آخر الأخبار

نجوم تتألق خلال الحرب

مع أن بوادر هذه النجومية بدأت منذ سنوات التسعينات مع ظهور الفضائيات، إلا أنها تأكدت خلال الحروب الأخيرة التي اشتعلت نارها في السنوات الماضية، خاصة حرب تموز 2006 أو العدوان الإسرائيلي على لبنان في شهر جويلية 2006 و حربه على شعب لبنان و ضد حزب الله.
و طبعا الحرب الحالية التي لا يزال شعب غزة يحترق بنارها لغاية كتابة هذه الأسطر. و مع تزايد حدة المعارك و وحشية العدوان تزداد حدة التنافس بين الفضائيات على السبق الصحفي و الصورة الحصرية و الخبر الجديد، و تختلف صور الدمار و نوعية المواد الإعلامية المعروضة حسب توجه القناة و غرضها من بثها الإخباري، و يمكن معرفة الخط الذي تسير عليه القناة من مجرد التمعن في العناوين التي بدأت تضعها و تغيرها منذ بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى غاية يومنا هذا.
عناوين مكتوبة بالبنط العريش على أحد جوانب الشاشة تدل على المرحلة التي وصلت إليها الحرب و طريقة نظرة القناة إلى ما يحصل.
في أول العدوان، كتبت قناة الجزيرة "غزة تحت النار"، و الآن تكتب "الحرب على غزة"، أما قناة العربية المنافس الأول و الحقيقي لقناة الجزيرة، فقد وضعت في الأول عنوان "غزة تحت اللهيب"، و الآن تضع "اجتياح غزة"، أما قناة الحرة و التي أعتبرها بعيدة كثيرا عن منافسة العربية و الجزيرة، فقد كتبت عنوان "الحرب في غزة"، كدليل واضح جدا على عدم وقوفها مع أي طرف رغم أن العدو واضح و الضحية كذلك، فلا مجال للتساؤل عن من دخل على من، و من اعتدى على من؟
أظن بأن مصطلح "الحرب في غزة" عندما تكون الحرب بين طرفين إما يسكنان في نفس المدينة، أو العكس، لا يسكنان بها و لكن التقوا فيها و قامت الحرب بينهما على أرضها. لكن هنا إسرائيل هي من دخلت غزة بغرض القضاء على حماس و اعتدت بهذه الذريعة على كل سكان غزة من أصغرهم إلى أكبرهم، و جعلتهم يتساقطون الواحد تلو الآخر حتى يكاد يصل عددهم للألف و بكل سهولة لو استمرت الحرب ليومين أو 3 أيام بعد كتابة هذا المقال.
قبل أن أكمل مع باقي القنوات، قناة الجزيرة طبعا معروفة بميلها الكبير إلى الاتجاه الإسلامي و حركة حماس، إن لم تكن ناطقا رسميا لها حسب اتهامات البعض، و بالتالي فهي خلال تغطيتها للعدوان الصهيوني على غزة تبنت كالعادة الاتجاه الجهادي و الإسلامي و جاءت نشرات أخبارها رغم دقة المعلومة و احترافية مراسليها و مقدمي نشرات أخبارها، جاءت رغم ذلك مليئة بصور و أصوات الإسلاميين و صراخهم، قادة و جماهير، خاصة و أن قناة الجزيرة تترك الفرصة كثيرا لجمهور المشاهدين للإدلاء بآرائهم في برامجها المباشرة. و هذه نقطة يحسبها البعض لصالح الجزيرة على حساب العربية.
هذه الأخيرة، قناة العربية، التي لا ندري هل هي من نصنفها رقم واحد أم الجزيرة، حيث أن درجة الاحترافية بكلتا القناتين كبيرة جدا، و تجعل من الصعب ترتيب أي واحدة على الأخرى، ربما من جهة الخط الافتتاحي يمكن لجمهور المشاهدين ترتيبهما حسب ميوله، أما من الناحية المهنية، فقد وجدت من الصعب وضع واحدة قبل الأخرى.
قناة العربية، خلال تغطيتها الجيدة جدا و المتواصلة للحرب على غزة، اختارت الركون إلى الجانب الإنساني بالقطاع و اللجوء إليه، مع عدم إهمال باقي الجوانب في الحرب، و قد كانت العربية متميزة جدا في تركيزها على الجانب الإنساني في غزة، و لكن ما لاحظته خلال الأيام الأولى لتغطيتها للحرب، هو عدم وضوح رأي العربية اتجاه ما يحصل، يمكن لأن توجه قناة العربية لا يميل أبدا إلى حركة حماس، الآن و بعد 14 يوما من بداية العدوان، بدا موقف قناة العربية واضحا جدا، و بدون تحفظ، حتى موقف مقدمي أخبارها بات واضحا، و أصبحنا نرى تعاطفهم الواضح مع غزة، و لومهم المباشر للعدوان الإسرائيلي. يمكن عدم وضوح موقف العربية في الأول كان نتيجة عدم تبلور موقف المملكة العربية السعودية من الحرب في أول بدايتها، فتبعية العربية للسعودية هي تماما مثل تبعية الجزيرة لقطر.
قناة المنار، أيضا كانت مواكبة لما يحدث، بصور دموية جريئة جدا و عناوين صريحة و حماسية، و توجه المنار الواضح و تبعيتها المباشرة لحزب الله، تجعلها محدودة الجمهور، و هي بعيدة عن المنافسة أصلا لأن غرضها جهادي إعلامي، و مع ذلك فهي تقوم بدورها على أكمل وجه، و مجال للمقارنة بينها و بين قناة الأقصى التابعة لحركة حماس من ناحية الاحترافية و التنظيم.
و تقريبا، نفس الجمهور الميال لقناة الجزيرة تجده يبحث بين الحين و الآخر عن قناة المنار أو الأقصى بواسطة الريموت كنترول. و قد يبحث نفس الجمهور عن قناة العالم الإيرانية الناطقة بالعربية، فهي تسير في نفس الخط تقريبا.
قناة روسيا اليوم، رغم محدودية جمهورها هي الأخرى، أظنها قد تكسب عددا جديدا من الجماهير بفضل تغطيتها للحرب الحالية على غزة، حيث نرى بالقناة لوما لإسرائيل و إن كان غير شديد اللهجة، و تضامنا جميلا مع أهل غزة يعكس سياسة روسيا اتجاه فلسطين و أمريكا و كل ما يحدث في العالم.
قناة أبوظبي أصبحت خارج المنافسة منذ مدة طويلة، حتى في حرب لبنان 2006 كانت كذلك، أتحدث هنا عن المنافسة الإخبارية، لأنها خلال العداون على العراق و سقوط النظام البعثي، كانت تغطيتها مميزة، و كذلك قناة المستقبل.
الأل بي سي، أراها تنتظر انتهاء الحرب، لتعطي الضوء الأخضر لانطلاق ستار أكاديمي 6، رغم أني أصنفها من أكثر التلفزيونات العربية جرأة و مقدرة على عرض ما لا يعرض، سواء في الفن أو السياسة.

**ناشط اجتماعي جزائري
djameleddine1977@hotmail.fr