منذ اقل من أسبوعين انهار مبنى من أربعة طوابق على رؤوس قاطنيه في الرمل الجنوبي باللاذقية وأدت إلى وفاة امرأة وطفلتها في الثانية من عمرها وإصابة امرأتين أخريين.
وقال رئيس مجلس مدينة اللاذقية أثناءها: إن المبنى المنهار مخالف وسنتخذ كافة الإجراءات القانونية بحق المتعهد المسؤول وبحق المراقبين بالبلدية.
فهل معاقبة المراقب أو المتعهد سيحل المشكلة؟! فدائماً عند وقوع حوادث كهذه تلجأ الجهات المسؤولة إلى معالجة الظاهرة فقط، وتحميل المسؤولية لهذا أو ذاك دون البحث بجذور المشكلة ومعالجة أسبابها، فالمشكلة ليست ببناء مخالف بل بعشرات الآلاف من المخالفات فأين كانت تلك الجهات عند ظهور المخالفات بالجملة التي نمت وكبرت على مرأى ومسمع المسؤولين في المدينة، وإن معاقبة متعهد هنا ومراقب هناك لن يحل المشكلة.
والحل ليس بمعالجة الظواهر بل بدراسة الأسباب التي أدت إلى هذا الكم الهائل من المخالفات والتي حتى الآن لم تستطع كافة القوانين الصادرة رغم قساوة بنودها كبح جماح تلك المخالفات، والتي ما زالت مستمرة في كافة مدن المحافظة.
إذ إن حاجة الناس للسكن تفرض نفسها بقوة وتجعلهم يلجؤون إلى كافة الطرق والأساليب للبناء وتأمين سقف يؤويهم، فارتفعت أبنية كاملة تحت جنح الظلام وبسرعات هائلة، وهنا تكمن خطورة الأمر فهذه السرعة تنعكس على المواصفات والحالة الفنية للبناء، والتي لا يوجد لها أي ضابط وخارج نطاق المراقبة ويحكمها جشع وطمع بعض المتعهدين والمراقبين، لتكون النتائج كارثية كما في حالتنا هذه.
طبعاً السبب الرئيسي لظهور المخالفات في اللاذقية يعود لعدم توفر الأراضي اللازمة للبناء وذلك ناتج عن عدم إصدار المخطط التنظيمي والذي ما زال حتى الآن سجين الأدراج وحبيس الوعود المستمرة. إن المخالفات تتفاقم يوماً بعد يوم وسبقت المخطط التنظيمي بأشواط كبيرة وإذا ما استمرت الحال على هذا الوضع فستصبح تلك المخالفات أمراً واقعاً ومن الصعب معالجتها وستبتلع المخالفات كافة المساحات التي يمكن أن تكون متاحة للبناء بشكل نظامي وحضاري.