شطرتها نصفين ووضعتها في البرّاد
ممنيا النفس بتناول فرماتها الباردة على الشرفه .
وعندما آن الأوان ..والليل استبان .. أخرجتها ومضيت الى الشرفه ..جاهلا بما يخبئّه لي ليل تموز ...
لم أكد أستقر... وتستقر, واذ ..بصوت قرع دفوف متصاعد تأتي به النسمات الغربيه التي بدأت تهب رويدا ..رويدا. وأصوات نشازيه ذكوريه ..صرف ليس فيها من الجمال الا ما يحمله الدكتور البجيرمي منه ..
-2-
في طفولتنا ,كان يوجد في الحارة عماره غير منتهيه على العضم , احتلتها عائله بدويه .
وأذكر كان لديهم عادة..في أيام يشعلون النيران ويأتون بالدفوف ويبدأون بالغناء والرقص
والدوران وهم يضعون الشملات بدون عقال ...
ويتمايلون بطريقه هستيريه كانت تضحكنا نحن الذين كنا نسترق النظر اليهم ..ونعجب عن السبب الذي يدفع رجال بهذا العمر والقدر الى الشوشحه والتمايل بهذه الطريقه.
لم أكن أظن أن هؤلاء الرجال الذين ضحكنا عليهم في طفولتنا سيعودون يوما ما الى ليل مدينتي الهادىء ليملأوه صخبا ..وإزعاجا .. ونشاز.
-3-
قد يقول قائل ..
هم أحرار يظنون أن ما يفعلونه هو الصحيح ..ألا تدافعون وتؤمنون بالحريه بكل أشكالها ومنها حرية ممارسة الشعائر الدينيه هذا اذا كانت هذه الشعائر دينيه ..
نعم...نعم...
حريه ,وأكثر ...ولكن ليس الساعة 12 منتصف الليل على أصوات المجاذيب ومسخ الأغاني الجميله .. وقرع الدفوف وازعاج الخلق.وافزاع الأطفال.
فليمارسوا كل الحريه ..لكن عندما يزعجون الجار الملاصق ..لا تعود كذلك تصبح انتهاك ..وا حتلال واغتصاب وقمع ...فما بالك على مسافة فراسخ منهم ...
إن كنتم تظنون أن ما تفعلونه هو الصحيح ,فمارسوا ذلك بدون إزعاج الناس وافعلوا ذلك بذوق وجمال .
وعندما يأتي رجل ما ويوجه لهم ملاحظه أنهم يزعجون ابنه طالب الجامعه الذي يقدم امتحان هذه الأيام يجب أن يخرسوا ...
فمستقبل ولدة أهم من دفوفهم ورقصاتهم ..وتعاويذهم.
-4-
من أعاد هؤلاء المجاذيب ..المزعجين ..الملوثين ..
الى ليالينا الصافيه ..النقيه ...
المملوءه برائحة البحر ...والزعتر الجبلي .
من أفزع بهم الأطفال ليلا ..وجعلهم يتقلبون في فراشهم وهم يبكون.
من أزعج بهم ذلك الطالب الذي يجلس مراجعا لدروسه استعدادا لامتحان الغد ..
من جعل الناس يظنون أنهم يشاهدون فيلما مصريا...تخضع البطله التي لا تلد الى هذه الشعوذات
لكي تحمل , أو لكي تطرد الشياطين ...
وفي النهاية يذبحون فرخة ..ويلوثونها بدمائها...
........
أيها الدراويش ...المجاذيب ..المشعوذون ..
اخرجوا من ليلنا ..
اخرجوا من من مدينتنا ..
عودوا الى العصفورية التي لا أعلم من أخرجكم منها ...
أو إلى أي خلاء ومارسوا ما يحلو لكم .
-5-
نظرت مبتسما الى فرمات الجبسة الباردة أمامي والتي كنت أمني النفس بأنها ستعينني على ليل تموز ...
وأيقنت أنني بحاجه الى شيء آخر مختلف تماما .