بسم الله الرحمن الرحيم
التقرير الختامي والتوصيات
لأعمال المؤتمر الثامن لمجمع اللغة العربية بدمشق
أقام مجمع اللغة العربية بدمشق مؤتمره السنوي الثامن لعام 2009م وموضوعه:
نحو رؤية معاصرة للتراث
برعاية كريمة من سيادة وزير التعليم العالي الأستاذ الدكتور غياث بركات وحضور السادة رؤساء مجامع اللغة العربية في كلٍ من الأردن والجزائر والعراق وفلسطين وممثلين عن مجمع اللغة العربية في القاهرة وأعضاء مجمع اللغة العربية بدمشق عاملين ومراسلين، والسادة الباحثين والمشاركين في أعمال المؤتمر من سورية والوطن العربي، ولفيف من أساتذة الجامعات والكتاب والمهتمين.
جلسة الافتتاح: الاثنين 9/11/2009م
افتتحت الجلسة في تمام الساعة العاشرة والنصف من صبيحة يوم الاثنين الواقع في 22 ذي القعدة عام 1430ﻫ الموافق 9 تشرين الثاني 2009م.
ألقى السيد وزير التعليم العالي راعي المؤتمر كلمة في حفل الافتتاح بمكتبة الأسد الوطنية، تحدث فيها عن إسهامات الجمهورية العربية السورية في مجال حماية اللغة العربية وحفظ تراثها بتوجيه من سيادة رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد. وقال إننا ننتمي إلى أمة تمتد حضارتها من أعماق التاريخ وامتزجت بحضارات الأمم الأخرى، وتفاعلت معها، فأثمرت حضارة عم نفعها العالم شرقاً وغربا،ً ودامت مئات السنين، وتميزت بأنها قامت على الأخلاق، والقيم النبيلة، ودعا إلى الاعتزاز بتراثنا، وأن نكون مجدين في الإفادة منه للنهوض بالمجتمع والوطن والأمة.
ثم ألقى رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق الدكتور محمد مروان المحاسني كلمته فذكر أن من حقنا أن نفخر بماضينا العربي المتميز الذي شعت أنواره من دمشق وبغداد والأندلس وترك أثره في الغرب، وكان من ذلك الرقي الفكري والمادي الذي نشهده اليوم في العالم، وبين أن المعارف والعلوم كانت أحد الأركان القوية لحضارتنا... وذكّر بأن من مكونات تلك الحضارة حرية الفكر وحرية الحوار وحرية الانتقال، انتقال الأفكار والأفراد والسلع والاعتماد على العقل والتجربة وطلب المعرفة حيث كانت، ودعا في الختام إلى أن نتفهم التراث العربي الإسلامي بعمق وأن نستفيد منه في مسيرتنا النهضوية مستنيرين بالقيم التي خلفها لنا والمعايير المنهجية التي ورثناها عن السابقين.
ثم ألقى أمين المجمع الدكتور مكي الحسني تقريراً سنوياً عرض فيه منجزات المجمع في المدة التي انقضت بعد المؤتمر السابق إنفاذاً للمادة العاشرة من لائحة المجمع الداخلية. وبعد أن ذكَّر بأغراض المجمع، استعرض خلاصة أعمال بعض لجانه مشيراً إلى أن وضع المصطلحات العلمية والفنية والأدبية والحضارية وتوحيدها ونشرها في سورية والوطن العربي تأتي في طليعة أهدافه لجعل اللغة العربية وافية بمطالب الآداب والعلوم والفنون وحاجات الحياة المتطورة. ثم بين أن المصطلحات المتوافرة كثيرة، ووضع الجديد منها قائم على قدم وساق وشرح دور المجمع في متابعة شؤون، المصطلح وعدَّد اللجان التي تقوم بذلك كما أشار إلى نشاط المجمع الثقافي وإلى مجلته ومطبوعاته.
ثم ألقى الدكتور عبد الكريم خليفة كلمة الضيوف المشاركين والباحثين، تناول فيها أهمية التراث العربي الإسلامي في ثقافتنا، وسلَّط الأضواء على الجوانب الإيجابية الكثيرة في هذا التراث ومنهجية القدماء في البحث داعياً إلى الإفادة منها في تطوير البحث العلمي والثقافة العربية، ونوَّه بإسهامات مجمع دمشق في حفظ اللغة العربية وتنميتها، كما أشاد بالجهود التي تبذلها سورية في ميدان حماية اللغة العربية ودعا إلى تضافر الجهود في إحياء التراث وتوظيفه في خدمة النهضة العلمية والثقافية واللغوية المعاصرة.
وبعد استراحة قصيرة ألقى نائب رئيس مجمع اللغة العربية الدكتور محمود السيد المحاضرة الافتتاحية وموضوعها «التراث بين الماضي الحي والغد المنشود».
بدأ بتعريف التراث وذكر أنه يتجسد في أربعة أمور هي:
القطاع المعرفي وقطاع القيم وقطاع النظم والمؤسسات وقطاع الإبداع والصنع وبهذا المعنى يبدو كأنه هو الحضارة نفسها. وتابع قائلاً إن للتراث معنىً ثانياً يتمثل في كل ما هو حاضر في وعينا الشامل وفي تشخيصنا الحاضر، ثم عدد سمات تراثنا العربي وهي: العراقة والشمولية والعقلانية واعتماد المنهج التجريبي، والتوازن والتكامل والانفتاح على الثقافات الأخرى والروح الإنسانية. ثم بيَّن صورة تراثنا في رؤية الغير مشيراً إلى أن بعض الغربيين كانوا صادقين ومنصفين واعترفوا بفضل العرب وأن بعضهم لم يكن منصفاً ولا صادقاً.
تحدث بعد ذلك عن رؤية معاصرة للتراث وقال إن التقدم الحقيقي يكون ببعث الماضي وتجديده وبث الحيوية فيه ثم وصله بأسباب الحياة لأن شخصية الأمة مبنية على أساسه وذلك لا يعني بأية حالٍ أن نعود بحاضرنا إلى ماضينا بل على العكس أن نبني مستقبلاً زاهراً موصولاً بالماضي، إنه المستقبل المنشود ثم قدّم مجموعةً من التوصيات في التوجه نحو هذا المستقبل المنشود بعد أن قدّم نماذج جديرةً بالإحياء من ماضينا..
يوم الاثنين 9/11/2009 الساعة 5- 9 مساءً
الجلسة المسائية: ترأس الجلسة الدكتور محمد مراياتي
وألقيت فيها البحوث الآتية:
1) بحث الدكتور نشأت حمارنة بعنوان: «مكانة العرب في تطور الطب».
وقد بين فيه أن العرب حملوا رسالة العلوم الطبيَّة ممارسةً وتأليفاً، وقاموا بدورهم على أكمل وجه، فكانوا حلقة في سلسلة تطور الطب التي هي ملك للبشرية جمعاء، وقد اتسم عملهم العظيم هذا بالتواضع والإخلاص للحقيقة فتركوا تراثاً يرضون عنه ويرضي أحفادهم وكل من أخذ عنهم ويرضي قبل كل شَيْءٍ خالقهم الذي شرفهم بحمل هذه الرسالة، فكان عملهم قدوة لمن جاء بعدهم.
2) بحث الدكتور الراضي الجازي بعنوان: «من تراثنا الصيدلي العربي- صدور الأقراباذينات - الأقراباذين الكبير لسابور بن سهل أنموذجا».
وقد أكَّد الباحث أن العرب هم الذين جعلوا من الصيدلة مهنة متكاملة مع مهنة الطب ووضعوا أسساً لمزاولتها، كما أثروا التَّرسانة العلاجية بأدوية جديدة. وذكر أن بعض الأشكال الصيدلانية الواردة في تراثنا الصيدلي ما يزال يستعمل إلى اليوم، ومن أبرزها الأشربة والحبوب والمراهم والأقراص. وختم بأن التراث الصيدلي العربي يمثل تحولاً في ميدان الصيدلة، وهو يغطي فترة زمانية دامت ما يقرب من ألف سنة تمثل مرحلة ازدهار وتقدم. وقد جعل الباحث أقراباذين سابور بن سهل موضوعاً وأنموذجاً لبحثه، وهو يعد أول دستور للأدوية في التاريخ.
3) بحث الدكتور أنور الخطيب بعنوان: «علم النبات في التراث».
عرض الباحث للنبات في التراث الإنساني في العصر الجاهلي ثم في العهد النبوي. واستعرض المعارف النباتية من القرن السابع إلى القرن الحادي عشر ثم من القرن الحادي عشر إلى القرن العشرين وحَلَّل مضمونات الكتب النباتية التي صنفت في تلك القرون. وختم بذكر المؤلفات العلمية في علم النبات ولا سيما المعاجم، وأشار إلى أنه في الطريق إلى إنجاز المعجم الاشتقاقي لأجناس نبات الوطن العربي.
4) بحث الدكتور مصطفى موالدي بعنوان: «الرياضيات والفلك في التراث العربي».
وقد ركز فيه على إنجازات علماء الحضارة العربية في الفروع الرئيسة للرياضيات وهي الحساب والجبر والهندسة والمثلثات، بالإضافة إلى علم الفلك. وأكَّد أن الرياضيين والفلكيين العرب تركوا بصماتهم الخلاقة والمبدعة في تلك الفروع العلمية ووَظَّفوا معارفهم الرياضية والفلكية في خدمة الشريعة والمجتمع.
5) بحث الأستاذ مروان البواب بعنوان: «علم التعمية في التراث العربي».
بدأ الباحث بالتنويه بكشفٍ عظيم في علم خفيٍّ ظلَّ قروناً متطاولة حبيس خزائن المخطوطات العربية إلى أن قدر له أن يرى النور قبل نحو عقدين على أيدي باحثين من مركز الدراسات والبحوث العلمية بدمشق، وهم: الدكتور محمد مراياتي والأستاذ مروان البواب والدكتور محمد حسان الطيان. وقد تضمن البحث التعريف بعلم التعمية واستخراج المُعَمَّى (الشفرة وكسرها) وأهمية علم التعمية في القديم والحديث.. والجهود التي بذلت في تحقيق مخطوطات كتب التعمية والتعريف بها، ثم عَرَض لأنواع التعمية وطرق كشفها.
6) بحث الدكتور أحمد مطلوب بعنوان: «علم الحيل عند العرب».
قدَّم الباحث بشرح كلمة (الحيل) لغوياً واصطلاحياً. ثم بين مدى اهتمام العرب بعلم الحيل، لأنه كان يقدم لهم ما يحتاجون إليه من آلات وأدوات تتصل بحياتهم العملية وانتهى إلى أن العرب المسلمين وضعوا كثيراً من القواعد العلمية التي كانت من أسس النهضة الأوربية.
اليوم الثاني: الثلاثاء 10/11/2009م
الجلسة الصباحية: مناقشة ألفاظ الحضارة (المنزل وأدواته) وقد ترأسها الأستاذ الدكتور عبد الكريم خليفة.
الجلسة المسائية: ترأسها الدكتور عبد السلام المسدّي
وألقيت فيها البحوث الآتية:
1) بحث الدكتور وهبة الزحيلي بعنوان: «الحكم والإدارة في الإسلام».
بيَّن أن نظام الحكم والإدارة في الإسلام نظام متكامل يشمل قضايا الدين والدنيا، ويحقق أصول الحكم في عهوده المختلفة القائمة على العدل والحرية والمساواة ورعاية مبدأ المواطنة، ويحرص على ظاهرة التعاون والتكافل، واحترام نظام المؤسسات، وكان أمثل فترات هذا النظام العهد النبوي والراشدي، لكنه صار ملكاً عضوضاً في عهود الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية بسبب ظهور نظام ولاية العهد للأولاد.
2) بحث الدكتور محمود عكام بعنوان: «التصوف من العرض إلى النقد».
استخدم الباحث خلال بحثه كلمة التصوف بدلاً من الصوفية لأن التصوف يدل على المجاهدة، وفرّق بين الصوفية والسلفية، وبين تصوف وآخر وأشار إلى المصطلحات التي يستخدمها المتصوفون.
تضمن البحث دراسة التصوف نشأة وتكويناً وعرضاً لأصوله ومناهجه وطرائقه ورجالاته المؤسِّسين والمؤصلين. ثم وقف وقفة تقويم لما عرض فقدَّم رؤيته الخاصة إلى التصوف، وطرح سؤالاً مهماً هو: هل يمكن أن يكون التصوف حلاً مطروحاً من قبل المصلحين؟
3) بحث الدكتورة نجدة خماش بعنوان: «ولاية المظالم والحسبة في الدولة العربية الإسلامية».
تضمن نشأة هذا النظام، مبينة دور ولاية المظالم في رفع الجور وتعدَّي الجهات الحكومية على الأفراد من قبل الجهات الحكومية أو الخاصة، ثم عرض لدور ولاية الحسبة في مراقبة الأسواق والسلوك الاجتماعي، بل وفي متابعة أعمال الإدارة والقضاء.
وقد أظهر البحث الدور الإيجابي لتلك المؤسسات الحضارية في خدمة المجتمع. وذكرت الباحثة أنه قد حلت محل الحسبة في بعض البلدان العربية: وزارة التموين ومجالس البلدية، ومديرية الصحة والشرطة الأخلاقية ومديرية الأوزان والمكاييل ومكافحة الغش.
4) بحث الدكتورة عزة الربَّاط بعنوان: «الوقف والتراث».
وتضمَّن تعريف الوقف في التراث العربي الإسلامي ومشروعيته وأدواته وأنواعه وأساليب استثماره ثم عرضاً لأهم آثار الوقف الإسلامي في المجتمع العربي الإسلامي، وذكرت الباحثة أهم الوقفيات في مدينة دمشق والحجج الوقفية ودعت للمحافظة عليها وإلى نشر الوعي الوقفي في المجتمع العربي.
5) بحث الدكتور عبد الكريم خليفة بعنوان: «رسالة في فلسفة الأخلاق» للإمام ابن حزم الأندلسي.
عرَّف الباحث بالإمام ابن حزم الأندلسي ونشأته وعلومه وآثاره الفكرية والفلسفية ومقولاته في مفاهيم (الحقيقة - والعدل - والموت والحياة) وركّز على مفهوم الأخلاق. وختم بأن الرؤية المعاصرة للتراث ومنه تراث ابن حزم تعني التطوير والإبداع والانبعاث الحيّ من الذات وريادة آفاق الحياة الحديثة بكل أطيافها العلمية والثقافية من خلال قيم أرست دعائمها عبر التاريخ فلسفة أخلاقية، منبعها الأول من القرآن والسنة وتجلياتها في الإرث الفكري عند الفلاسفة المتقدمين وأداتها اللغة العربية السليمة.
6) بحث الدكتور عبد الحميد مدكور بعنوان: «الفكر الاجتماعي في الفلسفة الإسلامية - الفارابي أنموذجاً».
تضمن البحث تعريفاً بعلم الاجتماع الذي يقع البحث في نطاقه، ثم تعريفاً بأسباب دراسة الفكر الاجتماعي لدى الفارابي خاصة. وقد جاءت آراؤه منصبَّة في غالبها على «المدينة» التي كانت وحدة «التناول» عنده. وقد فرَّق بين المدينة الفاضلة التي تقوم على أساسين مهمين هما المعرفة النظرية والأخلاق الفاضلة وبين المدن الأخرى التي ينقصها الشرطان معاً أو ينقصها أحدهما، فذكر المدن الجاهلة والفاسقة والضالة والمبدِّلة، وركَّز تركيزاً واضحاً على دور رئيس المدينة. وقد تناول البحث آراء الفارابي: عرضاً وتحليلاً ونقداً، وبيَّن مكانة هذه الآراء في تأسيس مفاهيم وموضوعات علم الاجتماع عند المسلمين.
7) بحث الدكتور محمود خضرة بعنوان: «تجديد التراث الفلسفي العربي ومنطلقاته».
دار البحث حول ثلاثة من الموضوعات: الأول ضرورة الفلسفة للإنسان في كل زمان ومكان، وذلك بالنظر إلى ديمومة المسائل الميتافيزيقية الكبرى التي لم تحل. والثاني: أصالة التراث الفلسفي العربي وأنه ليس نسخة عن الفلسفة اليونانية. والثالث: منطلقات تجديد التراث الفلسفي العربي وأهمها: عدم التعارض بين العقيدة ومنطلق العقل، والنظر إلى المسائل الكبرى، وأن تكون الحقيقة غايتنا مهما كان مصدرها، مع رفض التقليد وسلطة الأسلاف على الحاضر.
اليوم الثالث: الأربعاء 11/11/2009م
الجلسة الصباحية: مناقشة مصطلحات العلوم الفيزيائية والكيميائية وطب الأسنان
وقد ترأس الجلسة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح
الجلسة المسائية: ترأسها الدكتور عبد الحميد مدكور
وألقيت فيها البحوث الآتية:
1) بحث الدكتور إحسان النص بعنوان: «التراث العلمي والأدبي، كتاب الحيوان للجاحظ أنموذجاً».
بين الباحث أن كتاب الحيوان هو أهم كتب الجاحظ وقد زاوج فيه بين العلم والأدب، ولكن الجانب الأدبي هو الغالب، ووضح أن الجاحظ اعتمد بعض أصول منهج البحث العلمي من الملاحظة والتجريب والمحاكمة العقلية. وإن كان لم يستوف في كتابه جميع أنواع الحيوان.
2) بحث الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح بعنوان: «أصول البحث في التراث العلمي اللغوي العربي».
وقد بيَّن أن البحث في التراث اللغوي يتطلب الإلمام بقواعد البحث العلمي اللغوي وقراءته قراءة منهجية واعية لا تكتفي بتتبع الظواهر اللغوية بل النفاذ إلى الأصول التي انطلقت منها.
3) بحث الدكتور أحمد حسن حامد بعنوان: «التراث في أدب قدري طوقان: رؤية جديدة».
قدم الباحث نبذة عن حياة الأديب قدري طوقان بوصفه رائداً من رواد التراث العربي والإسلامي. وبيَّن مفهوم التراث عنده ومنهجه العقلاني في تأصيل التراث العربي الإسلامي، وختم بالحديث عن مستقبل التراث في ضوء المستجدات الحضارية المعاصرة.
4) بحث الدكتور عبد السلام المسدي بعنوان: «التفكير اللساني في التراث العربي - نحو تصحيح منهجي».
وقد ذكر أنه معنيٌّ بالتراث بمفهومه الواسع وكذلك في دلالته النوعية في مجال التفكير اللغوي، وأن مادة ذلك التفكير مبثوثة في حقول متعدِّدة ومتباينة من النحو والأدب وعلم الكلام وأصول الفقه والتفسير والفلسفة وعلم العمران. ويرى أن التعامل مع التراث حكمَتْه حيثيات تاريخية جعلته أسير إحدى دائرتين أو لحظتين هما اللحظة التاريخية واللحظة الثقافية النضالية، وأنه آن الأوان لأن تطلق لحظة ثالثة هي قراءة التراث باعتباره منجزاً إنسانياً.
5) بحث الدكتورة لبانة مشوّح بعنوان: «علوم اللغة العربية في ضوء اللسانيات الحديثة».
وقد أظهر البحث العلاقة بين المفاهيم اللغوية والأحكام اللغوية عند اللغويين العرب وبين المفاهيم اللسانية الحديثة. وأن ما توصل إليه اللغويون العرب تتطابق معه إلى حد كبير نتائج الدراسات اللسانية في جميع المستويات اللغوية أي الصوتية والتركيبية (النحوية) والدلالية، والمعجمية.
6) بحث الدكتور صلاح فضل بعنوان: «تجديد التراث البلاغي».
بيّن البحث أهمية تناول البلاغة لما جدَّ من فنون الإبداع اللغوي وألا تبقى منطويةً ومحصورةً بالدرس البلاغي التقليدي. وأن يكون الدرس البلاغي مهتماً بجميع النصوص ولا يضع الشروط المسبقة ثم ينتقي النصوص التي تتفق والشروط التي اختيرت. ولاتتحقق الدراسة البلاغية التي تكون مسايرةً للتطور التاريخي والحضاري إلا بوساطة المنهج الوصفي. ودعا البحث إلى ضرورة رسم تصورٍ جديد للأشكال البلاغية طبقاً للمستويات اللغوية.
7) بحث الدكتور محمد محفل بعنوان: «دور الحضارات القديمة في التراث العربي قبل الإسلام وبعده».
تضمَّن البحث بيان دور العصور التي أسست للنهضة العربية الإسلامية منذ الألف الرابع قبل الميلاد. ويذكر أنه كان للموقع الجغرافي للوطن العربي بين القارات الثلاث الأثر الأكبر في التبادل الثقافي بين الوطن العربي ودول الجوار. ووضَّح أن تراثنا يمتد إلى أزمان ما قبل الجاهلية متمثلاً في الثقافة الأكادية والكنعانية وما فيهما من قيم إنسانية وأخلاقية تقدَّمت على ما كان لدى معاصريهم من اليونان وغيرهم.
8) بحث الأستاذ شحادة الخوري بعنوان: «أثر التراث العربي في النهضة الغربية».
بدأ البحث بمقدمة عن نقل العلوم إلى اللغة العربية في القرنين السابع والثامن بترجمتها إليها من اللغات اليونانية والسريانية والفارسية والهندية، فحفظ العرب تلك العلوم وصححوا ما احتاج إلى تصحيح ثم أضافوا إليها إضافات مهمة وعَدَّدَ بعض تلك الإضافات التي تدل على الإبداع العربي.
وتحدث عن عبور العلوم العربية إلى أوروبا من معابر مختلفة: إسبانيا وصقلية وحروب الفرنجة، وعَرَّف ببعض المترجمين الأوروبيين، وبعدها بيَّن أثر التراث العربي في الغرب ولا سيما في حقول الطب والصيدلة والرياضيات والأرقام والفلك.
عرض بعد ذلك موقف المستشرقين من دور العرب العلمي سواءً من أنكر إسهامهم ووصفهم بالنقلة أو من اعترف بفضلهم وأشاد بإبداعهم وختم بحثه بالدعوة إلى النهوض والتقدم في ميدان العلم والمعرفة.
اليوم الرابع: الخميس 12/11/2009م
الجلسة الصباحية: مناقشة قواعد الإملاء. وقد ترأس الجلسة الأستاذ الدكتور أحمد حسن حامد
الجلسة المسائية: ترأسها الدكتور مروان المحاسني
وألقيت فيها البحوث الآتية:
1) بحث الدكتور عبد الإله نبهان بعنوان: «التراث العربي مفهومه ومواقف المفكرين المعاصرين».
تناول البحث مفهوم التراث العربي بمعناه الشامل ويقصد به التراث الأدبي والتاريخي والفكري والفقهي واللغوي وكل ما وصل إلينا من الأجداد. ثم ذكر أن قضية تحقيق التراث لا تقف عند هذا الحدّ، بل تناهبتها مجادلات المفكرين وحاول كل منهم تقديم مفهوم التراث وأخذ موقف منه مما أنتج طائفة من المناقشات جعلت من التراث والمعاصرة ميداناً لها وصدرت لهؤلاء المفكرين كتب ودراسات عديدة بهذا الشأن.
وحاول البحث تصنيف هذه الاتجاهات سواء منها ما كان ذا اتجاه تشريحي أو إسقاطي أو توفيقي أو تقريظي، آملاً أن يستطاع الوصول إلى نتيجة ما إزاء هذا التراكم لآراء المنظّرين.
2) بحث الدكتور صلاح كزارة بعنوان: «إحياء التراث وتحقيقه ونشره. تحقيق تاريخ دمشق لابن عساكر أنموذجاً».
أظهر البحث أهمية التراث ونشره واستعرض بداية نشر التراث العربي منذ ظهور المطابع وبيَّن الدور الذي قام به المستشرقون في نشر تراثنا العربي والمواقف المختلفة تجاه ما قام به المستشرقون. وتحدث عن نشر التراث مع بداية عصر النهضة وفي العصر الحديث، كما عرض البحث بداية تحقيق تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر في مجمع اللغة العربية بدمشق والمراحل التي مر بها، ووقف على الطبعات التجارية والأخطاء التي وردت فيها.
3) بحث الدكتور محمد هيثم الخياط بعنوان: «رؤية جديدة للتراث ».
التوصيـــــــــــات
في ضوء البحوث القيمة التي قُدِّمت والمناقشات الجادة التي جرت يقر المؤتمر التوصيات التالية:
1- استكشاف التراث الحي الذي لم يحقق بعد وتحقيقه، وفقاً لمناهج التحقيق وطرائقه المعتمدة ومعالجته بنيوياً اعتماداً على النص الأساسي ذاته، وتحليله تاريخياً والكشف عن دوره في مسيرة العلم الذي يشتمل عليه.
2- نشر التراث وجعله حافزاً مؤثراً في حياتنا المعاصرة، والتعريف به بكل الوسائل المتاحة.
3- تَمَثُّل القيم الإيجابية ومناهج البحث العلمي في تراثنا وتوظيفها في النهضة العربية المأمولة.
4- تزويد المكتبات العامة والمكتبات الجامعية والمدرسية بالكتب التراثية المحققة وتشجيع القراء على مطالعتها والإفادة منها في البرامج التعليمية ولا سيما كتب اللغة العربية والتاريخ والتربية الوطنية في المدارس والجامعات العربية مع التأكيد على أن التراث العربي حلقة أساسية في سلسلة التطور المعرفي في العالم.
5- الانطلاق من التراث وأهله في أعمال إبداعية: روايات، مسرحيات، قصص، عروض سينمائية وإذاعية وتلفزية، وإحياء الفنون كالعمارة والنقش والتزيين.
6- دراسة الفلسفة العربية الإسلامية دراسة شاملة ومتأنية لجعلها أساساً لنظرة حيَّة متجددة في مواجهة مشكلات الحضارة الحديثة، وخدمة شؤون الإنسان المعاصر.
7- التأكيد - في معالجة التراث وإحيائه - على ما يجمع ويوفق، واستبعاد ما يفرِّق ويباعد ليكون تراث الأمة لكل أبنائها.
8- العمل على ترجمة التراث العربي النفيس إلى اللغات الأجنبية واسعة الانتشار، وترجمة المؤلفات التي تعرِّف بالروائع التراثية لإدراج الدور الحضاري العربي في سياق الحضارة الإنسانية.
9- إحداث موقع على الشابكة «الانترنت» لرصد الأنشطة والفعَّاليات التراثية وتعريف الأجيال العربية بكل ما هو جديد في الوطن العربي والعالم.
10- اعتماد أساليب جديدة وطرائق حديثة ورؤى معاصرة في قراءة تراثنا في مختلف ميادينه.
11- السعي لإقامة معارض وطنية وعربية ودولية سنوية تعنى بتعريف الجمهور بالمخطوطات العربية والمجهودات المبذولة في تحقيقها، وباللُقى في ميدان الآثار وتعريف الأجيال بها..
12- إقامة تعاون فعال وتنسيق محكم بين الهيئات والمؤسسات التي تعنى بالتراث الفكري والعلمي والأدبي ولا سيما: مجامع اللغة العربية ومعهد المخطوطات العربية بالقاهرة التابع لجامعة الدول العربية، ومعهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب ومعهد فرانكفورت الذي يديره الأستاذ فؤاد سيزكين لتنسيق العمل فيما بينها وتبادل الخبرات والمعلومات واجتناب الازدواجية في تحقيق المخطوطات.
13- الاستفادة من المخطوطات العربية النادرة والقيمة الموجودة في خزائن الدول الأجنبية ومتاحفها والتي قام بتصويرها معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، وبعض المكتبات الجامعية، والمؤسسات التراثية، وعقد اتفاقات مع تلك الدول تسمح بالإعارة أو الشراء أو التصوير.
14- عقد ورشات عمل للسادة المحققين بإشراف المجامع أو معهد القاهرة ومعهد حلب لوضع قواعد ثابتة يلتزم بها المحققون ليكون العمل كاملاً ومنهجياً لا نقص فيه.
15- تخصيص جوائز قيِّمة لأفضل كتاب علمي جرى تحقيقه ونشره في كل سنة ولأفضل موقع على الشابكة قدم خدمات للمخطوطات المحققة.
16- الاهتمام بالسياحة الثقافية التراثية للمواطنين العرب والسائحين الأجانب وتنظيم رحلات لطلاب المدارس والجامعات للاطلاع على الآثار العمرانية والأوابد والعاديات والمخطوطات والنقوش التي تركها السلف للخلف.
17- تعزيز تدريس اللغات القديمة والحضارات السابقة المؤسسة للحضارة المعاصرة إبرازاً للجهد البشري الذي بذل خلال الزمن ولا سيما في منطقتنا العربية لإرساء أسس العيش والتفكير لدى الإنسان.
18- تأهيل العاملين في التراث: من دارسي اللغات القديمة والآثاريين العاملين في التنقيب عن الآثار والعاملين في المتاحف والسياحة وتزويدهم بطرائق حفظ مواقع الآثار وصيانتها.
19- الإكثار من الندوات والمحاضرات والمؤتمرات في مجال التوعية التراثية وجعلها جزءاً من التكوين الثقافي للمواطنين والمهتمين ومرتكزاً للانتماء والاعتزاز بالإنسان الذي عمر الأرض العربية منذ مطلع التاريخ.
20- إصدار كتب وكتيبات ونشرات مصورة عن آثارنا وتراثنا بكل مكوناته: لغة، كتابة، نقش، حِرَف، تقاليد، ألبسة، أدوات، نقود تشهد على براعة الأسلاف ومهاراتهم واجتهادهم وعطاءاتهم.
21- الاعتبار بالتراث المنجز والاعتداد به والحرص عليه والتمسك به، وفي طليعته اللغة العربية التي ينبغي أن تكون لغة شاملة في التعليم والتدريس والترجمة والتأليف والبحث في أرجاء الوطن العربي لأنها رباط الأمة الوثيق وعلامة هويتها القومية.
22- الإنفاق بسخاء على حماية التراث وإحيائه ودعمه بالتبرعات الأهلية والواردات الوقفية التي تؤمن له مدداً مستمراً.
23- العمل على إقامة معارض تراثية وثقافية وفنية وآثارية داخل الوطن العربي، وفي البلدان الأجنبية والاشتراك بالمعارض الدولية التي تهتم بالتراث الإنساني.
24- السعي لإنشاء اتحاد دولي للناطقين باللغة العربية يدعى (اتحاد الناطقين بالعربية)- لما فيه من نفع في نشر اللغة والثقافة العربيتين في بلدان عديدة في العالم.
25- الطلب من هيئة الموسوعة العربية بدمشق أن تضع في خطتها مشروع الموسوعة النباتية العربية (فلورا أرابيكا) وتقوم بإنجازها بالتعاون مع الجهات المختصة.
26- أن يشمل اهتمام مجامع اللغة العربية بالتراث العربي السعي لحماية المدن العربية القديمة من عبث التقانة الحديثة المفسدة للبيئة الطبيعية، وفي طليعة هذه المدن: المدن العربية المسجلة لدى منظمة اليونسكو، وذلك لحماية التراث الثقافي العالمي.