آخر الأخبار

مجلس الأمن وقرار إدانة مُبهم و هزيل

الجريمة الإرهابية التي أقدمت عليها القوات الإسرائيلية مع سبق الإصرار والترصد، لمواجهة دعاة السلام الدوليين، والذين جاءوا من شتى بقاع العالم كمتضامنين مع جريمة الحصار الجائر على غزة منذ أربع سنوات، ليعتدوا على هؤلاء العزل بشتى أدوات الموت الصهيونية دون أي وازع من أخلاق أو إنسانية أو ضمير، ودون عمل أي حساب لردة فعل المجتمع الدولي على المجزرة المبيتة التي ارتكبتها قوات الإجرام الصهيونية،على مرأى ومسمع العالم، وحتما من يقدم على مثل هكذا جريمة بشعة لتعتبر حلقة جديدة من مسلسل الإجرام والإبادة الجماعية للفلسطينيين، لابد وان يكون مستند إلى قوة سياسية وعسكرية تستطيع توفير الحماية لهذا الكيان المجرم الغاصب متى وقع في شر أعماله، وما ارتكبته القوات الصهيونية من مجزرة بشعة بحق مئات المدنيين على ظهر سفن كسر الحصار، كان لابد له من ردة فعل دولية على المستوى الرسمي لتشكل سابقة تاريخية تسقط فيها ناموس اعتبار الكيان الإسرائيلي فوق طائلة القانون، وليس مجرد تجمعات واجتماعات إقليمية ودولية لامتصاص هبة الشارع العربي والإسلامي والدولي ولا رادع في وجه هذا الكيان الدموي يضمن عدم تكرار مثل هكذا جرائم، وتمرير تلك الجرائم السابقة والحالية دون عقاب كما لم تعمل له إسرائيل حساب، يزيد من غطرسة هذا الكيان ليتم تجسيد الفوقية والاستثناء في القانون الدولي وهذه وصمة عار في دساتير التجمعات الدولية المتحضرة، وخنجر دائم في خاصرة منظمة الأمم المتحدة.

عشرات القتلى وعشرات الجرحى سقطوا نتيجة الاستخفاف الصهيوني بتبعات جريمتهم، فقامت الدنيا ولم تقعد حتى وقتنا هذا، انعقاد لمجلس الأمن وانعقاد لمجموعة الترويكا الأوروبية وانعقاد لجامعة الدول العربية، وانعقاد لدول حلف شمال الأطلسي، وانعقاد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وتصريحات نارية دولية فرادى وجماعات تدين الهمجية والقرصنة الصهيونية، وشارع دولي وعربي وإسلامي صاخب غاضب، وفي المحصلة تتجه الأنظار صوب الاحتكام إلى أعلى سلطة تنفيذية دولية"مجلس الأمن" وهنا لمتتبع التاريخ منذ قيام هذا الكيان الصهيوني الغاصب بقرار من هيئة الأمم المتحدة، يعلم علم اليقين بان وصول جرائمها إلى تلك الطاولة المستديرة في مجلس الأمن، إنما يعني لها دائرة الأمان حيث سلاح الابتزاز السياسي الأمريكي"الفيتو" المخصص تحديدا على مدار ستون عاما ونيف لخدمة هذا الكيان الصهيوني اللقيط المسخ وإنقاذه من تبعات رعونته الدموية النازية، لان الكيان الإسرائيلي ومنذ نشأة الأمم المتحدة تلقى تعهدا معلنا من المندوب الأمريكي الدائم في المجلس بتصريح شهير" إن إسرائيل تعلم جيدا بان الفيتو في جيبها الصغيرة".

المهم أن الضحية دائما تتجه صوب مجلس الأمن بشكوى من هذا الكيان الأزعر المتهور وهذا مصدر قوتهم وعدم اكتراثهم بالنتائج، لان الاستنفار الأمريكي يتم فورا لصد وكبح جماح أي مطالب بقرارات تُخضع الكيان الإسرائيلي لمواد الفصل السابع النافذ من ميثاق الأمم المتحدة، وباختصار شديد تكون الإدارات الأمريكية المتعاقبة والشريكة في الجريمة الصهيونية سواء بالضوء الأخضر المسبق، أو بالأخذ بالرواية الصهيونية مهما شابها من أكاذيب وتضليل، فتقوم برصد الثورة ضد ربيبتهم الصهيونية وتحديد اتجاهات ونسبة الغضب الدولي، وتحديد الجهات التي تتقدم بمشروع قرار مهما بلغت حدته ولهجته ومطالبه، لتشرع فورا في شق ذلك الإجماع بالابتزاز تارة والتلويح بالفيتو الأمريكي تارة أخرى، في محاولة مستميتة لتفريغ محتوى مشروع قرار الإدانة من محتواه الملزم والرادع وصولا به قبل ميلاد القرار إلى جسد ميت دون روح.

وبعد هذه المجزرة حيث تقدمت كل من تركيا وفلسطين ولبنان بمشروع قرار شديد اللهجة لإدانة الجريمة الصهيونية والعمل الفوري على رفع الحصار عن قطاع غزة، وطالما أن الإدانة حسب نص المشروع الأصلي يُخضع المجرم الصهيوني إلى تبعات الفصل السابع، أي اعتبار الكيان الصهيوني يهدد الأمن والسلم الدوليين، ويتطلب ذلك مطالب محددة في صميم وجوهر الجريمة مطلوب من المجرم تنفيذها وإلا تعرضت للبند الثاني والثالث والرابع من مواد الفصل السابع، أي العقوبات السياسية والاقتصادية ومن ثم العقاب العسكري، وهذا شيء مضحك عندما يكون طرف الجريمة كمجرم هو الكيان الإسرائيلي، لان مشروع القرار على هذه الشاكلة من العدالة مصيره الإعدام رميا بمقصلة"الفيتو الأمريكي" لذا تضطر الدول المشتكية في لعبة المصالح والعلاقات الدولية أن تلتزم بقانون المجلس، فإما أن تقبل بتنزيل سقف مشروع القرار الأصلي ليتم تفريغه من مضمونه المصاغ بحجم الجريمة، وإما طلب التصويت على مشروع القرار كما هو ومن ثم القبول بنتيجة التصويت، بمعنى القبول بإعدام مشروع القرار ، وعدم القبول بعد ذلك إنما يعني التمرد على القانون واللوائح الدولية,, أليست هكذا عدالة تدعوا لمزيد من هستيريا الضحك والغثيان، ولكن هذا ليس بجديد سياسة الكيل بمكيالين عندما يكون المجرم من الجنس السامي الصهيوني!!! فبراءة وإلا عقدة النازية ومعاداة السامية وأكاذيب العهد القديم لعنة تطارد الغربيين!!! فينجوا دائما الكيان الصهيوني بافعالة الإجرامية حيث ارتكب وفق هذه الآلية آلاف المجازر والإبادة الجماعية ولاعقاب، إنما زوبعة في فنجان ويتم تكهين وتعهير وإلقاء القرارات الباهتة في رفوف النسيان.

وهنا في مواجهة المجزرة البشعة التي ارتكبتها القوات الصهيونية بعدوانها على سفن أسطول الحرية القادم بشكل إنساني ومعنوي لكسر الحصار بالشعار والتضامن مع غزة ، وليس بالمدافع والحديد والنار والتي لايؤمن الكيان الإسرائيلي دونها رادع، فقتلوا بدم بارد من قتلوا من المتضامنين وجرحوا من جرحوا واعتقلوا من اعتقلوا وخطفوا بأكبر عملية قرصنة فاقت إرهاب قراصنة الصومال الجوعى، وقدم من قبل الخارجية الفلسطينية والخارجية التركية ولبنان كونه رئيس دورة المجلس لشهر "مايو"، مشروع قرار شديد اللهجة بحجم الجريمة يطلب من دول المجلس إدانة الجريمة بمعنى الإدانة وتبعاتها القانونية وشق آخر لمشروع القرار هو هدف جاء من اجله المتضامنون من شتى بقاع الأرض ألا وهو رفع الحصار عن غزة، ومطالبة المجلس بتشكيل لجنة تحقيق"دولية " مستقلة على غرار لجنة"جولدستون" وتقديم المسئولين عن المجزرة إلى العدالة الدولية!!!.

فلم يكن من الإدارة الأمريكية سواء بإدارة اوباما أو حتى جورج واشنطن سوى القيام بما هو مطلوب منها من بديهيات ناموس الاستنفار والدفاع عن الربيبة المجرمة إسرائيل، فاخذ المندوب الأمريكي يساوم ويبتز ويماطل ويعرقل استصدار أي قرار يشير إلى إدانة حقيقية، وصولا إلى القبول التركي بالدرجة الأولى بإدانة" بدرجة الأسف" ((وقال كلود هيلير سفير المكسيك الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس في ختام اللجنة 'يأسف مجلس الأمن الدولي لمقتل وإصابة الأشخاص بسبب اللجوء إلى العنف خلال العملية التي جرت في المياه الإقليمية ضد قافلة السفن التي كانت متوجهة إلى غزة، ويدين المجلس ذلك العمل والذي أدى إلى مقتل عشرة نشطاء على الأقل، ويعرب المجلس عن تعازيه لأهالي المفقودين'.
ودعا البيان الأمين العام للأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة خاصة ومستقلة للتحقيق في الحادث.((

هذا هو جوهر نص القرار الهزيل المشوه، وملحقاته"الطلب!!" داعيا إلى الإفراج الفوري عن سفن قافلة 'أسطول الحرية' وجميع النشطاء المحتجزين لدى سلطاتها,, وحتى مصطلح"الفوري هنا خارج أو داخل متن القرار الباهت" لا تعني الفوري بمفهوم الأمر الذي لا يكون أمرا بعيد عن الفصل السابع، وبالتالي تحولت الإدانة إلى شيء مبهم بفضل التدخل الأمريكي، وأكثر من ذلك تم حذف كلمة"دولية" من لجنة التحقيق المستقلة التي ينص عليها قرار الإدانة الذي لم يسمي الكيان الإسرائيلي بتلك الإدانة صراحة، وهنا يتدخل الابتزاز الأمريكي ليفسر اللجنة المستقلة، بلجنة إسرائيلية!!(( بدوره، دعا السفير أليخاندرو وولف نائب رئيسة بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إلى فتح تحقيق إسرائيلي وليس دولي.
وقال 'ندعم بصفة تامة تحقيق إسرائيلي، وهذا ما تضمنته تصريحاتي السابقة، ولدي الثقة التامة في قدرات إسرائيل لإجراء تحقيق شفاف وغير منحاز(('.
ابعد هذه المهزلة مهزلة,, بل يحول القرار المطالبة برفع فوري للحصار عن قطاع غزة، بتفريغ من المضمون وتتفيه للمقصد، بحث!! الكيان الإسرائيلي على "تحسين أحوال سكان غزة" وهم بذلك يدورون في فلك بدايات تشريع الإحلال والاحتلال "1917" حيث حفظ الحقوق المدنية للأقليات العربية!!! ابعد هكذا مهزلة يوجد مهازل دولية؟

وفي المحصلة ومع غياب القوى المؤثرة على الغطرسة الأمريكية قبل الهمجية الصهيونية، فان القضية ستأخذ نصيبها من التطبيل والتزمير والتجارة الفضائية الإعلامية البخسة، وتتحول إلى مناكفات بين من يدعي الشرف ليتهم غيره العربي أو المسلم بدون شرف، وتضيع القضية الأساسية في دهاليز تلك المزايدات والمناكفات كما سنشهد قريبا من مبارزات عربية وحتى فلسطينية، ويستمر الحصار الظالم، ويسوي الكيان الإسرائيلي صورته وعلاقاته بشكل ثنائي مع تلك الدول التي صدمت وصرخت بإدانة لحفظ ماء الوجه والتسليم بان هذا الكيان النازي المسخ مجرد كيان وديع يريد أن يعيش بسلام ويدافع عن نفسه في وسط عربي وإسلامي كبير ومتطرف ومعادي!!! هذه المهزلة المتواترة لا حل لها سوى بانتهاء مهزلة الانقسام الفلسطيني أولا والرد الرادع على هذه الجريمة باستعادة الوحدة ورص الصفوف، ومن ثم مطالبة العرب والمسلمين بوحدة الصف والقرار كذلك.

greatpalestine@hotmail.com