تنتشر زهرة النرجس البري في سهول وجبال محافظة اللاذقية وفي حدائق المنازل وفي بعض الاحواض لدى بعض محبي الزهرة في الريف والمدينة وتنمو في المناطق الواسعة الممتدة المساحة ذات التربة الرملية الخفيفة في سفوح الجبال والمرتفعات والتلال وبين الاحجار وفي ثنايا الصخور حيث تتفتح أزاهيره في الفترة التي تمتد من منتصف كانون الثاني إلى نهاية شباط حيث برودة الطقس تكون في أوجها خلال هذه الايام من السنة.
وبما أن نبات النرجس البري ينمو في المناطق الوعرة فإن قطافه يتطلب صبرا وجهدا لا بأس بهما فمن أجل الحصول على باقات النرجس يجب على قاطفها أن يتحمل الظروف الجوية القاسية من أمطار وبرودة شديدة وأحيانا الثلج ويصعد التلال وربما الجبال ويفتش بين الاعشاب وخلف الصخور عن هذه الزهرة التي أبى أن يحصل عليها أحد قبل مكابدة العناء والجهد .
وتعتبر هذه الزهرة مصدرا للدخل لدى بعض الاسر الريفية التي اعتاد شبابها ونسائها تسويقه إلى مركز المدينة ولها معجبون ومحبون ولكنها رخيصة الثمن اذ لايتجاوز سعر الباقة منها خمسين ليرة واحيانا يصل للمئة وذلك رغم المشقة الكبيرة في قطافها التي يكابدها الشخص للحصول عليها ورغم الرائحة العطرة التي تنشرها والتي تدوم لأيام .
وللزهرة معان ودلالات كثيرة وقد ورد ذكرها في الحكايات والاساطير المحلية والعالمية القديمة كدلالة على رفعة المكانة الاجتماعية والنان وقد سمي النرجس بهذه التسمية بسبب عطر زهرته الفواح والمميز وخاصة البري منه والذي يكتسب هذه الرائحة بسبب النمو البري الطبيعي البعيد عن تدخل الانسان وعنايته والاضافات التي يغذي بها الزهرة بقصد النمو السريع والحماية من الامراض مثل المبيدات والاسمدة وهي ما تقلل من الرائحة المميزة لزهرة النرجس والورود المحمية خير دليل على ذلك .
ورائحة النرجس تبعث على الراحة النفسية من خلال الشكل الناعم المتناغم والهادئء بين اللونين الابيض والاصفر للزهرة واللون الاخضر للساق وهو ما يوحي بالمحبة والاطمئنان والالفة والتعاون وعلى الرغم من بساطة الزهرة فهي تصلح لأن تكون هدية في كل المناسبات ولكل الاشخاص .
ويدل ظهور النرجس على اقتراب فصل الربيع وانبعاث الحياة من جديد بعد نوم طويل استمر أكثر من تسعة أشهر لأن بصيلات النبات تنام تحت التراب من أواخر الربيع إلى منتصف الشتاء .
وبما أن النرجس ينمو في مختلف أنواع التربة إذا توافرت له الظروف المناخية والعضوية المناسبة لذلك يمكن نقله من منطقة لأخرى عن طريق نقل البصيلات أثناء فترة السبات وزرعها منفردة على عمق لا يتجاوز 25 سم وبعد دخول الشتاء بقوة يبدأ نمو هذه البصيلات وترتفع الاوراق التي لا تلبث أن تحمل براعم الازهار التي تتفتح في بداية شهر شباط وتعطي تويجات الازهار وتستمر بإعطاء الزهرات حتى شهر آذار في بعض المناطق وبعدها تذبل النبتة ويختفي القسم الاخضر وتغفو البصيلات تحت التربة إلى كانون الثاني من العام التالي حيث تعود لتنمو ثانية مع دخول شتاء جديد ومع اشتداد البرد مع فارق أنها ستكون أكثف وزهراتها أغزر من العام الذي سبقه لأن البصيلات تكون قد تكاثرت من عام لآخر .