----------------------------------------
انتشرت في الآونة الأخيرة الأخبار عن قرار مجلس الوزراء بسحب شهادات علمية من عدد من الذين حصلوا عليها بالتزوير , ويعدد هذا القرار أسماء هؤلاء .
والمطلع عليها يرى من بينها أولاد لمسؤولين كانوا حتى أمد قريب موكلين بمهام أمنية وحزبية , وبعضها أولاد لمتمولين وتجار كبار .
وأيضا انتشرت الأخبار عن شهادات جمركية مزورة , وعن توقيف عدد كبير من" الجمركجيين" الكبار وشهادات ووثائق وبيانات زراعية واقتصادية مزورة.وأيضا شهادات جامعية مزورة في حلب.
كما انتشرت في فترة سابقة أخبارا عن محاولة العديد ممن بلغ بهم السن سن التقاعد القانوني وهم على رأس عملهم وفي مناصب إدارات عامة ومسؤولين في جهات متعددة , كيف حاول هؤلاء استخراج شهادات ميلاد مزورة لتصغير أعمارهم .
ويأمل الناس أن لا يكون كشف هذه القصة حدثا عابرا ليس له أبعاد واستمرارية , بل يأملون أن يكون ذلك ضمن منهجية وآلية مستمرة , تبدأ بكشف الشهادات المزورة ولا تنتهي عند شرطي المرور الذي يرتشي علنا .
هذا كله يدل على ماذا؟
أبسط الدلالات :
إن كشف هؤلاء المزورين لا يعني أن كل المزورين قد كشفوا فهؤلاء قد سقطوا نتيجة أخطاء قام بها بعضهم , وليس نتيجة لخطة منظمة لكشف التزوير في كافة النواحي ونتيجة لآلية لمحاربة الفساد.
ثم من ناحية أخرى ,من يستعرض الأسماء , يرى كما ألمحنا أولاد لمسؤولين واقتصاديين نافذين وهذا إشارة إلى مستوى ممارسات هؤلاء وأولادهم , والوصول لدرجة تزوير الشهادات العلمية لدليل على تجاوز هؤلاء لكل المحرمات والخطوط في استغلال مناصبهم ,ويدل على آلية وعقلية متحكمة في كل شيء ,من اختيار المتقدمين للمسابقات الى التوظيف الى الإرسال للخارج للتعلم أو لدورات محدودة .فهذا الصبي الذي يزور شهادة جامعية لم يفعل ذلك بدون نفوذ أبيه أو نقوده , وهو لو لم يشاهد ويلمس سلوك والده مع الناس لاختار طريقا آخر عير التزوير.
كما يدل على أن من يستلم منصبا , لا يطاوعه قلبه على تركه , نتيجة المزايا الخرافية والثروة التي تجمع من خلاله وطبعا بطرق غير شرعية .
وخطورة الأمر , كم يوجد من الشهادات والوثائق المزورة والتي يعمل أصحابها بموجبها , الجميع يعلم أن شهادات "الدال" التي أصبحت موضه بين المسؤولين في فترة معينة , والشهادات المأخوذة من جامعات "الصداقة" أو التي ورثتها في أرمينيا والدول السوفييتية السابقة , هي بمعظمها شهادات لا يعتد بها .
أليس غريبا أن يطفح حملة هذه الشهادات في كل المرافق على السطح ,ويبرزون ويستلمون المناصب ويهاجر أو ينزوي أولئك الذين حصلوا عليها بعرق جبينهم وتخسر البلد جهودهم وخبراتهم.
هل تتساءلون بعد لماذا تصنع تركيا كل شيء تقريبا .
ولماذا أطلقت إيران قمرا صناعيا من صنعها بأكمله.
ولماذا نلبس الملابس الصينية ونلهي أولادنا بالألعاب الصينية ونطعمهم الحليب المستورد في بلد القطن والقمح والحليب !!!
قال جبران في بداية هذا القرن أيام كان هناك أمل وحلم في نهضة :
ويل لأمة تأكل مما لا تزرع , وتلبس مما لا تنسج
ويل لأمة كثرت فيها طوائفها وقل فيها الدين....
فيا ويلنا ...ويا ويل ويلنا ...