آخر الأخبار

مال من لا شيء

ترجمه عن الانكليزية : د. رضوان قدحنون

والأكثر أهمية في كل هذا هو السيطرة على المصارف وإصدار النقد والتلاعب بالمال. إنّ احتيالات الإخوّة المالية تبدو بسيطة جداً وهي تغطي فترة التوثيق من زمن سومر وبابل حتى يومنا هذا. وتقوم على خلق المال غير الموجود أصلا وإقراضه للناس وللأعمال التجارية مقابل الفائدة. وهذا الأمر يخلق ديوناً هائلة على الحكومات والأعمال التجارية وعموم البشر وبهذا فإنهم يتمكنون من السيطرة عليها.
والجوهر هنا هو السماح للمصرفيين بإقراض أموالا لا يمتلكونها أصلا. والطريقة التي يتم العمل بها هي على الشكل التالي: إذا كنت أنت وأنا نملك مليون ليرة إسترلينية، فهذا يعني انه يمكننا أن نقرض مليون ليرة إسترلينية. هكذا بشكل بسيط جداً. لكن إذا كان لدى المصرف مليون ليرة فبإمكانه إعطاء قروض تعادلها بعشرة مرات أو أكثر، ويأخذ فائدة عليها.
إذا قام حتى جزء يسير من البشر الذين يمتلكون " المال " المودع في البنوك " نظريا " بالذهاب إلى البنك لسحب أموالهم فإن البنوك ستغلق أبوابها حالاً لأنه ليس لديها المال. إن المال في المصرف هو خرافة ليس إلا، انه ليس سوى ثقة الآخرين.
عندما تدخل إلى مصرف وتطلب قرضاً، فان المصرف لا يطبع صك تحويل جديد ولا يقوم بسك عملة معدنية جديدة . يطبع مجرد كمية القرض في حسابك.
من تلك اللحظة أنت تدفع الفائدة إلى المصرف لقاء شيء ليس أكثر من أرقام طبعت على الشاشة.
على أية حال إذا أخفقت في إعادة ذلك القرض الغير موجود، إلى المصرف فيمكنه أن يأتي ويأخذ ثروتك وبشكل قانوني تماماً أي الثروة الموجودة فعلا وبشكل محسوس مثل بيتك أو أرضك أو سيارتك أو أي أملاك تعادل القيمة المساوية للرقم الذي طبع على تلك الشاشة.
أكثر من ذلك، ولأن المال لم يدخل في التداول الحكومي وإنما عن طريق البنوك الخاصة التي تقدم القروض إلى الزبائن، فالبنوك تسيطر على كمية الأموال المطروحة في التداول. إن أكثر القروض التي يمنحونها هي أكثر الأموال في الدوران. ما هو الفرق بين الرخاء الاقتصادي ( الازدهار ) والكساد الاقتصادي (فاقة)؟ انه شيء واحد فقط: كمية النقود المتداولة. هذا كل ما في الأمر.
من خلال هذا النظام فإن البنوك الخاصة المُسيطر عليها من قبل نفس الأشخاص تقرر كمية المال التي ستكون في التداول. هم يمكنهم أن يخلقوا الازدهار أو الإفلاس عندما يرغبون. نفس الأمر يتم بأسواق الأسهم المالية حيث هؤلاء الرجالِ يحركون آلاف المليارات من الدولارات في اليوم في الأسواقِ المالية والمصرفية وبهذا يقررون صعود الأسهم أو انخفاضها يرفعونها أو يحطمونها.

حوادث انهيار أسواق الأسهم المالية لا تحدث وإنما هم يجعلونها تحدث.

أغلب " الأموال " في التداول ليست أموالا طبيعية ونقود وعملات معدنية. إنما هي تمثيل لأرقام تمر من حساب في احد الكمبيوترات إلى حساب آخر بشكل إلكتروني من خلال التحويلات النقدية وبطاقات الائتمان ودفاتر الشيكات.
الأموال الأكثر سواءً أكانت إلكترونية أو غير ذلك والتي تتواجد في التداول تعني نشاطات اقتصادية أكثر يمكنها أن تتم، ولذا فإنّ منتجات أكثر تشترى وتباع، ويحصل الناس على دخول أكثر، وتتوفر الوظائف بشكل أكبر. لكن الموضوع الثابت من الانقلاب المالي الآري الزاحف هو أن يخلق ازدهارا من خلال إصدار الكثير من القروض وبعد ذلك يعمد إلى سحب السدادة.

الاقتصاديون المدفوع لهم والمراسلون الاقتصاديون وأغلبهم ليس لديهم فكرة عما يجري سوف يخبروك ان ذلك الازدهار والإفلاس يعتبر جزء من ' دورة اقتصادية طبيعية '. يا للهراء. انه التلاعب المنظم من قبل الإخّوة لسرقة الثروة الحقيقية للعالم.
أثناء فترة الازدهار فان العديد من الناس يحصلون بأنفسهم على قروض أكبر. النشاط الاقتصادي الحيوي يعني بأنّ الأعمال التجارية تحتاج إلى قروض أكثر لإدخال تقنيات جديدة تساهم في زيادة الإنتاج لتلبية الطلب. يقترض الناس أكثر بهدف شراء بيت أكبر وأغلى وجديد او سيارة لأنهم واثقون جداً حول مستقبلهم الاقتصادي. ثمّ وغالبا في اللحظة المناسبة فإن المصرفيين الرئيسيين الموجهين من قبل شبكات الجمعية السرية، يعمدون إلى رفع أسعار الفائدة لقمع الطلب على القروض ويبدأون بالإتصال بأصحاب القروض المختارة مسبقاً. وبذلك يضمنون بأنهم يعطون قروض أقل عما كانت عليه من قبل. وهذا له تأثير على سحب وحدات التبادل (المال في أشكاله المختلفة) خارج التداول. وهذا يقلل الطلب على المنتجات ويؤدي إلى وظائف أقل لأنه ليس هناك ما يكفي من النقود المتداولة لتوليد النشاط الاقتصادي الضروري. لذا فان الناس والأعمال التجارية لم يعد بإمكانهم كسب بما فيه الكفاية لإعادة تسديد قروضهم وبالتالي فإنهم يفلسون.
تقوم البنوك بعد ذلك بالسيطرة على ثروتهم الحقيقية وتجارتهم وأعمالهم وبيوتهم وأرضيهم وسياراتهم وأملاكهم لقاء عدم تسديدهم لقروضهم تلك والتي لم تكن أبداً أكثر من أرقام طبعت على شاشة.
هذا ما يجري على مدى آلاف السنوات خصوصاً في القرون الأخيرة، والثروة الحقيقية للعالمِ كانت ممتصة من قبل السكان بأيدي أولئك الذين يسيطرون على النظام المصرفي - السلالات الزاحفة.
نفس الأمر ينطبق على البلدان. بدلاً من أن يصدروا أموالهم الخاصة بدون فوائد تقوم الحكومات باستقراضها من الاحتكارات المصرفية الخاصة وتعيد كلا الفائدة ورأسمال بفرض الضريبة على الناس. كميات هائلة من الأموال يدفعها المواطنون على شكل ضرائب تتجه مباشرة إلى البنوك الخاصة لإعادة القروض والتي كان يمكن للحكومات أَن تخلقها بأنفسها بدون فائدة ! لما لا يفعلون هذا ؟ لأن الإخوّةَ يسيطرون على الحكومات بقدر ما يسيطرون على البنوك.
ما ندعوه ' الخصخصة ' ما هو الا تصفية الأصول الحكومية لتفادي الإفلاس الذي تسببه القروض التي تخلقها المصارف.
بلدان العالم الثالث تسلمُ بالسيطرة على أراضيها ومصادرها الطبيعية إلى المصرفيين الدوليينِ لأنها لا تستطيع إعادة القروض الواسعة التي تمت عمداً من خلال البنوك لتوريطها في هذه الحالة الواقعية. ليس من واجب العالم أَن يعيش في الفاقة والنزاع، لقد تم استعماله لكي يكون في ذلك الطريق لأن ذلك يخدم جدول الأعمال.
فرسان المعبد استعملوا النظام الذي تم وصفه للتو عندما خلقوا مؤسسات الشبكة المصرفية الحديثة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر وهذه ارتبطت بشكل واضح بالشبكة الفينيسية لطبقة النبلاء السود التي كانت تعمل في نفس الوقت.
إنّ التلاعب المالي العالمي يتم التنسيق له اليوم من قبل " البنوك المركزية " في كل البلاد التي تبدو وكأنها تعمل بشكل مستقل، لكن في الحقيقة فإنها تعمل سوية من أجل هدف مشترك.