، إلى قضية إنسانية عالمية حزينة. فمن خلال علاقة الفن بالحرية والالتزام، ونظرة درويش لهذه العلاقة، وتطبيقاته الشعرية عليها، ندرك إلى أي حد ساهم هذا الشاعر في تعميق هذه العلاقة، من خلال دور فني وفكري مُميز. كما ندرك الدور الذي قام به درويش كشاعر ثوري، رفيع المستوى، استطاع من خلال فنه الراقي، أن يوازن بين الفن والثورة موازنة دقيقة، من خلال وعي راشد لكل منهما. لا نستطيع أن نصنع انسجاما بين الرؤية الدينية والتيارات الإسلامية التي وجدت في الرؤية السلفية وطرح النموذج المجاهد المتدين نموذج واحد فقط يعرض ويبين النتاج الأدبي الخاص بالقضية الفلسطينية عموما،ولكن الإسلاميين أهملوا هذا الجانب وعدوه من المنكرات ولم يستغلوا إبداعات الأدب الفلسطيني لنصرة القضية بل جعلوا بينهما عوائق وخلافات لم تكن بصالحهم. و لم ينتبهوا إلى العامل الأدبي وأهميته في صناعة الأفكار فسيطر على أدبهم وحدة اللغة والمفردات وسيطرة القصة السلفية في الطرح إن كان في الشعر أو القصة واللذان كانا أشبه بمواعظ متكررة ما جعل بعدا بين الأديب والإسلامي ونظرة ريبة واستهزاء للآخر من كل منهما فالإسلاميون نظروا إلى الأدباء من وجهة نظر دينية وليست أدبية وأردوا تجميد دور الأدب. ولعل سيطرة المدرسة اليسارية الأدبية على الكثير من المثقفين من بعد خمسينات القرن الماضي، إلا أن الشاعر درويش لم يغير موقفه بعد فشل المشروع القومي،واتجاه كثير منن المفكرين إلى النظرة الدينية الإسلامية أو اقتربوا منها ومنهم طه حسين والمفكر حسن حنفي وعبد الوهاب المسيري ومحمد عابد الجابري وغيرهم ممن تغيرت رؤاهم الفكرية المستوردة أو الحداثية فاتجهوا إلى محاكاة التفكير الذي يعتنق به الشعب بعد أن فشلت مشاريعهم التنويرية والنهضوية في تغيير الشعوب.
هذا التغير الفكري لم يلامسه تغير أدبي موازي فظل الشعراء على نفس طرقهم الأدبية في الطرح.فلم يقترب منهم الإسلاميون ولا هم اقتربوا منهم، وكلاهما ضر بنفسه بصناعة هذا البعد،نتمنى أن يسجل الإسلاميون موقفا جديدا علهم يقربون الاتجاه الثقافي منهم في ظل انزياح جديد بين المثقف وبين السياسي الديني. يشترك بهم الاثنان. قد تنسى الأجيال الصورة المؤلمة لفلسطين ولكن أشعار محمود درويش وعز الدين مناصرة ومعين بسيسو وسميح القاسم وراويات غسان كنفاني ويحيى خلف والياس خوري سوف تسجل للقضية وجودها الأبدي. لقد كان أدب النضال العربي من خلال شعر درويش أدباً فاعلاً، وليس أدباً متفرجاً، أو مُزيّناً، أو مؤرخاً، أو مُسجّلاً..كان فعله هو الثورة ذاتها، من خلال جماليات راقية,فالثورة لا تُثرى إلا بالجمال الفني الراقي الرفيع,ولا يضرُّ الثورة، قدر ما يضرها الفن الرخيص والسطحي.والشعر الثوري كان في مفهوم درويش، سابقاً للفعل الثوري، وليس نتيجة له، لأنه كان هو البشير بالثورة,فالشعر الثوري مستمر في حركة التاريخ، لا يتوقف، ولا ينتهي عند حد، لأن البشرى مستمرة,والشعر بشارة الغد، وليس تأريخاً للأصل.وبذا، أصبح الشعر سيفاً، وليس وردة تُعلّق في عروة حامل السيف.كان تراب فلسطين هو الشعر، بالنسبة لمحمود درويش..كانت كل كلمة من كلماته، لها رائحة البرتقال حيناً، ورائحة الياسمين حيناً آخر، والدم حيناً ثالثاً..لقد كانت فلسطين بالنسبة لدرويش تجسيد لكل الأزمنة والأمكنة. ومن دونها، كان الشاعر خارج المكان،وخارج الزمان. وكان يفقد توازنه الروحي والعاطفي. وبدونها يظل الشاعر في قاعة الانتظار,ويبدو أن تفتيت فلسطين على هذا النحو الذي نراه الآن، هو الذي فتت قلب درويش، وأوقفه عن الخفقان مبكراً..!
ايها الكاتب المحترم انني افهم من مقالك هذا اما انك تستغبينا واما انك تجهل التاريخ, وارجح الطرح الثاني,الم تقرأ قصيدة درويش الشهيرة"عابرون في كلام عابر" والتي اثارت ضجة كبيرة في الكيان الصهيوني لدرجة ان شرطة هذا الكيان اصبحت تلاحق وتهدد كل من يحاول احياء امسية شعرية تتضمن قصائد لشاعرنا الراحل؟
ايها المارون في الكلمات العابرة..احملوا أسمائكم وانصرفوا..وأسحبوا ساعاتكم من وقتنا ،و أنصرفوا..ثم يختتمها قائلا: ايها المارون بين الكلمات العابرة..آن ان تنصرفوا..وتقيموا اينما شئتم ولكن لا تقيموا يننا..آن ان تنصرفوا..ولتموتوا اينما شئتم ولكن لا تموتو بيننا..فلنا في ارضنا مانعمل..ولنا الماضي هنا..ولنا صوت الحياة الاول
ولنا الحاضر،والحاضر ، والمستقبل..ولنا الدنيا هنا...و الاخرة..فاخرجوا من ارضنا..من برنا ..من بحرنا..من قمحنا ..من ملحنا ..من جرحنا..من كل شيء،واخرجوا..من ذكريات الذاكرة..ايها المارون بين الكلمات العابرة..! ألا تذكر يا تميمي أن محمود درويش قدم استقالته من منظمة التحرير الفلسطينية ومن كافة المناصب السياسية التي كان يشغلها احتجاجا على توقيع اتفاقية اوسلو المشؤومة والتي مهدت للاقتتال الداخلي بين حماس وفتح..والا تذكر محاولات درويش لوقف هذا الاقتتال وانتقاده اللاذع له؟ وأما قولك بأن جنازة درويش في رام الله كانت"مصطنعة", فأقول رادا على اقوالك التي تجنبت الحقائق وكعادتك: لقد بكى الشعب الفلسطيني وبكافة اطيافه بل كل الشعوب العربية من المحيط الى الخليج محمود درويش, كيف لا فهو ابن فلسطين الغالي..فلسطين الذي أحبها ودافع عنها وهو شاعر مقاومتها الأول..! ومن اخر قصائده "سيناريو جاهز": لنفترضِ الآن أَنَّا سقطنا..أَنا والعَدُوُّ ،سقطنا من الجوِّ..في حُفْرة فماذا سيحدثُ ؟سيناريو جاهزٌ:في البداية ننتظرُ الحظَّ..قد يعثُرُ المنقذونَ علينا هنا..ويمدّونَ حَبْلَ النجاة لنا..فيقول : أَنا أَوَّلاً,وأَقول : أَنا أَوَّلاً..وَيشتُمني ثم أَشتمُهُ,دون جدوى ،فلم يصل الحَبْلُ بعد, يقول السيناريو:سأهمس في السرّ..تلك تُسَمَّي أَنانيَّةَ المتفائل..دون التساؤل عمَّا يقول عَدُوِّي,أَنا وَهُوَ ،شريكان في شَرَك ٍ واحد وشريكان في لعبة الاحتمالات..ننتظر الحبلَ ... حَبْلَ النجاة..لنمضي على حِدَة وعلى حافة الحفرة ِ - الهاوية, إلى ما تبقَّى لنا من حياة وحرب, إذا ما استطعنا النجاة..ثم يختتمها قائلا:
ومع الوقت ِ ، والوقتُ رَمْلٌ ورغوة ُ صابونة..كسر الصمتَ ما بيننا والمللْ..قال لي : ما العملْ؟قلت : لا شيء ... نستنزف الاحتمالات..قال : من أَين يأتي الأملْ ؟قلت : يأتي من الجوّ..قال : أَلم تَنْسَ أَني دَفَنْتكَ في حفرة مثل هذي ؟فقلت له : كِدْتُ أَنسى لأنَّ غداً خُـلَّبـاً..شدَّني من يدي ... ومضى متعباً..قال لي : هل تُفَاوضني الآن ؟قلت : على أَيّ شيء تفاوضني الآن في هذه الحفرةِ القبر ِ ؟قال : على حصَّتي وعلى حصّتك.. من سُدَانا ومن قبرنا المشتركْ..قلت : ما الفائدة ْ ؟هرب الوقتُ منّا..وشذَّ المصيرُ عن القاعدة..ههنا قاتلٌ وقتيل ينامان في حفرة واحدة..وعلى شاعر آخر أن يتابع هذا السيناريو..إلى آخره..! كان محمود درويش وسيبقى الناطق الرسمي وبلا منازع باسم الشعب الفلسطيني... ناطق رسمي عبر عن صوت الشعب من خلال آلة الشعر التي عز نظيرها ، فحمل على أجنحة كلماته أعظم المعاني والعواطف حتى جاءت قصائده انعكاسا لسيرته الشخصية المعذبة على مرآة مجمل القضية الفلسطينية ، فأصبحت الوقود المحرك لمقاومة الشعب ضد من اغتصب الأرض وشرد الأهل واعتدى على الهوية
لقد كان حلمه الذي أرقه في الفترة الأخيرة من حياته تجاوز الأزمة الحالية في فلسطين، وإعادة اللحمة إلى صفوفه... لكنه مضى إلى الله قبل أن يتحقق أمله... إلا أن أملنا كبير في أن يصون شعب المقاومة موروث محمود درويش، حتى تتحقق الآمال في الحرية والاستقلال والعودة. نم قرير العين يا درويشنا فشعبنا الفلسطيني بل كل الشعوب العربية معك, ولا تأبه للظلاميين المتخلفين لأنهم لا يمثلون الا انفسهم, بل ان انفسهم منهم براء..واذكرهم بأن الدهر يومان:يوم لك ويوم عليك..ولا تأسفن لغدر الزمان لطالما**رقصت فوق جثث الأسود كلاب..ولا تحسبن برقصها تعلوا على اسيادها**تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب..! نعم يا درويش يا شاعر القضية ومقاومتها, لقد كنت شامخا خالدا في حياتك, وستبقى كذلك بعد رحيلك المفاجىء عنا..وهو رحيل بطعم العلقم..وفي يوم وداعك لن ننثني يا سنوات الجمر وانا حتما لمنتصرون..!واختتم قائلا لكل من سولت له نفسه بالتطاول على مقامك الشامخ: أسفي على قدر يصادر روحه**ويطيق اشباه الرجال تعيش..! رحل مجنون التراب، ولكن بقيت حفنات من تراب فلسطين، متناثرة في الفضاء الإنساني كله..!
د. صلاح عودة الله-القدس المحتلة