آخر الأخبار

بأية حال عدت يا عيد..؟

: خلاف بين الساسة في البلدان الاسلامية واختلاف حول نقاط الجمع والاجماع عليها من أبسط الامور وأيسرها ولعلي هنا أطرح مسألة لطالما آلمتنا ولطالما الاختلاف حولها أدخل في نفوسنا إشمئزازا وحسرة بل واستسلاما لما قيل عنا من أن اتفق العرب والمسلمون على ألا يتفقوا ...فلولا أن العيد من شعائر الإسلام، لما فرحنا البتة، لأن العيد لم يعد يفرحنا ويزيل همنا، فمن احتلال إلى احتلال نحمل أوجاعنا وبينهما نتنقل. فالأيام باتت كلها سواء.. نرتدي الملابس الجديدة الأنيقة، ونعتني بهندامنا، ولكن أرواحنا متعبة مثقلة بالأحزان، لأن المسلمين يختلفون على بداية شهر الصيام، كما يختلفون على أول أيام العيد، وولاة أمور المسلمين ومراجعهم الروحية كل يغني على ليلاه، فهذا يرجح ويشيد بهذا النظام أو ذاك، كما يحرمون العمليات البطولية ضد الاحتلال إرضاء لنظام بلدهم ولأسيادهم، لا لرب العالمين..! فهل سيأتي اليوم الذي توحد فيه اعيادنا؟ وما حال الأعياد في فلسطيننا؟ تمرخجولة، كأنها بالرياح القاسية مأهولة؟
عدت يا عيد؟ عدت ونحن غارقون بالفوضى..عدت ياعيد والأحلام ومسروقة والآمالُ مشنوقة..هاهي الأيام..ونودع شهر رمضان المبارك.. نحمد الله أن بلّغنا صيامه وقيامه ونسأله تعالى أن يتقبل الصيام والقيام ويحسن لنا الختام..ونستقبل مناسبة غالية علينا خـــص الله بها الاســــــلام والمسلــمـيـن..عــــــــــيـد الــــفــطــر الـــمــبــارك..لماذا عدت ياعيد..عدت إلينا من جديد بنفحاتك النورانية، ونسماتك الإيمانية، عدتَ ولم تخلف الميعاد..لم تخلف وعد..عدتَ بـموعدك رغم الأسوار التي تحجبنا عنك، والحواجز في طريقك إلينا، والحدود التي تفصل بيننا..عدتَ يا عيد..عدت وما تهيأنا بعدُ لقدومك؛ ما أعددنا أنفسنا لاستقبالك، فما زالت الوجوه شاحبة، والعيون باكية، والضحكات ميتة، والفرحة مبتورة، والأحلام مسروقة، والآمالُ مشنوقة على جدرانِ انكساراتنا.. عدتَ يا عيدُ وما زال الأقصى في الأسرِ يئنُ، وبغدادُ تجاهد لتضميد جراح اغتصابها، وأمتنا تنعى حالها.. عدت وما زلنا غرباء في أوطاننا؛ غرباء في ديارنا.. دتَ يا عيد..عدتَ وفي القلبِ ما فيه من الأحزان، وفي النفسِ ما فيها من الهموم..تسكننا إحباطاتنا، وتكسرنا جراحنا، ويفرقنا شتاتنا..عدتَ يا عيد ونحن كما نحن غارقون في فوضى الهزيمة.
لا أدري أنفرح لحلول العيد أم نحزن لأستمرار الانتكاسة العربية وضياع مجدها فوالله انه الذل والخزي..فيا ترى إلى متى هذا الذل والانقياد والخضوع للغرب وهل سيطيل هذا العمل فنحن محاصرون من كل مكان ونجبرعلى طاعة هؤلاء الخنازير.. ذهب المجد الضائع وبعده قدسنا وبعده عراقنا وعلى من الدور يا ترى؟
ونحن نتناقل عبارات التهاني والتبريكات بمنسابة حلول الاعياد والمناسبات الخاصة والعامة ونسينا الذي لا ينسى فأي عيد هذا؟ فياليت إذا كانت جميع اعيادنا ستعود بمثل ما نحن فيه من الذل والهوان أن لا تعود ابدا: فاما حياة تسر الصديق *** وأما ممات يغيض العدا..!
مرت الأيام والسنون واليوم أتساءل نفس السؤال ويتساءله معى الفلسطينيون جميعا وبالتأكيد ليس لفقد آبائهم وأمهاتهم واطفالهم ولكن لإحساسهم بالتوهان والضياع... إحساسهم بقلة الحيلة ونقص الهمة... إحساسهم بالضعف والهوان أمام غول فساد لا يرحم وجبروت نظام واستبداده وحكومة لا تهتم بهم ولا تفكر فى مصالحهم...لقد أصبح الفلسطيني يسير فى الشارع يكاد من شدة حيرته وانشغال فكره أن يكلم نفسه بل هو يكلمها بالفعل ويناجيها ويتساءل كيف العيش وكيف الحياة ويتساءل بأية حال عدت يا عيد؟
سيادة الرئيس:
سيادة الرئيس، أعلم أنك لم تعد تخشى شيئا ولا تخاف أحدا فلا الجيش مصدر خوف فأنت أحد أبنائه، ولا الشعب يستطيع فعل شئ بعد أن كممت أفواهه وشللت أعضائه ولا الأحزاب قادرة على أى شئ سوى الصراخ والعويل.. ولكن ألا تخشى من هو أكبر من كل هؤلاء..ألا تخشى دعوات المواطنين البسطاء فى شهر رمضان وليلة القدر...؟
فى الجمعة الماضية عندما كان الخطيب يدعو فى خطبته لولى الأمر بالهدى والفلاح وأن يمنحه الله البطانة الصالحة توقف المصلون عن ترديد آمين... ألا تخشى هذا يا سيادة الرئيس؟ ألا تخشى أن ينقلب صمتهم عن تلبية الدعاء لك إلى الدعاء..!؟
سيادة الرئيس إن الشعب يريد أن يشعر بالفرح, بالسعادة لقدوم العيد, الشعب يريد أن يفرح أو على الأقل يريد أن يبتسم..يبتسم فقط لقدوم العيد... بأية حال عدت يا عيد؟
وهل أنت بشير لهذه الأمم التي تحتفل باستهلالك، وتبتهج باستقبالك، لما ترجوه من حسن الفأل وتحقيق الحرية والاستقلال، أم أنت لها نذير بدوام الشقاء واستمرار البلاء، أم أنت كما في حكم الواقع ظرف تتكيف بما لا بست، فتدور على السعداء بالسعادة وهو من كسبهم لا من كسبك، وعلى الأشقياء بالشقاء وهو من عملهم لا من عملك، أنت يا عيد ختم سنة، ورقيب أعمال سيئة وحسنة.
افليس فيها حسنة يا عيد: يصفك المسلمون بالسعيد والمبارك، ويستقبلونك بالبشر والطلاقة، ويتبادلون فيك التهاني والأدعية بطول الأعمار وبلوغ الآمال، فهل شاموا في مخائلك ما كان لهم حقيقة في أوائلك؟ أم هو تقليد وتصور بليد وضلال بعيد أم هو استرسال مع الفأل، واتباع عكسي للأبطال..!
ولو عقلوا لعقدوا فيك المناحات على سوء حالهم وفقد استقلالهم، أأعراس في المآتم وقربات في المآثم؟ فمعذرة يا عيد إذا خرجنا عن مألوفهم، وتنكرنا لمعروفهم، وقابلناك بالتجهم والعبوس، فرأينا فيك أنك قطعة من الزمن تمر، لا تنفع ولا تضر، ولا تحزن ولا تسر وإنما عظم الله من قدرك وأوجب علينا من حقك، لعظم أعمالنا فيك وفي الشهر الذي قبلك وفي جميع الشهور التي سبقتكما، حتى إذا حللت جميلاً بالطيبات تجمل بك الطيبون والطيبات، ورأينا أن العمل في اليوم هو بعض معناه؟
فإذا خلا من العمل خلا من المعنى وما أخليت نفسك يا عيد ولكننا أخليناك، وما ظلمتنا ولكننا ظلمناك، وما عبتنا ولكننا عبناك، ولكأن القائل عنانا وعناك:نعيب زماننا والعيب فينا *** وما لزماننا عيب سوانا..! ومعذرة يا عيد فلو حللت بوادينا والنفوس مطمئنة، والإسلام الذي أعلى يومك وأغلى سومك مرفوع الرأس، والعروبة التي كانت تفهم معناك وتعمر مغناك شديدة البأس، والمسلمون كلمتهم مسموعة ومجموعة، وقد تعارفوا فتآلفوا فتحالفوا على الصالحات، وفلسطين التي كانت تستجلى محياك وتنتعش برؤياك موصولة الأسباب بأوطانك..لو حللت بنا يا عيد ونحن على هذه الحالة لكنت لنا جمالاً، ولكنا فيك كمالاً، أيه يا عيد إن الوهم ليخيل إلي حتى كأنّ الوهم حقيقة أنك توحي إلينا العظات وتملي علينا المثلات: وقد تنطق الأشياء وهي صوامت *** وما كل نطق المخبرين كلام...! لكن ما لنا ولكل هذا الآن؟ وما علاقته بالعيد؟
هنا المشكلة.. ذلك أننا لم نعد نميز الحدود والفواصل أو تفرق بين الأشياء والمناسبات، فتشابهت علينا الأعياد وغيرها من الأيام العادية وحتى المحزنة فـ كله في الهم سواء .
سيادة الرئيس:
اناشدك باسم اطفال فلسطين ان تحتكموا الى طاولة الحوار وان توقفوا نزيف الدم وتعيدوا غزة الى الضفة والضفة الى غزة,فأنت لست قائدا لفتح فقط بل لسلطة لك السهم الكبير في انشائها وغزة جزء منها..ولا تنسوا جميعكم ان هناك مدينة مغتصبة ومنتهكة اسمها القدس تناديكم وتناجيكم لتحريرها وتحرير مقدساتها..! فلا غرابة ولا غضاضة في أن يتحاور المتعادون ويتفاوضوا، بل ويتصالحوا أيضا إذا توفرت شروط الصلح وعوامل التصافي، لكن التصالح يعني التفاعل والتعاطي عطاء بعطاء بين طرفين، أما أن يكون استجداء دون مقابل ومن طرف واحد، فذلك يمكن اعتباره أي شيء إلا أن يكون صلحا أو سلاما..لذلك يحق لطيب الذكر والشعر أبي الطيب المتنبي، في قبره، أن يسخر منا ومن حالنا وهو يرى أننا ما زلنا حتى اليوم نعاني حيرته ونردد صرخته التي أطلقها منذ نحو ألف ومئة عام، وما زال صداها مدويا دون أن تجد الرد الشافي أو الجواب المقنع، حين تساءل متهكما ساخرا من حاله وحال أمته:عيد بأي حال عدت يا عيد *** بما مضى أم لأمر فيك تجديد؟ مع ذلك، ورغم كل ما سبق، لا نريد بالتأكيد أن نفسد على المعيدين فرحتهم أو نسد شهيتهم ونقلب بهجتهم حزنا وأسى، لأن ظروفا قاسية فرضت عليهم، أو على الغالبية منهم، ولم تكن من اختيارهم ولا كانوا سببا فيها،بل نقول للجميع، وبلا استثناء..عسى كل أيامكم أعيادا، وكل عام وأنتم بالف خير..راجيا منه عز وجل ان يعيد علينا هذا العيد وقد تحررت فلسطين كل فلسطين..فان الشعوب المؤمنة بحقها في الحياة والحرية والاستقلال لن تهزم مهما طال ليل الظلم ومهما استبد الظالمين.. وأن مصير الطغاة المحتلين إلى زوال مهما طال ظلم المعتدين!

القدس المحتلة