وضعت أرملة ابنها الوحيد عند أحد الحدادين ليتعلم الصنعة, وقد أمضى الفتى اليوم الأول كله عند الحداد, وفي اليوم التالي أيقظته أمه لكي يذهب إليه, فقال لها:
-خلص أمي, ما في داعي, أنا تعلمت صنعة الحدادة والحمد لله.
زغردت الام, وقالت لابنها: يا سلام عليك يا ولدي شو أنك فهيم, ولكن قل لي, كيف تعلمتها بهالسرعة?
قال الفتى: الشغلة يا أمي ما في أهون منها, بتجيبي الحديدة وبتدخليها بالفرن, وبتنتظري لحتى تحمى وتحمر, وبتطالعيها, ووقتها تعملي منها فاس, بتعملي قادوس, بتعملي قدوم, انت حرة.
فلما جاء الحداد يسأل عن صانعه الفتى الذي غاب عن الدوام, خرجت إليه الأم وأبلغته أن ابنها لن يذهب بعد اليوم, لأنه (ختم) صنعة الحدادة, ولم يعد في حاجة إلى المزيد, فلما سألها, وهو في قمة الاندهاش, عما ختمه قالت:
- الشغلة لك أخي ما في أهون منها, بتجيب الحديدة, وبتدخلها بالفرن, وبتنتظر لحتى تحمى وتحمر, وبتطلعها, ووقتها بتعمل منها فاس, بتعمل قادوس, بتعمل قدوم, أنت حر.
فتمتم الحداد قائلاً في سره:
- شوفوا العكروت, مو بس تعلم الصنعة, كمان علم أمه.