آخر الأخبار

يوم اللغة العربية «1 آذار/ مارس»: ما هـكذا تُـمكًًَّّـَن اللغة

بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم «21 شباط /فبراير» ويوم اللغة العربية «1آذار/ مارس»، بل ظننت أن هذا البيان يعود إلى سبعينات القرن الماضي بفضل عباراته المستخدمة، ومعانيها التي تكررت وتكررت، منذ سنوات طويلة، دون أن يضيف البيان جديداً في زمن حرج تواجه فيه اللغة العربية محنة كبيرة بسبب إقصائها المتزايد عن مجالات العمل والتعليم والتعلّم والتواصل في معظم أرجاء الوطن العربي، وبسبب مواجهتها لتحديات تبدأ ولا تنتهي، فهي تعاني ضآلة ما يترجم منها وإليها، مقارنة حتى مع بعض اللغات غير العالمية، وكذلك تراجع محتواها الرقمي على الشابكة (الإنترنت) مقارنة بالعديد من اللغات الأخرى، وضعفها المتصاعد في مواكبتها للتقانة ومستجدات العصر المتطور والمتغير، وعدم توحيد المصطلحات التي تضعها الجهات المتخصّصة، وغيرها كثير وكثير.

نعم لقد اكتفى البيان القصير فقط ب "التذكير بحق لغتنا العربية الفصيحة"، و "الدعوة إلى حملة إعلامية"، "ويهيبان بأبناء الأمة كافةً والمعنيين في الوطن العربي"، "يضطلع كل بدوره في الدفاع عن العربية"، "على هذه الجهات كافةً أن تهيئ الشعور الشعبي والاجتماعي العام بالاعتزاز باللغة والافتخار بها"، "على أبناء الأمة كافةً مسؤولية حماية حدود لغتنا التي هي الوطن الروحي لأمتنا"، وغير ذلك من العبارات العامة المألوفة التي كثر استهلاكها وترديدها.

كنت أتوقع من بيان لجنة التمكين للغة العربية ومجمع اللغة العربية، رغم تقديري لأهميته والقائمين عليه، أن يكون أكثر تحديداً في وصف الداء والدواء، ووضع النقاط على الحروف حتى في عجالة هذه المناسبة، فهو لم يتطرق إلى أي من عناصر البيئة التشريعية والقانونية والمالية الأساسية لتمكين اللغة العربية والنهوض بها، بل لم يتطرق إلى أي من مشاريع تعزيز المحتوى الرقمي العربي، ومراصد اللغة العربية في أمة اقرأ، ودون أن يرصد شيئاً من غياب السياسة اللغوية على الصعيد القومي العربي، وغيرها..

هذا ... ولم يتطرق البيان من قريب أو بعيد إلى القمة العربية القادمة في الجماهيرية الليبية يومي 27 و 28 آذار /مارس من هذا العام 2010 وقد ضم ملف أعمالها العديد من القضايا والهموم إلى جانب قضية تمكين اللغة العربية والقرارات اللازمة لتعزيز مكانتها، وذلك متابعة لما أطلقته القمة العربية بدمشق في دورتها العادية العشرين 2008، والتي أوصت ولأول مرة في تاريخ القمم العربية، بإيلاء اللغة العربية اهتماماً ورعاية خاصتين باعتبارها وعاء للفكر والثقافة العربية ولارتباطها بتاريخنا وثقافتنا وهويتنا، ولتصبح أداة تحديث في وجه محاولات التغريب والتشويه التي تتعرض لها ثقافتنا العربية، وهو ما شددت عليه القمة الحادية والعشرين في الدوحة 2009 م، وأوصت بمتابعته.

نعم هذا مما يمكن التطرّق إليه أو التلميح به في سطور البيان، مهما قلّت، سيما أن لغتنا العربية قد أضحت عبر سنوات طويلة في غرفة العناية الفائقة لأسباب .. طالما حمّلنا الاستعمار من قبل مسؤولية إقصائها و تهميشها، وها نحن اليوم نحمّل بعضنا البعض تارةً، ونحمّل العولمة تارةً أخرى، وقلما حمّلنا أنفسنا جميعاً المسؤولية.

Ghassan.dr@gmail.com