يشكل مركز بيع الإسمنت في جبلة بؤرة للتلوث والإزعاج والمعاناة اليومية لأهالي حي الجبيبات الشرقية، فالشاحنات الضخمة التي تنقل الإسمنت وتأتي للمبيت في المركز، تصل في كثير من الأحيان متأخرة بعد منتصف الليل وأثناء حركتها في ساحة المركز تصدر أصواتاً عالية ومزعجة تعكر سكون الليل، وتجبر الجوار على الاستيقاظ من أحلى لحظات نومهم وأحلامهم وكذلك هم على موعد آخر مع الاستيقاظ مجبرين مع بدء الحركة اليومية والاعتيادية لبيع مادة الإسمنت حيث تتوافد الجرارات و«الطرطيرات» وسيارات النقل في اللحظات الأولى من الصباح الباكر لكي تأخذ دورها فتملأ المكان صخباً وضجة بأصوات محركاتها الهادرة وتنفث سموم مداخنها لتمتزج مع غبار الاسمنت المتطاير أثناء حركة الآليات وتفريغ الأكياس من الشاحنات لتشكل وجبة دسمة من التلوث تدخل الى كل ركن وزاوية من المباني السكنية المجاورة والملاصقة للمركز لا ينفع معها حواجز او تحصينات ولا إحكام إغلاق النوافذ فهي تتسلل خلسة لتشكل عاملاً اساسياً في العديد من الأمراض التنفسية والصدرية وخاصة الأطفال والرضع الذين هم أحوج ما يكونون لهواء نقي ونظيف لنمو خلايا عقولهم وأجسامهم، إضافة لما سبق لا يمكن إغفال الايقاع اليومي لصراخ العمال اثناء عمليات تفريغ أكياس الإسمنت والتي لا تخلو من الشتائم والعبارات غير اللائقة وعلى مسامع الجميع حتى بات بعض الأطفال يستخدمونها في أحاديثهم العادية.
منذ حوالي الثلاثة عقود لم يكن هناك مشكلة، فالمركز كان بعيداً عن السكن، لكن مع تمدد المدينة وتوسع مخططها التنظيمي اصبحت المباني السكنية تحيط به وملاصقة له تماماً من كل الجوانب وبات يشكل معاناة ومشكلة حقيقية للناس تعترف بها جميع الجهات المعنية وتبدي تعاطفها وتأييدها لضرورة نقل المركز الى مكان آخر ولكن هذا التعاطف لم يترجم حتى الآن الى خطوات عملية.
والمشكلة ان مؤسسة عمران تقول إنها تحتاج الى قطعة أرض تبني عليها منشآتها ومخازنها بحيث تكون بديلة للأرض التي تشغلها المؤسسة حالياً والتي تؤكد انها ملك لها منذ إنشاء المركز ونتيجة خطأ تم استملاك العقار بدلاً من جزء منه كشارع، وباءت بالفشل جميع المحاولات لتعديل قرار الاستملاك، لكن الجهات العليا لم توافق.
أما مجلس مدينة جبلة فمن وجهة نظره الارض أصبحت مستملكة لمصلحته منذ مدة طويلة بغض النظر عن الخطأ والطريقة التي تم فيها الاستملاك ولا يمكنه التخلي عنها أو تأمين قطعة أرض أخرى على مبدأ المقايضة ولا يتم ذلك إلا من خلال عملية استملاك وقد عرض المجلس عدة خيارات لكنها لم تلق اي صدى عند مؤسسة عمران، حيث إن الادارة العامة تريد الحصول على ارض بديلة دون اي نفقات لاسترجاع حقها الضائع بالاستملاك الخاطئ، وهذا الجدل العقيم عمره سنوات فإلى ان يتم الاتفاق والوصول لحل بين الجانبين لا نعلم ما سيكون قد حصل مع الاهالي والذين هم الخاسر الأكبر ومن سيدفع الثمن من صحتهم وراحتهم.