إن من عاش في كوبا واختلط بالشعب الكوبي وقادته مثلنا وصل إلى القناعة بأن الكوبيين هم أصحاب وطن مستقل وذي سيادة , فخورون به ولتمكنهم من حمايته من كل أشكال الحصار والهيمنة وهم سعيدون لاختيارهم وحدة شعبهم .
كل من كان يذهب إلى كوبا كان يتنبأ عام بعد عام ولأسباب مختلفة ( أحيانا متناقضة ) نهاية الثورة الكوبية ومشروعها الاشتراكي فهم لن يتمكنوا أبدا من فهم هذه الظاهرة . وبنفس الطريقة في هذه الجزيرة لا أحد يفهم ماذا يغذي كل هؤلاء المتقاعدون القدماء الذين يكرهون طموحات الشعب الكوبي .
في1 كانون ثاني عندما سقطت حكومة فولهنيو باتيستا أمام زحف الجيش المتمرد المدعم بالمناضلين السريين من مدن و أرياف كوبا في معركة كان لها الدعم الكامل من معظم الشعب الكوبي . والتي كانت بقيادة فيدل كاسترو كرمز وقائد حظي على الثقة الشعبية المطلقة .
هربت قادة الجيش إلى أمريكا بعدما وعدت الثورة بتطبيق القانون العادل هربوا نتيجة لفسادهم واستغلالهم لمناصبهم الشخصية لخدمة مآربهم الخاصة والذي بقي منهم وقع تحت القضاء الذي أخذ مجراه وحاسبهم على جرائمهم .
مع هذه الظروف كان دعم المنتصرين الثوار كليا من قبل الشعب الكوبي وأخذت الثورة تطبق وعودها بإعادة الأملاك لأصحابها ومحو الأمية لكل الشعب الكوبي عامة والتأميم الزراعي والسكني وأشياء أخرى كثيرة بينما أخذت ميامي تمتلئ بالأثرياء البرجوازيين وبالكثير من الحرفيين والتقنيين والفنيين من الذين سافروا معهم حيث كانوا أول وأخر من هاجر بشكل حقيقي بعد الثورة .
وبعد حين كان سبب الهجرة الرئيسي هو الوضع الاقتصادي الذي فرضته الامبريالية الشمالية على كوبا ( البيت الأبيض ) مرافقاً لبعض أخطاء ارتكبت حيث اعتمدت على النظرية الثورية والتي لا يمكن مناقشة قيمتها الحقيقية لأنها لم تكن قد أخذت شكلها الخاص في هذا العالم بعد .
وبشكل غير قابل للتفسير فإن الصحافة العالمية الموجهة صبت جل إهتمامها لإظهار اللاجئين السياسيين والمنحدرين من اصل كوبي والمناوئين للشيوعية وكل واحد من المهاجرين بشكل يخدم مصالحا كما هو المعتاد في حين كانت ترفض إعطاء تأشيرات الدخول للهجرة بشكل شرعي وشجعت المهاجرين غير الشرعيين بقذف أنفسهم بالبحر مع كل الخطر المحدق بهم والتي تم استغلالهم من خلال الحملة الدعائية المغرضة ضد كوبا .
إن الولايات المتحدة الأمريكية عملت سياسة ( أرجل ناشفة , وأرجل مبللة ) والتي حولت تعريف أولائك الذين يحظون بالوصول من المهاجرين غير الشرعيين وذلك بإعطائهم الإقامة فوراً في الحكومة الشمالية من خلال لعبه الروليت الروسي وكل ذلك بهدف إعلامي للإساءة لسمعة الثورة.
إن استمرارية الثورة الكوبية قد أثار مخاوف كثيرة في الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ دحر حليفهم لم توفر طريقة واحده يمكن تخيلها أو لا يمكن تخيلها إلا وحاولتها ولم تفلح حتى تاريخه .
حيث أوجدت الحصار واقترفت الجرائم ومارست الإرهاب بحوادث عديدة في الجزيرة بالإضافة إلى انه في السنوات الأخيرة خصصت أموال هائلة مثل التي وظفتها في الحرب الباردة من اجل الحملة الإعلامية ألمناوئه لكوبا .
كانت أمريكا دائماً تتجاهل بأن الظاهرة السياسية الكوبية تؤلف جزءاً من مرحلة ثورية بدأت بالقرن التاسع عشر والتي يقودها اليوم فيديل كاسترو مثلما قادها من قبله البطل القومي خوسيه مارتي ووطنيون آخرون .
إن الحزب الشيوعي الكوبي هو نتيجة لانصهار عدة منظمات وهو الاستمرارية التاريخية التي تم تأسيسها من قبل خوسيه مارتي كمنظمة سياسيه وحيدة من أجل صهر كل الكوبيين في النضال من اجل الاستقلال من حكم الاستعمار الاسباني وبعد الحصول على الاستقلال استدعى حماية الوطن من ابتلاعه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية .
إن الثورة الكوبية ليست نتاج شخص واحد ولا جيل واحد من الوطنيين حيث أن ورقة كل جيل تنص على حماية الثورة والمسير بها قدماً نحو الأمام مهما كانت المهمة صعبة وذلك بقيادة من تنتج من القادة من تلقاء نفسها .
إن فيديل كاسترو هو نتاج شعبي مطلوب للمرحلة التاريخية الثورية وراؤول كاسترو هو القائد الذي تمخضت عنه نفس المرحلة للمطلب الشعبي لهذه الثورة .
ومن اجل استمرارية هذه المرحلة وحتى اكتمال المشروع المراد منذ 1868 عن طرق قادته في ذلك الوقت فإن الثورة الكوبية لا تستطيع الانتظار على الولايات المتحدة الأمريكية لتحقيق أحلامها بالسيطرة على العالم فواجبها الأول هو الدفاع وتامين الاستمرارية الخاصة بها والوعود الأكثر أهمية والتي تلي الهدف الرئيسي حتى التحقيق الكامل للأهداف المرحلة الحالية للنضال من اجل الإ شتراكية القادرة على البقاء والأكثر ديمقراطية من التي تم الحصول عليها حتى الآن .
لذلك فإن الاستمرارية مضمونه لطالما بقيت تنضب بالخبرات الشابة والخبيرة بالعمل الوطني والتي سوف تبقى تحمل على أكتافها مسؤولية حماية الثورة نتيجة لانتمائه الوطني العميق والإعداد العقائدي المناسب .
إعداد وتقديم
د.م بشارعلي عجيب