آخر الأخبار

الإله السّوري إله الشمس بعل حدد أصل تمثال الحريّة الأميركي!

الإله السّوري إله الشمس بعل حدد أصل تمثال الحريّة الأميركي!
Syrian God Baal Hadad is the Origin Statue of Liberty!

د. هيثم طيون Dr. Hitham Tayoun و د. سام مايكلز Dr. Sam Michaels

نُبذة تاريخية - سيّدة الشُّعلة

في عام 1,869 م قام فريدريك بارتولدي (Frédéric Auguste Bartholdi) بتصميم نموذج مُصغر لمنارة على شكل فلاحة مصرية تلبس ثوباً طويلاً و هي ترفع يدها حاملةً شعلة يخرج منها ضوء لإرشاد السفن، تحمل شعار "ُEgypt Carrying the Light to Asia و العبارة تعني "مصر تحمل الضوء لآسيا". كانت أشعة الشمس على الرأس مُستقاة من عُملة بطليمية تاريخية تظهر بطليموس الثالث الحاكم الثالث من البطالمة في مصر، و عُرِضَ المشروع على الخديوي إسماعيل ليتم وضع التمثال في مدخل قناة السويس المُفتتحة حديثاً في 16 نوفمبر / تشرين الثاني من نفس العام، لكن الخديوي إسماعيل اعتذر عن قبول اقتراح بارتولدي نظراً للتكاليف الباهظة التي كان سيتطلبها المشروع، حيث لم يكن لدى مصر السيولة اللازمة لمثل هذا المشروع خاصة بعد تكاليف حفر القناة ثم حفل افتتاحها، و بنى بدلاً من ذلك منارة بارتفاع 180 قدم

في هذا الوقت، كانت الجمهورية الفرنسية الثالثة (1,870 - 1,940 م) تتملكها فكرة إهداء هدايا تذكارية لدول صديقة عبر البحار من أجل تأصيل أواصر الصداقة معها، لذلك تم التفكير في إهداء الولايات المتحدة الأمريكية هذا التمثال في ذكرى احتفالها بالذكرى المئوية لإعلان استقلال مُستعمراتها الثلاثة عشر عن مملكة التاج البريطاني عدوة فرنسا التاريخية، و التي كان سيحين موعدها في 4 يوليو 1,876 م. و بالفعل بدأت الاستعدادات على قدمٍ و ساق، حيث تم الإتفاق على أن يتولى الفرنسيون تصميم التمثال بينما يتولى الأمريكيون تصميم القاعدة التي سوف يستقر عليها. و من أجل ذلك، بدأت حملة ضخمة في كل من البلدين لإيجاد التمويل اللازم لمثل هذا المشروع الضخم؛ ففي فرنسا كانت الضرائب و وسائل الترفيه التي يستخدمها المواطنون الفرنسيون و كذلك ريع اليانصيب الوطني هي الوسائل التي استطاعت من خلالها الحكومة الفرنسية توفير مبلغ نليونين و ربع المليون 2,250,000 فرنك فرنسي لتمويل التصميم و الشحن إلى الولايات المتحدة الأمريكية

على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي كانت المعارض الفنية و المسرحية هي وسيلة الأمريكيين لتوفير الأموال لبناء قاعدة التمثال، و كان يقود هذه الحملة السيناتور وعمدة نيويورك ويليام إيفارتز (William M. Evarts) الذي أصبح وزير الخارجية الأمريكي فيما بعد. غير أن هذا لم يكن كافياً، مما حدى بـ جوزيف بوليتزر (Joseph Pulitzer) - صاحب جائزة بوليتزر فيما بعد - أن يقوم بحملة من خلال الجريدة التي كان يصدرها تحت إسم "أخبار العالم World News" و من ثم لاحقاً تم اختيار موقع المشروع على جزيرة الحرية التي كانت تعرف حينها بإسم جزيرة بدلو (Bedloe) حتى عام 1,956 م

و هكذا، توفّرت الأموال الأزمة، فقام المعماري الأميريكي ريتشارد موريس هَنت (Richard Morris Hunt) بتصميم قاعدة التمثال التي انتهى منها في أغسطس من العام 1,885 م، ليتم وضع حجر الأساس في الخامس من ذلك الشهر. و بعدها بعام اكتملت أعمال بنائها في 22 إبريل 1,886 م. أمّا عن الهيكل الإنشائي، فكان يعمل عليه المهندس الفرنسي أوجين لو دوك (Eugène Viollet-le-Duc) لكنه توفي قبل الإنتهاء من التصميم، فتمّ تكليف المهندس الشهير مصمم برج إيفل في باريس (غوستاف إيفل) ليقوم بإكمال ذلك العمل. و بالفعل قام السيد إيفل بتصميم الهيكل المعدني بحيث يتكون من إطار رئيسي للتمثال تمّ تثبيته في إطار ثاني في القاعدة لضمان ثبات التمثال

شحن وتركيب التمثال:

انتهت أعمال تصميم التمثال في فرنسا مبكراً في يوليو عام 1,884 م، فتم شحن التمثال على الباخرة الفرنسية إيزري (Isere)، حيث وصلت إلى ميناء نيويورك في 17 يونيو 1,885 م. و تم تفكيك التمثال إلى 350 قطعة وضعت في 214 صندوقاً و تمّ تخزينها لحين إنتهاء أعمال بناء القاعدة التي كان سيوضع عليها التمثال و التي انتهت في وقتٍ لاحق لوصول التمثال. و هكذا و في 28 أكتوبر 1,886 م - أي بعد إنتهاء إكتمال بناء قاعدة التمثال بستة 6 أشهر - قام الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند (Grover Cleveland) بافتتاح التمثال في احتفال كبير، و ألقى فيه السيناتور و عُمدة نيويورك الذي قاد حملة التبرعات السيد ويليام إيفارتز (William M. Evarts) كلمة بهذه المناسبة ...

لكن ما هي الجذور التاريخية و الأسطورية لقصة هذا التمثال؟! ما هو أصل تصميمه على هذا الشكل في الحقيقة؟!

إنّ فكرة تمثال الحرية في أمريكا مُقتبسة من تمثال الإله الأموري السوري حَدَد (بعل) حلب إله الخصب و المطر و الحرية و الشعلة و النجوم الساطعة و سنابل القمح، زوجته عشتار أو إستر Istar و تعني النجمة Star أو سيدة النجوم، و هو أقرب للإله السوري (شمش) الذي ليس هو إلا أحد تجليات الإله بعل! فالإله بعل كان الإله الأعلى عند السوريين و الكنعانيين - الفينيقيين و القرطاجيين و هو نفسه إله الشمس (شمش)، بمعنى آخر الإله (شمش) هو أحد أوجه الإله (بعل)

كانت حلب، أقدم مدينة في التّاريخ بحسب تصنيف مُنظّمة اليونيسكو (12 ألف سنة) يوم كان الإنسان يأوي إلى كهفه ينقش على جداره أسئلة حائرة و ينظر من كواه إلى أطياف قوس قزح، ثم يمضي صاعداً إلى أعالي الهضبة (القلعة اليوم) يُخاطب السماء مُستنبئاً عن أسرارها، مُناجياً القمر عن أسراره، مُنتظراً إنهمار المطر في غراره و غماره، فهذه هي دورة الحياة العذراء في معبد حدد إله المطر، و هو يُكمل دعاءه خاشعاً يرجو الخصب، و يطلب النّماء من الإله بعل - حدد. و ها هي الهضاب و السهول تختلط فيها قطرات المطر بقطرات الدموع، فتتسامى سنابل القمح، و تتعالى أناشيد الوجد، و تبتسم ربّة الينبوع و قد ملأت جِرارها من رحمة السماء، و يعود إنسان حلب من هضبة القلعة إلى سكينة باطنة يتجاذبها طرفا الجمال و الجلال، فينشد للقمر، و يطرب للمطر الإله حدد، هو بعل-بك: (إله المدينة أو سيّد المدينة)، البعل، المطر الذي يروي الأرض العطشى، ف(بعل) هو أحد صفات الإله الأموري السّوري حدد إله المطر و (بك) تعني "المدينة"

بعد تحوّل السّوريين عن الوثنية و اعتناقهم للمسيحية في القرون الميلادية الأولى قام السريان السوريون بالتّخلّي عن مُفردات عديدة ارتبطت بالوثنية كان منها البعل و اكتفوا بإطلاق كلمة (بك) فقط، أي "المدينة"، على كل ما هو داخل الأسوار، و إطلاق كلمة البلد على كل ما هو خارج الأسوار، و كان إسم حلب القديم هو "بعلبك" (بعل-بك) أي "مدينة الإله بعل" (أي بيت الله بما يُقابلها في العربية اليوم) منذ الألف الرابعة قبل الميلاد و بعل حلب، هو بعلبك، تم تشييد معبد له في (منبج) في ريف حلب بإسم "هيرا بوليس" أو "حور بوليس" أو بعليس (بعل-يس)، و قد أمر كهنة معبد حدد ببناء معبد مُماثل في سهل البقاع السورية (تقع في لبنان اليوم) أطلقوا عليه إسم بَعلْ بَكْ (مدينة بعلبك الحالية في البقاع اللبنانية)، إله المدينة و سيّدها و هو من صفات الإله حدد إله المطر. يقول عالم الآثار الفرنسي رنيه دوسو: "إنَّ الألوهة في معبد بعلبك كانت لحَدَد «بعل» و إنَّ معبد بعلبك القديم كان فيما مضى تماماً كما في هيرابوليس (منبج) في ريف حلب، مُكرّساً للإله حَدَد رب حلب و زوجته عشتار، و معبد بعلبك اللبناني قد كُرِّس في الأصل لعبادة الإله السوري الحلبي حَدَد؛ إله البرق و الرعد و المطر و الخير و الخصب و العطاء و الحرية، حتى القرن الرابع قبل الميلاد، و أُعيدَ بناؤه في عام 116 م حينما كانت سوريا لا تزال بأغلبيتها العُظمى تدين بالديانة الوثنية قبل أن تعتنق الإمبراطوريّة الرومانية الديانة المسيحيّة و تعلنها الدين الرّسمي للمُقاطعات الخاضعة لنفوذها و التي كانت من أهمّها سوريا، ثم بدأ التوسيع المُتقن لمعبد (هليوبوليس بعلبك) في عهد الحاكم الرّوماني أنطونيوس بيوس (138 ـ 161 م)، و استمرَّ ببطء حتى زمن الإمبراطور السّوري كراكالا (211 - 217 م) و من تبعه من أباطرة السلالة السورية الذين حكموا روما و الذين أتمّوا بناءه و جعلوه من عجائب الدنيا المعروفة آنذاك. و ظهر المعبد لأوَّل مرة على أحد وجهي نقود الإمبراطور الروماني الأمازيغي الليبي سبتيموس سفيروس زوج الإمبراطورية السُّورية جوليا دومنا و أيضاً نقش الإمبراطور كراكالا و أمّه الإمبراطورة جوليا دومنا كلمة "هليوبوليس" على النقود الرّومانيّة التي صُكّت في عهدهما

و قد ورد أيضاً إسم هذا المعبد على نقود الإمبراطور السوري فيليب العربي (244 - 249 م) من مدينة شهبا التابعة للسويداء في جنوب سوريا، و كان المعبد يضم تمثالاً ذهبياً للإله الأموري السّوري حَدَد و كان يحمل في يده اليمنى سوطاً هو رمز البرق، و في يده اليسرى أسهماً و هي رمز للصاعقة، و يحمل أيضاً سنابل القمح رمز للخصوبة و السلام. و كانت الصفة التزيينية المُسيطرة على واجهات المعابد هي نسور بعلشمين السماوية، و بعل شمين تعني "المطر و الصيف"، و أسود عشتار أو أسود اللات، و تماثيل نصفية مع قرون الخصب على رؤوس المعابد، و تمثال نصفي شعاعي الشكل للشمس

و مما لاشكَّ فيه أنَّ الفنان الفرنسي الذي صمّم تمثال الحرية الحالي الذي ينتصب اليوم في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، قد اقتبس نموذجه من تمثال الإله حَدَد الأمّوري السّوري بعد أن قام بإدخال بعض التعديلات عليه. لنقارن بين التمثالين، فلو نظرنا إلى رأس تمثال سيّدة الحريّة في أمريكا و نظرنا إلى رأس الرّبة عشتار الذي تزينه الشمس، نستيطع تمييز الهالة النورانية، هالة الشمس، فهي "هيلانة" (القديسة هيلانة)، و تحت عنق الإله حدد، الربة عشتار هي زوجة الإله حدد = (هليو بوليس)

أما معبد حدد إله البرق و الرعد و المطر و الخير و الخصب و الحرية في قلعة حلب، فيُعدُّ الأقدم و الأكبر في العالم! في عام 1,997 م أثبت عالم الآثار الفرنسي جان ماري ديوران «قارىء نصوص ماري» في متحف حلب، و في دراسة جديدة مُدعّمة بنصوص و رسائل حلبية و من مملكة ماري أنَّ النظام العالمي آنذاك كان يتعلّق بإله حلب «حَدَد» وحده! و ما من ملك كان يجرؤ على مُخالفة رغباته!! و ظهر في نصوص ماري أنَّ إله البحر حَدَد، و كان معبده في حلب، كان قُبلة الباحثين عن النُّبوءة و الوعد من الملوك العراقيين و السوريين و المصريين على حدٍّ سواء (أي كان هو كعبة و قُبلة ذلك الزّمان) و قد استمرت عبادة الإله الأموري السوري «حَدَد» حتى القرن الرابع الميلادي حين تحوّلت سوريا إلى المسيحيّة و نبذت الوثنية

الأسرة و الأخوية (آلالاخ):

في كثير من المعابد السورية و مواقع الإنتشار نجد "الشُّعلة المُقَدَّسة" نشأة و إبداعاً و انتشاراً من حلب: آلالاخ و عاصمتها حلب حوالي 3،000 قبل الميلاد. تكوّنت الأسرة و الأخوية (آلالاخ) كما تكوّنت القبيلة، و اتّحدت عدة أخويات في قبيلة واحدة و بنوا معبداً في أعلى تلّة في المدينة: لقد تمّ بناء معبد الإله حدد، إله المطر و الخصوبة، على تلّة حلب (قلعة حلب الشهيرة اليوم). و لم يفُت القبائل التي تجمّعت لتكوين المدينة أن تُوقد ناراً مُقَدَّسة، و أن تتّخذ مُعتقداً واحداً مُشتركاً. و الإله حدد في المُعتقدات القديمة لم يُلفظ باسمه احتراماً ووقاراً، بل بصفاته التي كان منها (البعل): أي المطر و الخصب و الجنس المُقَدَّس، فهو بعليس (الذي أصبح إبليس في الديانات الإبراهيمية القمعية الذكورية فيما بعد)، و في اللغة الإنكليزية (بوليس)، لأن حرف العين حلقي لا يظهر في النطق الإنكليزي : (بعليس / بوليس و هي تسمية تُطلَق على جهاز الشرطة أو الأمن اليوم)

عيد المشعل أو عيد الشُّعلة المُقَدَّسة (الشُّعلة الأولمبية):

في معبد حلب و معبد منبج الذهبي كان أكبر عيد في السنة يُدعى (عيد المشعل أو عيد الشعلة) و كان يتم في أوائل فصل الربيع، و هكذا غدت "الشُّعلة المُقَدَّسة" رمز للخصب و لخلود السُّلالة أو الذُّرّيّة، ثم صارت الشُّعلة رمزاً لخلود الأبطال و كان الدّخان الأبيض يتصاعد من فوهة معبد الإله السوري حدد في قلعة حلب و في جميع معابد الإله حدد في سوريا في المناسبات المقدسة كالأعياد المُختلفة أو في حالات إعلان الحرب و السلام. الشُّعلة المُقَدَّسة هي الشُّعلة الأوليمبية التي كانت للإله حدد!! و من أسمائه لدى الرّومان: الإله (زوس أو زيوس)، فالشُّعلة الأولمبية أو شعلة الإله زيوس كانت نشأةً و إبداعاً و انتشاراً من سوريا الأصل لكل حضارات حوض المتوّسّط و الشّرق الأوسط القديم

و كان بعل - حدد إله المطر أيضاً إلهاً للحرب و السّلام، إضافةً لكونه إلهاً للحرية و الخير و الخصب و العطاء. ففي نصوص ماري يتوعّد «حَدَد إله حلب» ملك ماري، باسترجاع عطاياه و يتردد الوعيد في نصٍّ آخر من نصوص ماري: "أكتب لسيّدك، الأرض من الشرق إلى الغرب، أنا أعطيها". و للعلم فإنّ الجامع الأموي في دمشق قام الأمويون بتحويله إلى مسجد بعد "الفتح" الإسلامي لسوريا بعد أن كان كنيسة اسمها "كنيسة يوحنا المعمدان"، و قبل أن يحوّلها البيزنطيون إلى كنيسة، كانت معبداً للإله جوبيتر إله كوكب المُشتري الرّوماني عندما كان الرّومان لا يزالون يدينون بالمُعتقدات الوثنية، لكنه كان بالأصل معبد للإله الأموري، الإله السّوري العظيم، إله المحبة و الخير و العطاء و الخصوبة و الرّعد و البرق و المطر، الإله بعل - حدد

المصادر و المراجع:

1. صفحة تمثال الحرية في خريطة الشارع المفتوحة

2. Statue Of Liberty National Monument (U.S. National Park Service, 26مارس 2018

3. smithsonianmag.com/smart-news/statue-liberty-was-originally-muslim-woman-180957377/ The Statue of Liberty Was Originally a Muslim Woman، "The New Colossus" was actually born in Egypt

4. Statue Timeline on pbs.org, 06 سبتمبر 2017

5. The Statue of Liberty and its ties to the Middle East, PDF. THE ORIENTAL INSTITUTE OF THE UNIVERSITY OF CHICAGO 20أبريل 2015

6. Harris, Jonathan (1985). A Statue for America: The First 100 Years of the Statue of Liberty. New York City: Four Winds Press (a division of Macmillan Publishing Company), pp=7–9

7. كتاب الآثاري السوري د. عامر رشيد مبيض: شمس سوريا تسطع على أوروبا (كتاب يتضمن حضارة المدن السّوريّة المنسيّة و يُعنَى بتحرير تاريخ آثار سوريا من التّزوير الإستشراقي)