آخر الأخبار

عن الصرصور والنمله

كنت أستمع اليها أثناء محاولاتها لجعلها تغفو, أحزنني وضع الصرصور الحرج ..
المسكين يطلب أربع حبات فقط من مستودعات النملة- اللئيمة المحتكرة -المليئة بأنواع الحبوب الشهيه
وهو يتعهد لها بأنه سيحفظ لها هذا المعروف طيلة حياته..بل ويتزلف لها مادحا اياها بما ليس فيها.وعادت بي الذاكرة الى تلك الأيام ..أيام كان الصرصور والثعلب والديب مصنفين في خانة الأشياء السيئه والأعداء ..
وكان ممنوعا علينا أن نصاحب أشخاص من صنف شنتير أو شعبان البليد ..كنا نخاف ان فعلنا أن نندم ندامة الكسعي وتظل أرجلنا معلقة بالركاب.
وقتها كانت القوانين والمثل من مثل:
من جد وجد , ومن سار على الدرب وصل , ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوه.
هكذا كانت الأشياء بسيطة واضحة ,
والأعداء ينهزمون دائما في النهاية ..
-2-
كبرنا...
كبر الصرصور ..والثعلب ..وختير الديب.
تغيرت الأشياء والشوارع والمدن..وتغيرت القوانين القديمة بتغير كل هذه الأشياء..
أصبحت القوانين الجديدة التي تنظم أو تهدم العلاقات الجديدة من مثل..
من جد فقد.
ومن سار على الدرب ..وقع في جورة .
ورحلة الألف ميل تبدأ بخطوة... من عيار الألف ميل.
اكتشفنا أعداء جدد , غير مرئيين ..يتربصون بنا الدوائر ..يراقبون حركاتنا ,أقوالنا ,وينظرون الينا بوصفنا أدوات لزيادة ثراءهم ليس الا,أو أدوات لزيادة أمجادهم , أدواتهم كثيره والفقراء يتجندون لديهم بسهوله ليتم استعمالهم في السيطره على فقراء آخرين وهل يفلّ الحديد الا بالحديد ,بالغش بالاحتيال بالرشاوى بالبطش يصلون بسهوله الى مبتغاهم ويتفنون في شفط وتفريغ ما بقي في جيوبنا من النقود .
وهم على استعداد لايذائك عندما تشكل خطرا عليهم.
وعلى استعداد لرميك على قارعة الطريق مثل قشرة موز فارغه عند انتهاء الخير منك.
كان أعداء الأمس ..جماعه طفرانين لا عمل لهم ,جل همهم الحصول على قوتهم بالاحتيال حينا وبالاستعطاف حينا آخر..
أما هؤلاء فهم من مراتب رجال الأعمال , وسادة القوم , يركبون أفخم السيارات ولديهم أضخم المكاتب والدور..
أخبارهم تنشر في الصحف وهداياهم من فئة النملة-اياها- وكلمتهم ما يتصير تنتين ..
بينما صاحبنا الصرصور ظل طوال الشتاء مثلا .. وهو يترجى النمله كي تعطيه الأربع حبات وهي تدير له دانة الطرشه ..

-3-

...كان الاستاذ يسرع الخطى محاولا توقّي قطرات المطر التي بدأت بالتساقط ..
عندما وقفت سيارة فاخرة سمع عنها وعن أمثالها كثيرا ..وعن ميّزاتها التي تخلب الألباب.
ولاح له رأس مألوف من نافذتها التي فتحت رويدا..رويدا ..
أطل رأس شعبان البليد من وراء النافذه وقال له :
كيفك استاذ ..إ طلاع لوصلك.!!