آخر الأخبار

نداء حار.. !

مثال: الرابع عشر من أبريل .. محمد أسد ـ ليوبولد فايس
يوم الرابع عشر من ابريل؛ مناسبة ذات مدلول خاص سواء على المستوى المحلي لمدينة فيينا أو الإقليمي جمهورية النمسا/أوروبا أو العالم الإسلامي، أو المستوى العلمي/البحثي أو الديني، إذ قد تم في مثل هذا اليوم تسمية ميدان في مقاطعة فيينا باسم أحد الأعلام المرموقين وهو محمد أسد.
محمد أسد ـ يرحمه الله ـ يمتاز بسمات خاصة، فقد ولد في عائلة يهودية وجده لأبيه كان حاخاماً، وقد أُعد ليوبولد ـ كما اسماه والده ـ في طفولته وصباه ليكون كجده، بيَّد أن الأقدار شاءت غير ماشاء الوالد وما تمنى الجد، فأصبح أحد مفكري الإسلام وكتابه في العصر الحديث، هذه واحدة من ابرز سمات شخصيته، أما الثانية فهو الرجل الذي عمل في الصحافة والإعلام فترة من حياته واقترب من رجال السياسة والفكر لتمكنه من العديد من اللغات كالألمانية الإنجليزية والفرنسية والعربية مما وسعت أفقه ومداركه ودعمت اسس تفكيره، والثالثة أنه قام برحلة للشرق الأقصى والمتوسط، فقابل الملوك والأمراء وعاش في الوسط السياسي وخالط رجال الدين والعلم فصقل فكره ونقح، ثم عمل في وسط الحكام والمتنفذين فاعدّ دستور دولة إسلامية، ثم عمل كدبلوماسي لها في أروقة الأمم المتحدة في نيويورك، وعلى هذا فهناك العديد من صفحات حياته الزاهرة المشرقة تحتاج لوقفات ومراجعات.
بلدية مقاطعة فيينا كَرمتْ المسلم محمد أسد (ليوبولد فايس سابقاً) بأن أطلقت اسمه على ميدان يطل على مبنى الأمم المتحدة القابع في مدينة فيينا بالقرب من الدانوب الأزرق؛ العاصمة لجمهورية الألب الواقعة في قلب أوروبا، بحضور ابنه من الزوجة العربية البروفيسور في جامعة أمريكية المناسبة.
.. هكذا يُكرم مواطني الدولة ورجالها الذين قدّموا للعلم أو للعالم ما يفيد، وبدوري أتساءل واسأل أبناء جلدتي وهويتي الدينية ومعتقدي، ماذا نقدم نحن للدولة التي فتحت لنا جامعاتها ومدارسها لأبناءنا، بل اتساءل كيف نسوق(!) نحن لأعلام الأقلية المسلمة في الغرب، كالمغفور له د/ أحمد عبد الرحيـم زاي وآخيه د/ عبد الرحمن الذاكري ورفيق دربه د/ إسماعيل باليتش، ومن لحقهم جميعا عند الرفيق الأعلى وفي جنة الفردوس د/ محمد فريد سليمان، والأصل فينا أننا نأخذ من الغرب حسناته ونحن نعيش فيه الآن، ونحتفظ بحسنات الشرق الذي جئنا منه وايجابياته.
لم اسمع أو أعلم حتى تسطير هذه الكلمات بآمسية أو ندوة أو لقاء عن المغفور له بإذن ربه محمد أسد، وبالتالي اكتب وأعرض على القراء ما أفكر فيه.
أولاً: صاحبة الصلاحية الأولى في رعاية شؤون الأقلية المسلمة في جمهورية الألب النمسا هي الهيئة الإسلامية ومقرها فيينا ولها فروع على مستوى المحافظات الباقية، وعملياً يسبح في فلكها العديد من النجوم والكواكب، تحت مسميات عدة كإتحاد/ جمعية/ مؤسسة/ منظمة، ومن نافل القول أن لها برامجها واستراتيجيتها، كذلك هذه الإتحادات والمراكز.
ثانياً: الإهتمام بالشأن العام، وتعمد إظهار الصورة التي نريد إظهارها ونشرها وتوزيعها وفق الوسائل المتاحة كالإعلام ورجال الفكر والقلم والسياسة، وتفعيل هذا الدور في كل مناسبة (المناسبات الكبار على الأقل)، وفتح القنوات لتسير المياة في الإتجاه الذي نريده فنسقى زرعنا وحرثنا ونرتوي نحن وانعامنا، ونسد آخرى التي يأتي منها ما لا نرغب فيه فنحمي أنفسنا وغيرنا من المخلفات الضارة بالإنسان والحيوان والحياة، وليس القيام بردود الأفعال.. كما حدث في الأونة الآخيرة، .. وما يجب أن يقال هنا أن نخرج من إطار المفعول به إلى الفاعل، فنشارك في صناعة الحدث إن لم نستطع أن نوجده، ونستثمر المناسبة قبل أن تمر. الإهتمام بالشأن العام هذا يكون من أولويات عمل الهيئة الإسلامية ورجالها، وهذا نقره ونعترف به ونريد المزيد والمزيد. ولأننا ـ عموم الأقلية ـ لا نهتم بالشأن العام بصورة كافية فيغيب ـ حسب ظني ـ : حولية (الحول = العام) الحائط العامة.
فمقبول جداً ومعقول بجميع المقاييس والأعراف أن آحاد الجمعيات والإتحادات لها برامجها الخاصة التي تعمل على احياءها وإخراجها في ثوبها القشيب؛ واهتماماتها، وكلٌ يعمل لصالح جمعيته أو مسجده ويريد أن يكون هو الأفضل، غير أننا ـ الإقلية المسلمة ـ ككل لنا خصوصيتنا وهي أنه ينظر إلينا مرة تلو آخرى، وبصور مختلفة: فالمرة الأولى لإسلاميتنا كهندامنا وهيئتنا وشعارنا، والإستطلاع الأخير ـ ظهر يوم الأربعاء 08 أبريل 2010م ـ أظهر أن كل ثانٍ مِن مَن أُجري عليه الإستطلاع يرى في الإسلام ما يهدده، والمرة الثانية مع ما يتعارض وحقوق الإنسان المعترف بها وهي النظرة إلى الأجانب نظرة غير إنسانية، والثالثة ورقة ضغط في الإنتخابات إما لصالح حزب بالتخويف من المسلمين إما لكسب أصوات لحزب آخر وبالمجان أحياناً، وقد يكون هناك رابعة وخامسة.
لذا فينبغي على الراعي الأصلي ـ الهيئة الإسلامية ـ استحداث منصب قارئ جيد للتاريخ ووضع نقاط حمراء وآخرى خضراء على الحولية الحائطية وفق الحدث أو المناسبة، وتكون من صلاحياته ـ كتفويض من الهيئة ـ التباحث مع الكواكب والنجوم التي تسير في فلك الهيئة الإسلامية أما بالتكليف المباشر لجماعة أو فرد قادر وإما التشاور في المسألة مع مَن يظن فيهم القدرة والإستطاعة والوصول لنتيجة ملزمة لطرف تم الإتفاق عليه، والقدرة/تخويله على المتابعة والمراجعة والمحاسبة والمساءلة، فنحن نحتاج للاعب ماهر.
ينبغي علينا اعتماد سياسة المتوازيات، فنحن نعيش في عالم السرعة اللامتناهية، ولا آحد ينتظرك، لذا فالذي يصلح هو أن نقوم بأعمال عدة بالتوازي وليس بالتوالي اي القيام بعدة أمور نسميها إصلاحات أو أستحداثات؛ العبرة بدراسة الواقع الحالي دراسة وافية وأن نتخلى عن سياسة الإنتظار، إذ أن السير في الخطوط المتوازية ينتج أكثر وإن كانت تكلف الكثير من الوقت والمجهود، ما يغيب أيضا عند البعض منا ما يطلق عليه الإستراتيجية المستقبلية، فواقع الحال أننا اليوم نمثل تقريبا 1: 8 من سكان النمسا وفي عام 2025 سيكون بفضل الله تعالى النسبة 1: 3!!.
ثالثاً: تقصد بعض الأعمال : يتغنى الكبار ويعزف البعض أنشودة "الديانة الإبراهيمية وفروعها الثلاثة" (أي اليهودية، المسيحية والإسلام) فكان يصلح لنا أن ندعو المسؤول عن ابناء العم: يهود النمسا لإحتفالية بمناسبة ليوبولد فايس اليهودي الأصل وابنهم والذي صار محمد أسد عالم من علماء المسلمين ومفكر من مفكرينا مِن بعد، والدعوة موصولة لرجال الدين المسيحي، وهذا من الأعمال المقصودة لإظهار الوجه الحقيقي للإسلام، إذ نحن لسنا ضد اليهود كأهل دين بل ضد الصهيونية وقتل الأبرياء في غزة أو الضفة الغربية، ولسنا ضد النصارى بل ضد الإمبريالية والإستعمار الحديث تحت شعار نشر الديموقراطية وحرية المرأة وقتل المدنيين في العراق (بث شريط مصوّر أمس الأربعاء 08 ابريل يظهر عملية قتل مدنيين في العراق) أو أفغانستان، كما وأننا لسنا ضد الآخر كمغاير لنا بل ضد فعله وتصرفه اللاإنساني.
رابعاً: استثمار المناسبات ذات الثقل والبُعد الدولي بكل معانيها التي تحويها وأبعادها التي ترمي إليها، ومحمد أسد ـ يرحمه الله ـ يصلح كتظاهرة ثقافية إقليمية عالمية؛ الرجل كما يقول أهل الشام « لَبِيس » بمعنى أنه يصلح للعديد من الفاعليات : فنرسل خطابات شكر لبلدية مقاطعة فيينا (طابع البريد بــ 55 سنت)، وخطابات لرئيس الجمهورية وأيضا للمستشار النمساوي، ورموز الأقلية المسلمة يلتفون حول مائدة الإفطار في رمضان (احسب كم يكلف الفرد الواحد!!؟)، وأيضا الكتابة على صفحات الجرائد والمجلات (وإن استلزم الآمر دفع الثمن!!؟) وعقد المؤتمرات والندوات ودعوة رجال الصحافة والإعلام والساسة ورجال الأحزاب وممثلي الشعب من جميع تنظيماته وتشكيلاته لهذه المناسبة (مع تقديم أطباق البقلاوة التركية والحلوى الشامية والفلافل المصرية والتبولة اللبنانية والكسكس المغربي) فهي إحتفالية على مستوى النسيج الكامل للأقلية.

آخر الكلمات
« .. مَن لا يحسن قراءة تاريخه لا يحسن التخطيط لمستقبله »
مدينة فيينا على الدانوب الأزرق؛ الخميس 23 ربيع الثاني 1431هـ ~ 08 أبريل 2010م